قضية الجنسية المزدوجة لشعب دولتي الشمال و الجنوب ينبغي أن لا تكون محل جدل أو مزايدة سياسية لأن ما يربط بين الشعبيين اجتماعياً أكبر من أي أبعاد سياسية ،وإذا كان السودان يحتضن عدد ليس بالقليل من مواطني دول الجوار أهل الجنوب أحق بالتدفئة من حضن الشمال ، لا شك في مطلقاً في أن هناك جنوبيون كُثر تشكل وجدانهم الاجتماعي والثقافي من معين الشمال ، وهم لا يفقهون فك طلاسم حياة الجنوب لأنها غريبة عليهم لا يحملون منها سوى و الجهوية القبلية الجنوبية، وبالتالي من الظلم أن نحكم على هؤلاء بالإعدام الاجتماعي ودفع فاتورة قرارات ومواقف بعض الساسة من أهل الشمال والجنوب، ساسة أجادوا ببراعة لعبة وضع الانفصال في تأريخ السودان، إذاً مسألة حق الدولة الأصل في سحب الجنسية ينبغي أن لا يكون التمسك به مدخلاً للمزايدات العنصرية التي تريد أن تجهض على قيمة التواصل السلس بين الشمال والجنوب. صحيح هناك مرضى نفوس تنفسوا الصعداء برحيل الجنوب من الوطن الكبير ، ولكن يظل مطلب الجنسية المزدوجة مطلباً شعبياً يحفظ متانة العلاقات بين أبناء الوطن الذي بتر قسراً، بل ينبغي أن يكون التواصل الاجتماعي نواة لوحدة مقبلة تعيد توزان الأشياء في بلد أنهكه الإستعلاء الثقافي والجهوي والقبلي،إلى درجة جعلت التباين بين أبناء الوطن آلة تقسيم وشتات، بدلاً من أن يكون قوس قزح يزين سماء السودان، فكانت الحروب لم تسكت أصوات بنادقها، ودوي مدافعها بعد ،وأخرى في طريقها إلى نقطة الاشتعال. قضية تمسك المؤتمر الوطني بعقليته الحزبية وفكره الإقصائي حتى في الأشياء الجوهرية التي من شأنها لملمت الجراح "الجنسية المزدوجة" أمر يتطلب وقفة قوية وجادة من كافة مكونات الشعب السوداني أحزابه ومجتمعه المدني والأهلي، حتى لا يستغل المؤتمر الوطني صمت الأخرين لصالح أهداف بعض منسوبيه الذين ساهموا في فصل الجنوب بتعميق الكراهية عبر ما سمي زوراً بمنبر "السلام العادل" المفتون بعروبة سودانية ليست كاملة الدسم، عروبة بدلاً من أن تكون معين للتلاقي السوداني كانت عنصراً من عناصر الشتات ، فعجزت عن تحقيق ما حققته دولة المدينة في عهد محمد رسول الله ، والذين خلفوه فأسهموا في توسيع رقعة الدولة الإسلامية حينما أحسنوا تفسير مفاهيم وتعاليم الدين الإسلامي الذي نبذ العنصرية والجهوية والإنكفائية ونادى بالمساواة والعدل والحرية حتى في عبادة خالق الكون تبارك وتعالى. الجريدة fatima gazali [[email protected]]