مجلس السيادةينفي ما يتم تداوله حول مراجعة الجنسية السودانية    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المأساة تزداد سوءاً...!!
نشر في الراكوبة يوم 11 - 04 - 2012

الحرب كارثة إنسانية وحيوانية وبيئية خطيرة لا يشجع عليها أحد، بل هى مأساة ترفضها جميع المجتمعات، فهى السبب الرئيسى فى تفشى ثالوث أعداء البشرية الفقر والجهل والمرض، والآن يجد (32) ألف من المتأثرين بأحداث تلودى الأخيرة أنفسهم نازحين، (10) آلاف منهم بأبى جبيهة وأكثر من (ألفين) بكالوقى وحوالى (20) ألف بالليرى، فيما شق آخرون طريقهم لولايات السودان المختلفة، إلا أن آخرين ما زالوا صامدين بتلودى رغم ما تهدم من مساكن وما دمر من مرافق ومؤسسات تنموية وخدمية، والواقع يقول ان عشرات المواطنين العزل سقطوا شهداء بأم دوال و تلودى ومفلوع، وعشرات الرعاة وآلاف الرؤوس من الثروة الحيوانية تهددها الحرب والظروف الطبيعية بالإنقراض، فما بين تلودى والليرى وبالعكس الكثير من الأسئلة تبحث عن إجابات !
تلودى كما تبدو
شتان ما بين مدينة تلودى التى شاهدتها آخر مرة إبان زيارة نائب رئيس الجمهورية الدكتورالحاج آدم الأخيرة، وتلودى عقب هجمات التمرد قبل أكثر من إسبوع ، فقد هجرها أكثر من (32) ألف من سكانها ، وتبدو فى مظهرها أقرب إلى منطقة ثكنات عسكرية ، إلا من بعض المحلات التجارية التى تفتح أبوابها بإستحياء ويتملكها الخوف والرعب جراء التدوين العشوائى من قبل قوات التمرد والذى قضى على بعضها ومساكن لمواطنين ومؤسسات خدمية وتنموية لم تسلم منها حتى كهرباء تلودى ، فيما نفر من ستات الشاى هنا وهناك لم يجدن غير مواساة أفراد من الأجهزة الرسمية ونفر قليل جدا من المدنيين فيما إلتزم ما تبقى منهم قرابة (ألفين) مساكنهم خوفا ورعبا ،إلا أنهم متمسكون بهذه الأرض التى ورثوها عن أجدادهم، فى هذه الأثناء حل ركب والى جنوب كردفان ومن قبله كانت أجهزة الحكومة السياسية والتنفيذية ، فيما توالت تباعا بقية المؤسسات الحكومية لتفتح أبوابها وتزاول تقديم خدماتها للمواطنين فكان البنك الزراعى على رأسها ويقول مديره الخير آدم حارن أول طلقة فى الإعتداء كانت على البنك ولكننا جزء من هذا المجتمع وسوف نباشر عملنا بإستمرار لتلبية حاجة المواطنين ،ولكن الكثير من الأسئلة ظلت تدور وتبحث عن إجابات لماذا ظل الإنسان فى جنوب كردفان هكذا يدفع تكاليف الفواتير لأجندات وأهواء وطموحات الآخرين؟ من المستفيد من هذه الحرب التى قادته إلى هذه الظروف والمأساة الإنسانية ؟.
النزوح جنوبا
فى الطريق من تلودى إلى الليرى (50) كيلو جنوبا ،بدأت الكثير من الأسئلة تلوح فى الذاكرة كيف وصلت هذه الأسر التى فرت من جحيم الحرب وويلات التدوين إلى الليرى وغيرها قاطعة كل هذه المسافة ،إلا أن أبعاد المأساة بدأت تتكشف لدينا شيئا فشيئا ،أسر تهم بمغادرة تلودى وأخرى عادت أدراجها عائدة إلى مساكنها بعد أن إحتضنتهم ظلال الغابات متخذين من سفوح الجبال والمرتفعات ملجأ لليال، عانت خلالها المرض والجوع والعطش والخوف والرعب من ما تخفيه الأرض من ألغام ولسعات الثعابين وآفات وحرارة الشمس المرتفعة لأكثر من (40) درجة مئوية ، إلا أن الطبيعة نفسها قد أصابها القحط فانعدم فيها الماء والكلأ بسبب الحرب الدائرة والحرق والقطع الجائر للغابات من قبل الرعاة ، فبينما نحن نسير فى الطريق قاصدين مدينة الليرى عبر الطريق الذى يربط مابين تلودى وتنجا فى أعالى النيل بطول (153) كيلو متر منها (103) حتى حدود السودان عند العرايش ، فالطريق أحد مشروعات الوحدة الجاذبة فى مرحلة الأسفلت فيما تمت سفلتة جزء منه بداخل دولة جنوب السودان ،ولكن السؤال الذى يطرح نفسه لماذا إتجه هؤلاء جنوبا ؟،يقول ياسر كباشى مستشار والى جنوب كردفان ان لأهل تلودى ارتباط بالليرى وهم أهل بعض وهى كذلك منفذ آمن ،وقد ظلت عصية على التمرد بقوة وعزيمة أهلها وفى ذات الوقت محصنة إستراتيجيا ،فدخول التمرد إلى الليرى يعنى الإنتحار ،فيما يعتقد آخرون أن الليرى نفسها لا تشكل ذات قيمة إضافية للتمرد ،ولذلك وضع نصب عينيه على تلودى (50) ك شمالا لوضعها الإستراتيجى وأهميتها ودلالتها الرمزية .
إرتفاع فى الأسعار
فما أن وصلنا الليرى السرف إلا وبانت ملامح المأساة لنا أكثر فأكثر إحدى صور المعاناة رسمها لنا الباحث الإجتماعى مختار عن فزع ورعب وحالة نفسية سيئة علقت فى ذهنية الأطفال والنساء خاصة الحوامل فى ظل الحاجة وعدم وجود النقود وقد قالتها حوة إحدى النازحات لا يوجد لدينا حتى قروش البسكويت للأطفال ، نحن نعتمد على الزراعة ولم نزرع طيلة الموسم الماضى وقد نفذ كل ما نملكه من مدخرات ! فحال حوة حال الكثيرين من أهل جنوب كردفان ، كما شكا جار النبى قمر معاشى بالأكاديمية العسكرية جاء ليعيش وسط أهله بأم كوارو إحدى المناطق العريقة منذ 1906 وقد ساهم سكانها فى قتل أبو رفاسة ، قال جار النبى إن أهل الولاية يعيشون ظروفا إقتصادية سيئة جدا ، مشيرا الى أن الحكومة بآلياتها قد وفرت لهم الغذاء وهو من الضروريات والأولويات ولكنه يقول أليس لكل شخص حاجياته الخاصة ؟، فى ظل إرتفاع الأسعار فى السوق مما ألقى بظلال سالبة على السكان الأصليين أنفسهم، فجوال السكر (210) جنيه وكيلة البصل (32) جنيه وجوال الذرة (210) جنيه وكيلو اللحم (20 - 30) جنيه والسبب الأساسى لإرتفاع أسعار اللحوم كما قال الأهالى التنقيب عن الذهب حيث يباع كيلو اللحم هناك ب(40) جنيه ،وإرتفع سعر جالون البنزين من (16 الى 17) جنيه وجالون الجازولين من (15 الى 22) جنيه ولازال إرتفاع الأسعار يتصاعد شيئا فشيئا وربما تبلغ الأزمة مداها نهاية الإسبوع الجارى إن لم توضع له المعالجات اللازمة .
أسر كويمات كويمات
فى الليرى غرب لا تخطئ العين منظر الأسر كويمات هنا وهناك تتفيأ ظلال الأشجار الظليلة والمنتشرة بكثرة والتى يعود تاريخها لزمن بعيد لتقيها من حرارة الشمس، أول لقاء ل الصحافة كان مع صديق ،أحمد ،على ومحمد وآخرين طلاب بمدارس الأساس بتلودى ،وفي اجابتهم على السؤال: لماذا أنتم هنا ؟ منهم من هز كتفيه فى إشارة إلى أنه لا يعلم وآخر قد توارى خجلا وثالث راح يسترجع ذاكرته ليقول ناس التمرد هجموا علينا فى تلودى وضربونا بالمدفعية وحرقوا بيوتنا ودايرين يقتلونا فهربنا ! وفجأة تجمع عدد كبير منهم ،وكل يحكى مأساته وطريقة وصوله من إستخدام دراجات هوائية ونارية وعربات الكارو وقلابات ولوارى ودفارات وهؤلاء المحظوظون جدا ،إلا أن هؤلاء الأطفال فيهم من تورمت قدماه وفيهم من سقط من الجوع والعطش ومنهم من سقط مغشيا عليه من الخوف والفزع من تدوين المدفعية التى هزت الجبال وإرتجفت منها الأرض ،قاطعين مسافة لا تقل عن (30) كيلو قبل أن يعثروا على وسيلة تقلهم ،وفيهم من حمل أخاه على كتفه هربا من جحيم الموت ،وقبل أن أغادرهم أسمعونى شيئا من القرآن ودروسا مدرسية يحفظونها ولسان حالهم يقول نحن جيل المستقبل جيل السلام والتسامح والتعايش السلمى .
أقتلوهم أبيدوهم
ولكن كيف الحال فى هذه المعسكرات المؤقتة ، تقول خديجة رحمة وندى وحاجة البشرى أسرة تربطها صلة الرحم ، نعانى نقصا فى مياه الشرب فى ظل إرتفاع درجة الحرارة ومشكلة فى المراحيض تنذر بكارثة بيئية خطيرة ونقصا فى معدات الإيواء من فرشات وغيرها ،اللجان صرفت لنا حصتنا من الغذاء كاملة ، وهذا ما سمعناه من كثير من المتأثرين مشيدين بالمواد الغذائية كما ونوعا بجانب توفر خدمات الصحة العلاجية، إلا أن عمنا شريف إدريس لفت إنتباهنا وهو يحتسى كوبا من الجبنة تحت ظل الشجرة بمزاج وبجواره أسرته وأحفاده وهو يرنو ببصره بعيدا ليجتر شريطا من الذكريات ،وكأنه يتساءل إلى متى يظل الحال هكذا ؟ عمنا شريف من أهالى أنقارتو الذين نزحوا منذ (10) أشهر إلى تلودى وهذا ما جعل أسرته تمارس حياتها بصورة تختلف عن سكان مدينة تلودى الذين نزحوا لأول مرة ،قالت كل من شندى سعيد ،حوة رمضان ،ليلى الفضل جينا كدارى من تلودى ولم نجد وسيلة إلا قلاب بعد أن قطعنا أكثر من (30) كيلو متر شوف العيال ديل كرعينهم إتورمت ولا زال التعب يبدو عليهم ، إلا أن شندى قالت وبغضب شديد ما شاهدناه وعانيناه من مأساة نطالب الحكومة بسحق المتمردين بمفلوع وأم دوال وفتح طريق (كادقلى - تلودى) بطول (82) كيلو ،إلا أن أقوى درجات الغضب وجدناها عند نفر من أهالى أم دوال ومفلوع حيث لا زالت صدمة الموت وفاجعة مقتل أكثر من (50) شخصا منهم تموج بدواخلهم ، يقول هؤلاء أضربوا التمرد أقتلوهم وأبيدوهم قبل أن يبيدوننا ، ولكن ديل عيالكم !،قالوا هؤلاء ليسوا منا ولا عيالنا ديل أعداءنا ،عايزين يقتلوننا ويدمروا حياتنا ومستقبل أبناءنا ،وعادت حوة والتومة وأخريات ليقلن نحن على إستعداد للرجوع الى تلودى الآن إن إتسعت الرقعة الأمنية، وأضافت التومة (أنا جيت مريضة ودخلت المستشفى فى الليرى بملاريا وأخذت العلاج اللازم والآن الحمدلله كويسة).
نقص المياه والمرافق
المدارس أصبحت مقرا مؤقتا للنازحين تفتقر لمزيد من المراحيض والمياه ،وقد أصبحت عاجزة لأن تلبى حاجة العدد الكبير من النازحين ،ولكن ما هو الجهد الأهلى والشعبى والرسمى ،يقول صباحى كمال الدين صباحى مستشار والى جنوب كردفان ونائب رئيس المؤتمر الوطنى للشؤون التنظيمية والسياسية أن حزبه بالولاية دفع بفعالياته السياسية وعضويته سيما أهل الليرى وأبو جبيهة وكالوقى لإستقبال النازحين ، فيما يقول عبدالله عبد الدافع عبدالله رئيس اللجنة الأهلية بالليرى بدأ العدد ب(300) شخص لجأوا إلى أهاليهم ،إلا أن الأهالى أبدوا حماسا ومروءة فتكونت لجنة لهذا الغرض دفع لها المواطنون من حر أموالهم وقدموا دعما كاملا للمتأثرين قبل أن يصل الجهد الحكومى، إلا أن الأعداد تزايدت إلى (20) ألف شخص مما أدى لانخفاض فى المعينات الغذائية وشح فى المياه بالمنطقة التى يبلغ سكانها (38) ألف شخص فضلا عن (15) ألف من العاملين بمواقع التنقيب عن الذهب ،بالإضافة للرعاة النازحين من الجنوب بجانب المتأثرين بأحداث تلودى ، ويتضح ذلك جليا من خلال جولة بسوق الليرى المتواضع، إلا أن أحمد محمد الجندى ممثل الطوارئ فى جمعية الهلال الأحمر بجنوب كردفان يؤكد إستقرار الحالة الصحية لكل المتأثرين من أحداث تلودى فى كافة أماكن إستضافتهم المؤقتة والطارئة بكل من أبوجبيهة وكالوقى والليرى ، مشيرا لوجود عدد من الكوادر الطبية مؤهلة ومدربة و(ثلاث) عيادات متحركة فى كل من أم كوارع ،الليرى شرق وغرب فضلا عن مستشفى الليرى غرب ومركز صحى بشرق ،وأتيام مكتملة بكل من أبو جبيهة وكالوقى ،قائلا إن كل الأحوال عادية وتحت السيطرة تماما ولا وجود لحالات مزعجة ، مؤكدا أن الهلال الأحمر قد وضع كل إمكانياته وكوادره المجتمعية فى حالة تأهب للتدخل السريع لإحتواء أى طوارئ أو كوارث بالتعاون مع الجهات ذات الصلة .
معالجات آنية ومستديمة
ولكن هل من حلول أو معالجات لهذا الظرف الطارئ ؟، يقول هارون محمد عبدالله مفوض العون الإنسانى بجنوب كردفان ان هناك إستقراراً للأوضاع الإنسانية الغذائية والصحية بكل أرجاء الولاية ، وقال ل(الصحافة) إن المفوضية الولائية وبالتعاون مع المفوضية الإتحادية والهلال الأحمر السودانى ومنظمة مبادرون وبان كير الوطنية والجهات الحكومية ذات الصلة والأهلية قد أكملت إستعداداتها وجاهزيتها لكافة التدخلات الإنسانية بالولاية لمدة (سبعة أشهر ) إبتداءً من أبريل الجارى، مؤكدا توزيع معينات غذائية بواقع جوال ذرة وجالون زيت وجوال عدس لكل (20) شخصاً لمدة (عشرة) أيام وتجهيز (2) تانكر لسد نقص المياه بالليرى وحل مشكلة المرافق الصحية وسد النقص فى بعض معينات الإيواء وأدوات صنع الغذاء ،فيما كشف هارون عن كميات من المعينات الإنسانية فى منطقة أبوجبيهة وكالوقى ولا توجد أى مشكلة ، إلا أن الشيخ آدم الخليل نائب رئيس اللجنة العليا للشؤون الإجتماعية بالولاية ورئيس المجلس الأعلى للإرشاد والتوجيه ، كشف ل(الصحافة) عن تكوين (5) لجان فرعية بالليرى للغذاء والمأوى ،الصحة وصحة البيئة ،المياه ،الحصر والعودة الطوعية ،أمن التجمعات من الهلال الأحمر والعون الإنسانى ومبادرون وبان كير وبعض المنظمات الوطنية والجهات الأهلية والشعبية والرسمية ذات الصلة والإختصاص ،إذا ما هو الموقف الآن ؟ يقول الشيخ هناك (19217) شخص بالليرى فى (15) موقعا ،(10) آلاف بأبى جبيهة ،(2821) كالوقى بجانب عدد كبير من النازحين لجأوا مباشرة لأهاليهم ،فضلا عن (1321) شخصا لم يغادروا تلودى أصلا بالإضافة إلى أكثر من (350) شخصا عادوا إلى تلودى وهنالك لجنة تقوم بتقديم معينات غذائية لهم، فيما تم تقديم خدمات الصحة ل(1372) حالة إسهالات عادية وإلتهابات فى التنفس والجهاز البولى والملاريا بالليرى وكلها حالات عادية غير حرجة ،فيما أكد الشيخ أن النازحين تسلموا معيناتهم لمدة (10) أيام ، مؤكدا جاهزية اللجنة لتقديم معينات إضافية إذا لم تتوفر أسباب عودة المواطنين لمناطقهم الأصلية .
نفوق الأبقار
ولم نبارح مأساة النازحين وإلا قد بدأت تتكشف كارثة كبرى قد تقضى بإنقراض عدد كبير من الثروة الحيوانية ،إنها أزمة مياه طاحنة وإنعدام فى الكلأ والحرب مشتعلة ،ولا ينقطع بصرنا عن مجموعات من الرحل قاصدة الليرى لتزداد الأزمة والمأساة سوءا ، موسى محمد آدم وهارون وعمر وإسماعيل وآخرون كثر من الرعاة وجدناهم بحفير أبو قر جنوب تلودى وأكثر من (40) من الأبقار بجانب عدد من الضأن قد لقيت حتفها تماما والحفير نفسه يلفظ أنفاسه الأخيرة فيما شاهدنا عطش بعض الأبقار وهى تلفظ أنفاسها الأخيرة بسبب نقص الماء ، ولم يكن حال أطفالهم ونسائهم بأحسن حال ولكن لأهمية البقر لديهم صبروا على أنفسهم ، يقول موسى هذه أول مرة أغادر تلودى منذ فترة الجفاف فى الثمانينيات من القرن الماضى ، وزاد موسى وقد بدأ يفقد هدوءه ولم يتمالك نفسه ،التمرد قتل أولادنا ونساءنا وسرق بقرنا بالقردود والحجيرات وتلودى بجانب العطش وإنعدام الكلأ ويصرخ وين الحكومة وين نلقى هارون ذاتو وين نلقى البشير ؟ ونحن نتساءل أين وزارة الثروة الحيوانية والبيطرة وناس المياه ،وأين العقول الراجحة ضد الحرب أوقفوا الحرب ! فقد قضت على النسل والحرث والإقتصاد والتنمية والخدمات .
بشريات تترى
الشيخ من جانبه أقر بنقص حاد فى خدمات المياه وإصحاح البيئة بسبب فاجعة النزوح والرحل ومناجم الذهب ،وكشف الشيخ عن جملة من المعالجات الطارئة والمستديمة تشمل تركيب (250) مرحاض وتجهيز (2) تانكر لتوفير مياه الشرب و(5) قربة كبيرة بسعة (20) برميل للمعالجة السريعة وبراميل و(93) مضخة مياه يدوية تعمل بالمنطقة على أن يتم الصيانة الفورية ل(50) مضخة و(13) فى وقت لاحق فيما تعمل الآن (30) فقط وبصورة جيدة ومنها (5) مضخات ذات إنتاجية عالية شرعنا فى تركيب طلمبات غاطسة لها ،بجانب (5) آبار دوانكى منها (2) بصورة جيدة وواحدة متوسطة الأداء و(2) يتم مراجعتها وقد إنتهى عمرها الإفتراضى ،فيما بشر نائب رئيس اللجنة المواطنين والرحل بحفر آبارا جديدة لزيادة المصادر لمقابلة الحاجة الملحة سيما مصادر مياه للرعاة ، بجانب الجهود التى تبذلها السلطات العسكرية والأمنية لحسم التمرد وإشاعة الأمن والإستقرار، ولكن من يستطيع إقناع هذه الأسر التى شرعت فى مغادرة المنطقة نهائيا صوب الولايات الأخرى ؟ فالمأساة قد تزداد سوءً إن لم تنجح اللجنة فى الوفاء بما تعهدت به حالا، وإن فشلت السلطات الأمنية فى توسيع الدائرة الأمنية ووضع حد لحالة الإستقرار ! وقد تتعقد الأمور أكثر إن إستمرت الحرب وتجاوزت الشهر الجارى وحالت الظروف دون أن يتمكن المواطنون من ممارسة نشاطهم الزراعى .
الصحافة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.