بقلم: الرشيد حميدة الظهران/المملكة العربية السعودية رمضان كريم، رمضان شهر التوبة والغفران، رمضان هذا الشهر الفضيل، رمضان شهر الصوم ومراقبة النفس. ضيف كريم عزيز يدخل بيوتنا ومعه الرحمة والمغفرة والهداية، وضيف آخر هو كتاب الله والذكر الحكيم الذي أنزله بالحق المبين على رسوله الكريم ليخرج الناس من الظلمات الى النور، من النكد والضنك الى السعادة والسرور، الى حياة فاضلة سعيدة هنيئة، الى حياة آمنة مستقرة تطمئن معها القلوب بذكر الله وبالتقرب اليه بالأعمال الصالحات. لقد حدثنا الصادق الأمين أن (أحب العمل الى الله تعالى أدومه وإن قل)، فمثلا اذا واظبت على تلاوة سورة الصمد عقب صلاتي الفجر والمغرب يوميا وبشكل دائم، فان ذلك العمل وان قل شأنه لديك فانه عند الله عظيم لديمومته والمواظبة عليه، وهذه تعدل قراءة القرآن الكريم مرتين يوميا، لأن سورة الاخلاص تعدل ثلث القرآن حسب قول من هو لاينطق عن الهوى. وتلاوة القرأن (الذكر) من أفضل الأعمال التي يقوم بها المسلم، والأذكار التي أوصى بها الله صحابته في اليوم والليلة والمرتبطة والمتصلة بحياتنا اليومية من نوم واستيقاظ ودخول للبيت وخروج منه ودخول الحمام وغيرها، وكذلك اذكار التحصين من العين والحسد والمرتبطة باللبس والأكل وعيادة المريض وكل الأذكار الواردة تعتبر منهجا ينظم حياة المسلم ويضعها في الاطار والمسار القويم الذي يعمل على رفاهية وسعادته. والمنهج الاسلامى اعتنى بكل مظاهر الحياة عند المسلم وعلى رأسها صحته التي تضمن له السلامة من الأمراض والأسقام، ولعل بعض القراء سيندهشون اذا قلنا ان أول ما حض به الاسلام وأول شئ اعتنى به هو أمر الرياضة، فالصلاة رياضة ليس همها البدن فحسب بل تعنى بالروح وسموها، وليس هي الدواء للارهاق البدني بل هي بلسم وراحة للنفس، حيث كان يقول المصطفي لسيدنا بلال (أرحنا بها يابلال)، وعلى رأسها يأتي الوضوء وهوضمان وصمام الأمان ووقاية للبدن مما يتعرض له يوميا، فهو غسل وتطهير لكافة أعضاء الجسم المعرضة لأخطار انتقال الجراثيم والبكتريا وهو تعقيم يتكرر على الأقل خمس مرات في اليوم، ينطوي على ضمان سلامة الأعضاء الحساسة لجسم الانسان وهو ما يعرف بالرعاية الصحية الأولية التي اكتشف الطب مؤخرا انها من ابجديات السلامة الصحية للأفراد من كثير من الامراض السارية والمعدية، لذلك نجدهم في الغرب يركزون على تلك المسألة التي نبعت منها فكرة (طب الأسرة)، وحركات الصلاة البدنية تعتبر وقاية ورياضة لكافة أعضاء الجسم الخارجية والداخلية فهي ليست حركات بدنية تستفيد منها الأعضاء المرتبطة بالهيكل العظمي للانسان بل تستفيد منها الأعضاء الداخلية. وقد اكتشف الأطباء مؤخرا أن الجلطات، التي كثر حدوثها ووقوعها حتى بين الشباب والتي كانت محصورة في كبار السن وقليلي الحركة، يمكن التقليل منها أو تفاديها عن طريق قطع النوم الليلي والاستيقاظ وأداء حركات رياضية بسيطة ودلك الأطراف سيما اصابع القدمين، وقد أكد شيوخنا الأجلاء ان ذلك ينطبق على صلاة القيام أو الفجر حين يهجر المسلم النائم (تتجافي جنوبهم عن المضاجع) فراشه الوثير والاحلام الوردية ويستيقظ إما لصلاة القيام أو لأداء صلاة الفجر ويقوم بالوضوء الذي يدلك فيه الاعضاء التي قد تتعرض لتخثر الدم وبذلك ينشط الدورة الدموية ويتفادى خطر وقوع وحدوث الجلطات باذن الله بعد ان يؤدي ذلك النشاط البدني (الصلاة)، ليس ذلك فحسب بل لقد وجدنا في هدي المصطفى أن من صلى الفجر في وقتها قام يومه ذلك وهو نشيط، طيب النفس، وقد اكتشف العلماء فيما بعد أن هناك غاز يسمى الأوزون (وقد نعرفه بثقب الأوزون الخلل الذي أحدثه التدخل الانساني في البيئة) يتكون من ثلاث ذرات من الأوكسجين ينتشر عند طلوع الفجر وبكثرة في المناطق الساحلية، وهو السبب الذي يعزى اليه نشاط من يستنشقه لأنه يزود الجسم بالاوكسجين اللازم. وهكذا نجد الارتباط الكبير بين أداء العبادات البدنية والحكمة وراء ذلك، وهو السر الالهي الذي يسعى لاسعاد البشر ويعرفه رب العباد وحده وقد نجد له بعض التفاسير أو الأدلة الدامغة عليه. وكل اكتشاف او دليل يعزز مسالة تكريم بني آدم وعملية اسعاده، لذلك نجد أن ابسط عبادة تميز المسلمين عن غيرهم فيها خير كثير بدني ونفسى ولايجد تلك اللذه البدنية والروحية والنفسية الا من أداها و (أقامها) كما ينبغي، فالذي (ينقدها) كما ينقد الدجاج الحب أو المسئ في صلاته حسبما افادنا الرسول الكريم لا يجد حلاوتها مطلقا ولن يستفيد من صلاته لا في دنياه ولا في آخرته، فعلى المسلم أن يحرص على أن يقيمها كما ينبغي (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وأن نقلد المصطفي خطوة بخطوة وسجدة بسجدة، حتى نقطف ثمارها (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، وتأتي الصلاة نفسها برهانا ودليلا قاطعا على سماحة الاسلام ونزاهته حيث يقف في صفوفها جنبا الى جنب الغني والفقير والخفير والوزير واللئيم والكريم والأسود والأبيض والعربي والأعجمي، فالاسلام لم يفرق بين بلال الحبشي أو سلمان الفارسي أو صهيب الرومي والقرشي ولكن أوضح أن التفضيل لا يقوم على أساس عرقي أو جنسي أو بصلة قرابة أو نسب ولكن على أساس التقوى (اكرمكم عتد الله أتقاكم) التي هي محلها القلب، فالله لا ينظر الى صوركم. وسعيا الى ايضاح الطريق والمنهج الكامل المتكامل يشرح الرسول الكريم الكثير من المسائل التي تهم المسلم وتعنى بسعادته وصحته ضمن المنهج الكلي فيوضح الكيفية الصحية للنوم ويعلمنا الأدعية اللازمة التي تحفظ المسلم وتحميه اثناء نومة وكيفية الاستيقاظ وأدعيته وأالذكر عند دخول الخلاء والخروج منه وكل ما يرتبط بتعزيز صحة المسلم وصيانتها. وهو برنامج ومنهج واضح لا غموض ولا لبس فيه (تركتم على المحجة البيضاء) وما على المرء الا التطبيق والاتباع، وهو المخرج الى بر الأمان والسلامة. alrasheed ali [[email protected]]