تتسابق الدول الغربية واجهزة مخابراتها والانظمة العربية وبقايا الأنظمة التي تهاوت على اختطاف نتائج الثورات، وتجند العملاء الإعلاميين والفكريين والسياسيين لهذه الغاية القذرة، وتنفق الكثير من الأموال على هذه العملية، ومن هؤلاء العملاء من يلبس ثوب الدين، ومنهم من يلبس ثوب الناسك، ومنهم من يلبس ثوب الحداثة، ومنهم من يلبس ثوب العلم والفكر، وتسمح هذه الأنظمة لكل ملة كفر أن تعمل دون حسيب أو رقيب، وتفتح امامهم ابواب الفضائيات ومختلف وسائل الإعلام، وفي المقابل تمنع من يمثل عقيدة ومبدأ الأمة من الظهور أمام هذه الفضائيات، ليثبتوا أن الأمة ومن يمثلها لاتريد الا هذه الأطروحات السابقة، ثم يتساؤلون بخبثهم المعهود أين الإسلاميون ودعاة تطبيق الإسلام لا نرى لهم وجه أو نسمع لهم صوت؟! يغلقون أمامهم الأبواب ويمنعونهم من مخاطبة الأمة ويحجبون عنهم الإعلام العام والخاص ويسمحون لكل صاحب فكر وعقيدة مخالفة لعقيدة الأمة بالظهور ثم يتساءلون أين هؤلاء؟! والبعض يراهن على فشل الثورات، واقصد بهذا الحكام واجهزتهم، كل ذلك من باب استغلال الشعوب وعدم امتلاكهم للحل او البديل عن هذه الأنظمة، اذ يقوم الغرب وعملاؤه بالنفخ من خلال الأبواق في طرح شعارات جوفاء كبديل من مثل: الحرية والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية، وتعديل الدستور وانتخابات نزيهة والديمقراطية، وأتساءل: وهل هذه الأنظمة السائدة والمطبقة حاليا الا من هذا النوع؟! فهل ستبقى الأمة تدور في دائرة مفرغة؟ تطالب بخلع الحاكم واسقاط النظام! وتنجح بخلع الحاكم، وتنجح زمرة النظام بالابقاء على أزلام النظام في الحكم يديرون دفة الحكم. وقد حدث في بداية العقد الأخير من القرن الماضي، ان انتفضت شعوب المنظومة الإشتراكية بما فيها الدولة الأم (الاتحاد السوفيّتي)، انتفضت على الأنظمة والحكام، ولكونها لا تعرف علاجا إلا الرأسمالية فأخذتها، فزادت سوءا على سوء، بل ان بعضها ابقى على حاكمه المستبد السابق كأوزبيكستان وغيرها، والأمة الإسلامية اليوم ومنها الشعب العربي كالمريض، لاتستطيع أن تهتدي لوحدها على العلاج الصحيح ولا تستطيع التعبير عن البديل، ويأتي المرتزقة من الإعلاميين والمفكرين والسياسيين، ويطرحون عليها العلاج المتمثل بالنظام نفسه كبديل بثوب جديد وحلة جديدة! وبعد أيام من اسقاط النظام تكتشف الأمة أنّ الأمر لم يتغير، بل ربما كان الوضع السابق أفضل من الحالي، وتنتفض مرة أخرى دون أن يسمح لمن يحمل الحل والبديل الحقيقي للظهور والمنافسة في الميدان لأزلام الغرب وعملائه، وفي هذه العملية من الثورات المتجددة، يسعى هؤلاء العملاء لإحباط الروح المعنوية للأمة وشبابها وشيبها، كي تقبل بما تبقى عليها من الأنظمة المستبدة، وبذلك تنجح مراهنتهم على فشل الثورات. ويجب أن يلاحظ أن الأمة الآن هي في دور المخاض الأخير، وهي تئن من الألم الشديد وتبحث عن الطبيب البارع الذي يستطيع أن يشخص مرضها، ويصف لها العلاج الصحيح، ولن تهدأ حتى تجد العلاج الصحيح لمرضها ومرض العالم، فكان لزاما على قادة الرأي والفكر والسياسة، أن يطرحوا تشخيصهم لمرض الأمة ويصفون لها العلاج الناجع علنا، كي تختار الأمة الأصوب، دون أن يسمح للبعض بأن يطرح علاجه ويحرم الآخر، لذلك كان على أصحاب حملة الحل الحقيقي لواقع الأمة أن يبذلوا قصارى جهدهم في شحذ الأمة، وقيادتها للمطالبة بالحل الصحيح، والمتمثل في عودة الإسلام الحقيقي لسدة الحكم، وأقول الحقيقي، لأن كثيرا ممن يلبس ثوب الإسلام يفصل بين الإسلام والدولة والسياسة، وهي ذاتها العقيدة الرأسمالية التي ما فتئت تطبق علينا، فلا يجوز أن يكلّ حملة الدعوة من مخاطبة الأمة وحملها على أن تطالب بتطبيق الإسلام المتمثل في دولة الخلافة الإسلامية ليس غير، والذي نملك فيه نحن حزب التحرير تصورا واضحا لنموذج دولة الخلافة على منهاج النبوة، ونحمل مشروع دستور جاهز للتطبيق الفوري والمباشر، ونحمل كذلك تفصيلا في مختلف الأنظمة الحياتية من شكل الدولة الى الاقتصاد الى سياسة التعليم ومناهجه الى علاقة الدولة بمختلف دول العالم، الى غيرها من الأنظمة الشاملة لجميع نواحي الحياة، وهي ليست الا احكاما شرعية مستنبطة استنباطا صحيحا من الكتاب والسنة واجماع الصحابة والقياس ليس غير، وأننا نؤكد بأننا لسنا من الدعاة الى الاسلام المفتوح وبشكل عام دون أن يكون عندنا هذا التفصيل، وكذلك لسنا من الدعاة الى شعارات جوفاء او أنظمة كفر مجربة بحلة جديدة، كأصحاب الدعوات الى الدولة المدنية او الحداثية او الديمقراطية او العدالة الإجتماعية .... ahmad Aa [[email protected]]