فجأة أصدر الرئيس المصري محمد مرسي المنتخب حديثاً القرار رقم 11 لسنة 2012 بعودة مجلس الشعب بعد حله بموجب قرار نهائي صادر من المحكمة الدستورية العليا والتي أسست حكمها على عدم دستورية بعض المواد التي تم بموجبها انتخاب المجلس ومن ثم نشبت في مصر موقعة أم المعارك الدستورية بين السلطة القضائية والمجلس العسكري من جهة والسلطة التنفيذية ممثلة بالرئيس محمد مرسي من جهة أخرى وانشغلت كل وسائل الاعلام العالمية بجدل قانوني وسياسي واسع النطاق حول صحة أو عدم صحة ذلك القرار الرئاسي المثير للجدل! انقسم فقهاء القانون والمحامين في مصر حول القرار فبعض جهابذة القانون أكدوا بأن القرار الرئاسي باطل بطلاناً مطلقاً لمخالفته لحكم قضائي نهائي صادر من أعلى محكمة قضائية في مصر وهي صاحبة الاختصاص الحصري والوحيد في اصدار الأحكام النهائية غير القابلة للطعن بشأن دستورية أو عدم دستورية القوانين بموجب المادة 48 و49 من قانون المحكمة الدستورية العليا ورفع أحدهم دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الاداري طالب فيها بعزل الرئيس من منصبه واحالته للمحكمة الجنائية بسبب عدم احترامه للدستور الذي أقسم على الالتزام به بينما قامت المحكمة الدستورية العليا بإصدار حكم آخر يؤكد مجدداً بطلان القرار الرئاسي وبالمقابل أكد فطاحلة القانون من مؤيدي الرئيس أن القرار الرئاسي صحيح صحة مطلقة وأنه لا يتعارض مع حكم المحكمة الدستورية العليا بل هو مجرد قرار إداري يهدف إلى استعادة سلطة التشريع التي صادرها المجلس العسكري بموجب الاعلان الدستوري المكمل وهو قرار إداري اتخذه المجلس العسكري استناداً إلى قرار المحكمة الدستورية العليا ، واحتار الشعب المصري إزاء هذه المعمعة وانقسم إلى مؤيدين للقرار الرئاسي حشدهم الاخوان المسلمون في ميدان التحرير ومعارضين للقرار من مختلف فئات الشعب المصري! وفجأة تراجع الرئيس المصري عن القرار رقم 11 وأعلن احترامه للدستور وتقيده بالأحكام النهائية الصادرة من المحكمة الدستورية العليا والحرص على إدارة العلاقة بين سلطات الدولة بسلام ومنع وقوع أي صدام بينها! والسؤال هو: هل فهم أي شخص في العالم هذه الفزورة التي مفادها بعث مجلس الشعب من الموت بموجب قرار رئاسي والمسارعة إلى اعدامه بعد ذلك بموجب قرار رئاسي آخر ؟ ألا يمثل رضوخ الرئيس المصري لحكم القضاء بعد كل تلك الضجة إراقة لماء وجه الرئيس مرسي؟ ثم هل يعقل أن تنطبق على المستشار القانوني للرئيس مقولة "مستشار لا يعرف اليمين من اليسار" بسبب تقديمه لاستشارة قانونية أصابت رأس العالم بصداع إعلامي حاد استمر عدة أيام وعرضت أول رئيس مصري منتخب بطريقة ديمقراطية لأكبر حرج سياسي وقانوني في التاريخ المعاصر؟! فيصل الدابي/المحامي sara abdulla [[email protected]]