الماء عصب الحياة وعمادها وبه تكون الحياة أو لا تكون وعبره يقاس المستوي المعيشي للشعوب وهو في نقائه لا لون له ولا طعم ولا رائحة , وقد وهبه الله من الصفات الطبيعية والكيميائية ما يمكنه من القيام بدوره الأساسي في أجساد كل صور الحياة، ولما له من دور أساسي وهام في هذه الحياة فقد أصبح مطلباً للشعوب وسبب في تناحرها على مر العصور والأمم ، وفي الفترة الأخيرة سمعنا وشاهدنا الدور الذي لعبه الماء في تفاقم أزمة دارفور والتناحر المستمر علي الموارد القليلة المتاحة رغم توفر مخزون أرضي يغطي إحتياجات الكون بأكمله لعدة قرون ناهيك عن دارفور واليوم يعاني أهالي عوام ولايات دارفور الثلاث الفاشرونيالا والجنينة من شبكات مياه متهالكة والتي تنتشر وتتمدد منذ ما يقارب ربع قرن على أحيائها القديمة لتصل لاقل من ربع ساكني هذه المدن التي تضاعف عدد سكانها مرات عديدة بفعل الحرب والنزوح خلال الاعوام الماضية فأصبحت هذه الشبكات متهالكة ومنتهية الصلاحية ولا تستطيع أن تمد المنازل بالمياه ولم تشفع النداءات المتكررة والخطط والمشروعات القومية والولائية والوعود الجوفاء من قبل الحكومات المتعاقبة من أن تروي عطشها من مياه دارفور الغزيرة والتي تتوفر بكميات كبيرة على بعد امتار قليلة من باطن الأرض. ولم يعد أحد فى هذه المدن يفكر منذ ان تشرق الشمس وحتي تغيب الا فى هاجس الماء. ومن هنا احتلت فكرة شبكات مياه المدن الثلاث المراتب الأول فى تفكير صندوق اعمار دارفور. واصبح لامجال بمقارنته باي مشروع تنموي آخر بالرغم من أن مشاريع التنمية وحسب خطة دارفور الاستراتيجية كثيرة وعديدة ويصعب علي المرء المفاضلة بينها الا أن الماء وتوفره مسألة وهنا في دارفور بالذات مصيرية إما حياة أو موت.. وجعلنا من الماء كل شيء حي .. لاحياة.. لمن يعيش على وجه هذه البسيطة دون توفر المياه الصالحة للشرب . ومن هنا يأتي دورمشروع شبكات مياه المدن الثلاث كمشروع حيوي يرتبط بحياة الإنسان وصحته مباشرة كونه يغذي مايزيد عن ثلاثة ملايين نسمة من سكان المدن الثلاث. أن الغاية من مشروع شبكات مياه المدن الثلاث هو إعادة توسيع وتطوير الشبكات وزيادة السعة التخزينية وتحديث الشبكة بطريقة وضع خطوط نقل بولسين علي الضغط وخطوط ربط وخطوط دائرية تضمن تشغيل الشبكة بحيث تضمن الشبكة إيصال المياه إلى الاحياء كافة في وقت واحد وبضغوطات متساوية ويسهل التحكم بالشبكة ولتكون صالحة لفترة الخمسين عاماً القادمة. أما من ناحية الجدوى الاقتصادية للمشروع فسيوفر لمدن الفاشرونيالا والجنينة مياه شرب عالية الجودة وسيضمن تأهيل الكوادر الفنية اللازمة لإدارة الشبكات وإدارة مرافق المياه لكافة الظروف فبعد تحديث الدراسة بناء على طلب الهيئة العامة للمياه بالخرطوم ورغم التخفيض الهائل في السعة التخزينية للشبكات حسب الرؤية الاولي التي قدمتها دراسة الشبكات الا ان الوضع الحالي سيغطي المدن الثلاث ويسد الفجوة المائية. وبالفعل قد تم ترسية عطاء التنفيذ لشركة وسيتم البدء فيه في صيف هذا العام بتمويل من وزارة المالية بسندات آجلة. أن إعادة تأهيل شبكات مياه المدن هو شرط مسبق وأساسي لتبرير نقل المياه لمسافات طويلة إلى كل من نيالا والتي ستتغذي من حوض البقارة والذي يبعد ثمانون كيلومتراً من مدينة نيالاوالفاشر التي تتغذي في المرحلة الاولي من آبار شقرة القوز التي تبعد ستة عشر كيلو متر ومن ثم في المرحلة الثانية من ساق النعام التي تم التعاقد لتنفيذ خطتها مع شركة صينية والتي تبعد من مدينة الفاشر مسافة اربعين كيلومتراً وهناك ضرورة لنقل المياه من هذه المسافات لعدم توفرها محلياً. وحيث لا بد من زيادة استطاعة الشبكة القائمة من أجل أن تتمكن من استيعاب كميات المياه الإضافية المنقولة وتوزيعها بكفاءة. ربما لو تم تنفيذ هذا المشروع الذي يعتبر اكبر مشروع تنموي علي الاطلاق يتم التعاقد عليه بأقليم دارفور، ربما يرفع من روح أهلنا المعنوية، وربما يليق ببعض ما يسمى بالتنمية المتوازنة والتمييز الايجابي وتوقيع إتفاقية سلام دارفور والتي ضمنت مبالغ للتنميه لوطن ساكنوه يربون علي الثمانية ملايين، وطن يشبه القارة القاحلة فى معظمه تلوح في أفقه أينما حللت بوادر نقص الماء مهددة القري والبوادي والمدن بالندرة، فى وقت نفذ فيه صبر أهلنا بدارفور خاصة بعد تدمير هيئة توفير المياه الريفية المتعمد لكسر شوكة أهل الغرب، وهي المستفيد الوحيد من وجود الهيئة بكيانها الكبير مما أدي لتوقف محطات المياه والدوانكي. ليس ذلك فحسب، ولكن حتي تلك التي تعمل منها لا تجد رقيب أو صيانة أو حتى بديل يساندها حين تتعطل ويغيث آبارها المتهالكة حين تمتلئ بالرمال. ولنترك الدوانكي لحالها ولكن ان تم تنفيذ مشروع شبكات مياه المدن الثلاث فسيوفر ذلك لهذه المدن مياه شرب عالية الجودة إضافة إلى ذلك ستوفر الشبكات ناتج عن الرعاية الصحية وحده خلال 15 عاماً سيغطي 60% من التكلفة الكلية للمشروع. أن تنفيذ مشروع شبكات المياه سيعمل علي تحسين معيشة وصحة السكان عن طريق الإسهام في سد الفجوة القائمة حالياً بين كميات المياه المتاحة والاحتياجات السكانية المطلوبة ولكن المشروع يتطلب عدة مستلزمات تمت دراستها ووضعها في كراسة العطاء وجداول الكميات منها إعادة تأهيل نظام التغذية المائية الحالي في مختلف أرجاء المدن الثلاث ومحيطها بما في ذلك استبدال أنابيب المياه الرئيسية والفرعية المتبقية في الشبكة وغير الصالحة للخدمة وتوسيع الشبكات لتغطي الاحياء الجديدة واستخدام مواسير بولسين الضغط العالي قليلة الفاقد بما يحقق الوصول بالفاقد المائي الفيزيائي والاقتصادي إلى الحدود المقبولة إضافة لذلك ستتم دراسة وتصميم نظام خاص لتشغيل نظام امداد المياه إلى المدن ووضع البرنامج المناسب لتوزيع المياه بما يحقق توزيعاً عادلاً إلى جانب عوامل أخرى كدراسة الجانب البيئي وإعداد نموذج بالكمبيوتر لنظام التغذية المائية لاستخدامه من قبل الإدارة. نأمل أن تبدأ الشركة التي رسي لها العطاء بالتنفيذ الفوري لتخفيف العناء والمتاعب عن كاهل أهلنا الذين يسهرون الليالي ويستقطعون من وقت الراحة كي يملؤون برميلا واحداً مرة في الاسبوع. نأمل أن تكون راحتهم بعد التنفيذ دائمة وأبدية ويطول أمدها لأن مواطن دارفور قد اكتوي من مقومات الحياة وشروطها الأساسية والضرورية في زمن الازمة التي كانت وما زالت تكوي أجسام أهلنا، هذه المرحلة التي لايرغب أهل دارفور حتى بذكرها كونها مثلت لهم جملة من الآلام والمعاناة مما دفع بهم إلى الهجرة الي المعسكرات داخل وخارج الوطن هروباً من ذلك الجحيم الذي يعيشونه حتى بزغ فجر أتفاقية سلام دارفور فكانت مرحلة جديدة وعهد جديد خاصة لاهالي دارفور هؤلاء الناس البسطاء الغيورون على وطنهم والمدافعين عن مقوماتهم خلال مراحل تكوينهم الحضاري الطويل