الجمعة الموافق 23/11/2012 ليلة احتفاء مهرجان السياحة بكوكبة من نجوم المجتمع وهي تتجاهل مبدعي الولاية في مشهد وجد الاستنكار علي صدي واسع بينما علي الصعيد الشخصي توقعت ان يكون بازرعة حاضرا في التكريم ووضع اسم بازرعة في التكريم هو ترويج للسياحة في بورسودان ونكهة لها مذاق خاص وكما توقعت ان يتم تكريم العديد من مبدعي الولاية الحاضرين او حتي الذين مضوا الي عالم الاجسام الزائل فخلدت اسماؤهم وصاروا اسماء في حياتنا.. واثارت خطوة التكريم ردود فعل متباينة وبكثافة تفوق كثيرا قيمة تلك الخطوة الغبية والخاطئة بالمعايير الاخلاقية لا يتوقع منها مردود موجب لقضية السياحة التي تروج لمنتوج ابداعنا المحلي وكان لا بد ان تخضع لحسابات دقيقة تأخذ في الاعتبار كافة الابعاد التي تظلل نظرة الاشخاص المستهدفين نحو امكانيات الولاية التي ترزخ بالمبدعين الذين يستحقون التكريم لقد ظلمت لجنة المهرجان استاذنا بازرعة وظلم ذوي القربي اشد الما ولكن بازرعة كان حاضرا لا بالحضور الطبيعي وانما بالحضور الوجداني لكل الجماهير الحاضرة والمتابعة من خلال شاشات التلفزة والبث الازاعي لانه يستحق التكريم اكثر من هؤلاء تأكيدا لمعني الحب الكبير ولكن حتي السماء شاء لها القدر ان تبكي بماء منهمر لقد افرزت تجريبات مهرجان السياحة عينات وعي اللامعقول المتسيد خلال كل اعوام المهرجان التي مضت تؤرخ لحالات من التخبط والسقوط وهنا لا اعني السطحيات المتمثلة في التنمية والخدمات وانما البوصلة المفقودة بين الولاية ومبدعيها بصيغة المؤسسة والجمع تتحمل المساءلة التاريخية لما وقع وسوف يقع وتؤول اليه في مقبل السنوات في ظل خيارات اتخذت طابع العشوائية وحسين بازرعة لا يحتاج الي تعريف مني او من غيري بعد ان حفر لنفسه موقعا مميزا في ناصية الابداع السوداني ورفد المكتبة السودانية بأشعار خالدة وتلك امور لا تستقيم عند من سقم ذوقهم من الغالبية التي تستبدع الجمع بين الغناء والترتيل وبازرعة لمن لا يعرفه صاحب صوت شجي وطروب ومرتل للقرءان فأولئك هم المبدعون حظا بين الغناء والترتيل وعن هؤلاء قال الامام الغزالي في كتابه احياء علوم الدين..من لاتهزه الاشعار ويشجيه عزف الاوتار سقيم المزاج ليس له علاج كما ان الامم التي تستبدع الغناء هي التي كتب عليها الفناء..ولا غرو في ان يرتل بازرعة القران ويحسن ترتيله ثم يكتب لمن يتغني بأعزب الكلمات الخالدة في حياتنا لقد عاد الطائر المرتحل متصوفا الي ارض الوطن بعد طول غياب مشتاقا الي وكره المهجور فلجأ اليه مباشرة هربا من عالم السياسة التي اصبحت تئن البلاد من فوضاهم الغريزية فهو عالم تحكمه شريعة افضل منها شريعة الغاب ففي الغابة موقع للاسود والافيال والذئاب اما في عالم السياسة فيستأسد الضبع وتقتحم الضباع مواقع الافيال ..ولكن لماذا أوي بازرعة الصوفي العابد الي داره معتزلا الخلق ومنهم محبيه وعشاقه.. انما هربا من نفاقهم بالدين فالدين عند بازرعة هو العبودية الخالصة لله في كل زمان ومكان وكل حال وفي ذلك يقول الحر الحقيقي هو الذي عبوديته لله خالصة.. ولكن تكون علي الحقيقة عبدا لله وشي ما دون الله يسترقك ومن اولئك الذين استرقهم المال او استرقهم الجاه او من استرقه السلطان..فسيظل ابداعه نغما خالدا لانه احب الفن لذاته وابت عليه كرامته ان يتبضع به رغم ضرورات الحياة ولبازرعة نفسه من الاعمال ما لو توفر علي تسويقه لأصبح من قمم الاثرياء ..ولكن بازرعة عندما عاد من غربته معتكفا في داره معتزلا الناس لا ليبحث عن مرعي اكثر اخضرارا في الشط الاخر من البحر بين اهله واحبابه وانما لعجزه عن التألف مع الكيان المجتمعي حيث اصبح الناس في بلادي من فرط هوانهم علي انفسهم يرقصون فرحا من الضرب بالسياط علي ظهورهم وفي ذلك التعبير عن الغبن الذي يحس به الفنان ظلم الاخرين لم ترهبه السياط..فبازرعة كائن تلقاتئ شرفه في كونه اعزل امام مكائد الحياة ويكمن ضعفه في اختياره الواقعية طريقا لحياته عكس السياسين الذين يجيدون اتقان فن التزلج من مطبات الاسئلة بالقفز عليها من جواب الي اخر ولكن علي التاريخ الانساني ان يوثق السخاء الانساني لهذا المبدع الذي لم يعرف المكائد ولا الدسائس المتفشية منذ الاذل بينم اهل السياسة كأنه جاء ليبدع وعاش ليهب لا رعي الله( فرويد) اذ قال..الكتاب والفنانون اناس ناقصون يتجهون للكتابة والفن لعجزهم عن ادارة الحياة..فالمبدع هو الذي يعبر تعبيرا صادقا عن الحياة فعندما ينشئ الفنان عملا لا يبتغي من ذلك فيما نحسب غير تحويل مشاعره وهي مشاعر الناس جميعا كما يراها او بالاحري كما تجري علي وهمه الي واقع ماثل وفي ذلك يتعامل الفنان بصدق بالغ مع ظواهر الكون ووقائع الحياة ثم يستنطقها حتي تكون الصورة وحدها هي الناطق الذي يجذب المشاهد ليتفاعل معها وفي كل الحالات الفن اخفاء لما يريد الفنان اظهاره حتي يتعدي علي حرية المشاهد بل يترك له ان يقرأ في الصورة ما يريد فأي سماحة نترجاها من بازرعة اكثر من ذلك ان الوضعية التاريخية لمهرجان السياحة هي وضعية مأزومة لسبب مكانيزمات التهميش الثقافي والاجتماعي القائمة علي اساس التحيز الايدولجي ومن ثم استثمار جهاز الدولة اقصائيا فمن الطبيعي ان نشاهد الفوضي القائمة في المهرجان وهذه الوضعية تتناقض تماما مع الخطاب الثقافي للمهرجان الذي ظل مستندا علي النزعة البلاغية والاعلامية الانشائية العاطفية المستترة وراء الترميذات التضليلية كديكور خطابي يقوم بطلاء وعي المشاهد داخل بوتقة اللا وعي التزويبي سبب مشاكل الدولة السودانية ومن جانب أخر هو ايضا خطاب مزدوج ومتناقض يقوم علي مبدأ الكيل بمكيالين ففي مواجهة المركز يستعمل كل ادوات النبذ والهيمنة الثقافية والقهر الاجتماعي لحجج خصوصية القيم الثقافية والدفاع عن الهويات الحضارية ورفض اليات الاقصاء القائمة علي اللا تكافوء بين المركز واطرافه في الدولة السودانية والدعوة لاعطاء الفرصة للثقافات للمساهمة بعدالة في تحديد ملامح الحضارة الانسانية في الدولة السودانية وبالرغم عن كل ما قلناه عن تجاهل تكريم مبدعي الولاية وما قلناه تفصيلا عن بازرعة فمن الطبيعي ان بكون لأخرين ملاحظاتهم السالبة حول ما قلناه في هذا السقوط الكبير بل من غير الطبيعي ان توجد مثل هذه الملاحظات فليس هناك بشر يجسد الحق المطلق ويبلغ الكمال غير ان التقييم في مثل هذه الحالات يكون بكليات الامور وبالمنظار النسبي في ضوء الظروف المعنية وبهذا المعيار لا يستطيع أحد من غير المكابرين الا ان يسلم بأن بازرعة لا يستحق هذا التكريم وهو الاولي به من كل اولئك اوائك الذين تم تكريمهم.. وبهذه الطريقة سيظل مهرجان السياحة بشكله الحالي مادة مثيرة للجدال خاصة في هذه البلاد التي يشكل فيها الفقر الثقافي والاجتماعي حضورا غالبا سواء اتخذ الجدال شكل الحوار الموضوعي كما نريد او محض المهاترة السياسية كما يريد ويفعل الكثيرون Elmuthana ibrahim baher [[email protected]]