11/09/2012 الخرطوم 11 سبتمبر 2012 --حين استلمت مهامي كممثّل خاصّ مشترك في 22 يناير 2010، أدركت إنّ الغرض من بعثة الاتّحاد الأفريقي والأممالمتحدة في دارفور (يوناميد) هوالاسهام في إحلال السلام والاستقرار في دارفور، ووضعت نصب عينيّ أربعة أهداف أساسيّة وهي: دعم عمليّة السلام بشكل فعّال والمساعدة في تعزيز العلاقات بين السودان والتشاد وتسهيل وتعزيز الأمن للمدنيّين وموظّفي الأمم المتّحدة وتشجيع ودعم وتسهيل الانتقال من حالة الإغاثة الطارئة إلى مرحلة الإنعاش المبكر حيثما أمكن. وتعهّدت أن أبذل قصارى جهدي للعمل مع أصحاب المصلحة للمساعدة على تحقيق هذه الأهداف المنصوص عليها في تفويض البعثة. ويسرّني القول إنّه بعد مرور 31 شهراً، تمّ تحقيق معظم هذه الأهداف. اذ تمّ توقيع وثيقة الدوحة للسلام في دارفور في يوليو 2011. ومن المسلّم به أنّه سواء كان ذلك داخل السودان أم خارجه، فإنّ وثيقة الدوحة للسلام في دارفور تبقى وثيقة سلام قابلة للتطبيق وتمهّد الطريق لمستقبل أفضل بالنسبة إلى جميع أهل دارفور إذ أنّها تعالج الأسباب الجذريّة للنزاع وعواقبه. ولقد تنقّلت بشكل مكثّف عبر دارفور وحولها وقابلت وعملت مع الحكومة السودانية والحركات المسلّحة والنازحين ومجموعات المجتمع المدني والشركاء الدوليين وذلك بغية حشد الجهود لدعم السلام في المنطقة. وخلال هذه اللقاءات ولا سيّما مع رجال ونساء دارفور في مخيمات النازحين ومع جميع فئات المجتمع، كانت هذه دائما رسالتي للجميع: ضرورة وضع حدّ للعداءات والحاجة الملحة إلى السلام والتنمية. فلقد عانى أهل دارفور كثيراً ولمدة طويلة وحان الوقت لمساعدتهم. ومع أنتهاء مهامي مع البعثة، يسرّني القول إنّه تمّ أخذ خطوات فعليّة في ما يتعلّق بتنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في دارفور. وإنّني أحثّ جميع الأطراف الموقّعين على الاستمرار بالتزامهم والحرص على التنفيذ التامّ لأحكام وثيقة الدوحة للسلام في دارفور في الوقت المناسب، إذ أنّ وثيقة الدوحة للسلام تنطوي على وعد بإدخال تحسينات فعليّة على حياة أهل دارفور وذلك في بيئة آمنة ومأمونة. ففي ظلّ هذه البيئة الآمنة والمستقرّة يمكن لأصحاب المصلحة بما فيهم الشركاء الدوليين الرئيسيين والمانحين، تعزيز وتسهيل الانتقال من مرحلة الإغاثة الطارئة إلى مرحلة الإنعاش المبكر والتنمية في دارفور. وإنّ سلطة دارفور الإقليميّة القيّمة بحسب تفويضها على تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في دارفور تحتاج إلى وتستحقّ دعمنا لجميع أوجه عملها. ومنذ استلامي لمهمّتي الإضافيّة ككبير مؤقّت للوسطاء منذ ما يناهز العام، سعيت جاهداً للحصول على دعم جميع أصحاب المصالح ولا سيّما مع الحركات الغير موقعه، وذلك بالتنسيق والتعاون مع أصحاب المصلحة الرئيسيّين بما في ذلك الحكومة السودانيّة. وفي حين ما زال الدرب نحو تحقيق سلام شامل ومستدام في دارفور صعب وطويل، أنا علي ثقّة أنّه بوجود حسن النيّة لدى جميع الأطراف، يمكن تحقيق السلام في دارفور. واسمحوا لي أن أقول و أكرّر إنّه بغضّ النظر عن اختلاف مواقف واستراتيجيّات جميع الأطراف المعنيين، لا بدّ من أن تبقى مصلحة أهل دارفور بإحلال السلام والاستقرارهي الغاية الأسمى. لقد أدخلت يوناميد تغييراً إيجابياً في حياة العديد من أهل دارفور ولا سيّما الفئات الأضعف بينهم. اذ أنّ دوريّات البعثة النهاريّة والليليّة قد ازدادت من ال 90 الى ما يفوق ال 160 دورية يومياً، كما أنّ تواجد بعثة يوناميد داخل عدد من مخيمات النازحين وبالقرب منها قد أنقذ حياة الآلاف من أهل دارفور. بالفعل لقد قطعت البعثة شوطاً طويلاً مكنها من حماية المدنيين بطريقة أفضل ومن تسهيل وصول المساعدات الإنسانيّة لمن هم بأمسّ الحاجة إليها. اذ تمكّنت البعثة من دخول مناطق لم يكن بلوغها ممكناً على مرّ السنوات على غرار جبل مرّة. إضافة إلى ذلك، نفّذت البعثة ما يقارب 460 مشروعاً سريع الأثر في مجالات التعليم والصحّة والمياه وتنمية المرأة وسيادة القانون. وفي ظلّ ظروف قاسية جداً، يساعد أفراد نظاميون تابعين للبعثة في بناء الطرقات وحفر الآبار ونقاط جمع المياه بدون السعي إلى لفت الأنظار. وما ذكرته آنفاً ليس الا القليل من إنجازات البعثة الفريدة من نوعها من حيث تصميمها ومصيرها. بحلول نهاية ولايتي مع يوناميد، ها أنا أغادر السودان وكلّي فخر واعتزاز. فخلال السنتين والسبعة أشهر الفائتة، كان لي الشرف بقيادة رجال ونساء يوناميد الملتزمين وقد كان العمل الشاق الذي قام به موظّفو البعثة الوطنيون والدوليون في ظلّ ظروف قاسية مصدر إلهام بالنسبة إليّ. ولا بدّ لي من الإعراب عن تقديري للرجال والنساء ال 38 الذين ضحوا بحياتهم خلال الخدمة وذلك منذ إنشاء البعثة. فلترقد أرواحهم بسلام. وأفضل ما يمكننا فعله تخليداً لذكراهم هو مضاعفة جهودنا في تنفيذ تفويض البعثة حرصاً على ألاّ يذهب موتهم سدىً. وأودّ هنا الإشادة بجهد السيّد جبريل باسولي، سلفي في منصب كبير الوسطاء المشترك، والإعراب عن احترامي وتقديري للالتزام الثابت والتركيز الشخصي الذي أبداه نائب رئيس الوزراء القطري المحمود وكذلك كرم أمير دولة قطر والتزامه العظيمين. وبمشاركة قيادات الأطراف الموقعين على وثيقة الدوحة للسلام في دارفور وفريق الأممالمتحدة القطري و وأهل دارفوروالهيئات الديبلوماسيّة ورجال ونساء يوناميد، تمكّنا كلّنا معاً من بناء لبنة أساسية لمستقبل أحسن في دارفور، مستقبل يملؤه السلام والاستقرار والإنعاش والتنمية. ولنستمرّ كلّنا معاً بدعم الأطراف الموقّعين على وثيقة الدوحة للسلام في دارفور خلال المضي قدما بناء على هذه الأساسات. وأشدّد على كلمة معاً لأنّ دارفور والسودان سيرافقانني دائماً وكونوا على ثقة بأنّني سأستمرّ بتحشد الدعم للسلام في دارفور حيثما كنت ومهما كان منصبي في المستقبل. شكراً ولينعم الله على أهل دارفور والسودان بالسلام. *****