[email protected] جاء في الأنباء أن سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر الشقيقة أعلن عن تبرعه بمخصصات مدرب أجنبي وإقامة معسكر خارجي لمنتخب السودان دعماً له في نهائيات الأمم الأفريقية بالجابون وغينيا الاستوائية. لم استغرب أو أتعجب حين سمعت بالمبادرة لكونها تأتي من رجل عودنا دائماً على الوقوف بجانب أشقائه العرب ومساعدتهم في كافة المجالات. قطر وقفت مع حكومة وشعب السودان كثيراً وقدمت لنا دعماً لا يقدر بثمن على كافة الأصعدة وتجد مبادراتها منا كل التقدير والعرفان. نقل الخبر عن سمو الشيخ الذي سعد بتأهل منتخب السودان لنهائيات الأمم الأفريقية قوله بأن هذه المبادرة تعتبر شكلاً من أشكال رد الجميل للسودانيين لكونهم قادوا النهضة الرياضية بدولة قطر الشقيقة. شكراً أمير قطر وهي مبادرة تدلل على أصالة معدنكم وكرمكم الفياض. لكن وطالما أنكم أردتم رد الجميل للشعب السوداني الذي يبادلكم الحب والاحترام والتقدير، فإننا نطلب من سموكم تولي هذا الملف كاملاً. فلا يكفي يا سمو الأمير أن تطلبوا من السلطات المسئولة في السودان مدكم بطلباتها والتكاليف المحتملة للمدرب الأجنبي والمعسكر الخارجي. فربما يفوت عليكم في دولة قطر الشقيقة أننا نعاني حالياً من سوء الإدارة وإن قدمتم أي مساعدات مادية ودفعتم تكاليف المدرب والمعسكر كاملة فلن تحقق مبادرتكم الكريمة الأغراض المرجوة منها. صحيح أن السودانيين في فترات سابقة قادوا النهضة التي شهدتها العديد من بلدان منطقة الخليج العربي. وصحيح أن بعض أخوتنا السودانيين ما زالوا يقدمون خبراتهم ويتفانون في أداء أدوار هامة ببلدكم العامر حتى هذه اللحظة. لكن القائمون على أمر الكرة في سودان اليوم ليسوا كأولئك الذين أسهموا في النقلة الكبيرة التي حققتها بلدانكم يا سمو الأمير. هؤلاء يصرفون أموالاً طائلة في الأمور الإدارية وسفرهم وإقامتهم بأفخر الفنادق بشتى أنحاء العالم، لكن عندما يتعلق الأمر بدعم منتخب البلد أو الأندية يجأرون بالشكوى من قلة الفئران. لهذا نريدكم يا سمو أمير قطر الشقيقة أن تسندوا هذا الملف إلى مسئولين ببلدكم لكي ينسقوا مع اتحاد الكرة والوزارة المعنية في السودان من أجل التعاقد مع المدرب الأجنبي وتحديد وجهة المعسكر. هذا هو الأسلوب الأمثل والطريقة الوحيدة لكي يجني شعب السودان ثمار مبادرتكم الرائعة. أما إن طلبتم منهم تحديد التكاليف وحولتم لهم المبالغ المطلوبة فثق يا سمو الأمير أنها ستضيع هباءً منثوراً مثلما ضاعت الكثير جداً من موارد السودان الغني بثرواته دون أن يستفيد منها شعبه. هذه الإدارات السيئة سوف تسيء استخدام الأموال التي يمكن أن تسلموها لهم لتوفير المدرب ومعسكر الفريق. وفي النهاية قد ينتهي الأمر بالتعاقد مع مدرب تقل تكلفته بكثير عما يكتب في الورق ومعسكر في أرخص بلدان العالم، بعد أن يهدر الجزء الأكبر من الأموال فيما لا طائل من ورائه. يشعر المرء بغصة في الحلق يا سمو الأمير وهو يقول مثل هذا الكلام المر مرارة الحنظل، لكنها الحقيقة التي لا نستطيع أن نحجبها بغربال. وأي كلام غير هذا معناه ضياع موارد بلدكم فيما لا جدوى منه، مثلما ضاعت موارد بلدنا فيما لم ينتفع به أهلها. رتبوا لهم أمر المدرب يا سمو الأمير وادفعوا له رواتبه مباشرة واتفقوا معهم على وجهة المعسكر وسددوا الاحتياجات المالية بالمكان المتفق عليه مباشرة أيضاً ودون أي وسطاء من جانبنا. أقول ذلك رغم عدم اقتناعي على المستوى الشخصي بجدوى التعاقد مع مدربين أجانب كبار للاعبين يفتقر جلهم لمهارات كرة القدم الأساسية. وأرجو يا سمو الأمير قبل أن توفروا لهم المال اللازم أن تعلموهم كيف استفاد بلدكم من تجارب الآخرين وتعلم من دروس الماضي. قولوا لهم أن هذا البلد الصغير - الذي حقق طفرة هائلة خلال فترة زمنية قصيرة - انتهج الأساليب العلمية الحديثة ومنح الخبراء والمختصين مطلق الحرية لكي يقدموا عصارة تجاربهم ولهذا تحولت قطر إلى واحة غناء في زمن وجيز. أخبروهم بأن العشوائية والتخبط والارتجال والمحاباة والمجاملات في الشأن العام لا تصنع أوطاناً، بل تعود بهذه الأوطان إلى الوراء بسرعة الصاروخ. أفيدوهم بتجربة قطر المنطلقة إلى الأمام بخطى حثيثة واشرحوا لهم كيف تكون الغيرة على الأوطان، فبعضهم قد فاتتهم الكثير من دروس الوطنية. قولوا لهم كيف استفدتم من المواهب الصغيرة وسعيتم بجد واجتهاد لصقلها في مختلف مجالات الرياضة. علموهم أن المباني الجميلة والمنشآت الرياضية الفاخرة بدون إدارات مؤهلة وواعية لأدوارها لا تجدي نفعاً ولا تصنع بطولات. وفي كل الأحوال نشكركم مجدداً سمو الشيخ حمد على هذه المبادرة النبيلة كما نقدر تبرعكم السخي لإنشاء محطة كهرباء أبو حمد وخط سكة حديد نيالازالنجي. ونسأل الله أن يديم عليكم نعمه وأن يسدد خطاكم.