الإمام الصادق المهدي يختصر الكثير من المفردات بمثل شعبي فيصل حديثه للمخاطبين بأفضل ما يكون ، وهو بذلك يوصل رسائله للمعنيين بها وفوقها رسالة أخرى هي ارتباطه بمفردات الناس وتعابيرهم مما يقربه منهم . وقائمة الأمثال التي يستخدمها في مناسباتها تماما طويلة بدءاً من العرجا لي مراحا ، البشير جلدنا وما بنجر فيهو الشوك ، الما بعرف ما يدو يغرف ، يقبضوهم قبض القبور وقالها ايام المحكمة الجنائية ، يكسروا الأوضة ويبنوا الراكوبة قالها يصف انجازات الإنقاذ ، وقال يصف بعض حلفاء الإنقاذ ( البايظ عايزين ينزلو دو ) ، وأخيرا الشجرة بقتلا عرقا واصفا خلافات الإسلاميين حول الحكم . اليوم انطبق على السيد الصادق أحد أمثاله التي كررها كثيرا وهو الفش غبينتو خرب مدينتو ، ففي تصريحاته الأخيرة حول المحاولة ( الإنقلابية ) تجد فش غبينة بالحجم العائلي . فقد أكد أولاً أن المحاولة صحيحة بينما لم يتفق حتى قادة المؤتمر الوطني على ذلك ، فقد قال قطبي المهدي أنها لم تصل مرحلة التنفيذ وأنها لا تستحق الزخم المثار حولها ، ووصفها مندور المهد بالإنشقاق ( الصغير ) ، بينما صمت الكثيرون من قيادات المؤتمر الوطني عن التعليق ، وتولى أصحاب المصلحة الترويج للأمر وتصعيده تنفيذا لاجندات يعلمونها . وحديث السيد الصادق عن علمه بالمحاولة وإتصالات صلاح قوش به ووعده بأن يكون رأس المحاولة فيه الكثير من فش الغبينة ، فصلاح قوش الآن معتقل إتهاما بتنفيذ ما ناقشه مع الإمام ، لذلك بدا حديثه كمن يزيد النار حطب ويتشفى في الرجل الذي كان سببا في خروجه في عملية تهتدون كما قال . لذلك حديثه عن أن قوش مر بتحولات أصبح بعدها يتبنى الإصلاح ، وأنه بصدد مد يده لشباب الإصلاح بالمؤتمر الوطني يصبح غير ذي جدوى ، فصلاح قوش ( الإصلاحي ) الآن متهم بجريمة الخيانة العظمى وفي الحقيقة يصعب الدفاع عن قوش ، وشباب الإصلاح الذين يمد لهم يده أغلبهم كذلك خلف القضبان ، فالإصلاح في قاموس الإنقاذ يعني التخريب . وفي سبيل إلصاق تهمة التخريب بهؤلاء الشباب الذين حموا ظهر الإنقاذ في أحلك أيامها لم يتوان أصحاب الخيال الواسع في إضفاء بعض المشهيات للقصة ، فظهر سيناريو الفكي التخريبي ، وأرقام التلفونات المتسلسلة . فيا سيدي الإمام هؤلاء الشباب المعتقلين الآن لا تزيدهم إلا حطبا بتصريحاتك هذه ، فالحكومة لا تحفظ جميلا لأحد لا حامي حمى ولا قائد ميل أربعين ولا محرر هجليج ، بل لا تتوانى في العبث بالقدسية التي أضفتها على الشهداء عندما كانت تحتاجهم قدوةً للشباب ، فعندما أرسلت رجالها للقبض على شقيق الشهيد علي عبد الفتاح أظنها تناست ما قدمه علي ورفاقه وربما نسوا مبدأً ان علي عبد الفتاح هو ذات الشاب الذي قدم روحه تثبيتا لدعائم حكمهم . لا قدسية لأحد في سبيل الحفاظ على الكراسي ، توصل لهذه النتيجة شباب السائحون الذين كانوا قد عقدوا العزم على القيام بوقفة احتجاجية يوم الأربعاء أمام مسجد القصر ، يبينون فيها اعتراضهم على اعتقال ود ابراهيم ورفاقه ويسلمون فيها مذكرة بمطالب إصلاحية عامة ، لكن بعض العقلاء نصحهم بغير ذلك فانتصحوا ، وفي الحقيقة إن ذهبوا سيقدمون أنفسهم في طبقٍ من حسن نية للجهات الأمنية ويوفرون عليها مشقة اعتقالهم من بيوتهم ، فلا كبير على هذه الأجهزة . حتى أسر الشهداء لم تراعى حرمتها ، فأم على عبد الفتاح وأخواته الثلاثة لم يسلمن من الإعتقال وهن يقفن احتجاجا على اعتقال ابنهن عمر أمام القيادة العامة . بتصريحاتك هذه سيدي الإمام تسببت بالضرر للرجل الذي وصفته بالإصلاح صلاح قوش وهو عموما بصير على نفسه ، لكنك بذات القدر تسببت بأضرار بالغة لشباب لا يتسلحوا إلا بإيمانهم بالأصلاح ، فتأكيدك أن المحاولة صحيحة وإن القائمين بها هم دعاة إصلاح قدمت للحكومة خدمةً كبيرة قد تغنيهم عن تسجيل إعترافات( طوعية ) بالفيديو كما وعد الدكتور نافع على نافع ، وهنا أنت وقفت موقف الخصم والحكم ، فشيت غبينتك من قوش وهؤلاء الشباب ، وقدمت دليلا – حتى ولو شفاهي – على تورطهم بالمحاولة . إن قصدت صب الزيت على نار المحاولة ( التخريبية ) فقد فعلت ، وإن أردت أن تزداد خلافات الحاكمين فيما بينهم فقد وُفقت في ذلك لكنك خسرت تيارا عريضا يؤمن بالأصلاح منهجا من داخل النظام وبطريقة سلمية تجنب البلاد المهالك وتحقن الدماء وتعيد الأمر للناس . لن تجد فيمن تبقى من شباب الإصلاح من يمد يده إليك ، وسيتردد الكثيرون الذين قد يفكروا بك كمنادي بالإنتقال السلمي والتحول الديموقراطي الناعم ، فقد يظنون بعد الآن –وبعض الظن اثم -ان دعواتك هذه مجرد شرك تصطادهم به لتسلمهم بعدها للحكومة ، كأنك مخبر بالأجهزة الأمنية . فشيت غبينتك سيدي الإمام salma altigani [[email protected]]