بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى:(هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس أول من قال ذلك الأفعى الجرهمي وذلك أن نزار لما حضرته الوفاة جمع بنيه مضر وايادا وربيعة وأنمارا فقال : يا بني .. هذه القبة الحمراء وكانت من أدم لمضر..وهذا الفرس الأدهم والخباء الأسود لربيعة ..وهذه الخادم وكانت شمطاء لإياد ...وهذه البدرة والمجلس لأنمار يجلس فيه ..فإن أشكل عليكم كيف تقتسمون فائتوا الأفعى الجرهمي ومنزله في نجران ... فتشاجروا في ميراثه فتوجهوا إلى الأفعى الجرهمي ..فبينا هم في مسيرهم إليه إذ رأى مضر أثر كلأ قد رعي فقال : إن البعير الذي رعى هذا لأعور .. وقال ربيعة : إنه الأزور وقال إياد : إنه لأبتر وقال : أنمار : إنه لشرود فساروا قليلا فإذا هم برجل ينشد جمله فسألهم عن البعير .. فقال مضر: أهو أعور..؟ قال : نعم قال ربيعة : أهو أزور؟ قال : نعم قال إياد : أهو ابتر؟ قال : نعم قال أنمار : أهو شرود ؟ قال : نعم وهذه والله صفة بعيري فدلوني عليه .. قالوا : والله ما رأيناه .. قال : هذا والله الكذب .. وتعلق بهم وقال : كيف أصدقكم وأنتم تصفون بعيري بصفته ؟! فساروا حتى قدموا نجران فلما نزلوا .. نادى صاحب البعير : هؤلاء أخذوا جملي ووصفوا لي صفته ثم قالوا لم نره .. فاختصموا للأفعى ... وهو حكم العرب . فقال الأفعى: كيف وصفتموه ولم تروه ؟ قال مضر: رايته رعى جانبا وترك جانبا فعلمت أنه أعور. وقال ربيعة : رأيت إحدى يديه ثابتة الأثر والأخرى فأسدته فعلمت أنه أزور، لأنه أفسده بشدة وطئه لازوراره . وقال إياد : عرفت أنه أبتر باجتماع يعره ولو كان ذيالا لمصع به . وقال أنمار : عرفت أنه شرود لأنه كان يرعى في المكان الملتف نبته ثم يجوزه إلى مكان أرق منه وأخبث نبتا فعلمت أنه شرود . فقال للرجل : ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه . ثم سألهم: من أنتم؟ فأخبروه .. فرحب بهم ... ثم أخبروه بما جاء بهم .. فقال: أتحتاجون إلي وأنتم كما أرى ؟ ثم أنزلهم فذبح لهم شاة .. وأتاهم بخمر .. وجلس لهم الأفعى حيث لا يرى وهو يسمع كلامهم.. فقال ربيعة : لم أر كاليوم لحما أطيب منه لولا أن شاته غذيت بلبن كلبه .. فقال مضر : لم أر كاليوم خمرا أطيب منه لولا أن حبلتها نبتت على قبر ... فقال إياد : لم أر كاليوم رجلا أسرى منه لولا أنه ليس لأبيه الذي يدعى له ! فقال أنمار : لم أر كاليوم كلاما أنفع في حاجتنا من كلامنا .. وكان كلامهم في أذنه .... فقال : ما هؤلاء إلا شياطين .. ثم دعا القهرمان .. فقال: ما هذه الخمر ؟ وما أمرها ؟ قال : هي حبلة غرستها على قبر أبيك لم يكن عندنا شراب أطيب من شرابها .. وقال للراعي : ما أمر هذه الشاة ؟ قال : هي عناق أرضعتها بلبن كلبة وذلك أن أمها كانت قد ماتت ولم يكن في الغنم شاة ولدت غيرها ثم أتى أمه فسألها عن أبيه فأخبرته : أنها كانت تحت ملك كثير المال وكان لا يولد له .. قالت : فخفت أن يموت ولا ولد له فيذهب الملك .. فأمكنت من نفسي ابن عم له كان نازلا عليه... فخرج الأفعى إليهم .. فقص القوم عليه قصتهم وأخبروه بما أوصى به أبوهم.. فقال: ما أشبه القبة الحمراء من مال فهو لمضر.. فذهب بالدنانير والإبل الحمر. فسمي مضر الحمراء لذلك ...... وقال : صاحب الفرس الأدهم والخباء الأسود فله كل شيء أسود . فصارت لربيعة الخيل الدهم فقيل ربيعة الفرس .. وما أشبه الخادم الشمطاء فهو لإياد .. فصار له الماشية البلق من الحبلق والنقد... فسمي إياد الشمطاء. وقضى لأنمار بالدراهم وبما فضل فسمي أنمار الفضل .. فصدروا من عنده على ذلك .. فقال الأفعى : إن العصا من العصية ... وإن خشينا من أخشن .. ومساعدة الخاطل تعد من الباطل .. فأرسلهن مثلا .. والمراد أنهم يشبهون أباهم في جودة الرأي وقيل إن العصا اسم فرس والعصية اسم أمه . abubakr ibrahim [[email protected]]