يتملكنا الإحباط ونحن نعيش بعيدا عن الوطن ، ونظل دائما في رحلة بحث مضنية عن لحظات أمل في عودة ظافرة إلى ارض الوطن ، غير أن الذي يحدث في السودان الآن يضاعف من الإحباط ، حيث تمسك بالسودان أزمات تجعل الأبواب مغلقة أمام المغتربين الحالمين بالعودة والاستقرار في الوطن ، والذين يتلمسون أية بارقة أمل تعيدهم الى الوطن في ظل ظروف اغتراب لم تعد كما كانت في سابق الأوان . وكانت الأماني قد أضحت عريضة أمام المغتربين عندما توصلت الحكومة والحركة الشعبية لاتفاق سلام ، تبين لاحقا انه لم يجلب سلاما ولم يبقَ الوطن واحدا.. وبعد الانفصال لم تمضِ القصة سلسلة إذ سرعان ما اشتعلت النيران بجنوب كردفان ، وقبل أن يُبحث للازمة عن حلول اشتعلت النيران في النيل الأزرق .. وهانحن نقف أمام نمور تتحرك من مرابطها في الشرق .. وهناك حركات التمرد بغرب السودان ، ودخول خليل إبراهيم محملا كما تقول الرواية بالذهب والدولارات والسلاح . ولهيب الأسعار لايتوقف ، ولاتوجد سياسات حكومية حقيقية للتعامل مع غول السوق ، حتى ان رئيس الجمهورية عمر البشير يرى ان سلاح المقاطعة لبعض السلع لفترات يمثل احد الحلول ، وهو ما يؤكد بأنه لا استراتيجية للحكومة لإخماد لهيب الأسعار ، حتى وان اكثر والي الخرطوم من الظهور الإعلامي وهو يقدم الوصفة تلو الأخرى لمحاصرة السوق السوداء، وحتى إذا كتب لولاية الخرطوم ان تنجح في بعض اهدافها ، هل السودان كله يختزل في العاصمة الخرطوم ، فهناك بعيدا من الخرطوم يشقى الناس ، ولايجدون حتى من يقول لهم ربما يوم غدٍ سيكون أفضل . وتتواصل الاحباطات حيث لم يفلح حزب المؤتمر الوطني حتى الآن في إيجاد معادلة سياسية توافقية ،يتم بموجبها تشكيل الحكومة ، فحزب الأمة له أجندته وحساباته للمشاركة وهو يدرك ان هذه أسوأ فترة يمر بها الحكم في السودان وهو ايضا لايريد ان يكون جزءً فيما تؤول إليه البلاد في الغد ، لذلك يقول عنه حزب المؤتمر الوطني انه متردد في المشاركة .. وكذلك الحال الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ، والذي بدوره يعاني أزمات التشظي الداخلي .. كل هذه العوامل تزيد من الإحباط في الشارع العام وفي أوساط المغتربين الحالمين بعودة ظافرة الى وطنهم .. وتتضاعف هذه الاحباطات عن أزمات أكبر وأخطر في ظل الأحاديث عن مؤامرات خارجية بمزيد من تقسيم السودان مصطفى محكر – صحيفة الصحافة