بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس [email protected] توطئة: - يبدو أن فرقة (ع ع م) أي عرمان، عبدالعزيز ومالك ، قررت أن تجدد دمائها المصابة باللوكيميا بتغيير الدم من وقتٍ لآخر إبقاءً على الحياة ولكن هذه بصورة ليست علاجية وغير مقنعة لأن المريض معرض لعدم توافر فصيلة الدمفي أي لحظة ، فرغم عضويتها في الحركة الشعبية التي يفترض أن تكون في حكم المنعدمة، إلا أن العرض إستمرار العرض تحت هذا المسمى يفترض أنه إنتهى بإنتهاء الانفصال، ففكرت الفرقة وقدرت وتفتقت إبداعاتها بالظهور بإسم الحركة الشعبية (قطاع الشمال)!!، ويبدو أن تصميم الفرقة على إستمرار الانتساب للحركة الشعبية غير موفق ولا يليق إلا إن كان في الأمر تحدي وعدم حياء أي ( قوة عين) ، ولسبب بسيط أن الانتساب للحركة الشعبية بعد الاستفتاء والإنفصال – آسف الإستقلال من الاستعمار - يشي بأنها مرتبطة عضوياً بحركة لدولة أجنبية، فهل يستقيم عقلاً ومنطقاً الإستمرار في العناد والاستقواء بالأجنبي وتحمل لفظ شعب السودان لها خاصة بعد زيارة قيادات دولة الجنوب ورموز الحركة الشعبية وفرعها قطاع الشمال للكيان الصهيوني؟!! المتن: - القراءة البراغماتية تحتم التأمل في المشهد الذي يدور ويفرز أنظمة جديدة في المنطقة بعد ثورات الربيع العربي خاصة في مصر. دعونا نفترض السناريو الأول وهو إن كانت دولة الجنوب بقيادة الحركة الشعبية تخطط لتوسيع رقعة دولة الجنوب وهي أساساً دولة مغلقة لا منفذ لها على البحر لتصدير نفطها ودعونا نفترض أنها تعمل في الخفاء عبر فرقة(ع ع م) لضم جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان لدولة الجنوب، فهل من مصلحة الجنوب أن تعمل على ضم هذه المناطق إليها لزيادة جغرافية التعدد الإثني؟! . لنفترض أن هذا قد حدث فهل إستطاعت دولة الجنوب وقف الإحتراب القبلي الإثني والتمرد الدائر الآن بين القبائل الجنوبية ضد الحركة الشعبية حتى تضم إلى المشهد قبائل جديدة من هذه المناطق لتتسع رقعة الحروب والإقتتال؟!! وهل هذا السيناريو يضمن لدولة الجنوب الاستقرار؟!! - السيناريو الثاني : هل ضم هذه المناطق سيتيح لدولة الجنوب إمكانية تصدير نفطها عبر السودان أم أنها ما زالت تلك الدولة الوليدة المغلقة التي لا منفذ لها على البحر؟! وهل بهذا السيناريو يستقر الأمر لها وإن تم ضم هذه المناطق عبر فرقة (ع ع م)؟!! ، وما حجم نصيب (ع ع م) من الكعكة وما هو نصيب هذه المناطق من نفط الجنوب كشريك جديد محتمل في تقاسم الثروة والسلطة؟!! وهل ستعامل حكومة الجنوب مواطني هذه المناطق كمواطني دولة الجنوب يتساوون في الحقوق والواجبات؟!!، ومن يضمن أن سكان هذه المناطق لن يحملوا السلاح ضد دولة الجنوب وضد فرقة (ع ع م) لعدة اعتبارات منها الديني والإثني والقبلي؟!! - هل تعتقد الحركة الشعبية وقطاع شمالها أن بإمكانها أن تمرر مراوغتها وخداعها السياسي وإظهار ما لا تخفي كما فعلت مع السودان، على الأنظمة الجديدة التي فازت بالانتخابات في دول الربيع العربي والتي ترتبط مع بعضها البعض بأيدولوجية عقدية توحدها خاصة بعد زيارات قيادات الحركة الشعبية ونخبها لإسرائيل بعد أن كانت تنكر ذلك حتى لا تثير حفيظة الشارع العربي ناهيك عن الحكومات؟!! الحاشية: - يجب أن تعلم الحركة الشعبية وفرقة (ع ع م) أن دور مصر سيتبلور عما قريب، فإن كانت الحركة تعتمد على أمريكا في استقوائها على السودان، فمن جهة أخرى عليها أن تفكر تتنبه إلى أن الغرب تحكمه لغة المصالح وهي التي ستتحكم بالمواقف والاستراتيجيات المستقبلية في المنطقة، وإن مصر بإستعادة دورها الريادي عربياً وإفريقياً بقيادة حزب الحرية والعدالة وتونس بقيادة النهضة، وليبيا الجديدة، ستفرز مواقف مؤثرة لصالح السودان، فأمريكا لن تضحي بعلاقاتها الاستراتيجية مع مصر من أجل سواد عيون دولة الجنوب وفرقتها (ع ع م) مهما كانت الضغوط الصهيونية على أمريكا، والمقابل فإن أمريكا ستغمض عينها وستسمح بإطلاق يد الدولة الصهيونية لنهب نفط الجنوب بعد تأجيج الصراعات القبلية بين مكوناته القبلية. - ستبدأ إسرائيل اللعب على النعرات القبلية والجهوية في ولايتي أعالي النيل والوحدة التي هما مصدر نفط الجنوب والذي لا بد له من منفذ لتصديره ، وإسرائيل ستلعب لعبة تكوين شركات (الأوفشور) حتى تتمكن من الوصول إلى معادلة تصدير النفط عبر السودان ، على أن يخضع هذا السيناريو لإتفاق ومعادلة مصالح بينها وبين الصين وماليزيا والهند وهذا السيناريو مستبعد الآن، ولكنه غير مستحيل ، خاصة إن نظام الحكم في ماليزيا أقرب إلى ساندة الاسلاميين في السودان!! - تركيا بقيادة النظام الاسلامي المتعاطف مع السودان رجب طيب أردوغان تواجه الآن مخاض نفس تجربة السودان مع الحركات الانفصالية، والمتمثلة في حزب العمال الكردستاني، ولكن التجربة التركية أكثر تعقيداً لأن الأكراد موزعين بين ثلاث دول، فهم يتمركزون في غرب إيران ، وجنوب تركيا وشمال سوريا وكلها تنطلق في هجماتها على أراضي إقليم كردستان العراقي ومن سوريا على تركيا، وربما يكون الوضع الحالي المضطرب يصب في مصلحة إقليم كردستان ويدفعه للمطالبة بالانفصال حتى تصبح الدولة الكردية الجديدة منطلق لإنفصال أكراد تركيا وأكراد سوريا ولبناء دولة كردستان الكبرى مع الأخذ في الإعتبارأيضاً أن هناك أكراد إيران!! ، ولكن (كردستان العراق) أيضاً تتساوى مع دولة الجنوب فهي أيضاً دولة مغلقة ولا منفذ لها لتصدير نفطها إلا عن طريق تركيا وهذا هو كارت الضغط الذي يملكه حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي والكارت الآخر أنه عضو فاعل في الناتو ولا غنى عنها سواء لأمريكا أو أوروبا وهذا يحسب لصالح تركيا!! الهامش: - من المتوقع أن تركيا تبدأ بتأسيس محور للدول المهددة بالانفصال نسبى لمكوناتها الاثنية المتعددة خاصة أنها بدأت تستشعر خطر التحريض بإنفصال أكراد تركيا وكذلك لمراقبتها عن كثب لدور وأيادي المحور (الصهيويوروأمريكي) من تنفيذ سيناريو تقسيم السودان والتي كانت قريبة من المسرح السوداني بحكم علاقتها مع النظام الاسلامي إضافة إلى سوابق إنفصال تيمور عن إندونيسيا ، وانفصال كوسوفا عن صربيا. - عندما قامت جورجيا مدفوعة بالمحور (الصهيوأوروامريكي) بالهجوم على أوسيتيا الجنوبية، قطع فلاديمير بوتين رجل روسيا القوي زيارته لحضور الأولمبياد المقامة في الصين يوم 8/8/2008 قطع زيارته وعاد فأعطى الإشارة للآلة العسكرية الرهيبة لتلقين جورجيا درساً ما زالت تلعق مرارته حتى الآن وبرغم البؤر التي أجهها الغرب لروسيا في إقليم ناقورنو كراباخ وارمينيا، وبرغم الجسر الجوي والدعم اللوجستي العسكري والسياسي والاقتصادي (الصهيوأوروأمريكي) الذي وُفر لجورجيا ولكن كانت الهزيمة نكراء وتحاشى محور الشر المواجهة مع روسيا فكانت جورجيا الضحية، وعلينا أن ندرك أن روسيا دولة كبرى وهي وريثة الاتحاد السوفيتي، وأنها لا تقبل أي مزاح أو لعب أو تآمر ضد وحدة إتحادها، وروسيا الإتحادية تعلم جيداً وتراقب أياديهم الخفية التي تحرض في الشيشان وداغستان، لذا كشر الدب الروسي عن أنيابه في سوريا لهذا المحور الذي إستمرأ لعبة نشر (الفوضى الخلاقة) عبر الأقليات الإثنية والدينية لتفتيت وحدة الدول، ونفس الشيء شعرت به الصين ، لذا فإن الديبلوماسية السودانية كان يجب عليها لعب دور في لفت نظر هذه الدول جميعاً والعمل على دعوتها لتأسيس محور لمحاربة هذا التوجه( الصهيوأوروأمريكي) بدلاً من الرضوح لضغوطاته بقيادة أمريكا، وإن الظروف الموضوعية والإقليمية والدولية أصبحت مواتية لقيام هكذا محور خاصة أن مصالح روسيا والصين تتقاطع مع مصالح الدول المستضعفة والمستهدفة بالتقسيم وخاصة بعد عودة مصر لممارسة دورها الريادي في عالمها العربي والأفريقي، ولكن يبدو أن الديبلوماسية السودانية أصبحت أسيرة ومستسلمة للضغوطات دون أن تتحرك لحماية مصالح البلاد الاستراتيجية التي تستهدف وحدة أراضيها والتي يري الغرب إن إنفصال الجنوب ليس نهاية مطاف التقسيم بل الخطوة الأولى والهدف من تفتيت السودان هو إضعاف وإستهداف أمن مصر بتفتيت عمقها الإستراتيجي جنوباً وهو السودان.!! الهامش: - إلآمَ ستظل الديبلوماسية السودانية قعيدة وأسيرة العمل الديبلوماسي التقليدي الذي تجاوزه الزمن، ومتى تبدأ في التحرك الاستراتيجي الذي يخدم مصالحنا القومية العليا وسلامة أراضينا والعمل على قيام محور مقاوم لكل ما يهدد وحدة أراضي الدول والمحافظة على سيادتها؟!، وعندما ألقيت كلمتي في كلية سانت كاترين بأكسفورد في منتدى المائة شخصية المؤثرة عالمياً الذي إختارني هذا المنتدى ضمن المائة لعام 2011 وتحت عنوان( تحدث للعلم كسفير لبلدكSpeak To The World as Ambassador Of Your Country) تحدثت عن مآلات الحصار الذي تفرضه دول الاستعمار الجديد على إعتبار أنها تعتقد أنه عقاب للأنظمة التي لم ترضخ لرهن قرارها السيادي فأوضحت حقيقته بأنه عقاب لتحريض الشعوب ضد الأنظمة الحاكمة لخلق ظروف مواتية لنشر الفوضى الخلاقة لتفتيت وحدة تراب الدول وأن الدول الكبرى كروسيا الاتحادية والصين ليست بمنأى عن هذا المخطط وقد وجدت الكلمة صدى طيباً في دوائر المنتدي وحظيت بنقاشات جادة. وما أود أن أؤكده أنه ربما خارجيتنا لم تسمع حتى بإسم هذا المنتدي ناهيك عن إختياري للتحدث فيه!! - ليت خارجيتنا تلتفت لما يدور حولها وتستثمر الفرص بدلاً من تبادل الابتسامات في مفاوضات عبثية مع الحركة الشعبية جند لها المحور (الصهيوأوروأمريكي) كل الإمكانات لتحقيق أجندته وممارسة كل أنواع الضغوط والإبتزاز على السودان حتى تتحقق إستراتيجية التفتيت لمحاصرة مصر من خاصرتها!! والاستعانة في ذلك بأمثال فرقة (ع ع م) عرمان وقفة، لمن قرأ رواية (على جناح التبريزي وصاحبة قفة) ستكون التسمية أوضح.!! .. اللهم بلغت، اللهم أشهد . أقعدوا عافية!!