بين خياري الانقلاب على الرفيق وطوالع الحزب الظل: الشيوعيين بالحركة الشعبية أودعوا عقولهم ثلاجة عالية التبريد منذ أن انضموا للحركة بعد أن وقعت اتفاقية نيفاشا ، وتركوا حق التفكير والاختيار فى مصيرهم ومستقبلهم ل (ياسرعرمان) ، وربما يرجع ذلك التسليم المطلق من السادة الرفاق لأقدمية الرجل بالحركة .. فهو دون غيره الذى فتح الطريق أمامهم للتمتع بعضوية الحركة الشعبية بعد بوار حزبهم وخسران تسويقة شعبيا . ومسألة التوقف عن تقديم أى فكرة أو مقترح أو مشروع سياسى .. حتى على مستوى عملهم الجديد بالحركة التى يرتدون شعارها للعب لصالح أجندة حزبهم الذى شاخ وخرف ، والموقف المحنط ذاك الذى اتبعه الرفاق .. جعلت منهم دمى تتحرك بآلية خلف الرجل وهم مغمضو العيون ، وفى أحسن الاحوال والأوصواف خلقت منهم بشر ولكن بدرجة من السيامية التى لا ينصلح حالها بالتصرف منفردة من دون رقابة الأهل واحصاء خطواتة .. خطوة .. خطوة ..!! ، وياسر أصبح مزحوم وموبوء ومجهد ومحاصر .. والمترادفات تلك تصطرع جميعها فى ذهن الرجل الذى كان متقدا وهو يقود الجبهة الديمقراطية ابان كان طالبا ، غير أنه الآن يستشعر تثاقل حركتة وهو يجر كل تلك التركة من الرفاق (الطوب) الذين يريدون منه ان يحركهم يمينا ويسارا ، وفضلا عن ذلك فقد أصبح الرجل محاصر من اقرب رفاقة بالحزب ، فبعد أن كان (باقان) الاقرب فى مودته أصبح من يخطط لازالتة من قطاع الشمال والعكس أيضا فرئيس قطاع الشمال يخطط هو الآخر ليحل محل صاحبه فى الأمانة العامة ونفسه تختلج بخيريتة على صاحبه ، فهو الألحن فى قوله والأكثر دفاعا عن فكر وسياسات الحركة فى كل المنابر .. فضلا عن حالة النسب التى تربطة باهلها وعصبها ، وبعيدا عن من منهما أكثر كيدا للآخر، فان حالة الوضع المصطرع بين الرجلين تسمح بكل ذلك الأرق الذى يجد الرفيق (ياسر) نفسه فيه . وحالتة المتأزمة أضيف اليها تأزيما آخر .. فقد أفرز تحكيم منطقة أبيي ثقلا جديدا عليه ، فالكل هناك بالحركة الشعبية بعد زوال سكرة النطق بالحكم الذى هلل له أهل الحركة فى بادئ الأمر ، ارتدوا عن قولهم وبدأوا فى (الشربكة) بمناطق أخرى فى تخوم المدينة وأطراف الحدود الغربية والجنوبية بين الشمال والجنوب ، وبغير الحديث الاضافى عن ماهية ذلك الحكم وددت القول بابداء اشارة للرجل مفادها (ضرورة تكوين حزب بديل لقطاع الشمال الذى يشغله) ..!! ، والفكرة لم تكن قد تولدت له عقب صدور قرار محكمة العدل الدولية وحدها ، وانما جاءت بعد تشكيلات ادارية سرية كثيرة أقامها الرجل ضد رفيقة السابق (باقان) ، فهو أى (ياسرعرمان) يعمل فى مجموعة تضم (نسابته الدينكا) للاطاحة (بباقان) فالأخير تمدد أكثر مما يجب ولم يعد يشرك أحد فى ادارة عمله التنظيمى بالحركة ، وهو المصنف بأنه كاتم سر الراحل (قرنق) ولم يبح بما يعلم عن تلك الفكرة وهو الممسك بكل كروتها لوحده متعززا لموقفه كأمين عام للحركة الشعبية ، فالرجل استغل تلك الفترة بجانب (قرنق ) بدرجة امتياز استعلت به فوق أسوار القبيلة التى باتت تحكم الوظيفة والمنصب السياسى وقسمة عائدات البترول ، وهى النقطة الأضعف لديه ..!! ، والمراقبين يقولون أن باقان قد نجح حتى الآن فى مسعاه ذاك ، فهو يخرج الكروت التى يحتفظ بها كرتا .. كرتا .. فيظل الرجل الأنسب ورجل المرحلة للحركة الشعبية ، فهو ليس لديه الرصيد الكافى من القبيلة التى تمسك بعصب الحركة (قبيلة الدينكا) ، وبالرغم من اللوبى الذى يشرف عليه (ياسر) بحق رفيقة السابق (باقان) الا أنه لم يغلق ملف تكوين حزب يبقيه بعيدا من أعين الحركة الشعبية يستخدم فيه زملائه السابقين بالجبهة الديمقراطية الذين تداعوا على هياكل الحركة مثل تداعى الأكلة على القصعة ..!! ، واجتماعات التخطيط والتكتيك والتمويل للحزب الجديد لم تتوقف يوما واحدا رغم (اللوبى) الذى يديره ياسر ومن معه للاطاحة بباقان من الامانة العامة للحركة وتعيين نفسة بديلا له ، وسبب عمل الرجل فى الاتجاهين (تكوين حزبه الخاص والاطاحة برفيقة) يرجع الى أن ثمة مسألة لم تبارح عقله الباطن ، وهى تقول باستحالة السماح لياسر الشيوعى الشمالى (الجلابى) بتسيد الحركة لدرجة أن ياتى أمينا عاما لها والذى يشجعه على فعله عدم ترك رجل من غير أن يكون من (دينكا أى منطقة) أمينا عاما لفترة طويلة ..!! ، هذه وحدها التى تجعل الرجل يواصل اجتماعاتة فى (حديقة أوزون) بالخرطوم (2) واجتماعات أخرى يتم عقدها بمنزل المحامى الشهير ، والقصص التى تروى يوميا عن اجتماعات (الحزب الظل) الذى يزمع أمين قطاع الشمال قيامه ليكون مكتبا بديلا له يهرب اليه لحظة اعلان الحركة انفصالها عن الشمال ، ووفق الترتيبات التى يتبعها ياسر فى تكوين حزبة البديل لقطاع الشمال .. يكون التمويل قائما على موارد وامكانيات وعضوية قطاع الشمال من اليسار والنطيحة والمتردية وما أكل السبع ، وهؤلاء هم الذين صموا آذانهم واستغشوا ثيابهم ولم يجدوا غير (ياسر) قائدا وملهما لهم ومخرجا لهم من ضيق الحزب القديم ..!!