وددت لو نفعت إجراءات ولاية الخرطوم لضبط احتفال المولد الشريف بميثاق ملزم لكل مشارك فيه من الجماعات الدينية. والمعنيون بهذا الميثاق هم أنصار السنة والصوفية ممن صار نزاعهما مضغة في الأفواه. ولكن للتفاؤل بنفع هذا الميثاق حدود. فلم تجف كلمات الشيخ إسماعيل عثمان، زعيم أنصار السنة (في لقاء توزيع نسخة 50 ألف مصحف مهداة من العاهل السعودي في22 ديسمبر) التي تبرأ فيها عن هدم الأضرحة وحرقها حتى هاجم بعض نفره قبة العارف بالله حمد النيل في يوم 29 ديسمبر. ولا مراء أن الاحتقان التاريخي بين الجماعتين مما لا يحتويه ميثاق على إطلاقه. إننا معشر المسلمين من غير أطراف الصراع مشفقون على قماشة الدين والوطن من هذا الصراع الذي وصفه الدكتور عصام محمد البشير بالمتوهم والمفتعل. وما هو كذلك. فهو خلاف عقدي معروف. ونلتمس مع ذلك من طرفي الصراع لجمه بمقاصد الدين وسعته للخلاف من جهة وبمرجعية اجتماعية يتنافس فيها المتنافسون من جهة أخرى. فمن المزعج ألا يكون من اهتمامات هاتين الجماعتين الغزيرتين محنة مجتمعهما الذي يوصف بأن حكومته إسلامية. فلم نر شفقة اي منهما على خلق الله في مسكنتهم وتعففهم. فلم نر منهما همة مع اتحاد العمال لرفع الحد الأدنى للأجور الذي يفيد طائفة من أنصارهما. ولم نر منهم غضبة للدين لوجوه الإسراف في أموال المسلمين كما كشف عنها تقرير المراجع العام. فمن ولاتنا من استغل امتيازات الحج واصطحب زوجته أو زوجاته. ولم يشمئزوا لمال المسلمين يستغله وجوه القوم في وزارت وشركات وبنوك تعاملت باطلاً في 17 فاصل 1 مليون يورو وأكثر من 1 فاصل 2 مليار جنيه. ولم تقشعر لهما شعرة والزيادات قبيل الطبع لمضاعفة رسوم العمليات والفحوصات الطبية في مستشفيات الدولة حتى هدد مدير مستشفى أم درمان بإغلاقه أو فرض رسوم على المرضى في حالة توقف المالية عن دفع مال تسيير المستشفى. وأشتكى بالأمس نازحو دارفور من خلوهم من أغطية تقيهم لفح البرد. وحدث ثم حدث ولا حرج. نتجاوز عماية الصوفية وأهل السنة عن السفه بمال المسلمين للجانب الأمني في مسألتهم. وآمل أن نستمع جيداً لكلمة خليفة العارف بالله حمد النيل. فقد طلب ألا تمنح الحكومة أنصار السنة تراخيص لنصب الخيام في المولد منعاً لصب الزيت على النار. فليس يصح أن يكون أحدهم حاضراً في مناسبة يعتقد أنها باطل وبدعة. فغاية ما سينتهي إليه هو "جر شكل". ومتى أضطرت الحكومة للسماح له بذلك وجب أن يكون في الميثاق المزعوم نص صريح بحق أي جماعة من المسلمين في الاحتفال بأياً أرادت من رموز الإسلام وأن لا يُحرج عليها أحد أو يشغب. إن على الحكومة أن تؤمن مولداً آمناً بإزالة "خيم الضرار" إن لم يتنزل أهلها عند سماحة الدين وسعته. Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]]