[email protected] بعد 30عاما من حكمه ، أوصلنا مبارك إلى مصر الفاسدة ، وبخطايا المرحلة الانتقالية والحكم الحالي وبعد عامين فقط من ثورة 25 يناير 2011 وصلنا إلى مصر المفلسة . الصورة مرعبة ، وتفاصيلها مفزعة ، مقدماتها تنبيء بنتائجها ويحيرني ان تغمض جفون الحكام والمحكومين على السواء ، بينما الافلاس وثورة الجياع على الأبواب والكارثة محدقة ، والخطر يحاصر الجميع ولن يبقي ولن يذر . الشواهد عديدة وتتراكم ولا تخطئها العين ، فتخفيض مؤسسة " ستاندرد آند بورز " التصنيف الائتماني لمصر إلى "B-C " معناه " بقيلنا زلطتين ونطلع بره " ، فلم يعد يفصلنا عن الافلاس إلا درجتان " C " و "C C " ، وعندما يتبع ذلك تخفيض تصنيف بنوك " الاهلي ومصر والتجاري الدولي " إلى الدرجة نفسها بعد ان ورطتها الحكومة بمشتريات تفوق طاقتها من سندات و أذون الخزانة , فبالتأكيد نحن نغرق القطاع المصرفي ونعبث بأموال المودعين , فالحكومة باتت على وشك عدم القدرة على تسديد ديونها المحلية التي تجاوزت التريليون و 300 مليار جنيه , والخارجية التي تخطت ال 35 ملياراً من الدولارات ، خاصة مع ارتفاع توقعات عجز الموازنة إلى أكثر من 200 مليار جنيه . والقول بأننا بعيدون عن الافلاس ؛ لأننا لم نعجز عن سداد الديون ولم تُفلس بنوكنا ، بات " طق حنك " تماماً كمشروع النهضة , فنحن نسير بسرعة الصاروخ تجاه مصر المفلسة ، وإتجاه البنوك المصرية لسحب ارصدتها من الخارج تزامناً مع قرار عدم السماح بخروج أو دخول أكثر من 10 آلاف دولار مع كل مغادر أو قادم يؤشران لقرب بلوغ التصنيف " D " أي " الافلاس المعلن " . انتظروا موجات تلو موجات من الغلاء ، فظاهرة " الدولرة " – تخزين الدولار – عادت بقوة ، والجنيه يتراجع يومياً ، البورصة تنزف ، وخسائر قطاع السياحة تتجاوز ال 300 مليون دولار أسبوعياً ، وآلاف المصانع اغلقت أبوابها و " سرحت " عمالها . السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة ، والخطوة المفتاحية للخروج من المأزق الاقتصادي المحتدم تبدأ باصلاح السياسة ؛ بالتوافق الوطني والحوار والشراكة الحقيقية التي لا يمكن ان تقترن بالاقصاء أو الاستعلاء أو الاستقواء ، وما يجعل الصورة قاتمة ان السياسة تماماً كالاقتصاد في غرفة العناية الفائقة مشلولة ومتخبطة تعاني أمراض رخاوة الحكم وقلة كفاءته ، وضعف المعارضة تنظيمياً ، وركض الشعب وراء سراب الاستقرار و " دوران العجلة " . رغم ان ثورة 25 يناير 2011 صنعتها الطبقة الوسطى ، إلا انها فتحت الطريق لآمال وتطلعات الطبقات الدنيا بتنوعاتها في العدالة الاجتماعية ورفع مستوى المعيشة توازيا مع كسر حاجز الخوف وبالتالي فالنسخة الجديدة من الثورة ستكون دموية ومدمرة عندما يصنعها الفقراء والمهمشون والعشوائيون ، انها ثورة الجياع آتية لا محالة ، إذا لم يتعاف الاقتصاد ، وتوزع ثماره بعدالة عليهم ، وإذا لم تستوعب السياسة وتعبر عن الجميع . العد التنازلي للانفجار بدأ ، فهل ما زال بيننا من ينزع فتيل قنبلة بحجم وطن ؟ اشك .. ومن كل قلبي أتمنى ان اكون مخطئاً ! صحفي مصري