عوضا عن اجازة صيفية وتبديل للطائرات والمطارات دلفنا لفندق " ارميلة " بسوق واقف وسط البلد بعد حجز مسبق ان الدخول للازقة ومحال الاكلات الشعبية وكناتين البهارات والاناتيك يعتبره الكثيرون تقليد شهري إن لم يكن اسبوعي وسوق واقف دخل لصناعة الثقافية التراثية السياحية لقطر بامتياز وخطف البساط من تحت اقدام الاسواق الشعبية المشهورة في دول العالم لانه نسيج متقن ما بين الماضي المفعم بادواته وشخوصه المعطر برائحة البخور واللبان وحبة البركة وسلال الخوص وثوب النشل وكثير من ما نحتاجه من اعشاب وخرز وحلاويات وعسل وتمور وما بين العصرنة باجهزة التقانة ووسائل التواصل الاجتماعي التي تشارك جالسي المقاهي جلساتهم وانسهم الخافت وضحكاتهم المجلجلة . غرفت من بخور اللبان وعيدان الدارسين والبهارات الخليجية المخلوطة بالنزنجبيل والثوم والكركم وحبات من حلاوة البقرة والهريش ولم ارجع للفندق إلا واطراف الليل اسدلت اطرافها وتعبقت اطراف ثوبي برائحة الهيل والعطورات العربية. ما اجمل ان تدخل لفندق " ارميلة " وكانك تدلف لمغارة علاء الدين التي ترسخت في الوجدان الطفولي بانها تاتي بكل جميل ليستقبلك موظفى البوتيك بترحاب وحممية لتلامس أعينك فخامة الاثاث الخشبي المعتق ولوحات فنية تراصصت على اسطح الممرات للغرف ونسيج سعف النخيل وقباب المساجد وكم تمنيت ان تقع عيناي على لوحات لفنانين وفنانات تشكيليين فالفنان القطري ابدع في رسم التراث الشعبي فتلك المبدعة وضحى السليطي جعلت من الثوب الخليجي والدراعة لوحة فنية وذاك عبدالرحمن المطاوعة جسم العمارة القطرية وجعلها حاضرة بيننا بكل وهجها وضجيج سكانها وانفاسهم الحميمة . وطالما كان الدخول لفندق ارميلة كسر للحاجز النفسي بعدم السفر في اجازة صيفية لفترة امتدت لاكثر من سنتين ذهبنا الى فندق مشيرب المجاور لتناول وجبة العشاء وهو ضمن سلسلة البوتيك بسوق واقف والمصنفة خمسة نجوم والتي تتراوح غرفها ما بين اربعة عشر وسبعة وثلاثون غرفة .. المطعم بطاولاته المحدودة يعطيك الاحساس بانك الضيف الاهم وكان سمك الهامور المبخر وريش الضان المشوي والمقبلات العربية سيدة للموقف في ظل اضاءات الشموع التي تتراقص كأنها تشارك الضيوف وليمتهم المصنوعة بيد طباخ بين الفينة والاخرى يطل على ضيوفه ليلمس رضاءهم وتلذذهم . لم تكن الصورة لتكتمل دون جولة لسلسلة فنادق واقف فصباح اليوم الثاني دلفنا " الجسرة " اول ما لفت نظري شجرتي الزيتون التي غرست بالمدخل كرمز للسلام والمحبة تلك الشجرة المباركة والتي يعتد بها كل عربي مسلم ان اسم " الجسرة " واخواتها جاءت من بطون تاريخ قطر القديمة وكاشهر شارع في صفحات سجلها العمراني ينتسب له نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي الذي طاف خلال القرن الماضي باسم قطر في كثير من المحافل الثقافية واستضاف عباقرة الفكر العربي وشعراء سوق عكاز العرب ومفكريها . الجسرة يستعد الان للدخول لخارطة الخدمة الفندقية ضمن خارطة السياحة والثقافة وهو مزيج من الفخامة باجنحته المميزة واثاثه الذي مازج ما بين وهج الماضي باستدعاء قرناطة وقرطبة واندلس اشبيلية بحماماتها المغربية ومشربيات الخشب وفخامة الحمامات بتكنلوجيا المنتج الاروبي وشاشات البلازما وتقانة الازرار التي تتبعك اينما كنت لبوبات التواصل الاجتماعي والفيس بوك واخواته . صحيح ان الكثيرون تروق لهم سلسلة الفنادق العالمية التي سكنت الابراج الزجاجية العالية ولكن البعض يعشق طين الارض وسلال شجيرات النخيل وبخور اللبان والزنجبيل والامكنة القادمة جديدا من ازقة المدن القديمة كإرميلة والجسرة والبدع ومشيرب واخواتهن لتكتمل رزنامة ملامح الدوحة العصرية وسوق واقف بايادي مهندسي المكتب الهندسي الخاص الذي اتقن الصنعة وهكذا هي البلاد التي تريد ان يعيش تراثها ويمشي بين الناس حيا في مقابل دول دفنت ارثها وتراثها وذوبت هويتها واضاعت بوصلتها في كتاب التاريخ . [email protected] عواطف عبداللطيف اعلامية مقيمة بقطر همسة : تابعوا الاسبوع القادم .. أسطح سوق واقف ما هذا !!! .