متى يتحقق هذا الحلم في بلادنا فيكون قراءة مثل هذا العنوان أمرا عاديا في صحافتنا وأدبيات تعاملنا ويكون ضمن القيم الحياتية التي تحكم حياتنا ونربي عليها ابناءنا؟؟ قبل سنوات استقال وزير في حزب المحافظين من منصبه لأنه كتب رسالة صغيرة لرئيس لجنة تحقيق يذكر له فيها امكان تقديم النصح له أوشيئ من ذلك.وقد اعتبر هذا الموقف من الوزير عملا غير مناسب يقدح في سلوكه وأخلاقه مما يقتضي خلقيا وسلوكيا استقالته مع أن هذا الوزير لفرط ذكائه ونشاطه وقدراته يطلق عليه"ذو الرأسين" نحن نقرأ دائما عن وزراء استقالوا من وزاراتهم لضعف أدائهم وقلة انتاجهم وانجازهم أو فشل المؤسسة التي يديرونها فقد استقال"بيل كينول"رئيس حزب العمال البريطاني عندما لم يحقق حزبه تحت رئاسته أغلبية في الانتخابات ، واستقال وزير في المانيا لأن أحد موظفي مكتبه كان يتجسس لحساب دولة أجنبية اوربية كما استقال وزراء في كوريا واليابان لاتهامهم بالفساد وبعضهم ينتحر اذا ما أخفق أو اتهم بالخيانة وهؤلاء في بلادنا يكونون وزراء وحكاما. أما عن مديري البنوك الذين تحدث الاختلاسات والأخطاء أثناء ادارتهم فهذا كثير فقد استقال مدير أحد البنوك لأن مديرا صغيرا في قرية نائية وفرع للبنك قدم تسهيلات مالية بطريقة ملتوية لسيدة تملك مطعما في تلك القريية. لما ذا تقدم لنا دول الكفر الأنموذج الإسلامي الأمثل في تحمل المسؤولية وأخلاقيات العمل؟؟متى سمع الناس أن مسؤولا استقال لأنه أخفق في ادارته أوفي فشل المشروع الذي كلف به ؟؟ لما ذا لا نجد في عالمنا العربي والاسلامي والسوداني بخاصة من يطلب منه تولي وزارة أو ولاية أومحافظة أومؤسسة فيعتذر لأنه ضعيف أو غير متخصص ولأنها أمانة وأنها يوم القيامة خزي وندامة؟ كم من أخطاء ارتكبت وكم من اخفاقات توالت وكم من بنوك نهبت ومؤسسات أفلست وجرائم ارتكبت وأموال نهبت وهربت لسوء الادارة أو الخيانة أو التسيب ثم لم يحاسب أحد ولم يستقيل أويقال؟ بل قد يؤخذ المسؤول لمواقع أخرى ليتكرر الاخفاق وتضيع الحقوق والمسؤول المعصوم لايحاسب ولايسأله احد فضلا عن أن يبعد أو يقدم لمحاكمة؟ كم من مسؤول يختلف مع عالم جليل متخصص خبير فيضحى بالعالم والخبرة والمشروع ويبقى المسؤول الذي ارتد الى الأمية منذ سنوات. لماذا يتحدث الغرب –الذي نصفه بضعف الأخلاق- عن علاقة قديمة لمسؤول بفتاة أو سكرتيرة ثم يقدح ذلك في سلوكه وعدم أهليته للمنصب؟ لماذا يكون للبعض علاقات مشبوهة بل معروفة وانتماءات عالمية وضد أوطانهم ومع ذلك يبقون في مناصبهم؟بل قد يصلون الى مناصب حساسة في الدولة؟ إن الشخص الوحيد الذي يطلب منه أن يستقيل أويقال هو مدرب كرة القدم الذي يكون بنفسه ضحية تدخلات الإداريين في عمله أوبسبب الهزائم المتوالية لفريقه نتيجة فقدان اللاعبين للياقتهم أو فشلهم في استيعاب خططه أو لأنهم لايحسنون الكرة الحديثة الشاملة أو لأنهم غير متعلمين أوغيرذلك لماذا مدرب كرة القدم وحده؟؟أم أن هذه هي المساحة المسموح فيها بممارسة النقد والمحاسبة والجرح والتعديل؟؟ أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس ؟ إضافة الى ذلك فإن أمتنا مصابة بضعف الذاكرة فكثير من الأمور تمر عليه حيث تسخن القضايا ويكثر الكلام فتشكل اللجان لتهدئ اللعبة وتميت كل شيئ. ولأن المسؤول الكبيرلاسلطان لأحد عليه لايستقيل ولايقال فإن الذين يعملون معه يشعرون بالأمن والأمان فهم تحت مظلة لاتقتلعها الأعاصير ولا تزحزحها الزلازل ولاتؤثر فيها الكوارث فالأمة أمة احتساب تؤمن با لقضاء وتستسلم للقدر وترضى بالمكتوب ولاتفر من قدر الله الى قدر الله لأن قدرا واحدا يكفيها وكان الله قد جردها من الإرادة بعد ان جعلها جزءا من طبيعة خلقه. يضرب لنا الغرب أمثلة في انواع من الاستقالات لأناس أحسوا بأن عمرهم الافتراضي قد انتهى ولم يبق في جعبتهم ما يخرجونه وفي رؤوسهم ما يقدمونه فآثروا ترك اماكنهم لآخرين لهم عطاء جديد ورؤية متقدمة وأفكار جديدة ونشاط لم يستنفذ كما أنهم خافوا أن يمل الناس وجوههم ويكرهوا رؤيتهم بعد ان حفظوا مفردات قواميسهم وسئموا سماجة احاديثم وحفظوا أخطاهم اللغوية والتعبيرية والفكرية. إننا في حاجة الى تأصيل فضيلة الاستخلاف في المناصب باعتبار المسؤول خادما وأجيرا كما قال" ابو مسلم الخولاني "لسيدنا "معاوية" –رضي الله عنه-"إنما أنت أجير استأجرك رب هذه الغنم فإن أنتهنأت جرباها وداويت مرضاها كا فاك وإلا عاقبك" إن هذه قيمة حياتية من القيم التي تفقدها أمتنا وتعطلها كأنها لم ترد عليها ولم تجد القدوة فيها ولم تفكر ي وضعها في مناهجها وأدبيات حياتها فأهدرنا هذه القيمة التي يعطينا فيها الغرب غير المسلم دروسا كل يوم لعلنا نحس ونفهم ونعمل بما نفهم.