بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: (هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) .. الآية هذا بلاغٌ للناس [email protected] توطئة: الآن جاء دور الأحزاب المشاركة في (الحكومة العريضة) والتي بدأت تهدد بالانسحاب من الحكومة وتزعم بأن انسحابها سيجيئ احتجاجاً على حزمة الإجراءات المالية التقشفية، وهذه كلمة حق يراد بها باطل ، فالحقيقة أن هذه الأحزاب كفّت عن معارضتها للمؤتمر الوطني عندما استوزرت وجلست على الأرائك الوثيرة والمناضد الفخيمة والسيارات الفارهة، ولكن في حقيقة الأمر هذا الزعم ما هو إلا " قميص عثمان الذي ستبرر به خطوتها القادمة إذا ما قررت الانسحاب لأن الوجاهة والفخامة والاسترزاق سيتوقف مدده لأنه لا يعقل أن يربط المواطنون الأحزمة على البطن – وليس حزاماً واحداً فقط- والآن انكشفت هذه الأحزاب على حقيقتها وقد هذه الظروف الاستثنائية لتعرية المعارضة وادعائها بأنها تعارض من أجل هذا الشعب!!، والآن بانت الحقائق وظهرت على حقيقتها بزوال الاستوزار فها هي تنقلب ا على عقبيها وتكشف عن ذات الممارسات الفجة التي ما عات تنطلي حتى على المتخلفين عقلياً،. ما ذكرته آنفاً عن هذه المعارضة المتأكسدة التي تجاوزها الزمن؛ هو ما ظللت أوكده في أي مقال كتبته عن هذه المعارضة وما خفي وراء معارضتها. إن مواقف ومعارضة التي نسمعها اليوم هذه الاحزاب ما هي إلا نتيجة لحرمانها من تلك الامتيازات التي كانت تتمتع بها عندما كانت تحكم فمن الطبيعي أن تدرك أن الدول تدول والعاقل من يدرك أنه حينما تزول دولته عليه أن يتعايش مع الواقع ويتعامل معه بواقعية ،وأنه يفترض أنهم أصحاب خبرة وتجارب ويعلمون أن الحكم ليس حكراً عليهم وأنه منطق" ولدنا لنحكم" ما عاد هذا زمانه وعصره، مشكلة أحزاب المعارضة في بلادنا أنها لا تستطيع أن تتعايش مع الواقع لأنها تعتبر حكم البلاد والعباد ضمن تركة ورثوها من الأجداد، تنتقل إلى الأبناء وإلى الأحفاد ومن يلي من قادم أجيال عائلاتهم!! . ليتهم أدركوا أن منطق فهمهم هذا أصبح من ضروب المستحيلات، ونحن نعيش عصر التقنيات الفضائية التي جعلت من العالم قرية كونية صغيرة، وعلى هذه المعارضة أن تعي إن اتساع المدارك والوعي المعرفي والمعلوماتي للمواطن تعدى زمانهم وفاق تصوراتهم، وليتهم استوعبوا هذه الحقائق، فإن فعلوا لكانوا أراحوا واستراحوا، فالأجدى لهم أن يتعايشوا مع الواقع، فمن غير المعقول أن تحكمنا رموز أكل الدرب عليها وشرب وقد دلف معظمها العقد التاسع من أعمارها، فهل من المنطق أن تقبل هذه الأجيال الشابة من أن يحكمه فاروق أبو عيسى أو الامام الحبيب مثلاً بعقلية الأمس ، علماً بأن هذه الرموز نالت حظها من حكم البلاد والعباد وقد كفر بهما وبأمثالها هذا الشعب.!! كنت أعتقد أن قيادة هذه الأحزاب والتي تزعم نكران الذات بدوافع وطنية، ستكون أول من يتداعى كقوى وطنية ويضحي لإنقاذ البلاد من الافلاس، لا أن تجعل من الاجراءات التقشفية مبرراً للانسحاب من الحكومة ونحن نعلم أن السبب الحقيقي هو حرمانها من هذه المناصب الاسترضائية، فإن كان قلبهما حقاً على البلاد والعباد أتحداها أأن تعلن الاستمرار في مناصبها وأداء مهامها شريطة أن تتنازل عن مخصصاتها التي يتحملها المواطن دافع الضرائب والتي تدعي أنها تعارض النظام من أجله!! ، ولكنا نعلم أن هذا مطلب مستحيل أن تقدم عليه ودونه الموت، فينطبق عليها بيت الشعر الدارج ( إذا طلبت عظماً من بيت الكلاب.. فإنك قد كلّفتُ نفسك بالمحال) !! لأن الكل يعلم صحة قولي هذا - خاصة الذين عاصروا فترات حكم الأحزاب - هذه حقائق لا جدال فيها ولا ينكرها إلا مكابر ، وهي خلاصة لواقع تجاربنا المريرة مع هذه الاحزاب، التي اتيح لها فرصة الحكم ثلاث مرات، ونذكر حين كان الحزبان الرئيسيان المؤتلفان يتنازعان حول محاصصة الحصول حقيبة (وزارة التجارة) وهي الدجاجة التي تبيض لهم ذهباً من خلال احتكار رخص الاستيراد واحتكارها واقتصارها على رأسمالية الحزب الذين يمولونه، وتصبح البلاد بلا حكومة لعدة أشهر وتتعطل مصالح العالمين!! نعلم إن(70%) من الموازنة تذهب كمرتبات(1.200.000) موظف حكومي على مستوى الولايات والحكومة الاتحادية. وهذه المرتبات كما نعلم تصب وتحرك الدورة الاقتصادية للبلاد. ومن خلال هذه الأرقام نستخلص كم من الموازنة يذهب للخدمات السيادية وأهمها الأمن والدفاع، فإن كان (70%) يذهب للمرتبات لا سيما أن مرتبات الدستوريين والتنفيذين هي جزء من هذا البند المترهل بسبب استيعاب ومشاركة (14) حزباً وهم أس هذا التضخم، فكم مرتبات ومخصصات هؤلاء (72) وزيراً ووزير دولة!!.. للمعلومية، أن أكبر وأعظم دولة في العالم وهي أمريكا بها (51) ولاية، وكل ولاية عبارة عن دولة مكتملة الأركان، دولة بهذه العظمة ليس بها ثلث هذا العدد من الوزراء!!.. هنا يتضح لنا نهم وشهوة هذه المعارضة للحكم والمناصب وأن الشعب لا يأتي في أي درجة من درجات أولوياتها!! نحن نعلم أن تحرير الاقتصاد الذي سبقتنا إليه دول كثيرة متقدمة ونامية هدفها الأسمى رفاه شعوبها ونعلم أن هذا لن يتأتى إلا مع هذا تحرير الاقتصاد الذي معه تنشط حركة الاقتصادية التي توفر فرص وظيفية وتسهم في ارتفاع الأجور وتضخ من الضرائب التي منها يتم انشاء البنى التحتية، ولكن كل الدول التي سبقتنا وضعت خطط تدرج، ووضعت معها جداول زمنية للتنفيذ وآليات رقابية محكمة ؛ إذ لا يكفي فقط اطلاق إجراءات تحرير السوق بلا قيود ولا رقابة، وعدم الاهتمام بعامل الرقابة هو ما أدى إلى الانهيار المالي العالمي الذي أدّى إلى انهيار مصارف عملاقة تعاطت مع القروض العقارية حينما ترك لها الحبل على القارب ودون رقابة باعتبار أن السوق الحر يصحح نفسه!! آليات رقابة الدولة المحكمة والفاعلة هي أساس نجاح أي خطة لذا فإهمال هذا العنصر أدى للانهيار المالي فأفلست هذه المصارف العملاقة واضطربت أسواق المال، ولم تجد الحكومات مناصاً من انقاذها على حساب الفقراء الذين عليهم دفع ثمن عبء أخطاء الدولة وتحايل رجال المال والمصارف والنرجسية المتوحشة للرأسمالية ف وفي ذات الوقت ازداد الاغنياء ثراءً والفقراء فقراً، تابع الهامش أمنا وبصمنا بالعشرة أن(070% ) من جملة إيرادات الموازنة تذهب لبند الاجور لقوام(1.200.000) موظف والسؤال هو كم عدد الدستوريين والتنفيذيين (ونعلم أن الكثرين منهم تمامة عدد) سواء في الحكومة الاتحادية أو الولايات وما هي نسبة مخصصاتهم من نسبة ال_(70%)؟! السؤال الثاني: نقول نعم نحن مع تحرير الاقتصاد ولا نختلف على المبدأ ولكن نختلف على آليات تطبيقه أما كان الأجدى البدء فيي ذلك مبكراً وبمراحل تدرج؟! ومع ذلك فإن كانت كل هذه الاجراءآت المالية - وأنا مصر على أنها مالية وليست اقتصادية – تصب في مجرى تحرير الاقتصاد فلماذا تأخرت الحكومة كل هذه السنوات ونعلم إن الانقاذ أعلنت عن تحرير الاقتصاد منذ قيامها ، وبمنتهى الشفافية لا بد أن يعلم المواطن عن أسباب ومسببات كل هذا التأخير الذي جاء مرة واحدة ليقصم ظهره؟! ألم يكن أجدى وأنفع إن كنا قد بدأنا على الأقل بالتدرج في التنفيذ منذ عام 2000 ، حيث كانت تلك الفترة قد شهدت انفراجاً لضائقتا المعيشية؟!. ولماذا كان كل ذاك الصرف الحكومي البذخي دون أن نتحسب لاحتمالات سياسية كثيرة نعلم أنها ستنعكس على مجمل أوضاع الدولة المالية؟! أُعلن إن هذه الاجراءآت المالية ستضخ في الموازنة العامة (1.3) مليار من المحروقات فقط من لحظة تطبيقها، وأن الجزء الأكبر سيأتي من إعادة هيكلة أجهزة الدولة التنفيذية والدستورية في الجسم الاتحادي والفيدرالي في شكل تطبيق إجراءات التقشف الحكومي، ومن إعادة هيكلة تمثل توفير(3.7) مليار من النفقات، وكل هذا مفهوم ومقبول ولكن السؤال الأهم هو : لماذا لم يتم البدء بها أولاً ، زما هي المدة الزمنية لإنفاذها؟! سنة .. سنتين .. عشرة!!، فقط نريد أن نعرف هذا الجدول الزمني!! ما هي الآليات التي اعتمدت لإنفاذ هذه الخطة ومراحل وجداول تنفيذها؟! ماهي الوسائل والاليات لضبط السوق والاسعار أم سترك " سداح مداح" للمستغلين والجشعين من التجار؟! ما هي الآليات ضمان وصول هذا الدعم لأصحابه؟! وأين هي هذه الاحصائيات التي بناءً عليها تمّ تحديد الفتات الضعيفة المستحقة للدعم والتي حُددت بعدد (750.000) عائلة، فإذا اعتبرنا أن متوسط عدد أفراد هذه العائلات (5) أفراد فهذا يعني أن هذه العائلات تمثل(3.750.000) نسمة بينما الاحصائيات الرسمية تقول أن (42%) من الشعب السوداني يعيش تحت خط الفقر فإذا اعتبرنا أننا الان وبعد الانفصال تعدادنا (27) مليون نسمة، فهذا يعني أن(11.34.000) مواطن يعيشون تحت خط الفقر، فإذا غطى الدعم (3.75) مليون نسمة منهم، وبالتالي سيصبح لدينا (7.64.000) مواطن خارج التغطية!! أليس كذلك؟!! السؤال الثاني ما هي آلية إنفاذ حزمة الدعم الجديدة التي صاحبت هذه الخطة؟! ومن يؤكد وصولها لمستحقيها؟! بالأمس فقط اتصل أحد المعاشيين من بورتسودان بالإعلامي خالد ساتي في - برنامج صالة التحرير - وقال: أن منحة الرئيس في الحزمة الأولى والتي أمر بها منذ عام تقريباً - أي قبل الهوجة " الحزمة الجديدة" - لم تُصرف لهم حتى الآن، فما هي الاسباب التي حالت دون انفاذ وزارة المالية لقرار رئاسي؟!!!، هل هناك طابور خامس ينخر في جسم الانقاذ ويتعمد عدم انفاذ القرارات الرئاسية ليفقدها مصداقيتها ويهز من هيبة مؤسسة الرئاسة ؟! نعلم تماماً أن القرارات الرئاسية لا تصدر إلا بعد دراسة وتمحيص واعتماد مالي وبموافقة مجلس الوزراء والوزارة المعنية ثم يعلنها الرئيس!! فإن كانت وزارة المالية لم تنفذ القرارات الرئاسية فيما سمي (بحزمة دعم الشرائح الفقيرة) فمن يضمن تنفيذ (حزمة القرارات الجديدة!!)؟! وزارة المالية " تطنش" و تصمم على عدم تنفيذ القرارات الرئاسية حتى أفقدت المواطن المصداقية في كل ما تقرره الدولة مما جعل عامل الثقة بينه وبين الحكومة مفقوداً وخاصة هذه الشرائح الضعيفة والمستضعفة التي هي أكثر تأثراً وتضرراً، بمعنى آخر أن عدم تنفيذ ( الحزمة الأولى) أفقد المواطن الثقة في الحكومة بأكملها . لماذا لا نتعامل مع المواطن بشفافية ولماذا يسلك وزراؤنا سلوك وزراء الدولة العميقة أي (دولة الفرد والحاكم المطلق الذي يعتبر مواطنية مجرد هوام لا حق لهم عليه) والذي يجمع من حوله رموز الفساد فيطلق عليهم (حكومات رجال الأعمال) وهم أصلاً فاسدين مفسدين ولصوص ،كان ذلك بزعم وتحت شعار تحرير الاقتصاد وثم بدأت عمليات بيع القطاع العام لرجال الأعمال ضمن ما يسمى بالخصخصة وهي (سرقة علني)، لقد عشنا هذه التجربة الماثلة للعيان والتي كان رمزها وبطلها المخلوع مبارك فلماذا لا نتعلم منها ونأخذ منها الدروس والعبر؟! لنأخذ مثالاً يدل على كتمان امر بعينه عن المواطن ، فقد صرح وزير المالية بأنه قام بتوفير مورد ضخم من ا الدولار سيقوم البنك المركزي بضخه للحفاظ على سعر الصرف، فأشاع نوع من التفاؤل والطمأنينة في نفوس المواطنين المكتوون بنار الأسعار والذين أصابهم الهلع ، والعجيب أنه لا وزير المالية و لا محافظ البنك المركزي يفصحا عن مصدر هذه المبالغ الدولارية وكأن الأمر منحة أو منّة منهما، والآن هل يستطيعان أن يؤكدا للمواطن أنها ليست قروض سيتحمل عبئها مثلاً حينما يحل موعد سدادها؟! وما هو السر وراء عدم الافصاح؟! .. وها هو سعر الصرف تضاعف وأصبح (5000) وسعره .. فما قولكما؟! الهامش: فليعلم وزراء الحكومة إن الشعب هو مصدر السلطات وهو الذي انتخب الرئيس وجاء به بناءً على برنامج محدد ، وأن الرئيس جاء بالحكومة والحكومة مشكلة من وزراء من ذوي الاختصاص، ، والوزراء خدام الشعب لا أسياده وهم معنيون بتنفيذ البرنامج والافصاح للشعب بشفافية وجعله ملماً بكل إجراء وبكل خطوة تتخذ مما قد توثر على مصلحته، هذه الممارسة لا تندرج تحت الاسرار الحربية التي تمس الأمن الوطني وإنما هي إجراءات تمس صميم الأمن والسلم الاجتماعي، لم يعد ممارسة أسلوب الوصاية من قبل الوزراء مقبول من قبل المواطنين، فالشفافية والوضوح والحقائق مهما كانت مرة فهي أقرب الطرق للإقناع، ولم يعد مقبولاً من نواب الشعب ورؤساء اللجان المتخصصة بالمجلس الوطني خاصة اللجنة الاقتصادية معارضتهم لأمرٍ ما بالأمس وموافقتهم عليه اليوم .. بالله كيف يمكن للمواطن أن يثق بأقوالهم وهل يتوقعون بهكذا حال أن يعيد انتخابهم في الانتخابات القادمة؟!! الشفافية والوضوح المصداقية وطهارة اليد وعفة اللسان؛ هذه الصفات المبدئية هي التي تبني الثقة بين الحاكم والمحكوم ولا تتم إلا بتمليك المواطن للحقائق بتجرد مهما كانت قاسية عليه، عندها يمكنه أن يتفهم و يتقبل كل إجراء ولكن ليس بمنطق (الغنى من الله)!!.. أرجوكم تخيروا تعبيراتكم وعباراتكم وخاطبوا أهل العقل بما يليق ولا تحشروا إسم المولى عز وجل عند كل خطأ ومصيبة أنتم من تسبب فيها لتبريرها!!