بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى: ( هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس بقلم: د. أبوبكر يوسف إبراهيم* توطئة: طاوعتني قدماي لأصل إتحاد الصحفيين لتحية الرجل الكبير د. محي الدين تيتاوي الذي لم يحالفني الحظ بلقائه لإرتباطاته ومشغولياته ومثله نجد له بدلاً من العذر ألف عذر، وكنت في معية الصديق رجل الإدارة " الدوغري" بالحكومات المحلية سابقاً الذي كان من ضحايا ظلم الأنظمة التي لا تراعي حرمة الحق في الحياة؛ ذاك هو الصُحفي المحضرم محمد المبروك الذي أصر بتأجيل كل ارتباطاته من أجل أن يتفرغ لي .. كان أريحياً في قمة الكرم والود والخلق الكريم والتواضع كما يقول أولاد جون عن وصف أمثاله (Down to earth) ، ولكن تصادف أن وجدنا من كنا نحسن الظن بهم من على البعد!! وجدناه طاؤوساً في غاية الخيلاء والكبر وكما يقولون:" يا أرض انهدي ما عليكي مثلي" ، حقيقةً صدمت من على القرب حتى شعر الأخ الأستاذ محمد المبروك بالحرج الشديد خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن محمد مبروك عضو لجان الاتحاد التنفيذية، وهو من شرفتني الأيام بمعرفته والذي أصر عليّ بزيارة الخرطوم لنلتقي وجهاً لوجه بعد أن كنا نلتقي اسفيرياً، وبعد كثيرٍ من الوعود التي شاء الله أن لا تتحقق لظروف خاصة وعملية كثيرة، ولما كنت إنساناً قدرياً مثله يؤمن بأن كل شيء بقدر لم تتحقق إلا مؤخراً. حاولت أن أشعر أخي محمد مبروك بأنني لم أتنبه لتصرف زميله لما شعرته من تحرج الأستاذ مبروك ورجلٌ في مثل حساسيته أشعر شخصياً بالضيق إت تحمّلأ وزر غيره، خاصة أن الطاؤوس كثيراً ما يطل علينا في الفضائيات السودانية يحاول أن يتقمص شخصية المتواضع الملتزم دينياً واستغربت في دهشة المصدوم أن أمثاله يدركون أن خلق الاسلام تجلى في تحذير نبينا من الكبر لدرجة أن التحذير وصل درجة الحرمان من الجنة فقال رسولنا الكريم عليه صلوات الله:( لن يدخل الجنة من في نفسه ذرة من كبر) أو نحوه.. حقاً أن الاسلام خلق وعمل وليس مظاهرقد تخفي ورائها من رياء واستعلاء.. تخيلوا أن يرائي ويستعلى الطواويس!!. المتن: في ذات الوقت إلتقيت شرفني وتفضل عليّ محمد مبروك وعرفني بمجموعة من الصحُفيون السوامق من الذين سبقتهم كلمتهم وسمعتهم و تعدت فضاء وآفاق السودان ومهاجر السودانيين وهم أهل الكلمة الراقية الصادقة، ذوي الأرواح النقية نقاء الحليب، جعل ما شعرت به من مرارة يغلب عليه فيض الخلق الكريم من الغلبة من الصحفيين الذين غمروني بودهم ومحبتهم، فكانوا ترياقاً يشفي من سمٍ زعاف نفثه من نعتقد أنهم أهل الكلم الطيب!!. كنت حريصاً على أن أزور في معية أخي مبروك صديقنا القامة الكاتب والاعلامي والصحفي وحزينة المعلوماتية المنافح الأخ الأستاذ عبد المحمود الكرنكي في مكاتب الانتباهة ، وعندما إلتقيته وكما العادة لم يتغير كحال المعادن النفيسة والأحجار الكريمة النادرة، كان وما زال وسيظل - وكما العهد به- قمة التواضع، استقبلنا هاشاً باشاً، فاستعدنا ذكريات المنافحات والمجاهدات يوم كانت الطواويس تحبو في بلاط صاحبة الجلالة.. إن دقائق قليلة في حضرة الكرنكي هي دهرٌ بأكمله، ويحق توصيفه بأنك أمام مفكر مثير وشيق ومتميز.. ليتنا نتعلم منه أدب ااحوار وأدبيات إدارة الاختلاف .. لترحاب والحفاوة!!.. فتبسمك في وجه أخيك صدقة.. لله درك يا أيها الكرنكي!! كما جاءني الاستاذ طارق الجزولي مقتفياً أثري في فندق ريجنسي رغم أنه كان مشغولاً بالتحضير للسفر في اليوم التالي، طارق الجزولي لمن لا يعرفه إنسان بكل ما تحمل كلمة إنسان من معنى .. يمثل بساطة أهل السودان في أرقى معانيها، وهو مهني ملتزم، وساحة رأي ورأي آخر، لا يؤمن بأن من ليس مع فهو بالضرورة ضدى. عانى في سبيل المهنة ما عانى حتى وصلت المعاناة لقمة العيش، ولكنه لم يكترث، وظل صامداً تدور ساقيته، يبتسم حتى في أسوأ وأحلك الظروف التي تستدعي البكاء.. إني والله أغبطك يا طارق على نعمة الصبر وحسبك أن الله بشّر الصابرين. أما الخريدة التي إلتقيته هو عاصم البلال، فتح لي الرجل قلبه وفكره كما فتح لي أبواب دار أخبار اليوم وشقيقاتها هو وصديقي اللدود الودود محمد مبروك، جلست في مكتبه وجه لوجه، فعاصم يجيد ويجد لذة في تطبيق فطرة أهله ، ترحاب وابتسام وقولٌ بمعروف ، تحدثنا في كل شيء، كل شيء.. أحاديث مشتاق لمشتاق ، وكأننا نعرف بعضنا من زمن بعيد، موغل.. موغل في القدم، فعاصم يتمتع بشفافية صوفية ودماثة خلق، وهو إنسان فريد من طراز رفيع، ومن أميز صفاته السليقة والفطرة، وهذا دأب الآتون من جذور دوحة السائحون في رحاب الله، أما عن عاصم الصحفي فهو مهني محترف وملتزم، ويدرك كيف ينزل الناس منازلهم مهما كان تواضعهم وزهدهم.. اللهم أدم عليه هذه الصفات فهي نِعَمٌ ربانية يختص بها غير الطواويس!! إبننا الحبيب الصحفي الشاب النابه عطّاف محمد مختار والله كنت حريص على مقابلتك وأستشهد بالأستاذ محمد مبروك ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن‘ فقد وصل بي الضيق يا بني من بعضهم فبكرت سفري يوماً كاملاً.. أنت ضحية الطواويس يا أخي الحبيب، الآن أدركت كنه عبارة أن هذا البلد يطرد أهله حتى الزائرون له وغير المقيمون فيه. أذكر أن صديق لي روى لي قصة صحفي يعمل في صحيفة عربية تصدر في لندن- يعتبر أن إنتسابه لتلك الصحيفة التي عليها قولان شرفٌ لا يدانيه شرف- تهرب من مقابلة صحفي قامة هو محجوب عروة، كما تنصل من تقديم عون معنوي لصديق وزميل صحفي سوداني فرنسي عند زيارته له ولعمري أن من تنصل لا يحمل ربع مؤهلات ولا علم ولا فكر عثمان المجمر!! .. نحن أمام تجارب إنسانية مخزية ضربت أروع الأمثلة في خستها ونرجسيتها وغيرتها المهنية وكأنها تخاف على لقمتها من هذا القادم، أمثال هؤلاء وبحمد الله هم قلة يضربون بين قبيلة الصحفيين الفوارس الذين يسرجون خيل الكلمة المطهمة بالحق، أما هذه القلة فهي تضرب أسوأ الأمثلة في حب الذات والتنكر للمنظومة القيمية التقليدية لأهل السودان والتي حقّ عليها المثل الدارج (ما ينبح في ضيفه إلا الكلب)!! إنهم ذاك المثل الحي في عدم الإيمان فلو انستروا مع زوارهم لأتاهم رزقهم الذي ضمنه رب الأرباب والأرزاق منذ لحظة ميلادهم حتى مماتهم، يبدو أن الطاؤوس الذي صدمني هو خريج مدرسة أمثال هؤلاء النرجسيون.. حمانا وحماكم الله!! الهامش: إلتقيت الأستاذ جمال عنقره بمركز د. راشد دياب؛ حين تشرفت بحضور ليلته ليلاء من أجل الأخذ بيد سودانير، كان حفياً أريحياً مرحباً كأم العروس، إلقيت في المركز بثلة من الرموز الخوالد منهم الأخ الكابتن شيخ الدين رائد الطيران في السودان، بالأخ الوزير أحمد بلال وحرمه ، وبالأخ الوزير الشاب الصادق حماد وبالأخ الدكتور راشد دياب وحقيقة علي أن أنوه بهذا الجهد الجبار في إبراز الصلة للعضوية للفنون بالمجتمع، قلت لراشد: لقد أدهشتني ساقية الصاوي في القاهرة ولكن عندما زرت مركزك أدركت كم أن إعلامنا متقاعس لايعرف كيف يسوق الثقافة السودانية ويصنع الرموز، لذا فإن كل معادننا النفيسة وأحجارنا الكريمة من المبدعين والذين هم ثروتنا القومية سيظل حبيسة في باطن عقل الطواويس لنرجسيتهم لأنها لا تعرف قدر المبدعون الذين يفترض أن تتباهى بهم أمتهم بين الأمم.!! قصاصة: إلى د. محي الدين تيتاوي: جئتك مهرولاً مع الأخ محمد مبروك يغمرني شوقٌ إلى لقياك دون سابق موعد، وشاءت ظروفك المهنية أن لا نلتقي، ولكن من فوائد السفر أن الانسان يلتقي بعض من كان يشاهدهم ويسمعهم إسفيرياً فقد أسفروا عن وجهوهم خارج القناع ، ومع ذلك أحمد الله ففي سفرتي هذه تعلمت شيئاً جديداً هو أن الطواويس التي تتمسح بمسوح الدين وتظهر في العلن بغير حقيقتها تضمر من سوءآتها ما أساءت به لنفسها فأعطت المثل القميء المسفر عنها ، أعترف الآن بما يسمى خداع البصر!! أخي محمد المبروك إن المرجان والعقيق لا يوجد إلا مصادفة في الجزر البعيدة ومنافي الصدف عندما وجدتُكَ تشبَّثْتُ بك مثلما تشبثتَ بي .. فقد قرأتُ سيرتكف ي غيهب المصادفات .. وجدتُك كنتُ أشتاق إلى الوطن وناسه.وجدتُك في متاهة الحرمان من أبسط ما يمكن أن يخالج الإنسان في غربته ذاك هو "الحنين ".. أذكرك بكلماتٍ قلتها لك: كل إنسان يستطيع أن يبكي ولكن الغربة علمتنا معنى وكيفية البكاء والدمع المر!! مودتي وتقديري... (عضو رابطة الاعلاميين بالرياض) [email protected]