القرية (21) في حلفاالجديدة هي لمن لايعرفها من الجيل الجديد جزء من قرية (دغيم) التي كانت تسترخي على ضفاف النيل في وادي حلفا قبل أن يتعرض سكانها لموجة التهجير القسري ..فكانت هذه القرية تتكأ على جدار من النغم الحنون ثم تصحو وتنوم على وسادات من الفرح الجميل..أما قرى (20) و(26) و(24)فكانت تقع قبل الرحيل في منطقه ارض الحجر حيث لا تمتلك هذه المنطقة أي نوع من انواع الجمال لأنها كانت تنوم على سفوح الجبال!! كان بين قريه دغيم وقرى أرض الحجر فاصل من الجدار الحديدي ذالك لأن الاولى إرتوت من نبع الحضارات وتشبعت بروح الثقافه العصرية وبنت لنفسها قصور من المجد بينما الثانية افتقرت لكل مقومات الحياة العصرية فتجلت تلك الصور المغايرة من خلال الاحداث الاخيرة التي شهدتها منطقة حلفاالجديدة والتي كادت أن تزهق بأرواح بعض الابرياء . الصراع بين الجانبين كان حامياً لأنه إشتعل بين ظالم ومظلوم وسيظل هذا الصراع يتوقد مع مرور الايام ما دام الظالم يستمد قوتة من فوق تلال السلطة فيلوي عنق الحقيقة لاسيما فإن الظالم لايعترف بأي سلوكيات تتسم بالمعايير الحضارية..ولكي نكون أكثر وضوحا فإن التآريخ سطر في صفحاته أن سكان القرية(21)ومنذ الأزل أتسموا بقدر كبير من الصلابة والمواقف البطولية ففاحت من ارضها أريج النضال وعلى ثراها إشتعلت اوار الثورة الاولى إحتجاجاً على مبدأ التهجير القسري..فكانت تلك الشرارة التي توقدت جمراتها في عام1960 في وادي حلفا كانت بمثابة النواة الاولى لثورة اكتوبرالتي اجتاحت أرجاء الوطن واقتلعت جذور الطغاة هذه المنطقة التي نحن بصددها الان هي التي أنجبت افذاذ الرجال ودهاقنة السياسة والصحافة والاقتصاد مثل المرحوم محمدنورالدين والمرحوم محمدتوفيق وغيرهم من الذين رحلوا عن الدنيا والذين ما زالوا على قيد الحياة حيث رسموا في صفحات التاريخ حروف تنضح بالكفاح المستمر وفي دنيا الاقتصاد انجبت هذه القرية رموز من البشر مثل محمدعلي عباس وعبدالمجيدالقاضي تغمدهم الله بواسع رحمته. اما أرض الحجر فإنها منطقة خلت من كل معاني التضحية والايثار لأنها كانت ترقد فوق أرض مقفرة واشتهرت هذه المنطقة ومنذ الازل بزراعة نوع من النبات اسمه (القمشة)فراج تبغها في شكل لفافات من (الدخان)يتعاطونه بساط القوم ودأبت قلة من أبناء هذه المنطقة على امتطاء صهوة الجياد الخاسرة ليجوبوا بها الفيافي ويقتاتوا من فتاتها وهم دأبوا أيضا على التواري خلف جدار الظلام فلا تسمع لهم صوتاً الاحينما تغيب شمس(الحرية)عن سماء الوطن فيصارعون وسط هذا الظلام بسيوفهم المبتورة وبرماحهم التي لاتقوى على الصمود!! إن الاحداث الاخيرة في حلفاالجديدة اكدت أن هناك بشر لاتراهم إلا في أتون الظلام فهم يركضون خلف السراب ويسبحون في الفضاء ولاترتوي بطونهم الا من المياة الأسنة ثم يقفزون نحو السماء بغية اصطياد النجوم من مرافيها البعيدة..وقد أيقن الجميع ان تلك الصراعات التي نشبت من أجل الاستحواذ على مشاريع اقتصاديه تكمن في(الغاز)والهيمنة على تسويق (السكر)ماهي الا تعبير لما تجيش به صدورهم من غلٍ وجشع فكانوا يهرولون من اجل الكسب الرخيص على حساب الاخرين!! كان الاحرى من هذه (الفئة)من ابناء المنطقة وبحكم موقعها الدستوري والتشريعي أن تساهم في إنقاذ منطقة حلفاالجديدة من كبوتها ويزيلوا عنها الغبن من اجل إعادة عافيتها التي انتهت بسبب بعض السياسات الرعناء حيث ان هذه المنطقة ومنذ سنوات طويلة بدأت تشكو من علل كثيرة فأصبحت مثل أمرأة حبلى في شهرها الاخير تعاني من الوهن الشديد ففقدت الكثير من عافيتها التي كانت تتمثل في مشاريعها الانتاجية مثل المطاحن والمشروع الزراعي مما دعا السكان الى النزوح لمرافئ بعيدة بحثاً عن مصادر للرزق فقطنوا في أطراف(العاصمة)يحتسون من كؤوس (الذل)و(الحرمان ) ولاغروه أن السبب الرئيسي في وقوع هذه المآسي يعود لأبناء المنطقة من فئة (الانتهازيين) والذين بالطبع حالفوا الشيطان فأوقعهم ابليس في حبائله أحمددهب السعوديه-جده