جاء في الزميلة (آخر لحظة ) في عددها 1943 الصادر أمس، أن منطقة أبو جبيهة، بولاية جنوب كردفان، يعاني مواطنوها وحيواناتهم من العطش الشديد، ويتعذب من هذه الكارثة 75% من سكان المنطقة..! فمنطقة أبي جبيهة، أحدى المناطق المنتجة، زراعياً وحيوانياً، وتسهم بحجم مقدر في الناتج القومي للبلاد، فكيف يا والي جنوب كردفان، أن تعاني منطقة كهذه في ولايتك من العطش؟ نعم لايجد رعاياك هناك الماء لا لهم ولا لحيواناتهم.. فالماء، أحد أهم ركائز شراكة الإنسان لأخيه الإنسان على وجه الأرض.. فالناس شركاء، كما تعلم، في الماء والكلأ والنار.. فهي الرمزية التي لا يجب أن تختل أبدا. فأنعدام الخدمات الضروية للإنسان، حتماً، تقوده إلى اليأس والاحباط، وأن وتراكمهما، سينفجر يوماً ما، في شكل تعبير جارف يصعب وقفه.. فالعطش الذي يعانيه أنسان أبي جبيهة، ليس هو جفاف في الحلق، بل يتفاقم، ليجفف مشاعر الإحساس بالمواطنة.. إنه يصيب أفئدتهم بالتيبس المعنوي و(ينشف) قنوات التواصل مع الدولة.. فالإنسان هناك، لا يلام، إذا أحسّ بأنه مهمل، من قبل الوالي والدولة.. لا يلام، إذا أدرك، بأن لا قيمة لحياته في ميزان الحكومة، أي أنه غير مفيد، لذا تركته وحيواناته، لنيران الظمأ لتحرقه عطشاً حتى يزفر آخر أنفاسه، وهو يحلم بيد الدولة تمدّ له جرعة ماء ولكن هيهات..! فالإنسان هناك، وهو أمام غول العطش وحده، يجتاحه أحساس عنيف، بأنه ملفوظ من دولته تماماً ورمت به إلى وحش العطش.. دفعته دفعاً إلى معاناة البحث وجلب المياه.. ناهيك عن الجفاف، الذي ضرب جيبوهم، فخوت من الدفع، مقابل الحصول على المياه بأثمان باهظة. فولاية جنوب كردفان، غنية بمواردها المتنوعة، ما ظهر منها وبطن.. فهل يعقل أن يعاني إنسان كردفان (أم خيراً جوة وبرة) من العطش.. كردفان التي يعمّ خيرها السودان أجمعه، سواء كان إنتاجها الزراعي المتنوع أو الحيواني المختلف . فأين والي جنوب كردفان من هذه المشكلة الخطيرة؟ فالإنسان هناك، لم يعدّ تهمه السياسة وخباياها كثيراً، بقدر ما يهمه ما يحتاجه يومياً، من خدمات، خاصة الماء.. ففقدانه لها ، نتيجته كارثية كما تعلمون.. فأنت يا أحمد هارون مسؤول أمام الله عما أصاب أهل أبي جبيهة من عطش.. فعليك الاضطلاع بمسؤوليتك أمامه كاملة. M. Sharafeldin [[email protected]]