بلا إنحناء ليس مدهشاً أن يتجه السودان نحو المزيد من التشظي والانشطار، وليس غريباً أن يكون على شفا حفرة من نار الكراهية بين أبنائه، بعد أن تمدد التيار العنصري والباحث وهماً عن عروبة كاملة الدسم ، تمدد هذا التيار البغيض إلى مدى تجاوز كل القيم الإنسانية والأعراف السودانية، وشرع في تأسيس مدرسة ثانوية بمحلية أمبدة تحت اسم (الانتباهة) وعلى نهج صحيفة (الانتباهة) التي أسسها ما أطلق على نفسه زوراً (منبر السّلام العادل) الذي تبنى قيادة خط لعب دوراً مفصلياً في تعميق الكراهية بين الشمال الجنوب إلى درجة دفعت الجنوب للتدثر بالانفصال تجنباً لمرارات العنصرية اللئيمة. يبدو واضحاً بما لا يدع مجالاً للشك أن التيار العنصري أبت أمراضه النفسية وساديته العاهرة إلا والاستمرار في التلذذ ببتر أجزاء السودان الأخرى عبر تغذية الأجيال بسموم العنصرية القميئة متخذاً التعليم المدرسي سلماً لبلوغ غاياته. كما يستبين عياناً أن التيار العنصري مجتهداً جداً لتحقيق أهدافه وفرض العروبة قسراً على بلدٍ السوادُ الأعظم من مواطنيه أفارقة ونوبيين لا صلة لهم بالعروبة واللسان العربي إلا من زواية الإسلام ، وأنّ اللغة العربية لغة القرآن ولسان نبيهم محمد عليه أفضل الصلوات والتسليم. نعم يريد العنصريون فرض عنصرية بغيضة على الأجيال المقبلة كما قال صراحة محمد جمعة مسؤول مدرسة الانتباهة الذي وضع اسمه في الإعلان الذي يدعو السودانيين لتسجيل أبنائهم فيها ، قالها صراحة حينما اتصلت عليه مستفسرة عن ماهية أهداف مدرسة "الانتباهة" وعلاقتها بمنبر السلام العادل وكنتُ كلي أملٌ في أن ينفي صلة المدرسة بمنبر السلام العادل إلا أن جمعة خيّب ظني عندما قال (لنا علاقة بمنبر السلام العادل ، وإننا نريد أن ننشأ جيلاً يتشرّب العروبة والإسلام فقط لأن هذا الجيل متسمم بالأفكار)، معاذ الله .. أيُّ عنصرية دفعت بك لمحو الأفرقانية والثقافات السودانية الأخرى من خارطة السودان. حقيقة هؤلاء صدأت العنصرية قلوبهم فأنستهم قيم الإسلام التي نبذتها .. لا جدال في أنهم قوم فقدوا طريق الرشاد حينما تمادوا في غيهم ويريدون أن يروا سودان على شاكلة الجزيرة العربية وينطق بالعربية الفصحى وهذا يعني باختصار شديد أن لا مكانة لغرب السودان في سودانهم الذي يريدونه، ولا مكانة أيضاً للشمال النوبي، وجبال النوبة والنيل الأزرق ولا مكانة للهجات المحلية في هذه البلاد التي طفح فيها صاع العنصرية وانطلق نحو المؤسسات التربوية في ظل دولة دستورها يحرم النعرات العنصرية. ولكن يبدو أن البلاد لا تُدار بالدساتير بل وفقما يريد ذو القربى من الذين يمسكون بزمام البلاد. وفي هذه الحالة نقول: لو تبقت في هذه البلاد ذرة من القيم الإسلامية والسودانية علينا السعى لوقف التمدد العنصري سيء السمعة والقبيح الملامح الذي يريد أن ينتشر كالأمراض الخبيثة عبر مواعين تربوية ربما تصبح نواة لتمزيق متوقع، وشتات مقبل !!. يا وزارة التربية والتعليم هناك شرٌ عنصري قادم عبر المدارس الخاصّة اسرعي الخطى قبل أن يفور التّنور ونغرق وسط طوفان العنصرية المؤسسة تحت غطاء التّربية والتّعليم. الجريدة fatima gazali [email protected]