بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس بقلم: د. أبوبكر يوسف إبراهيم* [email protected] توطئة: . من لم يشاهد الحلقة التي استضافت فيها قناة الجزيرة وزير الاعلام في حكومة جنوب السودان بنجامين برنابا ومن لندن الكاتب الصحفي والمحلل الاستراتيجي البريطاني بول مور كرافت وآخر أمريكي، فقد فاته نصف عمره لأنها المرة الأولى التي أرى فيها د. بنجامين لا يستطيع الدفاع عن حكومته والحركة الشعبية، خاصة بعد كل ما ساقه السيد بول مور كرافت من نقد لازع واتهامات لم ينكرها الوزير بل وقف أمامها وعلى غير عادته فاقد الحيلة والنطق، أما عندما يكون الأمر متعلق بالسودان فلسانه (برابند) كما يقول أهلنا في شمال الوادي، حينها فقط ينطلق لسانه ويبدأ بالتدليس والتلفيق ونسج قصص من خياله لإدانة السودان ويبدو أن المسألة في ذلك تتعلق بالأخلاقيات، حقاً لقد كانت متعتي كبيرة لأن بول مور كرافت كان يتحدث بالأدلة والحقائق والوقائع. خُيِّل إليّ أن تلك كانت أصعب اللحظات في حيادة د. بنجامين حتى أشفقت عليه من أن يصاب بجلطة حيث بدأ يبتلع ريقه عدة مرات، فسبحان الله، وتعجبت إن كانت الحقائق تخرس الرجال هكذا!!، أم أن الرجل الأبيض له هيبة يستمدها رغم مور الحقب من استعماريته فتخرس الألسن التي تستأسد على أقرب الناس مستندة استقوائها من تحالفاتها المشبوهة ودعم اللوبيات الأمريكية!! المتن: . وجه بول مور كرافت نقداً لاذاً لحكومة دولة الجنوب وكان حديثه مؤسساً فبدأ بانتقاد الحركة الشعبية ووصفها بأنها أقصت الأحزاب الجنوبية المعارضة من المشاركة في الانتخابات السابقة بقوة السلاح، ووصف نظام الحكم في دولة جنوب السودان بأنه نظام ديكتاتوري قمعي مشبهاً إياه بنظام روبرت موغابي في زمبابوي ، وأن الذي في دولة الجنوب ليس جيشاً لحماية الدولة الوليدة وإنما ميلشيات قمعية ضد بعض القبائل تغتمد حرب الغوريلا أساساً في عملياتها القمعية ضد خصومها مما قد يشكل تطهيراً عرقياً وجرائم ضد الانسانية.!!. بدأ على بنجامين برنابا الارتباك ورد بكلام عام أشبه بالاعتراف بما قاله بول مور كرافت أكثر منه إلى الدفاع. . قال مو كرافت إن دولة الجنوب لم تكمل عاماً منذ انفصالها عن السودان ولكن حجم الفساد فيها يفوق دولاً استقلت منذ عشرات السنين والدليل أن رئيس جمهورية جنوب السودان نفسه هو من تحدث عن اختفاء أربعة مليارات دولار من ايرادات الدولة الوليدة، وتساءل :هل تخيلتم عدد المستشفيات والمدارس التي كان يمكن بناؤها بهذا المبلغ، كان دفاع برنابا أنهم لو لم يكن يتعاملون بشفافية لما أعلن الرئيس سلفا عن اختفاء المبلغ وأضاف بأن الأمر رهن التحقيق. وهنا عقّب عليه مور كرافت قائلاً : هل الشفافية أو التحقيق ستعيد الأربعة مليارات لشعب تضربه المجاعة؟! لم يجب برنابا على السؤال وتهرب!! . سأل في حدة مور كرافت بنجامين برنابا: قُل لي أي سبب منطقي دعاكم لإيقاف ضخ وتصدير النفط وأنتم تعلمون أنه مصدر دخلكم الوحيد ، تغلقونه بينما شعبكم يعاني من المجاعة ويغاث من الأممالمتحدة، ألم يكن بالإمكان التوصل إلى اتفاق ولو مرحلي يقي شعبكم المعاناة التي يعيشها؟! كانت إجابة بنجامين هي ذات الاسطوانة المشروخة أن السودان يريد أن يستغل ثرواتهم ولا يقبل برسوم النقل العالمية!! ابتسم مور كرافت معقباً: عندما طلبتم حق تقرير المصير ألم تكونوا عالمين بأنكم دولة مغلقة لا منفذ لها على البحر؟! ألم تكونوا تعلمون أن السودان سيكون المصدر الوحيد للسلع التي يحتاجها مواطن الجنوب؟!.. إذن أنتم كنخب لم تقدموا مصلحة شعبكم وقدمتم مصالحكم وطموحاتكم الشخصية وشعبكم هو من يعاني!!. سأل مور كرافت برنابا عن من هو هذا العبقري الذي نصحهم باتخاذ هكذا خطوات، بل تمنى على حكومته أن تغلب مصلحة شعبها عند استئناف المفاوضات.!! الحاشية: . من خلال كل الوقائع التي سردها وزير الدفاع الفريق أول عبدالرحيم محمد حسين، يتضح لنا جلياً أن الحركة الشعبية لم ولن تغير من ممارساتها أساليبها القديمة والمكشوفة لذا كانت النتائج أن انفضّت المفاوضات صفراً وخرجت بدون نتائج ملموسة لأنها أتت للمفاوضات أتت وهي مصممة على نسفها كما رسم وخطط لها السفير الصهيوني في جوبا حاييم كورين المتخصص في شئون دارفور والي كتبت عنه في هذه المساحة قبل عدة أيام خلت تحت عنوان( من باب أعرف عدوك). . الحركة الشعبية لا يهمها شعب الجنوب على الاطلاق لذا فهي تعيش لحظات استقواء بالغير لتصفية حسابات مع السودان نتيجة ترسبات متراكمة في نفوس النخب الحاكمة لشعب الجنوب بالحديد والنار، تراكمات غرسها المستعمر والصهيونية فأولت الحركة جلّ اهتمامها لمحاربة السودان وبدأت تأتي بخرائط جديدة وترهات وادعاءات غير مؤسسة قانونياً فقط من أجل أن تظهر أن السودان هو المتعنت وذلك لتنفيذ الأجندة (الصهيوأمريكية) ويبدو أن هذه النخب وعلى رأسها أولاد قرنق قد وُعِدوا بما يسيل له اللعاب، وإلا فمن أجل من يُضحي بعيش ومستقبل شعب الجنوب إن لم يكن وراء الأكمة ما ورائها!! . كما قلت قبل ذلك في عدة مقالات إنه الاستنزاف والالتفاف، وأن التحالف( الصهيوأمريكية) يريد للسودان ودولة الجنوب أن تصبحا في أضعف حالاتهما لذا فهما يرغبان أن تدخل الدولتان أن تدخلا في حروب متقطعة تستنزف قدراتهما ومقدراتهما وتؤدي إلى الفوضى الخلاقة التي تتيح لهما سرقة نفط الدولتين، ومن السهل أن تخلق الحركة العقبات في مسار المفاوضات وذلك بالالتفاف حول الخرائط الحدودية الدولية والاتفاقات الموقعة والتي توضح بجلاء مسائل الحدود. الهامش: . الحركة الشعبية تتصرف حالياً كما القرد الذي أعطي الموسى الحادة وحُرِضَ بأن يؤذي بها السودان، فعبث بها حتى قطع بها حلقومه أيضاً والنتيجة أن شعب جنوب السودان يعاني!! .. قال الشاعر الجاهلي: كلانا إذا ما نال شيئا أفاته ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل