أكد خبراء خلال حلقة نقاشية في كلية سانت أنتوني بجامعة أوكسفورد البريطانية أن فشل برامج المساعدات في إحلال تنمية حقيقية بالسودان أدى إلى تعميق الخلافات في البلاد خاصة بين الشمال والجنوب. وقال جيمس مورتون الخبير في الشؤون السودانية والذي أشرف على عدة تقارير أجريت لتقييم وضع المساعدات في السودان إن برامج المساعدات عانت من إخفاقات خطيرة للغاية فيما يتصل بالإدارة وترتيب الأولويات، ما أدى إلى تحقيق إنجازات محدودة على صعيد التنمية. وأعطى مورتون خلال الحلقة النقاشية التي أقيمت يوم الأربعاء أمثلة على ذلك من بينها أنه لدى توقيع اتفاق السلام الشامل عام 2005 أعلن المانحون الدوليون أنهم يعتزمون بناء 30 ألف فصل دراسي في جنوب السودان خلال 6 سنوات، ولم يتم إنجاز سوى ثلاثة آلاف تقريبا. وقال إنه خلال نفس الفترة لم يتم مد سوى 67 كيلومترا من الطرق في جنوب السودان الذي يعاني بشدة من غياب الطرق المرصوفة. مصالح سياسية وعبر مورتون عن إندهاشه الشديد من أنه رغم وصول حجم المساعدات إلى 8 مليارات دولارات على مدى السنوات الست لم يساهم ذلك في إحلال التنمية المنشودة في الجنوب. وقال إن ذلك كان سببا رئيسيا في عدم تحقق رؤية جون غرنغ الزعيم الراحل لحركة تحرير السودان والمتمثلة في أن يسعى المجتمع الدولي لبذل جهود تهدف إلى أن يكون خيار الوحدة جاذبا بالنسبة للجنوب، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع. وفي رد على سؤال لبي بي سي قال مورتون إنه لا يستبعد أن تكون هناك مصالح سياسية وراء الإخفاق الكبير في جهود المساعدات. "فئران متشاجرة" وقال مورتون إن الدول المانحة، وأبرزها بريطانيا والنرويج وهولندا، والمنظمات المختلفة أيضا وأبرزها الاممالمتحدة كانت تعمل في السودان كالفئران المتشاجرة، بسبب غياب اي تنسيق أو تعاون بينها. وأكد المشاركون في الحلقة النقاشية التي ينظمها برنامج السودان برئاسة الدكتور أحمد شاهي أن السلام مفتقد بين شمال السودان وجنوبه، وأن هناك اختلافات كبيرة في المجتمعات المحلية لم يتم حلها على الإطلاق حتى بعد توقيع اتفاق السلام. مباني حكومية وأشار المشاركون أيضاً إلى أنه على الرغم من هذا الوضع السيء للمساعدات خلال هذه الفترة، هناك كثير من الإنجازات قد تحققت مثل بناء المباني الحكومية في جنوب السودان ووصل عددها الى 67 مبنى، وأن إجراء الاستفتاء العام الماضي هو من ثمرات جهود المساعدات. وأوضحوا أن حجم المساعدات التي تخصص للسودان حاليا بعد استقلال الجنوب لا تزيد عن مئات الآلاف من الدولارات مقارنة بالمليارات التي كانت تتدفق عليه سابقا، وأن معظم هذه المساعدات تخصص لبناء منشآت حكومية، وأن المجتمع الدولي لم يعد مهتما حاليا بتقديم مساعدات سواء لشمال السودان أو جنوبه. وعلق الدكتور خالد المبارك الملحق الإعلامي للسفارة السودانية في لندن على الورشة بأنه كان هناك انحياز واضح من المانحين للجنوب، مشيرا إلى أن وضع المساعدات في دارفور يزداد تعقيدا بسبب تحول مخيمات اللاجئين إلى مخازن للسلاح على حد قوله. تعميق الصراع وقالت هاجر طه الباحثة في شؤون السودان بجامعة لندن إن من بين المشكلات التي تتسبب فيها المساعدات هي أن السكان المحليين يحاولون مواءمة وضعهم مع متطلبات المانحين الدوليين سعيا للحصول على المخصصات المالية. وأشارت إلى أن هذه الظاهرة تؤدي إلى تعميق الصراع الذي يتحول إلى صراع على الموارد. وأضافت ان كثيرا من السكان المحليين يعبرون في العادة عن انزعاجهم مما يعتبرونه تجاهلا لخصوصيتهم الثقافية والدينية من جانب بعض المنظمات.