قرأت بمزيد الحزن والأسى خبراً بالصفحة الثالثة من آخر لحظة (42-12-12) عن حملات الدهم التي ستقوم بها السلطات لإغلاق عدد من المراكز البحثية. وهذه المراكز متهمة بتلقيها مالاً خارجياً باسم دعم منظمات المجتمع المدني ظاهرياً في حين تنصرف به إلى تمويل القوى السياسية المعارضة للنظام. ومصدر حزني ليس عري النبأ من الصحة. فقد تم إغلاق مركز الدراسات السودانية في نفس يوم نشر الخبر وبأعجل ما تيسر كما حدست الجريدة. وجاء قرار الإغلاق حسب جريدة "الميدان" غير الورقية بخطاب من د. أحمد بلال وزير الثقافة والإعلام. ما شق عليّ من نبأ الصحيفة خلوه من المهنية وزمالة الفكر. فالجريدة تورطت في محمول النبأ بغير حاجة أو ربما لحاجة. فبدأت بنسبة المعلومة عن الإغلاق الوشيك إلى مصادر عليمة. وهذا شغل صحفي تمام. ثم قالت إنها "تابعت" النبأ. وهي متابعة لم تزد عن ما مضى من الخبر من أن هذه المراكز التي ستغلق "تتخذ العمل الثقافي والفكري غطاء لأنشطتها السياسية التي لا تفصح عنها وذلك بعد أن ضبطت السلطات وثائق ومستندات تؤكد صحة الاتهامات الخاصة بتلقي أموال بالعملات الصعبة للعمل على تقويض النظام ومن خلال دعم مباشر وغير مباشر لقوى سياسية مناهضة للحكم في السودان بمساعدة بعض سفارات أجنبية متورطة في الأمر". هذه صحافة "بالدم بالروح نفديك يا ثورتنا". وعوار الصحيفة المهني أنه لم يطرأ لها في متابعتها أن تسأل أهل المراكز جلية الخبر. فقد جلست أنا قبل أيام إلى الباقر العفيف مدير مركز الخاتم عدلان لأقف على متاعبه مع مفوضية العون الإنساني جهة الاختصاص بتسجيل الجمعيات الثقافية . فقد ظلوا يستدعونه إلى مقارهم أو يزورونه في مكانه وهددوه بإغلاق المركز. وعلمت منه أن مركزه ظل يطلع العون الإنساني على تقارير أدائه السنوي بما في ذلك ميزانيته التي وثقها مراجع قانوني. وهذا من شروط الإذن له بالعمل. وخلافاً ل"متابعة" آخر لحظة لم تجد المفوضية دليلاً على شبهة تصرف سياسي في أموال المركز. وحتى بافتراض وجود هذا الملعوب إلا يصح أن يعرض اللاعب على النيابة فالقضاء بتهم في جلال التخابر مع أجانب لتقويض النظام. فإغلاق المراكز عقوبة قاصرة لا تتناسب وهول الجرم. أرجو أن تستمع الحكومة جيداً للمعارضة الرسمية التي قل إتفاقي معها. فقد حذرتها في نفس عدد آخر لحظة من دفع البلاد للمواجهات والصراعات. وإغلاق المراكز الثقافية جزافاً (في مجافة صريحة لمقتضى العدل) مواجهة لا معنى لها وصدام سطحي. فقد يسر النظام منها أنه ضرب وأوجع. ولكن هذا الكيد دون مستحق الأزمة الوطنية الناشبة بجسدنا السياسي بكثير. وهي أزمة نتداعى لها سائرنا بالسهر والحمى إن شاء الله. وددت لو أن آخر لحظة وزنت بلوفتها هذه المرة أيضاً لتستحق قارئها وزمالة المهنة. Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]]