يوم الجمعة الماضي اضطرتني ظروف ما للسفر الي قلب الجزيرة وارض المحنة ونحن عائدين منها عند منتصف النهار ادركتنا صلاة الجمعة عند قرية من قرى الولاية التي ترقد على ضفة النيل الازرق امنة مطمئنة وبعد اداء الصلاة وقف احدهم امام المصلين وتحدث عن فضل الاضحية واهميتها الدينية وانها تجب مع الاستطاعة وحذر من ان يتغلب المظهر الاجتماعي على الشعيرة التعبدية ثم طلب من الذين يضحون ان يجمعوا جلود ضحاياهم عند فلان (ذكر الاسم كاملا) للانتفاع بثمنها في المراقف العامة مذكرا بان المدارس محتاجة لصيانة وكذا الشفخانة ووابور المياه واختتم خطبته بالقول ان بيع جزء من الاضحية يعتبر مخالفة للشرع كما ان ترك الجلد للكلاب ايضا مخالف للشرع لانه يضيع مصلحة مؤكدة بمجرد ان انتهى صاحبنا اعلاه من خطبته قام اخر وبعد ان امن على كلام من سبقه قال للمصلين ان جماعة نداء الجهاد بالولاية طلبت هي الاخرى جلود الاضاحي هذا العام لان البلد كما تعلمون مازالت في حالة حرب ولم ينسى ان يذكر المصلين بدخول الجيش الوطني في الكرمك مساء امس استطرد قليلا في اهمية الكرمك الاستراتجية وكيف ان تحريرها بعد 18 عاما من الاحتلال يعني نهاية الحركة الشعبية في تلك الولاية ذات المكانة الاستراتيجية واختتم كلمته بضرورة التوفيق بين حاجة القرية للجلود وضرورة عدم تخلف القرية عن الواجب الوطني المقدس قبل ان يكمل هذا الاخير كلامه كان قد وقف الي جانبه رجل مسن وبدا كانه يريد من المتكلم ان يفرغ من كلامه ليجد هو فرصته ليس لانه يجد صعوبة في الوقوف والانتظار انما كان يشعر باهمية كلامه وبالفعل بمجرد انتهاء الرجل من كلامه تحدث للحضور دون ان يقترب من المايكروفون الذي كان متاحا له الي ان نبهه الناس الي المايكروفون وبلغة دارجية مبسطة قال للحضور ان جلود الاضاحي اهلها المساكين في القرية لان الجهات الاخرى التي ذكرها غيره يمكن ان تتدبر امرها وان السنة ان يتصدق بثلث الاضحية للفقراء ولكن الناس تركت هذة السنة واصبحوا (يرقدون بضحيتهم كلها .الناس اعوذ بالله بقت جحمانة وكمان جات التلاجات وخربت كل شئ دحين من فضلكم ادوا الجلود للمساكين) هكذا اختتم مداخلته بهدؤ شديد استلم الامام المايكرفون وقال للحضور في كل الاحوال اجمعوا الجلود عن الشخص المذكور وبعد ذلك سوف ينظرون في كيفية تقسيمها للجهات التي تطلبها وحتى المساكين من الاحسن من ان يعطوا من (الكوم) لان الجزارين سوف يشترونها منهم برماد القروش وتفرق الجميع في هدؤ اصدقكم القول انني مازلت منتشيا وسعيدا بديمقراطية هذة القرية التي اثبتت لي ان هذا السودان به من الخير وسلامة الفطرة ورجاحة العقل وحسن التدبر مايفوق تصور وخيال وقدرات سياسيه واعلامييه ومدعي العلم فيه abdalltef albony [[email protected]]