رئيس تحرير صحيفة سودانايل الالكترونية سلام الله عليكم وبعد/ أنا طبيب وكاتب واعد من أبناء مسلمي ميانمار. درست مرحلة البكالوريوس في الطب والجراحة بجامعة إفريقيا العالمية وتخرجت فيها عام 2009 وأعمل حاليا في بنجلاديش كطبيب مقيم في الجراحة العامة. بما أنني أحد أبناء المسلمين البورميين الذين طالهم إضطهاد الحكومات العسكرية المتوالية في بورما وانتشروا في بقاع شتى من العالم، وقد وفقني الله لتعلم العربية ورزقني القدرة على الكتابة بلغة الضاد، وبحكم كوني مناضلا اعزل لا أملك حاليا الا قلمي وفكري، فقد عاهدت نفسي أن أناضل بهما واعرف القارئ العربي بمجريات الأحداث وما يدور وراءها من سياسات ومؤامرات في منطقة الهند الصينية وبورما على وجه الخصوص. ولي عدة محاولات للكتابة في المجال السياسي، تحليلا وتنظيرا ورؤية، فيما يخص ميانمار وأراكان بصورة خاصة. ومن ضمنها هذه المقالة التي أطلب إليكم أن تتفضلوا بنشر الجزء الأول منها وهي كالتالي : ----------------------------------------------------- يرى المثقفون من الفئة المعتدلة في يانجون أن أحداث العنف التي اندلعت في ولاية ركاين الغربية هي نذير شؤم تهدد جميع مناطق وولايات البلاد. إذ الصراع العرقي كان مصيراً محتوماً للبلاد منذ الاستقلال. ولكن قبضة العسكر الحديدية على الشعب منعت حدوث مثل هذه الحرب الأهلية في دولة تضم أكثر من خمسة وثلاثية ومئة عرق منحدر من الأجناس المنغولية والإندوآرية. ولعل الناظر يدرك وبسهولة أن العسكر لم يمنعوا تلك الصراعات الإثنية حباً في فرض النظام ونشر الأمن والاستقرار في البلاد. وإنما ليصفو لهم الجو ليقبضوا على زمام الأمور. فقد لعب النظام العسكري في بورما دور (حاميها حراميها) و (القاتل يشيع جنازة القتيل) ببراعة ودقة لا مثيل لهما. اندلاع العنف ضد الروهنجيا وتبني الركاين دور الجلاد نيابة عن الحكومة حتما سيجر البلاد إلى حرب أهلية تنتظرها البلاد منذ عقود. كما أنها أفقدت الديمقراطية مصداقيتها في مهدها؛ لأن المراقبين كادوا أن يجمعوا بأنها ولدت خداجاً على يد المتحولين من العسكر الذين لبسوا مسوح المدنيين ليخادعوا المجتمع الدولي الذي بات متذمرا ومستنكرا لميانمار وحكومتها العسكرية السابقة التي ساهمت و بلا تؤدة أن تجعل من دولة آسيوية واعدة اقتصادياً وسياسياً دولة لا تحمل أي أمارة أو علامة لصلاحيتها لسكنى البشر الأسوياء، كقطعة يابسة في كوكب آخر. ومن الواضح أن الروهنجيا هو سلاح مثالي ورخيص للعسكرين في الماضي والحاضر. فقد استخدمته ضد زعيمة المعارضة المسكينة سوتشي، التي نالت حريتها أخيرا من الإقامة الجبرية في (مطبخها) وصار لها تمثيل في البرلمان. مسكينة هذه المناضلة. لم تستطع حتى أن تستمتع (بكعكة) نوبل للسلام، حين سمح لها أن تفطر في أوروبا بعد صيام عقود في بورما. فبات ضميرها (يؤنبها) لمقتل شعبها التي لا تعرفه ولا تعترف به، على يد إخوتها في الدين تحت مباركة إخوتها من العرق والدم. كثر العتاب واللوم على تلك السيدة المسكينة التي أبت أن تنبس ببنت شفه أو تطلق أي عبارة استنكار صريح أو غير صريح لما يجري علي الروهنجيا من أهوال وتقتيل وتحريق، وذلك حفاظاً وضماناً لمناصرة وتأييد إخوتها في الدين. هذه السيدة التي نالت مؤهلات عالية من أكسفورد، وعاشت في المملكة المتحدة، وتزوجت شاباً إنجليزياً، وأنجبت منه أطفالاً، لم يجعل كل ذلك منها شخصاً مؤمناً حقا بحقوق الإنسان. بل هي كبني جلدتها المتعصبين لعرقهم والكارهين لغيرهم لحد النخاع! هذه هي السيدة التي ستقود الديمقراطية في ميانمار، لا تملك القدرة أن تقهر ما نشأت عليه، ولا تملك الشجاعة أن تقف في وجه أبناء جلدتها ليوقفوا هذا العنف الجبان ضد الروهنجيا العزل. هذه هي السيدة المثقفة التي لا تقوى على الاعتراف بالحقائق التاريخية، فتتمادى في غيها لتمضي على سنة أبيها في إنكار الحق وإزهاقه. وحق لها كما لغيرها من الفتيات أن تعجب بأبيها. ولكن أن تدعي وتتزعم حركة ديمقراطية وتظهر على صورة ناشطة لحقوق الإنسان، فهذا والله هو الكذب الصراح والبهتان المبين! وللحديث بقية... بقلم أحمد شفيع سراج الإسلام طبيب وكاتب من أبناء مسلمي ميانمار دكا عاصمة بنجلاديش. أحمدشفيع 14/8/2012 Shafi [[email protected]] ///////////////