فكرت كثيراً في كتابة هذا المقال حول حقوق الموسيقيين "العازفين" السودانيين والذي نعلم مقدار ما ينتجون من فرحة تدخل إلى قلوب الكثير من الناس ، فهم بحق جنود مجهولين له الدور الكبير في صناعة الفرح عبر الحوار الموسيقي للأغنية السودانية ، تفكري هذا يمكن في أنني ليس بموسيقي "عازف" لكي أعرف ما يدور في دهاليز ما يسمى ب " إتحاد المهن الموسيقية" ولكن أعتقد نفسي متابعة للمسيرة الفنية والغنائية في السودان سيما الشبابية منها . أعتقد بأن الموسيقي مثله مثل المخرج فهو الذي ينتج كل العمل إلا القليل أو ما يسمى باللمسات الأخير ، أي أنهم جميع الجهد الموسيقي والإخراجي يمر عبر هذه الفئة المهمشة ، لم اسمع بأن أحد الموسيقين أصبح رئيساً لإتحاد مثل المهن الموسيقية حديثاً ، حيث أغلب رؤسائه من أصحاب مهنة الفن أو " الأداء "، والسؤال لماذا ، وهل يعبر هؤلاء المؤديين عن تطلعات وآمال هذه الفئة الكبير من أصحاب المهارات الموسيقية أعتقد بأن ذلك يتطلب الإحاطة بإنتاج هذا الإتحاد ومساهمات العازفين فيه . إن إهتمامات الشعب السوداني بالجانب الموسيقي كبير جداً ، هذا الإهتمام يعكس ثقافة عالية لدى هذا الشعب بمختلفة مكوناته وفئاته العمرية ، هذا الإهتمام يتقصر على الجانب النطقي فيها ، أي أن شخصاً يستطيع أن يقدم لك محاضرة " محترمة" عن مسيرة إحدى الفنانين على مر التاريخ ، ولكن يأتي السؤال حول ماهي معلوماتك عن الفرقة الموسيقية التي تنفذت الأعمال لهذا الفنان أو ذاك وهذا لب الموضوع تجد الإجابة بالنفي . هذا يؤكد حقيقية جوهرية بأن الفرقة الموسيقية أي كان حجمها وأدائها فإن لن تلقى حظها من تسليط الأضواء نسبة وحسب وجهة نظري أن هؤلاء الكوكبة لم تجد الفرصة لكي تعبر فيها عن نفسها إعلامياً أو حتى مهنياً . جمعتني صداقات حميمة مع بعض العازفين ومن مختلف الفئات العمرية ، ولكنني لصيقاً جداً بالشباب حاولت لمرات أن أتناقش معهم حول إبراز مواهبهم وملكاتهم الموسيقية إعلامياً ، توقف الجميع في محطة التناول الإعلامي للإنتاج الموسيقي لهم ، فهي حقيقة ماثلة للعيان ، فمعظم التجارب التوثيقية تأتي حينما نسمع أن فلاناً " رحل عن دنيانا" لقد كان مبدعاً في آلة ( البيز جيتار – الكمان – الساكسفون – الفلوت – الإيقاعات - ...الخ) ، نسمع به وهو ليس بيننا وحتى هذه ليست توجهاً عاماً بل لا يعدو أن يكون إجتهاداً من وسائل الإعلام فقط . أعجبتني جداً تجربتين الأولى للدكتور الفاتح حسين وفرقته الماسية ، من خلال نشاطهم الكبير وتواصلهم مع الجمهور من خلال عروض راتبه ، يعكس ذلك نضج التجربة لدى هذه الفرقة العظيمة ، بنشاطها وفعاليتها ، وخوضها لتجربة قد تكون مرهقة مالياً ولكن في الوقت لا يحرمون جمهور واسع وكبير من التواصل ، وتقديم الجديد دوماً من المقطوعات الموسيقية السودانية أو الإقليمية والدولية وفي ذلك جهداً كبير يحمد لهذه الفرقة العملاقة . التجربة الثانية خاصة بالأستاذ المبدع عثمان محي الدين وفرقته والذي يمتلك طمعاً خاصة للمقطوعة الموسيقية البحته والتي تجبرك كمتلقي أن تستمع لها مرات ومرات ولا تستطيع أن "تشبع منها أبداً" يبحر بك عثمان في عوامل آلة الكمان وسحرها البديع نعم سحرها الذي أعتمده عثمان ليكون عنواناً للتفاعل مع الجمهور والمتلقي . إن التجربتين السابقتين على سبيل المثال لا الحصر فأعتقد أن هنالك مجموعة من التجارب التي لم تلقى الضوء الأخضر للمتلقي لكي يكون الرأي الشخصي في منتوج الموسيقى السودانية سواء كان ذلك في مراكز الشباب والتي أعتقد بأنه فيها من الكفاءات ما يجعلك تعتقد بأن الموسيقى السودانية لم تجد بعد الآذان الصاغية لضخامة المنتوج الموسيقي ، كذلك لايمكننا أن نجهل ما تقوم به كلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان ، أنه جهد يستحق الثناء والتركيز عليه إعلامياً . أنا من أنصار أن يكون الكوكبة الموسيقية الرائعة كيان يعبر عن آمالهم وتطلعاته من أجل الإرتقاء بالتجربة الموسيقية السودانية وتطويرها ، هذا الكيان حسب إعتقادي ليس بإتحاد المهن الموسيقية والذي أصبح حكراً على الفنانين، فهو الأن ليس منبراً للمهن الأخرى ومنها " العزف" ، فلا بد من أن يقول الموسيقيين كلمته للتاريخ ، ولابد من أن تهتم وزارة الثقافة والإعلام المرئي والمسموع والمقرؤء بهذه الشريحة المتضهدة إعلامياً .