[email protected] رد فتية أهلي شندي اعتبار ناديهم بأروع ما يكون رد الاعتبار ، وقبل ذلك شرفوا كرة القدم السودانية وأعادوا لها شيئاً من بريقها المفقود. شخصياً لم أتوقع سوى فوز أهلي شندي بهدف أو هدفين وقلت صراحة قبل المباراة أن كرة القدم السودانية ما ناقصة إذلال ويكفيهم الهزيمة خارج الأرض ولابد من رد على منافسيهم، لكنني لم أتوقع أن يعادلوا النتيجة وبتلك السرعة الخيالية. لكن أبطال أهلي شندي كانوا عند الموعد ،وقد نجح مدربهم الشاطر في تحويل وتيرة الأداء 180 درجة مع بداية الشوط الثاني واستطاع أن يشحذ همم لاعبيه بصورة تفوق الخيال فتمكنوا خلال أقل من ربع ساعة من تسجيل ثلاثة أهداف عادلوا بها نتيجة مباراة الذهاب. ولما وضح أن الأمور ستسير إلى ركلات الترجيح كنت واثقاً بنسبة مائة بالمائة في أن الحارس الأمين الدعيع سيكون بطلاً ولن يخيب ظن القاعدة الجماهيرية الكبيرة التي احتشدت لمؤازرة الأبطال. مع كل صيحة للمعلق حاتم التاج أثناء تنفيذ الركلات كنت أردد مع نفسي " لا تقلق يا أخي فالدعيع هو من سيحسم الأمر" وقد كان. وبالمناسبة هذا هو نفس الدعيع الذي شكونا لطوب الأرض في فترات سابقة من حالة الإهمال التي عانى منها في الهلال، والمحزن أن بعض جماهير النادي كانت تقول دعوه يذهب فهو لم يثبت جدارته.. يعني ظلم من مجالس الإدارات المتعاقبة وكمان ظلم من بعض الأنصار. وفي فترات سابقة أيضاً تمنينا أن يضمه المدرب لكشف ال 18 في إحدى المباريات الأفريقية للهلال رغم غيابه الطويل بسبب الإصابة لأننا توقعنا أن يكون الحسم عبر ركلات الترجيح وقلنا حينها أن المعز لن يفلح في صد شيء منها، بينما الدعيع قادر على فعل ذلك،وطبعاً لم يختاره المدرب ولم ينجح المعز في التصدي لأي ركلة جزاء وخرج الهلال، وهو ذات السيناريو الذي تكرر قبل يومين في وجود جمعة الذي لو أشركه المدرب لربما صد أكثر من ركلة. أعيد هذا القول ليس من أجل استعادة الدعيع لأنه راح واختار نادياً آخر، لكن المشكلة أن ما حدث معه يتكرر مع آخرين حالياً، وهو ما نرجو ونتمنى أن ينتبه له الجهاز الفني في الهلال قبل فوات الآوان. واتفق مع بعض الزملاء الذين رأوا أن أعضاء دائرة الكرة لم يقوموا بدورهم في تبصير المدرب بحقيقة قدرة جمعة على التعامل الجيد مع ركلات الجزاء، ولو أنني أرى أن المدرب نفسه كان من المفترض أن يحكم لنفسه من واقع التدريبات فالفترة التي قضاها مع الهلال تكفي لمعرفة أي الحارسين أفضل في التعامل مع ضربات الجزاء وغيرها، لو كان هناك تدريب حقيقي. ما فعله الكوكي ولاعبوه بالأمس يؤكد أن أحد أهم أسباب معاناة الهلال والمريخ هي الأقلام التي تناصر هذين الكيانين، بالإضافة لبعض الأنصار الذين لا يكتفون بالتشجيع فقط، بل يسعون للتقرب من بعض الإداريين وأصحاب الأقلام لكي يلمعونهم وفي نفس الوقت يفرضون عبرهم شيئاً من آرائهم غير الناضجة. شاهدنا كيف اعتمد الكوكي على حمودة المشطوب من الهلال في تنفيذ جميع الضربات الثابتة وبدا واضحاً أنه درب لاعبيه على الطريقة جيداً، في حين مثل هذه الضربات الثابتة ظلت تضيع بالجملة في الهلال دون أن يستفيد اللاعبون منها لعدم تدريب اللاعبين على طرق محددة لتنفيذها من مختلف المناطق. الطريقة التي نفذ بها لاعبو أهلي شندي ركلات الترجيح أيضاً تشير إلى تدريب جيد واستعداد لا مثيل له، بينما في الهلال رأينا كيف كان ترتيب اللاعبين خاطئاً أمام الشلف والتنفيذ غير جيد مما يؤكد أن اللاعبين لم يتدربوا عليها جيداً. أعجبني تعليق دكتور كسلا في الأستوديو التحليلي بعد مباراة أهلي شندي حين عبر عن إعجابه بتمريرة اللاعب منتصر التي نتج عنها الهدف الثالث. فقد كانت التمريرة رائعة بحق وسريعة بالطريقة التي أتاحت لزميله فريد التهديف سريعاً في الزاوية الضيقة ومنذ لحظة تحرك فريد بدا واضحاً أن الكرة إن وصلته فالهدف آت لا محالة. لم يعلق دكتور كسلا بتلك الطريقة إلا لأنه رجل يفهم في الكرة وصاحب ذوق وحس عالِ فيها. وما أكثر التعليقات والملاحظات الرائعة التي يقدمها الدكتور كسلا خلال الأستوديو التحليلي. كما يتصف تحليل الدكتور دائماً بالجرأة والمباشرة ولا يتيح مجالاً لحديث المجاملات الذي يلعب دوراً رئيساً في التدهور الذي نعيشه. ولو أتاح مقدمو البرامج الرياضية المجال دائماً لمن يفهمون في الكرة وأفسحوا لهم المجال كاملاً للتعبير عما يرونه دون تدخلات أو محاولات تشويش لأنصلح الحال. الرشيد المهدية نفسه رجل مؤهل وقد بدأ كمحلل بارع جداً وكنت من أشد المعجبين بما ظل يقدمه عبر قنواتنا الفضائية، لكنني أهمس في أذنه بأن يراجع نفسه ويعود للحلقات القديمة المسجلة له عندما كان يظهر في قناة السودان ليدرك بنفسه كم تغير وإلى أي درجة تخلى عن موضوعيته في الفترة الأخيرة. ألف مبروك للاعبي ومدرب وإدارة أهلي شندي ولكل أهلنا الأحباء بهذه المدينة الرائعة ، ونتمنى أن يستمر اللاعبون بذات الروح، فكرة القدم في النهاية تحترم من يعطيها، وربما ينجح هؤلاء الفتية في تحقيق ما عجز عنه الناديان الكبيران.