تستدعى حادثة تدمير اليرموك قراءة هادئة بعيدا عن جيشان المشاعر واحساس المرارة او بعض الشماته .. فهذا مستقبل امة ووطن .. وساحاول فى نقاط مختصرة ان الخص وجهة نظرى استفتاحا لحوار اشمل واكثر عمقا .. اولا : كشفت الحادثة عن ضعف فى صلاتنا الخارجية ويمكن استكشاف ذلك من كون الادانات للحادثة جاءت خجولة وفاترة ومنعدمة فى بعض الدول والمجموعات .. وحتى المنظمات الاقليمية اكتفت بيانات باهته .. واذا قارننا هذه الحادثة باغتيال اللواء وسام الحسن فى لبنان وردود الافعال نجد فارقا ضخما .. بل حتى حادثة ضرب مصنع الشفاء كان الرد الخارجى قويا ومؤثرا جدا وفى لحظاته الاولى ... والمقصد هنا ليس السياسة الخارجية وحسب وانما الاستخبارات .. فالفضاءات مليئة بالاقمار الصناعية والرادارات التى حتما كشفت هذه الطائرات .. بل المعلومات المتبادلة بين الدول كان يمكن ان يصل بعضا منها ولو تلميحا للسودان .. فالتسريبات تشير الى ان خطة الضربة حددت بعض اغتيال المبحوح فى دبى قبل عامين .. واظن ان اعتمادنا على الصين لم يفيدنا كثيرا .. ولننظر الى القضية السورية والموقف الروسى والصينى الذى حمى الرئيس بشار من كل عاديات السياسة الدولية وتداخلاتها ثانيا : ان اى مشروع استراتيجى يوازيه تماما خطة تامين كاملة .. ومثلما انفقت على خطة الانتاج لابد ان تنفق على خطط التامين .. من حيث المنشات ووسائل جمع المعلومات والحماية للمشروع .. – وايضا – من حيث ضمان عدم تسرب المعلومات ودخول الاجسام الغريبة او لنقل الاختراق .. اننى اظن ان الطائرات استهدفت تماما الماكينات الرئيسية فى المشروع .. وهو ما يشىء الى وصول معلومات دقيقة جدا للإسرائيليين .. وسهل عمل الضربة الذى استهدف هذه الماكينات بصورة مباشرة .. اننا نتعامل مع بشر وللبشر ظروف وضغوط ومصالح قد تتقاطع معك فى لحظة ما .. ولذلك لابد من حذر شديد .. كنا فى ايام ماضية نزور تلفزيون اسيوى واظننى حتى الوصول الى الداخل خضعت لاكثر من 15 نوعا من التفتيش والتدقيق .. والامور عندنا هينة وساهلة وثالثا : ان القناعة الراسخة ان اسرائيل تستهدف السودان .. سواء لدعمه لحركة حماس والقضية الفلسطينية او فى اطار تبادل الرسائل الملغومة مع ايران (ارسلت طهران طائرة بدون طيار الى الاراضى المحتلة يوم 6 اكتوبر وفى راى ان اسرائيل ارسلت طائراتها للسودان للقول ان لديها القدرة على الوصول الى مفاعل ايران النووية ) _ اذن مادام هذه القناعة فلماذا الغفلة عن هذا الامر وتسلسله بدأ من ضربة قافلة فى اقصى ولاية البحر الاحمر ثم الى بورتسودان .. الا يدور فى الخلد ان الخطوة قادمة ستكون فى العمق ..؟ رابعا: ان الهدف فى بعض جوانبه تدمير للمعنويات وكسر ارادة الاعتزاز والايمان بالقضية .. وهو امر لا بد من تدارسه وكان يمكن تخفيفه لو جاءت ردة الفعل العالمية قوية .. ان هوان الامة يشكل ضعفا للسلطة .. ان اختراق الطائرات بهذه الصورة سيدفع بحالة من الاحباط والشعور بالمهانة .. وستكون ردة على الحكومة .. الا تلاحظون ان الردة الشعبية اكتفت بغضب مكتوم فى الفؤاد وحزن ظلل ايام اهل السودان ؟ اليس الفعل اقل مما تم فى ضربة هجليج؟ .. ان تجريد الحكومة من دعمها الشعبى يشكل مقصدا هاما فى مثل كهذا احداث .. خامسا : هذا التخبط فى لحظة الحدث يقتضى تحديدا للمسوؤليات .. فالمصنع يقع فى ولاية الخرطوم وينتج اسلحة وذخائر للقوات المسلحة واحداث المدن مسوؤلية الشرطة وادارة المصنع – حسب علمى – غالبها من الامن والاستخبارات .. من المسوؤل؟ واين خلية الازمة التى تجتمع خلال لحظات لترسم المسار العام وتتدرج فى قراراتها وتغطى على تداعيات الحدث .. ليس مطلوبا فى اللحظات الاولى اجابات وانما مطلوب وجود سياسى وخطاب اعلامى موزون ومدروس موجه للراى العام الداخلى والخارجى وغالب الامر انه خطاب مفتوح وحمال اوجه وتفسيرات عديدة .. لم يعد العالم يؤمن بالاجابات القطعية والنهائية سادسا : بعد اخر يستهدفه العدوان .. فى جانبه المادى .. فالوطن فى حالة (استقطاب ) للموارد والاستثمارات الاجنبية والضخمة والشراكات الجديدة الباحثة عن الامان .. واى امان فى ظل سماء مفتوح واستخبارات تكشف تفاصيل مشاريعنا الكبرى .. ان هذه الحادثة بلا شك ستؤثر على حركة المد الاستثمارى الخجول وهذا (سوار) اخر فى معصم الحصار الاقتصادى .. سابعا : يمكن تدارك بعضا من التاثيرات الشعبية والمعنوية لو (تحمل ) المسوؤلية جهة او شخص ما .. وترك المكتب وذهب مستقيلا او مقالا .. هذا يعنى للمستقبل ينبغى ان تحدد المسوؤليات وتتدرج .. وليس من المنطق ان تكون مسوؤلية هذه الحادثة (لا احد ) .. ثامنا : ان هذه الحادثة لابد ان تدرس مع استهداف اكبر للسودان .. يمضى الى اضعاف صمام الامان وهو القوات المسلحة من قوتها وفاعليتها .. واظن استهداف هجليج لتحقيق الاضعاف المادى والان ضربة اليرموك للتاثير على الامداد من الذخيرة والمضى قدما فى تعزيز القدرات والامكانيات .. ان الحوادث تقع والامم تخسر المعارك والكرام يموتون ولكن يموتون وقوفا على ارض صلبة ورؤى واضحة .. ومن مثل هذا الحادثة نحدد مشروعا للمستقبل فى علاقاتنا وصلاتنا وتواصلنا .. ومنهجنا كله .. [email protected] //////////////