لقد قرأت مقال الأستاذ مصطفى البطل في صحيفة الأحداث بتاريخ الأربعاء 29 يونيو 2011م (نوبة الجبال: نضال السخرة والموت بالمجان) كتب البطل عن مشاركة المقاتلين النوبة إلى جانب الحركة الشعبية... كيف عانى هؤلاء المقاتلين في الوصول إلى معسكرات التمرد في الجنوب وهم يخوضون الوحل والمستنقعات والأنهار... فمات الآلاف منهم تعباً وأرقاً وغرقاً قبل الوصول إلى المعسكرات... ووصفت حال المعسكرات كيف كان الدينكا يستقلون أبناء النوبة ويعاملونهم بدونية واستحقار ومن منهم التصدي لمثل هذه المعاملات كان يعدم في الميدان رمياً بالرصاص ليكون عظة للباقين... أما قيادات النوبة في الحركة فقد قضوا البصر عن تلك التجاوزات طالما مواقعهم وامتيازاتهم محفوظة في قيادة الحركة... وتساءل البطل عن ماذا جنى أهلنا في جنوب كردفان في نهاية المطاف؟؟ هاهو الجنوب ينفصل بدولته تحقيقاً لهدف سعوا إليه منذ العام 1955م . لم تكن الحركة الشعبية صادقة في طرحها السياسي وهي تخاطب عموم الشعب السوداني تارة بأسم الديمقراطية وإشاعة الحريات.. وتارة بتبني قضايا المهمشين في أطراف البلاد.. كيف تصدق الحركة وهي تتخبط في أطروحتها وآيديولوجيتها من المعسكر الاشتراكي شرقاً إلى المعسكر الرأسمالي الاستعماري غرباً... مروراً بالقوى العقائدية المتزمتة والمنغلقة (مجلس الكنائس) والقوى المعادية للإنسانية حيث كانت (الكيان الصهيوني) . لقد كان هذا الخطاب السياسي والأهداف التي سعت الحركة الشعبية إليها واضحة وجلية بالنسبة لنا وللكثيرين من أهل الرأي والسياسة.. إلا أنها بالمقابل انطلت أيضاً على الكثيرين من أبناء شعبنا.. فإنساق الكثيرون منهم إلى خط الحركة وايدوها وأغراض شتى ومنهم من انساق جاهلاً ومخدوعاً.. ومنهم من سار على الخط لأهداف ذاتية مرحلية مشتركة (قعدة أنفع وانتفع).. ومن المناطق التي شاركت الحركة بدعوى التهميش وانتزاع الحقوق مناطق جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان (جبال النوبة) وكلهم أقرب للشمال أرضاً وانساناً ومصالحاً ولم تكن له مصالح استراتيجية مشتركة مع الحركة الشعبية ولن تكون .. لمن يعرفون الجغرافيا والتاريخ والسايسة . أما الأحزاب التي تحالفت مع الحركة عن دراية قد كان تحالفها من باب الكيد لحزب المؤتمر الوطني... فمن المعلوم أن أحزاب المعارضة السودانية كانت (حكومات ما قبل الانقاذ)... فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة الدولة.. وما أن فقدت كراسي الحكم حتى أصبحت تنظر في أشياء لم تسطع العمل بها. وقد وصف البطل تلك الأحزاب بأنها فاقدة لأي منهج سياسي وبأنها فاقدة أيضاً لأي رؤيا من مستقبل الدولة والبلاد... وكانت آخر الجماعات المشاركة للحركة تلك التي انشقت عن الانقاذ في مفاصلة معروفة عام 2000م... وبلغت روح الانتقام لديها مبلغاً أصبحت به الداعم الرئيسي لحركات التمرد في دارفور.. والمؤيد الشديد لجنائية أوكامبو للرئيس البشير... وبهذا فقد وصلت تلك القوى بمختلف توجهاتها وأهدافها إلى خاتمة الطريق.. فهاهي الحركة الشعبية وصلت إلى ماعملت لأجله طوال تلك السنين الماضية، واستقلت بالدولة الوليدة.. والآخرون حيارى وهم يرون غراس أعوام مضت يحصد ثمارها الآخرون . على هذا فقد حذر الأستاذ البطل أبناء جنوب كردفان من الانجرار مرة أخرى وراء دعوات الحرب والدمار التي تشعلها الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو.. بعد أن عاشت المنطقة لخمسة سنوات خلت السلام والتنمية والاستقرار في ظل تحالف المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ولكن ما أن فقدت الأخيرة الفوز بمنصب والي الولاية في الانتخابات السابقة حتى حولت المنطقة إلى ساحات حرب جديدة يموت فيها المواطنون بلا جريرة... فلماذا يضحي القادة في سبيل المناصب والامتيازات وكراسي الحكم بشعوبهم؟ على منهج العقيد القذافي (إما أن أحكمكم واما أن أقتلكم) . كان ماسبق خلاصة ما كتبه الأستاذ مصطفى البطل فكان تعقيب الأستاذ أنور سليمان التوم في نفس الصحيفة عدد الأحد 3 يوليو 2011م في مقاله المعنون (أباطيل البطل): النوباويون ومن في حكمهم: لحم الوطن الحي). من قراءتي لما كتبت استاذ انور اقول انك لم تستوعب مقال البطل من اصله.. ومن عنوان المقال يخيل للقارئ ان البطل لم يقل الا بغير ذلك. فهل ترى استاذ النور في قتال النوبة في صف الحركة الشعبية والحصاد النهائي في ذلك غير ما يراه البطل؟؟ كل النتائج الآن تؤكد ان الحركة الشعبية هي المستفيد الوحيد من كل تلك التحالفات التي حدثت في الفترة السابقة والاخرون بدون فرز هم من حصد السراب... وان ما حصل من فظائع ضد المقاتلين النوبايويين في ارض الجنوب وما ذكرة البطل في مقاله هو غيض من فيض.. اما التفاصيل المثيرة والحقائق الاليمة فسوف تكون في علم الغيب الى ان يفصح الشهود الاحياء ما في صدورهم شهادة للتاريخ والى ان يعود القائد السجين (تلفون كوكو ابو جلحة). اما وقد وصفت الاستاذ البطل بأنه (مسمار مواقف.. ولا يقبل.. ولا يقبل منه نصه للنوباويين بعدم حمل السلاح) وانه غير (متمكن من مادة السياسة)... اقول ان النصح مقبول من كل الناس وبالاخص كتابنا ومثقفينا.. وان نصيحة البطل كانت خالصة للشعب والوطن رغم اختلافه في كثير من القضايا مع المؤتمر الوطني (حسب اطلاعي على كثير مما يكتب) واظن ان هذه النصيحة وصلت لكل ابناء الوطن عامة وابناء النوبة المنتشرين في كافة مؤسسات الوطن ثقافية كانت او ادارية او عسكرية على وجه الخصوص. بعد اليوم لن يضحي ابناء الجبال الشوامخ من اجل افراد لا يسعون الا للمناصب والامتيازات في حين يشقى ويكدح ابناء الشعب.. بل سيعملون من اجل مصلحتهم ومصلحة مناطقهم في السلام والتنمية والاستقرار ويكفيهم تضحيات الاعوام الخالية والتي حصد ثمارها الغير. ان المؤتمر الوطني وهو يدير دولاب الدولة في ظروف محلية ودولية غاية في التعقيد.. كان صادقا ومؤمنا في سعيه لخدمة المواطن وراحته.. ولانه مؤمن بأن السلام هو الناموس الطبيعي للحياة وان الحرب هو العاض والاستثناء ولان السلام يحصل رفاه ورخاء الانسان فقد عمل بكل حنكة وكياسة وهو يخوض شتى المفاوضات ويقدم للاخرين الثقة والضمانات حتى تم ايقاف اطول حرب في القارة السمراء والتي استمرت لخمسين عاما.. فلماذا تحمل يا استاذ انور مسؤولية الأحداث الاخيرة في جنوب كردفان للمؤتمر الوطني؟؟؟ لقد ذكرت ان الفارق كان ضئيلا بين مرشح المؤتمر الوطني احمد هارون ومرشح الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو.. لكن بعد فوز مولانا هارون من حقه ان يشكل الحكومة ومن حقه ان يشرك من يشاء فلماذا يتجاوز الاخرون القانون لحظة الهزيمة؟؟؟ اليس من واجب الدولة حماية المواطنين وممتلكاتهم من اي عدوان؟؟ هل التفاوض والحوار اجدى لحل المعضلات ام السلاح والقتال؟؟؟ لقد مررت يا استاذ انور على مصطلح النوباويين في مقال البطل بكل حساسية... وبالمقابل اتيت انت بمصطلح النوبيين.. واوضحت من عندك ان البطل انما اراد التمييز بين القابائل (نوبة الجبال هم النوباويون) و(نوبة الشمال هم النوبيون) فلماذا نحمل اللغة فوق ما تحتمل؟؟؟ والتحية من هذا الموقع لكل قبائل السودان والتحية للنوبة في جبالهم والتحية للنوبة في شمالهم... ونحن من نؤمن بالافضل على لقبيلة على قبيلة ولا لفرد على فرد الا كما امر الشرع ... قال تعالى (يا ايها الناس انا خلقاناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم) صدق الله العظيم، وبأن (خياركم خياركم للناس وانفعكم انفعكم لاهله). وفى الختام اثارني ذكرك – استاذ النور - ان المجهود الحربي للمقاتلين النوباويين في صفوف الحركة الشعبية كان (دعما لفئات الشعبية السودانية) وان (الحركة الشعبية وجيشها كانا جزءاً من النسيج الاجتماعي والسياسي الوطني).. والواقع اليوم يكذب كل ما ذهبت اليه.. لقد كان الوضع كذلك لكل من لم يمتلك الرؤية للمستقبل ولم يستطع القراءة بين ثنايا الاشياء... فالجنوب الآن ذهب لحال سبيله.. وكل المستقبل لجنوب كردفان سيصنعه ابناؤه المخلصون، يشيدون المنطقة بالامن والسلام والتنمية والاستقرار. نسال الله العلي القدير أن يجنب بلادنا كل المصائب والفتن.