سيكون العدل هو أحرج بواباتنا إلى حل موفق لمسألة دارفور. وبلغ من تعقيد هذا الحرج أن المطلب بمحاسبة الجناة بدارفور موزع بين كيانات عالمية (المحكمة الجنائية) وقارية (الاتحاد الأفريقي واقتراحه بالمحاكم المختلطة)، وقطرية حيث لم يتفق للقضائية ولا النائب العام بعد صيغة لإحقاق العدل في الولاية، ومحلية بسبب تداخل النزاع "القبلي" تداخلاً شائكاً مع النزاع الوطني. ولم يكن لشاغل العدل هذه السطوة في مسألة الجنوب التي طالت واستطالت وانحلت. ومن أوضح تعقيدات مطلب العدل على المستوى المحلي بدارفور ما نشرته الصحف عن مأساة قرية شاوا وسجلي. فقد قُتل فيهما 10 أشخاص وجُرح 6 في مواجهات وصِفت ب"القبلية المسلحة". وتقع القريتان على بعد 40 ميلاً جنوب شرق الفاشر وأغلب سكانهما زغاوة. ووقع الهجوم في الثامنة من صبيحة الجمعة 2 نوفمبر قامت به مجموعة تستقل عربات لاندكروز ذات الدفع الرباعي. وتضاربت الروايات عن هوية الجناة. فوصفها أهل الضحايا بأنها مليشيات "حكومية" درجت على ترويع الناس. بينما نسبتهم روايات أخرى إلى جماعة لها ثأر على شاو وسجلي وغيره. ولا أدل على "شجن" العدل في دارفور من الطريقة التي شيع بها الأهل ضحاياهم. فقد أخذوهم من المشرحة وطافوا بهم المدينة في مسيرة طالبت بإقالة الوالي والكشف عن الجناة. ثم وقفت عند مكاتب اليوناميد واعتصمت بعد الدفن بميدان الحرية بالمدينة لحين القبض على الجناة. لقد عطل المشيعون شعيرة التعجيل بالدفن لكي ترى السلطات جميعها شجنهم للعدل. أكثر ما يخشى المرء أن تكون حكومة الولاية غير راغبة في سبر غور المسألة. فسرعان ما خرجت علينا بالروتين الإداري المعروف: استقبلت السلطات الجثامين ووقع وكيل النيابة على تقرير المشرحة وتم تحويل البلاغ إلى المدعي العام لجرائم دافور. وهذا أقصر طرق القضية إلى الخور . بل ما أزعجني حقاً تمنع الولاية لمعرفة الحقيقة. فشرطتها منعت بعثة اليوناميد من دخول قرية شاو للتحقيق في الجريمة. وزادت البعثة بأنها وجدت قرية سجلي خاوية على عروشها حين دخلتها وكل الدلائل تشير إلى تهجير معجل. أسعدتني شجاعة الدكتور التجاني السيسي، رئيس السلطة الإقليمية، لقيامه بواجب العزاء في ظرف مشحون بالتوتر حتى أن الحضور حصبوا وزيراً جاء يعزي. وقد وضع السيسي النقاط على الحروف حين قال إن القضية التي بيدهم دارفورية وكفى وأن المجرمين لن يفلتوا من العقاب. والسيسي من قلائل الرجال الذين أكتافهم فوق الماء كما يقول الخواجات في معنى الرشد. وسيحتاج إلى شغل أفضل من الولاية والفدرالية في التحقيق في الحادثة لكي يطمئن له أهل دارفور قاطبة. إنه بحاجة إلى بيئة مكافئة لشجن العدل في دارفور ومقتضياته. لقد نهض الرجل بتبعة لا مثيل لمشقتها فلا تضعضعوا بالوهن واللؤم من قامته الغراء. Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]]