قلنا ان الحركة الشعبية ربما لم تعمل على ممارسة السياسة وفق مقتضيات الاتفاقية أو أن اوعيتها غير مؤهلة على استيعاب المتغيرات السياسية الجديدة كونها تحولت من الغابة كحركة تحمل السلاح الى ردهات صوالين السياسة لتتعاطاها أدارة ومبادرة وخطاب سياسى ينأى عن الحديث الاقرب للسلاح ، أو ربما أن منسوبى الحركة لم يستوعبون بعد أن للسلام متطلبات .. وأول مقتضياته هو التحاكم للقانون لا اللجوء لتصفية الحسابات الشخصية خلف عباءة السلطة ، وأن دورها انقضى لحظة التوقيع على الاتفاقية بضاحية العاصمة الكينية نيروبى فى ذاك اليوم ، نقول ذلك الحكى من واقع جملة من التجاوزات التى يحكيها كثيرين كانوا شهود ملك أو هم انفسهم قد وقعت عليهم ظلامات عديدة من منسوبى الحركة أو حتى من قادتها العسكريين والسياسيين الكبار ، فعندما بدأت حكومة الجنوب بالتحقيق في قضية فساد أرتبطت بما عرف لاحقا (بقضية الكاردينال) .. فقد أوكلت اجراءات التحقيق للمقدم (فرانسيس شول لانق) تحت الإشراف المباشر للنائب العام (الور مالك) ..واللجنة المكونة للتحقيق فى قضية الفساد الكبير القت القبض على (ايزاك مأمور) و(كير قاي) ، ولجنة السيد المقدم (فرانسيس ) تعمدت الجدية فى عملها فيما يبدو ، والملمح هذا بجدية اللجنة سقناه على خلفية قبضها على (العميد مارتن ملوال) الرجل الرقم جنوبيا فله رمزية كبيرة جدا بالجنوب ، وتوقيف الرجل ادى لاحتجاجات من عديدين منهم (ادوارد لينو) عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية ومسئول الأمن السابق ، واعتراض (لينو) على محاكمة (مارتن) لأنه شخصية معروفة ورمز جنوبى كبير ، ورائحة الفساد تلك التى لاحت من صفقة السيارات ضلع فيها عدد غير قليل من قادة الحركة الكبار ، فالعملية ضخمة بالقدر الذى يسمح باكتناز مبالغ خرافية تسمح بامتلاك فلل فخيمة بالخرطوم ولندن وسيدنى ..!! ، والمدن تلك هى محل هوى كبير لدى عدد غير قليل من قادة الحركة ومنسوبيها الذين يتمتعون بنفوذ أو سند قبلى أو سياسى بالحركة ، وفي أحد الايام حضر والي ولاية البحيرات (دانيال أويت أكوت) التحقيقات مع (مارتن ملوال) لأن القضية كبيرة وخرجت اطرافها لوسائل الاعلام ، والتحقيقات استمرت لساعات طوال ، ولم يتم اطلاق مارتن على خلفية مطالبعة نافذين بالحركة اثر مطالبتهم المستمرة بذلك ، وأن استمرار حبس الرجل سيؤدى لخسارة تمنى بها الحركة .. وكان الضغط كبيرا ، الا أن البعد القبلى والسياسى لصراع القوى كان مسيطرا .. وعندها ذكر السيد والى البحيرات : أن عند حالة حضور المدعي العام والنائب العام إلى رومبيك سنعرف من هو القوى ..!!؟ ، وتصاعدت المشاكل بعد إلقاء القبض على رجل الأعمال الكبير صاحب الشركة الموردة للسيارات محل الصفقة .. فكانت هناك محاولات تهديد بالبندقية لتعطيل الإجراءات ، لأن القضية لن تنال من صاحب الكاردينال بقدر نيلها من قادة كبار أشاروا على الرجل وحددوا معالم الصفقة ونسبها..!! ، ولأن الحركة والسكون بالجنوب تغذية القبيلة والقوة فانه ليس بمقدور أحد أن تكون له الكلمة فى أى شئ ولو كان ذلك الشئ هو أمر ادارة منزله بالتصرف فيه بيعاً أو رهناً او ايجاراً من غير علم الحركة أو منسوبيها..!!!