إن مؤسسة إعلامية من قامة جريدة الحياة، لا تني منذ أن بدأتُ بمتابعة كتابتها في الشأن الصومالي، ليس فقط تحاول جمع السلبيات، التي هي والحمدلله وافرة في الواقع الصومالي، بل أرى انها لا تألوا جهدًا في البحث عن كل سلبية قد تمت بصلة للقارة الإفريقية وجنوب الجزيرة العربية، لتلصقها بظهر بلدنا المثقل، وكأن سياسة النشر في تلك المؤسسة تتعمد تشويه وجه المستقبل الصومالي، بصورة محمومة حتى هي سقطت بدوي مفزع في تغطية الواقع الصومالي، وذلك حين تحن على الصومال وتتطرق إليه من قريب أو بعيد. للمرة الثالثة خلال أسبوعين، أجد أن الجريدة تلقي على قرائها، وجبة سريعة من البيض المسلوق، تقدمها إفطارًا هنيئًا لقرائها الغشماء -، ولا بأس إن أدى ذلك لتقزز ملايين الصوماليين، من القارئين الكاتبين باللغة العربية. فتطالعنا بمقال ممهمور باسم رجل إعلامي كبير، أسس وجوده كصحفي ومحلل سياسي، ذي خبرة كبيرة جعلته مرجعية في الشأن السياسي بالشرق الأوسط، فهل حقٌا هو من كتب المقال الأخير المنشور بتاريخ 05/05/2012، بعنوان مثير وملفت (نفط الصومال يهدد "القاعدة" في اليمن )، لكن العنوان ذاته يحوي مغالطة كبيرة بدءًا به، ومرورًا بالحديث عن السودان ونيجيريا، وكأن هذين البلدين محافظتان من محافظات الصومال! لكنني في هذه المرة وقد اتعبتني جريدة الحياة، سأحاول أن أكون مختصرًا بشكل لاذع، لأن فتق المصداقية في تلك المؤسسة أصبح يعز على عشرة راتقين من فئتي، وسأرد بشكل نقاط لألا أشارك في مضاعفة ضياع وقت القارئ الذي قرأ المقال الخرافة: الفقرة الأولى: 1- الرأي العام البريطاني بطبيعة الحال معزول عن السياسية الخارجية، راجع تأثير موقفه من حربي العراق وأفغانسان، فكيف سيكون له موقف جدي، من مجرد مؤتمر تمت تغطية نفقاته، من قبل الدول المشاركة. 2- بدا رئيس الوزراء البريطاني بالحديث عن خطورة الوضع في الصومال على المجتمع الدولي وهو ما بدا أن لم يسمع به كاتب المقال المردود عليه . 3- تسريب الغارديان حول أهداف الحكومة من المؤتمر، وهو اخذ نصيب وافر من صناعة النفط الصومالية القادمة، وهو تسريب كان متعمدًا، وتم تأكيده بالنفي الحكومة البريطاني لوجود شيئٍ من هذا القبيل. الفقرة الرابع: نفت الحكومة البريطانية نفيًا سريعًا وجازمًا أي أطماع لها بالنفط في الصومال، وليس صحيحًا ان "كاميرون" قد صرح بعكس ذلك كما ورد في المقال، رغم إيماننا ان النفي كان لمجرد التاكيد، لكن ذكر ان كاميرون صرح "خرافة أخرى". الفقرة الخامسة: 1- أشكك في حديث الكاتب مع الرئيس الصومالي حول مسألة اليورانيوم لعدة أسباب: أن الهدف المعلن من الحرب، كان استعادة الأراضي الصومالية، الممنوحة من قبل بريطانيا للملكة الإثيوبية، التي تحولت لجمهورية إشتراكية قبل ذلك بسنوات قليلة، وكان الدعم العربي نابعًا، من التهديد الإستراتيجي للتقارب الإثيوبي الإسرائلي، فيما يخص البحر الأحمر ومياه النيل. ان الصومال دخلت بحربها مع إثيوبيا سنة 1977 في مواجهة مع المعسكر الشرقي، ممثلًا بالاتحاد السوفييتي وكوبا واليمن الجنوبي بشكل مباشر ومع كوريا الشمالية وألمانيا الشرقية كداعم لأثيوبيا لوجستياً، في حين أن تلك المواجهة فتحت القنوات مع الولاياتالمتحدة، وادت لمنحها قاعدة "بربرة" البحرية بعد طرد السوفييت منها ، إذن الصومال دخلت في مواجهة مع السوفييت وبدأت تتحالف مع الأمريكان وليس كما ورد في المقال الخرافة. أن اسم وزير دفاع الصومال وصهر الرئيس الصومالي الجنرال محمد على (سمتر)، وليس كما هو وارد في المقال "سمنتر"، وأفترض لو كان اللقاء شخصيًا، فإن اسم ثاني شخصية في الدولة لا يمكن أن يغيب عن ذهن من قام بلقاء الرئيس. ننتقل إلى ما بعد الفقرة السادسة، فيأخذنا الكاتب في رحلة غرائبية، على ظهر مركب التهويل والتهويم وتضييع القارئ، ولنعرف ما الذي يحدث يتوجب علينا أن نتمسك بالعنوان أعني عنوان المقال حتى لا نفلت نحن والقارئ ونتوه سوية، فالعنوان هو كالتالي " نفط الصومال يهدد مستقبل «القاعدة» في اليمن!"، تذكروا معي العنوان جيدًا وتمسكوا به، لأن من هنا وصاعدًا ستنتهي معرفة الكاتب بأي شيء يخص الصومال، وسيأخذنا في رحلة من الهذيان، والأفكار المشتتة التي مع أني أشك أن أن "نصار" قد كتب المقال، فإنني أشم رائحة الازهايمر من بين الأسطر. لقد كنت أرغب في السرد لكنني سأعود للنقاط رأفة بنفسي وبالقارئ العزيز: ياخذنا الكاتب إلى مأساة مسيحيي نيجيريا، ونيجيريا تبعد عن الصومال ثلاثة آلاف كيلومتر على الأقل، وللمفاجأة لا مسيحيين في الصومال. ثم يسافر بنا إلى السودان، وبين الصومال والسودان ما لا يقل عن ألف كيلومتر لو ذهب عن طريق إثيوبيا او اكثر من ذلك لو ذهبت عن طريق جيبوتي ثم إرتريا. ثم يدعي أن الأممالمتحدة ستفرض حظرًا مستقبليًا، تم فرضه "بالفعل" منذ أمد ليس بالقصير على تجارة الفحم من "كيسمايو" وما يليها شمالًا من معاقل الشباب وموانئهم الطبيعية. القوات الإفريقية "أفريسوم" التي تضم فيما تضم القوات الأوغندية مهمتها تامين العاصمة، والقوات الكينية الإثيوبية مهمتها مساندة الجيش الوطني لقضاء على القوة العسكرية لحركة الشباب، وليسوا كما صرح الكاتب أنهم حرس للأشجار والأزهار، فتلك قوات مسلحة تدخل في اشتباكات شبه يومية، وليست فريقًا من متطوعي حزب الخضر. كل الشركات التي تقدمت بعروض أو تقوم بتنفيذ أعمال تنقيب واستكشاف، شركات صغيرة في مجملها أوسترالية أو كندية او بريطانية اسكندنافية مشتركة، ولم نسمع بوجود آسيوي حتى الآن سوى في إثيوبيا. لم نسمع من قريب أو بعيد ما يورده الكاتب من أن هيلاري كلنتون قد ذكرت أي شيء بخصوص "سقوط النسر الأسود"، بل أكدت على دعمها للجهود الإفريقية لتأمين البلاد وتطهيرها من أي وجود عسكري لحركة الشباب، وأنا في هذه اللحظة أستمع لخطابها من فيديو موجود بمدونتي. يبحر بنا مركب المقالة إلى العراق، ل"يخمش" العراق خمشة مثل ما فعل في المقال بالسودان ونيجيريا سابقًا، ويجعلنا نشعر ان الصومال ستكون سببًا لمصائب العراق القادمة، ويجهز بلاد الصومال الذين يحملون كثيرًا من العرفان للعراق، ليكونوا شماعة لأي مشكلة قادمة ستصادف الاستثمار النفطي في العراق. ليس ذلك وحسب بل يحاول استعداء دول الخليج على الصومال، ملمحًا إلى أن الصومال ستكون البديل ل"الكويت" مثلًا... وان استخراج النفط منها سيجعل الحاجة تتناقص لتأمين مضيق هرمز "المهدد" يال الهول !. كيف لا والكاتب يقرر بكل "جراة" أن الدول الغربية لم تقتنع بالطروحات العراقية. ويؤكد أنها راحت على الخليجيين، كيف لا والغرب قرر أن يأخذ استثماراته "المفترضة" من العراق إلى الصومال، لأن إسرائيل قد تهاجم إيران، أو ان إيران قد تهاجم البحرين.... لقد عجزت والله وغُلب حماري هنا، ولا أستطيع أن أقول سوى ما هذه السذاجة " يا مان!!!". وتستمر أحاديث مقهى "الحياة"، ويبحبش الكاتب عن الجانب " الخفي" من المشكلة الصومالية، فيكتشف بتلك البحبشة نور الله عليه ، أن قاعدة اليمن مشكلة صومالية، في عكس واضح للصورة، فقد تدفق مقاتلوا القاعدة من الصومال إلى اليمن حين ضاق الخناق عليهم، فما الذي يحدث هاهنا؟!... أنني أستجدي تفسيرًا. ثم يهدد المملكة العربية السعودية بحركة الشباب، وكأن حركة الشباب كانت موجودة منذ الأزل، وكأن القاعدة ولدت من رحم الصومال، في حين أن حركة الشباب اعلنت كحركة مقاومة وطنية ردًا على الاجتياح الإثيوبي، في فترة كان زعيم القاعدة مختبئًا، ولأكون دقيقًا سأحدد أنها ولدت بعد خمس سنوات من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فأي حسابات أزلية وضعها " المرحوم" زعيم القاعدة المختبئ والكهل، لتكون حركة الشباب أو الصومال في ضمن خطته الجهنمية الكاملة، والله إن الكاتب اتى بما لم تأتِ به الأوائل، وأشغلنا سامحه الله، ويزيد ويُصعد فيتناسى أن القرصنة مشروع، بعيد كل البعد عن ابن لادن وكل ما يمثله، فأي دور سيكون للقاعدة في مضيق باب مندب. طامة أخرى وتهويل لا يليق حين يقول الكاتب أن 170 مليونًا سينزحون إلى المناطق الجنوبية، في حين أن ذلك مجمل سكان نيجيريا التي يتجاوز فيها المسلمون الخمسين في المائة، أي أن جزءًا بسيطًا من المسيحيين يعيش في الوسط وفي مناطق المسلمين للعمل، من مجمل المسيحيين الذين يشكلون 40% من كامل السكان، سيضطرون للنزوح إلى حيث المجتمعات المسيحية والوثنية بالجنوب الغربي والشرقي، وأعود لأتساءل ما شأن نيجيريا بالصومال وقاعدة اليمن... أها "باكو حرام"، والتي اسمها بالفعل ليس "باكو حرام" فباكو عاصمة أذربيجان، بل الاسم الصحيح "بوكو حرام" من "بوك" كما في ال "فيس بوك". أتساءل ما شأن السودان هنا؟، هل هو فقط استكمال لسلسلة الإهانات التي تم توجيهها للصومال والكويت والسعودية والعراق واليمن ونيجيريا وبريطانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية وكينيا وإثيوبيا وأوغندا والبحرين وإيران وكردستان - طبعًا لا على الترتيب! ، يا سيدي الفاضل سليم نصار (ماذا دهاك!). ثم يجبرنا الكاتب أن نجلس لنحتسي فنجان قهوة تركية، مع مغترب لبناني كان في نيجيريا، ويحكي لنا قصة مأساة صادفها أين؟ هل صادفها في الصومال لا، أفي إثيوبيا حيث أقلية صومالية كبيرة لا، طيب فهل في كينيا أيضًا لا طبعًا، حسنًا سنذهب لننظر بعيدًا بعض الشيء، فهل حدثت في اليمن حيث "قاعدة" الكاتب طبعًا لا، إذًا دعوني اتساءل لو ذكرت "صادقًا" أنني وللمصادفة (قد سافرت إلى نيجيريا أنا نفسي وعشت فيها لفترة بغرض العمل وأعرف نظرة النيجيريين للبنانيين هناك) فماذا سيكون شعور القارئ الذي يحاول أن يخرج بما يفيد من هذا المقال، لا بد أنه سيشعر أنني أسخر منه بالتأكيد، إذًا فممن كان يسخر الكاتب في حكاية المنشورين المتجانسين، فهل يحق لنا الاعتقاد أن جريدة الحياة تشن حربًا إعلامية على الصومال؟. أصبحتُ حقيقة أتساءل هل كانت جريدة الحياة هكذا دائمًا؟... إنني مذهول مما اكتشفته في أسابيع ثلاث، ولا أظنني سأحظى بحق الرد كمرات سابقة لكنني سأرسل إليهم بالرد على كل حال. المقالات المسيئة وأسفل كل منها الرد عليها: 1- المقال المردود عليه اليوم (نفط الصومال يهدد مستقبل «القاعدة» في اليمن!) : http://international.daralhayat.com/internationalarticle/392197 2- "استنفار الفصل السابع" http://international.daralhayat.com/ksaarticle/390361 محاولة من الكاتبة منح الشرعية لاجتياح الشقيقة سوريا، بناءًا على استغلال لمقاربة مغلوطة حول التدخل الأجنبي المميت في الصومال، أي كأنها تريد أن تظهر مقتل مليون نسمة في الصومال نتيجة للتدخل الأجنبي مسألة يمكن غض النظر عنها لمجرد أنها قد تمهد لما دأبت عليه الجوقة الإعلامية التي تدعي انها تريد أن توقف القتل في سوريا، دون حساب لما كان عليه الوضع في الصومال وما د يكون عليه تكرار الوضع كذلك في سوريا. هنا الرد عليه: arabic.alshahid.net/columnists/analysis/70466 3- "بدء الاستكشاف النفطي في الصومال "بتاريخ 15/04/2012 http://international.daralhayat.com/internationalarticle/385433 هنا الرد عليه : http://arabic.alshahid.net/distinguished/69179 محمود محمد حسن عبدي باحث وشاعر من الصومال mahmoud abdi [[email protected]]