بما انني اؤوب لسودان العز على فترات متباعدة قررت كالعادة البحث عن الجديد في عالم الكتاب والقديم في مجال الغناء ، ذهبت لمحل بيع الصوتيات اطلب ما تعودته اذني من اغاني الزمن الجميل لأن الوجدان الفني للانسان يتكون في صباه وبواكير شبابه ، وكلما طلبت فنان معين كان صاحب المحل يجيب بالنفي وتصادف وجود شابات صغيرات سمعت احداهن تقول للاخرى (من الأمس) مشيره لبرنامج من الامس الذي يقدمه التلفزيون للاغاني القديمه ابيض واسود واحياناً ملونه والشعر آفرو والبنطلون (شارلستون) على موضة تلك الايام . كدت ان انفجر بالضحك من ذكاء الاشارة ، يالله ما اسرع ايقاع الزمن الذي جعلنا من ناس ( من الامس) . عندما اشاهد فرقة الاصدقاء التي كانت نديه ايام زمان ارى الآن (محمد نعيم سعد) و (مصطفى احمد خليفه ) قد علاهما الشيب ومن كانت تقدم برنامج الاطفال اصبحت الآن في منتصف العمر ، كل شئ يتغير عدا قادة الاحزاب ، نقد ، الصادق ، الميرغني ، الترابي ، وتذكرت قصيدة درسناها في المرحلة الاوليه تقول : عجلات التاريخ تجري سراعاً ..... وهى تطوى الازمان باعا فباعا اتمنى ان يستفيد الشباب من الوقت وان لا يدعوه يتسلل من بين اصابعهم ونعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحه والفراغ . وانتقل لموضوع آخر فقد استقبلت (مسقط) التي تعتبر من اجمل المدن العربيه نظافه وخضرة وانتظام في الوان المباني وتحتفي دائماً بالحدث الثقافي وتقيم المهرجانات وقد تم افتتاح دار الاوبرا الفخيم هذا الاسبوع ومعرض للبصريات وقد سعدنا بمشاركة الاستاذ الدكتور راشد دياب وزيارته لنادي الجاليه السودانيه تاريخ 11/10/2011 رغم مشغولياته وقدم لنا محاضرة غاية في الروعه عن الوطن والانتماء والاستلاب الثقافي واحترام ثقافة الآخر ومجهوداته هو وزملاءه لنشر مفاهيم الجمال البصري والاحباطات الكثيرة التي تصيبهم وكيف ان الفنان ( شبرين) اعتكف في منزله بعد ان بذل جهداً ضخماً لاقامة دار للفنون وبعد ان تم التصديق عليها تم انتزاعها تماماً مثل المدينه الرياضيه التي يقتطع منها كل يوم جزء . و حتى بنك السودان قدم له (الصلحي) خارطه توخى فيها الجمال بعد ان شجعه( شبرين) وراشد على ذلك ولكن تم رفضها . وقد تحدث عن الوان البنايات الشاذة بالخرطوم وعدم وجود قوانين ترعى ذلك او عدم تفعيلها ومن طرائف ما ذكره انه كان هناك سورشاذ وكان عندما بكون معه الفنان الصلحي فقد كان الاخير يضع يديه على عينيه الى ان يعبر ذلك السور لانه لايستطيع احتمال منظره . و المحاضرة خفيفة الظل مليئه بالقفشات التي يطلقها الاستاذ وبلغة بسيطه. الفنان الكبير( راشد دياب) الذي اغترب اكثر من عشرين عاماً في (اسبانيا) ونال درجة الدكتوراة وكان استاذاً جامعياَ ترك كل هذا المجد ليخوض في غبار السودان لانه يشعر انه صاحب رساله وهو منحاز للغة العربيه ويصر على عدم استخدام أي كلمة اجنبيه وهو سفيرنا لعالم الثقافه وشاهدت في التلفزيون كيف تم الاحتفاء به وبلوحاته في النمسا في اسبوع اقامه السودان . ان هذا العملاق يستحق ان يحتفى به في بلاده وان يسهلوا له طريقه هو وزملاءه ونتمنى ان يوفقه الله ويمتعه بالصحة والعافيه . ان منزل د.راشد حوله لمعرض للشباب لعرض لوحاتهم واقول لاخواني التجار هل ادلكم على ربح مضمون ؟ اذهبوا واشتروا لوحات الشباب هذه تشجيعاً لهم وتاجروا بها في مجمعات السودانيين في المغترب واضمن لكم الربح . ان طول مدة الاغتراب يجعل البعض يحتاج لجرعه تنشيطيه وطنيه ووجود اللوحه له مفعول اكيد . اعز مكان وطني السودان وطيره صوادح وروضه جنان عصمت عبدالجبار التربي سلطنة عمان ismat Alturabi [[email protected]]