لم يجف بعد، حبر خبر عبد الفتاح عرمان المنشور بصحيفة سودانايل الإلكترونية و الذى نقل فيه تصريحات السفير برنستون ليمان، المبعوث الامريكي لشؤون السودان و هو الخبر الذى أكد و شدّد فيه السيد ليمان على ان بلاده لن تقوم بتطبيع علاقاتها مع نظام الخرطوم فى الظروف الحالية. و قد سبب ليمان قرار عدم تطبيع العلاقات مع نظام البشير بانتهاكات حقوق الانسان و قواعد الحروب التى تقوم بها حكومة الخرطوم. كانت الولاياتالمتحدة فى السابق، قد وعدت النظام بتطبيع علاقاتها معه و رفع اٍسمه من قائمة الانظمة الراعية للارهاب مكافئة له على الدور الباهر الذى لعبه فى تمزيق السودان بتهيئة مختلف سبل و متطالبات اٍنفصال الجنوب من الالف للياء. فالانقاذ قد نجحت بجدارة فى خلق الظروف اللازمة و المطلوبة، اٍقتصادياً و امنياً و ثقافياً التى تدفع نحو اٍنفصال الجنوب الجنوب و من جهة أخرى تعاونت الى أخر الشوط مع الترتيبات السياسية التى أفضت للانفصال. مع هذا نكصت الولاياتالمتحدة عن اٍلتزامها و أبقت العلاقات مع نظام الخرطوم على ما هى عليه و ظل النظام يحتله موقعه الدائم فى القائمة سيئة الصيت، قائمة الدول الراعية للارهاب. هذا وجه أمريكي فى التعامل مع النظام، قلنا ان حبره لم يجف بعد فاذا بالاخبار تحمل لنا وجه أخر فى تعامل الادارة الامريكية مع نظام الخرطوم. اٍذ تفاجئت الاوساط السياسية و الإعلامية بالاختراق الكبير الذى حدث فى المفاوضات بين الشمال و الجنوب و الاتفاق الاولى حول رسوم و ترتيبات مقبلة تخص اٍعادة تصدير نفط الجنوب عبر الشمال. اٍتفاق لم يكن على بال أكبر المتفائلين من من نتائج هذا التفاوض الجاري. تم هذا الاتفاق بضغط كبير على الجنوب من قبل الولاياتالمتحدة تولت كبره وزيرة الخارجية الامريكية بنفسها فى زيارتها الاخيرة لجوبا، فيا للعجب!. من المعلوم لكل المتابعين و المحللين ان اٍيقاف تصدير نفط الجنوب عبر الشمال قد أدخل نظام الخرطوم فى ورطة سياسية و اٍقتصادية كبيرة. و هى الورطة التى تسببت فى أقوى و أعنف اٍضطرابات شعبية واجهتها جماعة الانقاذية منذ سطوها على السلطة فى يونيو من العام 1989. كل المؤشرات السياسية و الاقتصادية كانت تشير الى أن أزمة نظام الخرطوم تزداد و تتعمّق مع الوقت و بمرر كل يوم جديد يمر و تصدير النفط الجنوبي متوقف. اٍذن ما الذى جعل الادارة الامريكية تمد يد العون للنظام الداعم للارهاب، منتهك حقوق الانسان و قواعد الحروب؟. لماذا تنقذه و هو قد بداء يلفظ أنفاسه رويداً رويداً و يضق حوله خناق الازمة كل صباح جديد؟ أسئلة مشروعة جداً تطفر للخاطر، عندما نتأمل هذه المواقف المتناقضة من قبل الولاياتالمتحدة تجاه نظام الخرطوم. فهى تتجنب تطبيع العلاقات معه و تصمه بالارهاب فى الصباح و تمد له يد العون من حيث لا يحتسب أخر المساء. كيف تساعد الولاياتالمتحدة على ضخ شريان الحياة فى اوصال النظام و دماء فقراء نيالا التى سفكها نظام الخرطوم مازالت طرية ندية تبلل وجه الاديم. اين دعاوي حقوق الانسان هذه؟ ما هى الرسالة اٍذن؟ يقتل النظام 12 من طلاب المدارس اليوم و يحصل غداً على مكافئة كبيرة باخراجه من عنق الزجاجه. هذا التناقض الذى تراه عزيزي القارئ فى مواقف امريكا ضد النظام هو مجرّد تناقض ظاهري يزول بمجرد الحفر بضع سنتمترات تحت السطح. الولاياتالمتحدة دولة لا تهمها حقوق الانسان و لا رعاية الارهاب، الولاياتالمتحدة تتحرك فيها العالم و عينها على شئ وحيد هو مصالحها فى بلدان العالم الاخري. السياسية الامريكية تجاه الانظمة الاخري لا تشكّلها حقوق الانسان و قيم الحرية و الديمقراطية اٍنما تشكلها المصلحة و المصلحة و المكاسب فقط. تحقيق المصالح الامريكية و اٍنتزاعها من الاخرين فى هذا العالم اللُجى المتلاطم يتطلب اٍضعافهم و اٍقعادهم عن النهوض و القدرة على المقاومة، و هل هناك من هو أضعف من دولة راعية للارهاب منتهكه لحقوق الانسان و قواعد الحروب و رئيسها طريد للعدالة الدولية؟. أمريكا تحب البشير و تسعى لابقاءه فى السلطة. abubakr salih [[email protected]]