للمرة الثانية على التوالي، وخلال أسبوع واحد يقدم جهاز الأمن الوطني، على مصادرة صحيفة الميدان ومنع توزيعها، علماً بأنه أقدم من قبل على مثل هكذا تصرف، لأكثر من ستة مرات مع الصحيفة خلال الأشهر الأربعة الآخيرة، كما أن صحفاً أخرى قد تعرضت بشكل أو آخر، للمصادرة بنفس الوسائل والأساليب، وأن صحفيين آخرين قد ووجه بعضهم بمحاكمات جائرة، وينتظر بعضهم الآخر المحاكمات التي يسوقهم لها جهاز الأمن الوطني، تحت ذرائع واهنة ومهينة، يتم كل ذلك تحت سمع وبصر الدوائر المسئولة مباشرة، عن حماية الصحفيين والدفاع عن مهنة الصحافة أمام كل ما يعترض طريق مهنيتها، طالما أنها التزمت الطرق القانونية المتعارف عليها، فتتحول مؤسسات كمجلس الصحافة واتحاد الصحفيين الودانيين إلى أذرع مساعدة لمهام جهاز الأمن، دون أي تبصر أو وازع من حياء "مهني" على أقل تقدير! ومن الواضح أن النظام بأكمله وفي وجهة التمهيد لما ظل يبشر به حول "جمهوريته الثانية" أنه يستهدف في المبتدأ، ما تبقى من هامش لحريات أرغم إرغاماً في مرحلة سابقة، على منحها للقوى الحية في المجتمع السوداني، وهاهو الآن يقرر مصادرتها بأكملها، معتقداً أن ذلك كفيل بمعالجة أزماته المستفحلة على كل الأصعدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ووطنياً. في هذا الاطار وفي وجهة وضع الرأي العام في صورة ما يجري، في هذه الظروف السياسية بالغة التعقيد، والتي يتمر بها البلاد بأكملها، تعيد صحيفة الميدان نشر الرسالة التي كانت قد وجهتها لجهاز الأمن الوطني من قبل، بخصوص تعدي نظام الانقاذ غير المبرر على الصحيفة واعتقال عدد من محرريها وموظفيها، كما ترفق بيانها للرأي العام الذي تكشف فيه التعدي على حقوقها بمصادرة الصحيفة لمرتين خلال أسبوع واحد:- بيان إلي جماهير الشعب منع جهاز الأمن والمخابرات توزيع عدد الميدان رقم 2411 بتاريخ 4/9/2011 بعد طباعته دون أي تبرير أو مسوغ. هذه هي المرة السادسة خلال الأربعة أشهر الماضية الماضية والتى يمنع فيها الأمن التوزيع بعد الطباعة ، وهي محاولات ترمي لإرهاق الصحيفة اقتصادياً وتكبيدها خسائر مالية جسيمة إضافة لحجب الحقائق الساطعة عن أعين الرأي العام . إننا إذ ندين سلوك جهاز الأمن المتكرر حيال صحيفتنا وبعض الصحف الأخرى ندين ايضاً الموقف السلبي لمجلس الصحافة والمطبوعات واتحاد الصحفيين حيال ما يحدث ونعتبره جزءاً من مؤامرة أكبر تستهدف الصحف والصحفيين من أجل تقييد العمل الصحفي بصورة أكبر . إننا ندعو المجتمع الصحفي الحر وعلي رأسه شبكة الصحفيين السودانيين والأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية لشجب وإدانة التضييق علي الصحافة ومقاومة تلك المحاولات الرامية لمصادرة هوامش الحريات المحدودة التي كفلها الدستور الانتقالي لعام2005 . وتؤكد الميدان إنها ستظل في طليعة المقاومين والمدافعين عن حرية الصحافة، وإنها لن تحيد عن قضايا الشعب ومطالبه وعلى رأسها استعادة الديمقراطية ، وأن مثل هذه الممارسات لن تزيدها إلا تصميماً وثباتاً علي المبادئ. ولا نامت أعين الجبناء أسرة تحرير الميدن الثلاثاء2011\9\6 ---------------- من هيئة التحرير إلى جهاز الأمن الوطني:- في بداية شهر فبراير الماضي فوجئ العاملون في صحيفة الميدان من محررين وعاملين بهجوم شنته عناصر من جهاز الأمن الوطني في صبيحة أحد الأيام قرب مقر الصحيفة، حيث اختطفت من الشارع المؤدي إلى مقرها عدداً من هؤلاء المحررين والعاملين، كما قامت لاحقاً باعتقال عدد آخر من أماكن متفرقة بالعاصمة ، بحيث وصل مجموع المعتقلين إلي ثمانية زملاء، فضلاً عن إعتقال زميلتين أُطلق سراحهما في وقت متأخر من الليل وظل إستدعائهما لاستجواب مذل ومتعب لمدة يومين. وأما بالنسبة للزملاء الذين جرى اعتقالهم، فقد تعرضوا جميعاً لصنوف من المعاملة القاسية والاستجواب غير المبرر، طيلة فترة إعتقالهم الذي امتد لبعضهم لأكثر من خمس وأربعين يوماً، دون أن نعلم بالملابسات والأسباب المباشرة التي حدت بالجهازلكي يقدم على فعلته تلك حتى الآن!، مما يشير إلى أن جهاز الأمن الوطني يستهدف في حقيقة الأمر صحيفة الميدان ويترصدها حداً يجتهد فيه لتدمير الصحيفة تعريضها لخسائر مادية ومعنوية عن طريق إقصائها عن سوق الاصدار المنتظم.. أو هكذا يظن!. إن هذا الاعتقال يشكل ظاهرة غير قانونية ولا تسنده أي مادة تبيح الاعتقال بهذه الطريقة التي تخرق كافة الحقوق التي كفلتها مواد الدستور فضلاً عن الحقوق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وصون كرامته. ولقد شمل التحقيق أسئلة واستجواب لا علاقة له بتهم محددة كالسؤال عن الانتساب للحزب الشيوعي السوداني وبعض المعلومات المتعلقة بالحياة الداخلية للحزب الشيوعي من التي يود جهاز الأمن الوطني أن يتعرف عليها! وكأن الانتساب لحزبنا يشكل جريرة لدى جهاز الأمن الوطني!. ولقد قدمنا مذكرة مكتوبة في هذا الصدد نستنكر فيها هذا التعدي الخارق لحقوق موظفينا وأعضاء حزبنا وطالبنا بضرورة تفسير قانوني يوضح الأسباب الأساسية التي حدت بجهاز الأمن الوطني لكي ينحو هذا المنحى غير الدستوري وأن يتقدم بالاعتذار عما حدث وتقديم ضمانات بعدم تكرار ذلك. ولقد طال أمد المذكرة الاحتجاجية التي تقدمنا بها دون تلقى ردود حتى الآن، وبما أننا نحرص على أن نعض بالنواجز على ضرورة كفالة حقوقنا الدستورية المشروعة فها نحن ننشر هذه الرسالة علناً إلى جهاز الأمن الوطني نرفع فيها صوتنا عالياً بضرورة تفسير ما جرى بحق عضويتنا وموظفي صحيفتنا وضرورة الاعتذار وتأكيد عدم تكرار هذا التجاوز غير القانوني أو الدستوري، مع تمسكنا لآخر مدى بصيانة حقوقنا المشروعة. يؤكد ذلك المواقف الشجاعة التي أبانها موظفو الصحيفة وأعضاء حزبنا وهم يواجهون صنوفاً من القسوة والمعاملة غير الانسانية، والصلابة التي واجهوا بها الطرق غير الانسانية في الاستجواب. وسنظل نرفع عقيرتنا بشجب ما حدث وما سوف يحدث ومواجهته بكل السبل السلمية والمشروعة في الرفض والادانة والمقاومة والتنديد بمحاكمة الصحفيين السودانيين وتقييد آداء الصحافة السودانية ومصادرة الرأي الحر.