استنزاف مياه الآبار وإعادة تشغليها يعرضها للأشعة المسببة للسرطان الخرطوم: حيدر عبد الحفيظ بالرغم من أن الخرطوم تحظى بخاصية فريدة تؤمن لها الحصول على مياه عذب من النيل، أعذب الأنهر على مستوى العالم، إلا أن هيئة مياه الخرطوم تلجأ إلى بدائل أخرى غير مياه نهر النيل ورافديه (الأزرق والأبيض) لتأمين وفرة في مياه الشرب أيام الصيف الذي تشح فيه المياه، وتزداد قطوعاتها في كل عام، وتتمثل البدائل في الاتجاه إلى مياه الآبار، ولا يقتصر الاعتماد عليها في حي أو منطقة معينة في العاصمة، وإنما حتى في الأحياء المحاذية للنيل كما في مناطق; الكلاكلات والكدور واللاماب وغيرها. وتعد مياه الآبار مياه غير صالحة للشرب بشكل عام، إلا أن الجهات المسؤولة تقوم بعمل إجراءات معالجة تجعل منها مياه صالحة للشرب، لذا فإن كثير من المواطنين يتخوفون من أن تحتوي مياه الآبار الجوفية التي يشربونها على أملاح أو عناصر أخرى تضر بصحتهم. وذهب أكثر من تخمين للأهالي مفاده تسبب مياه الآبار في أمراض الكلى. الخبير والمهندس الجيولوجي دكتور محمد خليل، يرى أن مياه الآبار ليست خطرة للدرجة التي يتخوف منها المواطنون، فالجهات المسئولة تجعلها صالحة للشرب بعدة خطوات إجرائية كإضافة مواد التنقية التي من بينها إضافة مادة الكلور. لكن الخطورة بحسب خليل تكمن في أن التركيز على مياه الآبار بطول السنين يحدث استنزاف لمياه البئر، وبالتالي يدفع هذا الأمر المنتفعين منها إلى تعميق البئر حتى يختلط ماء البئر بطبقات الإشعاع الضارة، التي تسبب أمراض الفشل الكلوي والسرطان وغيرها من الأمراض. الخبير البيئي بهيئة المواصفات والمقاييس السودانية دكتور عمر عبد الله، يؤكد أن تلوث الآبار يرجع إلى ما يحتويه البئر من نسب تفوق معدلات المسموح به من عناصر ثقيلة وسامة، مثل الرصاص والزئبق والكالسيوم والزرنيخ، لكن هذه العناصر تخضع لقياس هيئة المياه في كل محطة تعمل بمياه الآبار. أما عن استنزاف الآبار فيؤكد عمر: "أن الأمر ليس بالسهل حتى يحدث تلوث، لأن العمر الافتراضي يكون معلوم للسلطات، سواء كان ل5 سنوات أو 100 سنة، وبعد العمر الافتراضي يكون البئر غير صالح للاستخدام الآدمي"، ولكن يبدو أن المناطق التي تشرب من مياه آبار جوفية بعيدة عن رقابة سلطات المياه، وربما ينتهي عمر البئر الافتراضي ويصل البئر إلى حد الاستنزاف الذي يختلط فيها بالإشعاعات دون أن يلقي الأهالي بالاً لذلك. وفي منطقة الكدرو- أم القري ببحري حيث توجد أشهر جامعتان، جامعة السودان وبها كلية هندسة البيئة وجامعة بحري، يتخوف سكان المنطقة الذين يشربون من مياه الآبار، حيث يميل طعمها للملوحة مع بروز طبقات من الأملاح على ال(مواسير) بصورة واضحة، لدرجة تجعل من يعملون في الجامعتين يعتمدون على المياه المعدنية المعبأة، أو بجلب مياه(النيل) العذبة من مناطق أخرى خوفاً من أن تتسبب تلك المياه في مخاطر صحية. ويُبيّن فني جيولوجي بجامعة السودان كمال الدين أحمد توم، أن مياه آبار الكدور أم القري خضعت بواسطة معهد المقبول لعلوم الأرض سابقاً، وكلية هندسة البيئة حالياً لدراسات جيولوجية وجيوفيزيائية وكيميائية، برأت ساحتها من التلوث وعدم الصلاحية، وأشار كمال الدين إلى استخدامه لمياه الآبار للشرب منذ أكثر من ثلاثة عقود دون أن يسبب له ذلك مشاكل صحي. ومع تضارب الأقوال، كان الفيصل ما قمت به من عمل تحليل لعينة من مياه آبار بأم القرى، وتحديدا في مركز جامعة بحري، حيث أشار التحليل للمعمل المركزي لأبحاث المياه بالمقرن إلى مطابقتها للمواصفات، ولكنها لم تسلم من ارتفاع للمادة القلوية مقارنة بنسبة الأملاح الكلية، وعلق الخبير الفني بهيئة مياه الخرطوم مهندس محجوب محمد طه، على نتائج التحليل التي أبرزت ارتفاع المادة القلوية، بأنها لا توثر ولا تصل بالماء لدرجة التلوث الضار بالصحة. لكن اختصاصي المسالك البولية والكُلى دكتور وليد كباشي، يُبين أن زيادة المادة القلوية في المياه بصورة كبيرة يؤدي لمشكلات الكُلى نتيجة لترسبات القلوي فيها، وبالتالي امكانية إصابة الفرد بالحصاوى في الكُلى. ويؤكد دكتور جمال مرتضى الأستاذ بكلية الهندسة جامعة الخرطوم، أن تلوث مياه الآبار الجوفية هو الأخطر من سائر المياه في السودان كمياه الأنهر مثلاً، وذلك لعدم تدارك الأمر في بدايته وفي الوقت المناسب ، وحث جمال السلطات بالحد من تلوث المياه الجوفية عبر التشريعات، حماية من النشاطات الزراعية السالبة، والأسمدة، والمبيدات، والمخلفات الصناعية. hyder mohammed [[email protected]] \\\\\\\\