وضع الجنوب عند الانفصال أفضل من أوضاع الدول الإفريقية التي استقلت في الستينيات والسبعينيات الفساد يمثل سرطانا.. والأموال المنهوبة كان يمكنها إنشاء 40 ألف مدرسة اتفاق أديس أبابا به نقاط كثيرة غير واضحة وهو فى صالح الشمال استقبلت وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الاهرام الدكتور لام أكول أجاوين رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان - التغيير الديمقراطى، ووزير خارجية السودان الاسبق، وذلك فى ندوة بعنوان " تحديات بناء الدولة الوطنية فى جنوب السودان " . وقد قدمه هانئ رسلان رئيس الوحدة بقوله: ان لام اكول قيادى بارز شغل مواقع عديدة فى الحكم والمعارضة وله اسهامات بارزة فى مسيرة جنوب السودان وفى تطور وتاريخ الحركة الشعبية لتحرير السودان اتفاقا واختلافا، وهو صاحب رأى وموقف منذ بداياته الاولى حين كان طالبا بكلية الهندسة جامعة الخرطوم وحقق واحدا من اعلى المعدلات الدراسية فى تاريخها وهو فضلا عن اسهاماته فى المجالين السياسى والعسكرى مفكر وكاتب له العديد من الكتب الهامة حول ازمة الجنوب كجزء من الازمة السودانية العامة ، وقد ترجمت بعض هذه الكتب الى اللغة العربية . وقال رسلان ان استضافة لام اكول اليوم هى جزء من الجهود الهادفة الى المزيد من التعرف على جنوب السودان وقضاياه، وانه من الصحيح ان مصر تحتفظ بتاريخ طويل من التعاون والعلاقات الودية مع الجنوب ولكن ذلك كان على مستوى مؤسسات الدولة الرسمية، وان الوقت قد حان لكى يكون هناك المزيد من التواصل وتجسير الفجوة على الصعد المختلفة. وفى مطلع حديثه اشار لام اكول الى محورية قضايا البناء الوطنى فى جنوب السودان، باعتبارها الدولة الاحدث فى العالم، وان هذا يعنى ان هناك تجارب وسوابق هائلة ينبغى الاستفادة منها، كما اشار الى ان الجنوب يختلف عن كل الدول الافريقية الاخرى التى استقلت فى ثلاثة اشياء : الطريقة التى استقل بها وهى كانت سلمية وتعاقدية حيث لم يكن الجنوب خاضعا للاحتلال بل كان يرى نفسه حزءا من الدولة السودانية ويطالب بحقوقة فيها ، والاختلاف الثانى ان الجنوب لم يبدأ من الصفر حيث ان دولة الجنوب لم تبدأ فى 9 يوليو 2011 ولكنها بدأت منذعام 2005 طبقا لاتفاقية نيفاشا،وكانت هناك حكومة فى الجنوب ذات استقلال فى القرار وتنفق وتخطط ولها حجم كبير من الموارد، وان الهدف من ذلك كان تطوير الجنوب لكى يكون مستعدا للقرار بالوحدة اوالانفصال، اما العامل الثالث فهو ان الجنوب كانت به نخبة تستطيع تولى الادارة والحكم بعكس الكونغو مثلا حيث كان لوممبا كاتبا فى مكتب البريد . وأشار الدكتور لام اكول إلى أن الفشل فى استيعاب التنوع الموجود فى السودان هو السبب الرئيسى فى انفصال الجنوب . فشمال السودان منذ القرن السابع عشر متأثر بحضارات كثيرة، الحضارة المصرية القديمة، والحضارة المسيحية ، ومروى ... وأخيرا الحضارة الإسلامية، فالأسلمة والتعريب خلق نوع من التوحد فى شمال السودان بالمقارنة بجنوب السودان حيث كانت المجتمعات قبلية بمفردها حتى فى مقاومتها للاستعمار وكانت كل جماعة تقاتل بمفردها . وعدم وجود رابط بين هذه الجماعات اعاق وجود بناء وطنى . أشار أكول أيضا إلى أن الاستعمار البريطانى أستخدم هذه العوامل واتبع سياسات متقلبة فى جنوب السودان وخلق حواجز بين الجنوب والشمال قالوا أنها حماية للجنوب ولكنها كانت لتكريس التخلف فى جنوب السودان . وقال ان الحكم الثنائى كان حكما فريدا من نوعه فى العالم،وان مصر هى التى تنفق، وبريطانيا تحكم . كما اختار الحاكم العام سياسة عدم تمكين الطبقة المتعلمة واعتمدوا على الإدارة الأهلية كنوع من الحكم وذلك لمنع الافراد المتعلمين جيدا من تحدى النظام . ولذلك فان الوطنية الجنوبية ما زالت حديثة ولم تبدأ سوى فى أواخر الأربعينيات، حتى المقاومات التى تبنتها القبائل المختلفة كانت لمنع التدخل الخارجى والحفاظ على كيانهم كل على حده. فمع بداية الحرب العالمية الأولى، بدأت كل مجموعة تحارب ضد السلطة فى الخرطوم من وجهة نظرها والظلم الذى تشعر به، ولكن الشعور بالوحدة وأنهم يحاربون كمجموعة واحدة لم يظهر إلا فى الستينيات عندما بدأت الحرب فى الكونغو وتم هزيمة "سيمبا " وهرب الكثيرون إلى جنوب السودان بأسلحتهم. واستغل جوزيف لاجو هذا فى ايجاد علاقات مع اسرائيل لجلب السلاح ، واستطاع ان يوحد مقاتلين فى بحر الغزال واعالى النيل والاستوائية تحت قيادته بسبب سيطرته على السلاح . وفيما يتعلق بتحديات البناء الوطنى أكد لام اكول موضوع الوحدة الوطنية هو الاكثر اهمية، فكيف نخلق كجنوبيين شعورا بالانتماء كمجموعة واحدة؟ واشار الى ضرورة ان تكون هذه الوحدة فى اطار الاعتراف بالتنوع وان تكون الوحدة الوطنية فى إطار التنوع ، وان هذا من الممكن أن يتم فى اطار التحدى الثانى الذى يواجهنا وهو بناء نظام يعتمد على " الديمقراطية التعددية " فهى كنظام للحكم أفضل ما توصت اليه البشرية حتى الان وهى بمثابة صمام الأمان فى أى مجتمع لأنها تخلق شعورا لدى الجميع أن المجال مفتوح للجميع للوصول إلى السلطة. اما التحدى الثالث فهو " البناء الاقتصادى " لم تهتم الدول فى افريقيا والعالم النامى خلال الخسينيات والستينيات وبداية السبعينيات الا بقضية الاستقلال السياسى ونسيت هذه الدول أن الاقتصاد هو عصب الحياة وان هذه الدول التى استعمرت كان الدافع الاساسى للاستعمار هو العامل الاقتصادى وتدهورت الاوضاع ووصلت هذه الدول إلى الاستدانة من مؤسسات بريتن وودز والخضوع إلى برامج التكيف الهيكلى وما ينتج عنها من آثار اقتصادية سلبية مثل خفض قيمة العملة الوطنية ورفع الدعم عن السلع .فالاقتصاد مهم لانه مرتبط بالتنمية والجنوب تضرر مرتين ، لان الحكومات المتعاقبة فى السودان لم تعطى اهتمام لتنمية الجنوب ، وعندما اندلعت الحرب تضررت المؤسسات القائمة ، لذلك لابد من اتخاذ التنمية كمحور اساسى لتحقيق الرفاهية للمواطن . وعن قضية الفساد فى الجنوب تحدث أكول بشكل اكثر تفصيلا، حيث أشار الى انه لن تكون هناك تنمية بدون مواجهة الفساد، وقال انسلفا كير رئيس جنوب السودان تحدث بشكل علنى عن الفساد وعنسرقةأربعةملياراتدولار، ووجه رسالة الى 75 شخصا فى مايو 2012 يطالبهم فيها باعادة الاموال التى أساوا التصرف فيها وأكد لام اكول أن بناء مدرسة الاساس فى الجنوب يتكلف 150 الف دولار ، وكذلك المركز الصحى ، وأنه بعملية حسابية بسيطة فانه كان يمكن بناء 40 الف مدرسة و40 الف مركز صحى او تعبيدورصف ثلاثة آلاف كيلومتر من الطرق كانت تكفى لربط كل ولايات الجنوب وكذلك لربط الجنوب بكل دول الجوار وذلك بحساب سعر التكلفة بشكل مماثل لطريق نمولى الذى نفذته جهات دولية بطول 220 كم وتكلف 193 مليون دولار . و قال عن " السياسة الخارجية " أنه من الضرورى وجود توافق وحوار بين الاحزاب لتحديد اولويات السيسة الخارجية لدولة جنوب السودان . أما الحديث عن " الوحدة فى التنوع " فيتعلق بكون جنوب السودان يتميز بالتنوع الاثنى والثقافى والدينى والجغرافى وهذا حال السودان ككل لذلك لابد من خلق روابط مشتركة بين الجنوبيين ولابد من تقوية النظام الفيدرالى لاستيعاب الناس المختلفيين كلهم . وفى اجابة عن سؤال احد منسوبى الحركة الشعبية لتحرير السودان عن تنصل لام اكول من اتفاق سابق له مع سلفا كير وعن موقفه من اتفاقية اديس ابابا، وهل هذا مرتبط بمغادرته للخرطوم ، قال اكول انه لم يات للخوض فى مثل هذه الاحاديث ولكنه سوف يسرد بعض الخطوط العريضة واشار الى المؤتمر الذى عقد فى الجنوب فى 2010 قبل الاستفتاء على حق تقرير المصير والى مقررات المؤتمر وقال ان الحركة الشعبية هى التى تخلت عن هذه المقررات وتجاهلتها.. الخ وعن اتفاقية اديس ابابا قال انها فى صالح الشمال لان بها مناطق عديدة غامضة تم اسنادها الى مفاوضات لاحقة يشارك فيها الاتحاد الافريقى كما انها لم تشمل ابيى والحدود وهذا مخالف للموقف الاساسى لحكومة الجنوب التى كانت تطالب بحب كل الخلافات دفعة واحدة وبشكل مترابط . وقد شارك فى الندوة عدد كبير من الاكاديميين والسفراء والباحثين والاعلاميين وكان على راسهم الدكتورة اجلال رافت والسفير محمد الشاذلى والدكتور زكى البحيرى والدكتور ايمن شبانه والدكتور حماد محمد احمد من وزارة الرى والدكتور سمير عليش من المنتدى الاهلى المصرى واسماء الحسينى نائب مدير تحرير الاهرام وعدد من محررى الشئون السودانية واالافريقية بالعديد من الصحف ووكالات الانباء ، وععد من ممثلى سفارة جنوب السودان بمصر ومكتب الحركة الشعبية بمصر واتحاد شباب الحركة الشعبية. كما اصطحب ال\كتور لام اكول وفدا من حزبه يشمل نائبى الرئيس والامين العام .