1- وصلني عن طريقي الإيميل مقالان من محمد عثمان إبراهيم ربما نشرهما في "السوداني" التي هو كاتب راتب فيها. ويقرع محمد في المقالين الجرس للتنصير الذي يحدق بالبجا. ولا يفعل ذلك بروح "صليبة" بل بروح ثقافية سمحة لا ترى سبباً لهذا التجييش التبشيري الصليبي لتغير جماعة إبراهيمية العقيدة ما اتفق لها من دين. والدين،من بعد، عند الله الإسلام. ويكشف محمد بمثابرة معروفة عنه الاستراتيجية السياسية التي من وراء التنصير بما يتضح منه أنه غلو. فعرض لمشروع قيث ماكدونالد مديرة برنامج الحريات الدينية بمعهد الدين والديمقراطية ومديرة تحالف الكنائس من أجل السودان الجديد. وهنا مربط الفرس. فمشروع قيث يدمج البجا في خطة السودان الجديد كما اتفق لكل مراكز البحث الغربية بقرينة التهميش. وتهميش البجا حق. ولكنها تسرف في الأمر حين تعطي مشروعها بعداً تنصيرياً ضمن الخطاب "المسيحي المناهض للإسلام" وضد النخبة العربية الإسلاموية. فخلاص البجا ليس في الإطاحة بالإنقاذ فحسب بل بهذه الإطاحة مباركة من يسوع المسيح. ويقوم مشروع تنصير البجا على نظر ثقافي ثاقب لمجتمعهم لرسم التكتيكات التي يصيب سهمها أفئدة البجا فيخروا سجدا ليسوع. وتكاثرت الدراسات عن البجا حتى قال عالم غربي إنها فوق ما تقتضيه الحاجة العلمية. وعرض محمد لكتاب روبن هاداوي المعنون "مراعاة السياق في الإسلام الشعبي: حالة السودان". وروبن هو المنسق الإستراتيجي الكنسي لقبائل البجا. وهو معجب بتجربة الشيخ على بيتاي الإصلاحية التي لم تستدبر ثقافة البجا المحلية حين أخذتهم برفق إلى ما أعتقدت أنه صحيح الإسلام. ورأى فيها قدوة للمبشر بين البجا. واستل منها إرشادات شغلت خمسين صفحة من كتابه لكي ينصروا البجاوي ويُحفظ له قناعه الإسلامي. وتنوعت ضروب الممارسة التنصيرية بين البجا. فمن ذلك وضع قواميس تبداوية (لغة البجا)-إنجليزية للمبشرين، فترجموا الإنجيل إلى البداويت، وأنشأوا مراكز أبحاث تخصصت في معاش البجا ومعادهم. وانتقل المنصرون إلى الإنترنت فرتبوا موقعا هو أدروب دوت نت لخدمة جهود التبشير. ومن ذلك أيضاً مشروع"جشو بروجكت" الذي يتربص بالجماعات الإثنية التي لم تشهد بالمسيح بعد ليخلصها. وتقوم جماعة تبشيرية بإعداد فيلم ناطق بالتبداوية عن المسيح من بعد أن أصدرت دعاءً باللغة ليرقق قلوب البجا لتقبل المسيحيين فتلقى عنهم نعم الرب. وذكر محمد جهود البارونة كوكس ومنظمتها للتضامن المسيحي في 1998. وقد اشتهر بيننا عملها لإعادة شراء الرقيق الجنوبيين في زعمها من مسترقيهم العرب في الجنوب. فسعت مرة لاستدرار المال من المحسنين المسيحيين لنشاطها في الشرق بتصوير فيلم عن شابين هربا من جحيم الجبهة الإسلامية القومية بجهة كسلا. وفيه يعرضان لكيف عذبهم جهاز الأمن ب "الطيارة قامت" وغيرها. وهو فيلم غير أخلاقي لأنه مما صور عمداً للمناسبة. وكان فيلمها عن إعادة شراء الرقيق كذلك حتى قال دان راز، الإعلامي الأمريكي المشهور، لمن أطلعه على زيف الفيلم: "يعني اتخمينا". وأتت كوكس إلى قرورة وهمشكوريب بمواد أغذية وأدوية وصورت ذلك لتحلب مال أولئك المحسنين. وذكر محمد واقعة مخجلة لقائد من حزب الأمة طوى المسافات ليكون في استقبال كوكس في همشكوريب التي أخفت الحركة الشعبي نبأها عنه. أرجو أن يمتنع عن التطفل على حقائق التنصير المذكورة من سيراها بنظر صليبي يكتفى منه ب"واسلاماه" يبكي ويستبكي. كما أرجو أن لا يزعجنا محدث عن أمرنا ب"حرية الأديان". 2- تناولت أمس لمقالين نيرين لمحمد عثمان إبراهيم عن استراتيجية التنصير المسيحي بين البجا وتقنيته وتكتيكاته. وقلت إنه عرض المسألة (بتحقيق ندر بين كتابنا) في مطبخها الغربي بما يجعلها دراسة في علم الاستضعاف. وعليه طلبت من المشيخة الدينية الرسمية في الدولة أن تمتنع عن الحديث عنها لأنها ستحولها إلى "صليبية" وأسلاماه وآدقناه وآ للمربع الإنجليزي: تبكيها عن وهن. فلم يعد يعنيها سوى راحة الرئيس في أسفاره وسلامته وتكفير المعارضين والدين ينتقص من أطرافه. من الجهة الأخرى طلبت من المحدثين واليساريين أن يكفوا أيضاً عن إزعاجنا بصرف مظلمتنا عن التبشير المسيحي بين البجا بمبدأ حرية الأديان. فالذي نحن بصدده مشروع مختلف. فالتبشير، موضوعنا اليوم، وجه من وجوه الاستضعاف الثقافي. فهو يزري بديننا ولذا نزود عنه كنسق حضاري يكفل حرية الخروج منه عن إرادة. وهذه الإرادة غائبة في تبشير مدجج بالسلطة والثروة يأتى لغمار المسلمين في محنتهم مع نظمهم المستيدة الفاسدة بالمن والسلوى. ومن ينسب التحول عن الدين في هذا الشرط إلى الحرية كمن يأخذ كبينة أعترافات الجرم ممن أدلوا بها تحت العذيب. فلا رأي لحاقن. ولهذا اشترطت إسرائيل على المبشرين المسيحيين فيها أن يبشروا مع الامتناع عن استدراج القصر وتقديم الهدايا والمال. وذلك التبشير عندنا: أمه وأبوه . وطالما كنا في السيرة فلنواصل الحديث عن إسرائيل والتبشير. فمن بين أهل الراي عندنا من يعدها ديمقراطية برلمانية، وكده. فاستراتيجية صفوتها المضادة للتبشير المسيحي مما انتفع منه ربما يساريونا الذي صار الدين عندهم الترابي ثم البشير. فتجد اليهودي قابضاً على دينه كالجمر. قال الكاهن ديفيد روسون الذي يشرف على حوار الديان في اللجنة اليهودية الأمريكية: "حين يدعوك أحد للتحول عن دينك إلى دين آخر فهذه دعوة لخيانة ناسك". وقال آخر في برنامج للاري كينق على الإن بي سي الأمريكية ( 12 يناير 2000) إن التبشير المسيحي في إسرائيل يعود بنا إلى تولتارية روحية شبيهة بالتولتارية الوطنية النازية. فهتلر رأي فساد اليهودي في جسدة المختلف فسعى لاستئصاله بما عرف ب"الحل الخاتم" لليهود. أما المبشر فيري الفساد في ديننا لأننا لم نقبل بالمسيح فيسعي لنتحول إلى دينه السمح. وجاء الرجل بمفارقة ذكية. قال إذا ذمني المبشر بأني لم أنل الخلاص المسيحي بينما ناله هتلر، قاتل اليهود لحدهم، فما قيمة المنطق بعد ذلك. هكذا تؤسس الصفوة البهودية لحرية الأديان فوق تاريخ استضعافها بينما تسفسط صفوتنا بما أُمروا عن بدائع حرية الأديان. وما سبق من قول هو لعقلاء اليهود الذين تركوا للسفهاء من اليشيفا (طالبانهم، الإسم سالم) التربص بالمبشرين وترويعهم. فأحرقوا كنيسة لهم بالقدس ومئات النسخ من الإنجيل ذات مرة لأن ذلك من واجب اليهودي المدعو لترك دينه. وبصق شايب يهود على كبير كهنة اليونانيين الأرذوثكس ثم على الصليب مرة أخرى.. وكثرت هذه الوضاعة حتى جاء في عنوان صحيفة: "المسيحيون في القدس يريدون من اليهود ألا يبصقوا عليهم". ويلقى اليهود الربانيون المسيحيون (10 ألف إسرائيلي) عذاباً كبيراً. فقد وضع يهودي قفة أمام منزل كبيرهم في يوم يهودي للهدايا. فلما فتحها ابنه عوقته. فصار ذلك يوماً يتوارى فيه اليهود المسيحيون في دورهم. والدولة، في قول هؤلاء اليهود، تنظر إلى الجهة الأخرى. بل تغلق أحياناً كنائسهم وتنزع جنسية بعضهم لرفضهم تسجيل أبنائهم كإسرائيليين، وتطرد بعضهم، ولا تؤاخذ الشرطة على تقاعسها. ومتى صدر تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن حرية الديان كانت السعودية المتهم الأول. ولا ذكر لإسرائيل التي تأخذ مال المسيحيين يوما وتعضهم في اليوم التالي. قال غاندي يوماً إن الحضارة الغربية فكرة طيبة متى تحققت. وكذلك حرية الأديان. Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]]