لم تمض أيام قلائل على حديث زعيم الحركة الشعبية سلفاكير وتحوله المفاجئ نصيرا لوحدة البلاد التي وعد بدعمها والتصويت لصالحها في لقاءاته بمواطني جنوب كردفان والنيل الأزرق ، إلا وجاءت إشارات أرباب ( السودان الجديد ) والمنفلتين داخل حركته ، لتغسل هذه التوجهات وتقطع باليقين أنهم ماضون في نهجهم الرامي لتمزيق البلاد وتقطيع أوصالها بالمؤامرات والفتن كما فعلوا بتمردهم من توريت الذي استمر لأكثر من عقدين وحصد الملايين من الأرواح ومثلها في النزوح واللجوء والجرحى والأسرى والمفقودين ، فضلا عن الخراب والدمار الذي أحدثه في كل ولايات السودان وتعطيل عجلة التنمية !. أي خطاب سياسي نصدقه ذلك الذي يعبر عنه رئيس الحركة أم باقانها !؟ ، كيف لا وخطاب أمين عام الحركة الشعبية لأعضاء الكونغرس الأمريكي وشهادته من أيام تكشف ظلامية ما تحمله هذا العقول التي تتحدث عن السلام والتحول الديمقراطي لصرف الأنظار عن إخفاقاتهم وفسادهم وهم يروجون للحرب داخل مؤسسات لدول عرفت بعدائها المستحكم للسودان أرضا وحكومة وشعبا !. بات جليا من وحى هذا الخطاب المفخخ و الذي كال ما كال من التهم والأراجيف عن العروبة والإسلام ومسيرة الحكم والسياسة في بلادنا ، والذي بثت فيه الحركة الشعبية كل حنقها وفشلها في تحقيق حلمهم بروح عدائية سافرة و نعرة عرقية وجهوية ممعنة وقبيحة انتقت مفرداتها وحددت مرادها من الإشارات التي رمت بها لآذان الأمريكان الذين يتوقون لمثل هذه الخطابات الداعمة لسياساتهم ومخططاتهم التي أفشلتها الإنقاذ وتكسرت عند صخرتها العاتية كل البرامج والخطط التي وضعوها للإحاطة بالسودان وتحقيق أمنية باقان في إقامة (السودان الجديد ) من خلال حملات ( إنقاذ دارفور ) !. هذا الخطاب الذي تداولته وسائل الإعلام والفضائيات لباقان على الأثير يوضح أن غاية هؤلاء من الاتفاق المسمى ( بالسلام الشامل ) لم تكن وحدة البلاد ولا أمنها واستقرارها وسلامة أراضيها ، وإنما هو يرجح الانفصال ويعمل لأجله منذ الوهلة الأولى ولكنه ينتقى المحطات والمنصات لإطلاق دعوته الجهرية بعد أن كانت سرية مترددة حاولت لعبة السياسة والتمويه وكسب الوقت ولكن سرعان ما انكشفت وهى تمتطى العمالة للأجنبي في بساط أعداء السودان الذين ألهبوا ظهره بالحصار والعقوبات وأشبعوه بالضربات الموجعة عبر صواريخ كروز وحرائق التمرد وتهديد امن الإقليم عبر تحريض الجوار وإيواء المعارضة وتسليحها !. هذا الخطاب الذي رمت به الحركة في هذا التوقيت واختارت له واشنطون ، هو بمثابة انقلاب على مضامين الاتفاق ودعوة صريحة لتدخل الخارجي في شأننا بعد أن فشل باقان في أن يكون وزيرا نافذا وفاعلا يستطيع أن يحدث التغيير من داخل مؤسسات الدولة وجهازها التنفيذي وهو على قمة هرمه ، أراد أن يستنجد بأمريكا فحدد لها المطلوب وتمنى عليها أن تفعل في تبديد ما تبقى ليصار إلى (سودانه الجديد )!. هذا الانعطاف عن منهج السلام وخطاه والتعدي عليه وبهذه الروح الانفصالية بعد أربعة أعوام من الاتفاق وما أنجز في ملفاته يعتبر تحديا متعمدا وخرقا عظيما لمضامين الاتفاق وتحولا خطيرا في ديناميكية المرحلة لدى الحركة التي تحسست سلاحها عبر مفرداته ووضعت يدها على الزناد لإعلان شارة الحرب التي يرومها باقان بعد أن عجز عن خلافة قرنق في تجسيد وهمه المستورد ( السودان الجديد ) والحرائق والفتن في الجنوب تتجدد وتتمدد على أوسع نطاق !. نريد من كل منصف أن ينظر إلى مضامين الخطاب التحريضي بموضوعية ليزن لهكذا قادة ، وهو يأتي من شخص في عربة القيادة والسيطرة ويفترض أنه شريك لتنفيذ هذا الاتفاق حتى نهاياته ، ولكن الرجل كعادته منذ أن ولج إلى حلبة السلام كان بمثابة ( خميرة العكننة ) لم يحلو له ما تم التراضي عليه ولم ترق له إسكات البنادق وإيقاف حمام الدم وهو يحمل فواتير خارجية كبيرة تستوجب السداد حتى ولو انهار الوطن وتبددت الدولة بالفشل كما ظل ينعتها هو !. نطالب كل حادب على مصلحة البلاد واستدامة السلام أن يدلنا على فضيلة أو عتبة بناء قام بها باقان وهو يجوب العالم لإفساد الاتفاق ونسف انجازات السلام التي تحققت !. كيف هي المؤامرة على الوطن وإثارة الحرب على الدولة وتحريض العدو وجلب الفتنة من وحى روح الكراهية التي نثرها على عتبات الكونغرس يطلب المدد منهم في خنق السودان وإطباق الحصار والعقوبات عليه؟ !. كيف هي خيانة الوطن والصرخات لم تعد هامسة والتحركات باتجاه الأجنبي وموالاته باتت علنية والنصرة تطلب من أمريكا التي لا تماهى ولا تجامل في تحالفها مع الحركة الشعبية ومبعوثها يغازل الخرطوم بالتطبيع ورفع اسمها من قائمة الإرهاب !. ما هي فعال هؤلاء القادة لتثبيت النظام المدني في الجنوب والسمات البارزة لحكمهم هي الفساد والقتل والتشريد والاعتقال والفوضى العارمة والتعذيب في أبشع صوره !. انظروا في لقاءاته الإعلامية وحديثه للصحافة ومجمل خطابه العام لتروا كم هو موتور يغرد خارج سرب الوطن إما أن تبقى ترهاته ومرضه الذي يلفه أو يتمزق الوطن بدعواته التي ظل يطلقها على العلن في ترجيح كفة الانفصال بما يعادل ال 90% حسب إحصائيات حركته الفاقدة للمنهج والرشد والتقييم الحصيف !. أموم يضغط بالمزايدة والكيد السياسي لإلغاء نتيجة الإحصاء السكاني التي شهد العالم بمهنيتها وسلامة تطبيقها ، وليس بالإمكان التراجع عنها أو تسييسها لإرضاء حركته ومنحها حقوقا لم تكن إلا في مخيلة هذا القائد الفاشل في انتظار أن تمطر السماء الأمريكية باتجاهه دولة مستقلة بسنابكها الموغلة في وحل العراق وأفغانستان !. هذا القائد الورقي يطلق دعوة أخرى في حال إعاقة الاستفتاء فان حركته ستعلن الاستقلال من داخل برلمان الجنوب ذلك الجهاز الاقليمى الذي أوجدته الاتفاقية عبر التعيين والإرضاء لا عبر تمثيل الشعب وإرادة أهل الجنوب الحرة !. باقان يحرض أمريكا على السودان علنا ويرغب أن يرى تدخلها ( العسكري ) فيه قبل قيام انتخابات 2010 م التي تهرب منها حركته ، يريد أن يراه أثرا بعد عين !. يهدف لقطع الطريق أمام البشير الذي توجته انجازاته المبهرة رئيسا بلا منازع رغم مؤامرات باقان وحركته !. هذه المحاولات اليائسة والمفردات النشاز تعبر عن عدم نضج سياسي لدى هذا الباقان ، واستباق لمرامي عصية تسيطر على وجدانه وحركته لأنه يجهل تعقيدات اتخاذ إجراء كهذا لا يملك برلمان الجنوب أي حق دستوري أو قانوني فيه إلا أن تكون قفزة في الظلام ، وهنالك من الارتباطات التي تحتاج لإرادة الوطن الغالبة عندما تتعلق الأمور بالسيادة والحدود والمياه والأصول واسم الدولة والتزاماتها الدولية وديونها وما إلى ذلك !. أي منحى في هذا الاتجاه هو نكوص عن ميثاق السلام وردة أشبه بإعلان التمرد على الدولة والجنوب بكامله هو الآن ضمن حظيرة الوطن ولا يملك حكامه حاليا غير ترتيبات انتقالية أملتها ظروف الاتفاق بمحدداتها !. لكن عندما يبلغ اليأس بالحركة الشعبية هذا المبلغ والاتفاق يحاصرها بمستحقاته وهى تعمل لتقويضه في خواتيمه ، وهى ترى مفوضية الانتخابات تشرع في خطواتها العملية لتدخل الانتخابات مراحل متقدمة ، هنا تتراجع خطى أحزاب الفاقد السياسي التي فشلت في الجنوب على عهد باقان وأشباهه ، وليس لديها ما تعرضه على المواطن هناك حتى يمنحها ثقته !. هنا يخلط باقان بين الاتفاق ومطلوباته والإحصاء والانتخابات وتموج الأرض من تحت أقدامه ، وليس من قبلة غير أمريكا التي كم حاول السودان أن يسعى إيجابا باتجاهها ، ولكنها إن صدقت هذيان باقان وذرائعه فان أرض السودان هي بذرة جهاد وشهادة حمل أهلها حركة أموم ومناصريها على كبر عددهم وعتادهم على المر بتوقيع الاتفاق وستمنعهم من أن ينالوا الجنوب بلغة ( الكوار ) والتهديد !. منذ متى كان برلمان الجنوب يبت في أمر زى بال ،أو أصدر تشريعا أو أجاز مشروعا له مغزى ، أو أوقف القتل والفساد وخراب الجنوب حتى يبت في أمر الوحدة والانفصال وهو عاجز عن فعل أي شيء أمام سطوة باقان ! ؟. أى قضية وطنية على المستوى المحلى بالجنوب أو الهم الوطني الكبير كان لبرلمان الجنوب رأى فيها أو سهم لمعالجتها أو مبادرة تحسب لصالحه غير إنتاج الأزمات وارض الجنوب تحتضن متمردي دارفور ؟. هذا البرلمان الذي يرى سوءات المسئولين وفسادهم بالجنوب وعوراتهم البينة وعثراتهم الكثر وزعيم الحركة يجأر بالشكوى من الفساد والتدليس والبرلمان في ثباته العميق ينتظره باقان أن يعلن الاستقلال من داخله !. أى قاعدة وسند يرتكز إليها أموم في مقولته وكأنه لم يقرأ الاتفاق ولم يكن جزءا منه ، أم هي مواصلة لحملات التشويش والإرباك السياسي الذي أصابه جراء اقتراب موعد قول الشعب عبر صناديق الاقتراع وخواء حركته منأى رصيد في هذه الناحية ؟. لماذا يسعى باقان وبرلمان الجنوب لحجب أبناء الجنوب خارج النطاق الجغرافي من الإدلاء بصوتهم في الاستفتاء على مصير الجنوب وقصر الحق على قاطني الجنوب حتى تجير النتيجة لصالحهم ، وهؤلاء الأصلاء قد شردتهم الحرب ومآسيها وظروف الفاقة والجوع والبطالة إلى الشمال والوسط والغرب والشرق ينشدون الطمأنينة ولقمة العيش ؟ !. الاستفتاء محطة مهمة من استحقاقات السلام تحتاج مثلها مثل الملفات الأخرى إلى الحوار و الأخذ والرد وتوسيع الشورى قوميا باتجاهه لخطورة ما يترتب عليه لأنه يتعلق بجزء عزيز من الوطن ، حتى يصار إلى قانونه ومفوضيته دون ابتزاز سياسي بالانفصال الذي لم يعد يتهيبه أهل الشمال !. لا مجال لخلط الأوراق والهرولة والهروب من المسئولية التاريخية التي أقرها الاتفاق بوعيد زائف لا يملك أموم أدواته ولا يستطيع إعلان استقلال الجنوب بمثل هذه العنتريات المفضوحة ، والتي تحاول جر الدولة والمجتمع في جدليات فارغة وصرفها عن جادة الطريق ، لأن الانجازات القومية الكبيرة التي تعرض صباح كل يوم تفرح المواطن وتجعله أكثر التصاقا بالإنقاذ وزعامتها ، وتضع أرتالا من الحسرة والكآبة في نفس باقان الذي ينشد استقلالا من برلمان الجنوب بدعم أمريكي ينتظر لأن الحركة الشعبية هي من تحتكر الإرادة الأمريكية وتوجهها بموجب خطاب جانح لأمينها العام زعيم الجنوب القادم على صهوة المغالطات و ( السودان الجديد ) ، ولكن تهوره الحاقد وصرخاته الحمقى سترتد عليه كما الذي يؤذن في مالطا . adam abakar [[email protected]]