لا شك أن التطرف الديني والمذهبي هو أكبر وأخطر قاتل في التاريخ البشري فقد أدى التطرف لنشوب الكثير من الحروب القديمة والحديثة بين اليهود والمسيحيين والمسلمين، وبين المسلمين السنة والشيعة كحرب إيران والعراق في عام 1980 وبين المسيحيين الكاثوليك والبروتستانت في أوربا كحرب الثلاثين في 1618، ولعل أكبر مفارقات حرب الثلاثين هي إضطرار المسيحيين الألمان ، بعد إنتهائها، إلى فرض تعدد الزوجات على من تبقى من الرجال والرهبان بغرض حل المشكلة البيولوجية الخطيرة التي نجمت عن وفرة النساء وندرة الرجال في مخالفة صريحة لتعاليم المسيحية نفسها! من المؤكد أن حروب التطرف قد أدت إلى قتل وجرح ملايين البشر وتدمير مئات الآلاف من المدن والقرى وأماكن العبادة وإهدار موارد مالية لا حصر لها وأن هذه الحصيلة المرعبة آخذة في الارتفاع حتى تاريخ اليوم ولعل آخر مظاهرها فتنة انتاج فيلم مسيء للاسلام في الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي أدت إلى اندلاع مظاهرات عنيفة في مصر، ليبيا ، تونس، اليمن، إيران ، العراق وباكستان ، لبنان والسودان ووقوع هجمات على سفارات الولاياتالمتحدة في عدة دول إسلامية وتسببت في قتل السفير الأمريكي في ليبيا بتاريخ 11 سبتمبر 2012 وهو ذات تاريخ الذكرى السنوية لهجمات القاعدة على الولاياتالمتحدة في 11 سبتمبر 2001 والتي أدت لهجوم حلف الناتو بقيادة الولاياتالمتحدة على العراق وعلى أفغانستان التي ما زالت معاركها محتدمة حتى تاريخ اليوم! لا شك أن حكماء الديانات والمذاهب الدينية الكبرى قد أدركوا أن التطرف هو عدو لدود للجميع وأن السلام لن يتحقق إلا عبر التعايش السلمي بين الأديان والمذاهب المختلفة وأن استحضار العداوات التاريخية القديمة وتأجيج الفتن الدينية والمذهبية هو فعل شيطاني يؤدي إلى إسالة دماء الأبرياء من جميع الملل ولا يستفيد منه إلا صناع وتجار السلاح ، كما أيقنوا أن إنشاء مراكز لحوار الأديان والمذاهب في هذه الدولة أو تلك لا يكفي وحده لمنع وقوع المزيد من الفتن الدينية والمذهبية ولعل السؤال الهام الذي يطرح نفسه الآن هو: ماهو المخرج الذي يؤدي لنشر ثقافة التسامح الديني والمذهبي ويجنب أهل كل الأديان والمذاهب ويلات الحروب والفتن الدينية والمذهبية التي لا تبقى ولا تذر؟ من المؤكد أن حماية كل الأديان والمذاهب الكبرى يجب أن تكون خطاً أحمراً ويجب أن يفهم الجميع بأن الحرية الشخصية لا تعني بأي حال من الأحوال حرية الإساءة إلى الأديان والمذاهب وأن اقتحام السفارات وقتل السفراء والدبلوماسيين هو جريمة خطيرة لا تقل خطورة عن جريمة الإساءة إلى الأديان والمذاهب ومن المحتمل أن تؤدي إلى ردود فعل انتقامية تطال الجميع ، من المؤكد أيضاً أن منع الفتن الدينية والمذهبية لن يتم إلا عبر القانون الدولي والمحلي وأن هذه المهمة الضخمة الشديدة الأهمية تتطلب صياغة وتوقيع اتفاقية دولية مكرسة لمنع الإساءة إلى الأديان والمذاهب الدينية تتبناها وتنفذها الأممالمتحدة كما تستلزم قيام الدول الأعضاء في الأممالمتحدة بتقنين حظر الإساءة إلى الأديان والمذاهب في قوانينها المحلية وتفعيل تلك القوانين ومراقبة تطبيقها وضبط ومعاقبة مخالفيها عبر مؤسسات فاعلة وإلا فإن أجهزة التلفزة سوف تواصل نقلها الحي على مدار الساعة للمزيد من مشاهد القتل والدمار التي تقع بسبب التطرف الديني والمذهبي وتثبت لنا بالدليل القاطع أن مقولة اينشتاين التي مفادها "إثنان لا حدود لهما : الكون والغباء البشري" هي مقولة صحيحة وتنطبق تماماً على كل البشر! sara abdulla [[email protected]]