بسم الله الرحمن الرحيم لست طبيباً و لكن بحكم الزمالة و الصداقة فإن لدي معرفة معقولة بالطب الذي كاد ان يصبح علماً مشاعاً في السودان كالسياسة و الإقتصاد وإني كثيراً عندما ازور طبيباً لاستشارة طبية أناقشه في بعض همومي الفكرية فقد سالتّ ذات مرة أختصاصي الجلدية عن سر إقتران تخصص الأمراض الجلدية بالتناسلية فقال لي : لأنها أمراض مرتبطة مع بعضها البعض و أن أي مرض تناسلى له عرض جلدي و لكثير من الامراض الاخرى أعراض تظهر على الجلد فقلت سبحان الله ! فالجلود تبدا شهادتها علينا من هذه الدنيا تصديقاً لقوله تعالى : (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) ( سورة فصلت ) وزرت مرة مع زوجتي الدكتور حامد النعيم أخصائى النساء و التوليد وفي بالي الجدل الدائر حول النفس التي بدأ منها الخلق - و التي يقول معظم المفسرين معضدين آراءهم بإشارات في بعض الاحاديث و منقولات من التوراة – انها كانت رجلاً و ان المرأة خلقت من ضلعه و يقول آخرون أنها كانت ( negative sex) أو أنثى مستشهدين على ذلك بقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) (سورة الاعراف) و أن هذه النفس هي الرحم التي خاطبت الرحمن تطلب أن يصل من يصلها و يقطع من يقطعها و هي التي اشتق منها مصطلح ما يعرف بالرحم في العلوم الشرعية ( هي القرابة من جهة الأم حقيقة و مجازاً القرابة من الجهتين ) فعرضت عليه ذلك فقال لي : أن كل مولود ذكر أو أنثي يبدأ في رحم أمه ( negative sex) ( في إشارة منه ربما إلى بويضة المرأة ) فتذكرت قول الله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39)( سورة القيامة ) والآية تذهب إلى ابعد من ذلك حيث أن تحديد الجنس يأتي بعد طور العلقة فخرجت من عيادة الدكتور- وأنا مستعجلً حتى لا آخذ من زمن المرضى المنتظرين - مقتنعاً ان ما يعرف بالخلق الثاني تناسلاً في هذه الدنيا – على الأقل – يتم من الانثي فيكون لحم المخلوق و عظمه و دمه من لحمها و عظمها و دمها وحتى بعد ولادته وهو رضيع حتى يتم فصاله اريد في هذا المقال ان اتكلم عن نوع من الافيون غير الذي أضحت نسب تعاطيه و الإتجار فيه نسباً عالية لا سيما بين الشباب و الطلاب و هو نوع من الأفيون لا تتابعه إدارة مكافحة المخدرات ولا يعرفه ( الكلب البوليسى ) أما موضوع الهستيريا فإني أريد منه المعني الظاهر الذي يتكلم عنه غير الاطباء و هو التعبير غير المنطقي عن المشاعر والزائد عن اللزوم والذي لا يتناسب مع حجم الإثارة و موضوعها و ينطوي على تعويض نفسي و الذي يقلقني أنه أصبح شائعاً شمل الرجال و النساء و الشباب و غيرهم و المعجبين بالفنانين و الرياضين و السياسيين و المتدينين و الذي دفعني إلى كتابة هذا الموضوع ما كنت أسمعه من حوادث في العالم تحدث بين مشجعي كرة القدم الذين يصل حبهم لمشاهدتها إلى درجة الهوس و احدثها تلك التي حدثت في الملاعب المصرية في بورسعيد و التي راح ضحيتها 73 و مئات من الجرحى و مباراة مصر و الجزائر التي كادت ان تعصف بالعلاقة بين البلدين و تحرج الخرطوم التي إستضافت المباراة و حب نجوم الرياضة الذي يؤدي بالبعض إلى الإنتحار أوالتظاهر و البكاء الهستيري عندما ينتقل نجم من فريق سوداني إلى فريق آخر وهو سلوك يختلف عن روح الدعابة اللطيفة التي تسود بين مشجعي الفريقين في الشوارع بعد المباراة و دفعني أيضاً ما شاهدته من قبل من إستقبال هستيري من الشباب الأوربي للفنان مايكل جاكسون و ما استقبل به الشباب السوداني خبر وفاة نجم الغناء السوداني محمود عبد العزيز رحمه الله وقد رأيت احد المغنيين المشاهير يغني بحماس وصدق وانفعال و حرارة و يتراقص حوله الشباب بطريقة هستيرية و يتدافعون نحو المسرح (سكارى) يحاولون إختراق الحائط الأمني و عندما انتهى الحفل ودخل المغني إلى عربته الفارهة اندفع عدد من الفتيات خلفه إلى داخل العربة بقوة فأخرجهن رجال الامن مستنكرين فاعتذرن بأن فعلهن كان لا إرادياً !! وحتي لا يتهمني عشاق الرياضة و الفن بالتحيز أنقلكم إلى مشهد هستيري آخر فقد حكى لي احد أصدقائي أن احدهم دعاه إلى حلقة للذكر يقيمها في بيته بعد أن أحس بأنه تلقف من الدنيا من حظه وحظوظ الآخرين أكثر مما يجب وهو يبحث عمن يمنحه صكاً بالغفران و ليصرف عيون الحاسدين و (السحرة ) و عندما (سخنت) الحلقة طفق صاحبنا يتمتم بكلام غير مفهوم فتساءل صاحبي عن ذلك لدي الشيخ فقال له الشيخ : هذه السريانية لغة الملائكة و الملأ الأعلى ( هناك إعتقاد يهودي نصراني يقول أن السريانية هي لغة الوحي و الملأ الأعلى و لربما يعتقد بعض العرب أن العربية كذلك او هي على الأقل لغة اهل الجنة ) لكنها لم تمض دقائق حتى انفجر الرجل شتماً في أمهات الحضور وآبائهم فتساءل صاحبي مرة أخرى فقال الشيخ ( الراجل دا ماعونو صغير ) ولعلكم جميعاً شاهدتم ما يحدث في إحتفالات المولد النبوي التي تواعدت فيها طائفتان إسلاميتان على المواجهة في غير معترك و شاهدتم (النوبة) ترفضّ هديراً أو تُجنّ وتقرع الطبول الصارخات و تموج حلق الذكر ( ومكان الأرجل الولهى طيور فى الجلاليب تثور وتدور تتهاوى فى شراك ) و كلكم تعلمون أن الذكر هو الوعي وأن الرحمن وصف عباده بأنهم ( و الذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً و عمياناً) و إقودك أخي القارئ إلى إحدى ما يعرف بحلق العلاج بالقرآن التي ينشط فيها بعض إخواننا السلفيين لتشاهد الهستيريا على أصولها حيث يبدأ المعالج تلاوة القرآن بطريقة خاصة على مجموعة من الحضور و غالباً ما يكنّ من (الجنس اللطيف) مع بعض الحركات المفعمة بالإيحاء حتى تصيب الهستيريا وربما الصرع أحد الحضور القابلين للإحياء فيبدأ رحلة (العلاج) الطويلة يقول د. طارق بن على الحبيب إستشارى وأستاذ الطب النفسى فى كلية الطب بجامعة الملك سعود بالرياض فى كتابه ( العلاج النفسى والعلاج بالقرآن رؤية طبية نفسية شرعية ) والذى صدر عن إتحاد الأطباء النفسانين العرب .واصفاً حالات الإضطراب التي تحدث في مجالس العلاج بالقرآن بانها حالات من الصرع الهستيري تشبه حالات التنويم في عيادات العلاج النفسي قائلاً : وتتصف الحالة التى تنتاب المريض أثناء العلاج بالتنويم بتغييرات منها : إنعدام روح المبادرة وإنتظار المريض لأوامر معالجة وإنعدام الإستجابة للمؤثرات الخارجية سوى ما يوجهه إليه المعالج .وإزدياد القابلية للإيحاء . وضعف إرتباط المريض بالواقع من حوله .وشعور المريض ببعض التخيلات الغريبة كشعوره بأنه موجود فى زمان ومكان غير الزمان والمكان اللذين يحياهما .ونسيان المريض لما حدث أثناء جلسة العلاج فى بعض الأحيان خصوصاً عند ذوى الشخصيات القابلة للإيحاء بشكل كبير عندما يأمرهم المعالج يحدث ذلك ايضاً في دول العالم الحر التي يعاني فيها الشباب من التوتر و النظام الشديد وزحمة الحياة و تعقيداتها و غياب حضن الاسرة الدافئ فقد حكي لي أحد أصدقائي القادمين من السويد أنه دخل حديقة خاصة معدة لكي يدخل إليها الناس المحترمون و يفعلون ما كان يمنعهم منه الإحترام ومن ذلك السباب و الشتائم البذيئة و بصوت عال و صراخ هستيري بعيداً من الناس و كنت قبلها أتعجب من الناس المحترمين كيف يتشاتمون وهم في الطرقات العامة يقودون السيارات وما أكثر ما تسمع يا بليد يا حمار و يا .....ربما أن بعضهم يحسب أنه بعيد عن الرقابة ولذلك يفكر في التخلص من التوتر الذي تزيده قيادة السيارة في طرقات العاصمة المزدحمة ولا باس من شتم على الماشي! أما إذا كان احدهم يتمتع بشيئ من اللؤم فإنه يلاحق من يشتمه و قد يتعاركان بالايدي . كما رأيت في إحدي القنوات الفضائية تقريرأ عن أحدهم في دولة أوربية جمع كمية من العربات الخردة داخل سور كبير يدخله الناس مقابل أجر زهيد و يزودون بالهراوات و ( المرزبات) ليقعوا تكسيرأ في هذه العربات و برضو عشان ال(relaxation) و تفريغ شحنات التوتر و يقف حولهم رجال الأمن حتى إذا ( تلبّش أحدهم أي ركبته الهستيريا ) أمسكوا به حتي لا يؤذي الآخرين نواصل إن شاء الله بسم الله الرحمن الرحيم الكل يتعاطون الأفيون و مصابون بالهستيريا( 2 من 3 ) الضغوط السياسية و الإقتصادية الإجتماعية مع ضعف الشخصية وقابليتها هي التي تولد السلوك الهستيري الذي تكلمنا عنه و السياسيون الذين يتهمهم البعض بأنهم سبب هذه الضغوط ليسوا إستثناءأً من هذه الهستيريا التي أصابت الجميع فالسياسي ذو الضمير و الاخلاق يبكي في خلوته وربما يستعصي عليه البكاء فيبكي على المنبر بكاءاً لا يبدو مبرراً و قد يتحملها البعض في نفسه فتتحول أمراضاً كضغط الدم أو جلطات و أمراض في القلب و الدماغ وحتى يضمن رجال الأمن تماسك المسئول السياسي الذي يعاني من الضغوط قد يدسون له المنوم أو المهدئ في الشراب حتى يواصل (الهروب إلى الأمام) ولا تهتز شبكات المصالح ومنظومات الفساد لذلك تتدهور صحة معظم المسئولين بسرعة عندما يتركون الوظيفة أما السياسي الذي ليست له اخلاق فقد يكون كالرئيس الإيطالى برلسكوني الذي اتهم باقامة حفلات تعري في مقر إقامته وقد كشفت صحيفة (ديلي تليجراف) البريطانية عن تورطه في فضائح جنسية ، ( حيث كان يستقبل فتيات بريطانيات لحضور حفلات المجون التي يقيمها. وحسبما أفادت الصحيفة، فإن رجل أعمال يدعى جيانباولو تارانتينى كان يعمل (قواداً) لبرلسكوني، حيث أنفق 70 ألف يورو من ماله الخاص لاستقطاب فتيات من المملكة المتحدة وغيرهن من جيمع أنحاء إيطاليا لحضور حفلات برلسكوني الجنسية. وذكرت التحقيقات أن تارانتيني (36 عاما) دفع أموالاً طائلة للفتيات كي يسافرن إلى إيطاليا ويحضرن حفلات يقيمها برلسكوني بمنازله الموجودة في روما وميلان وسردينيا، فضلا عن حجز غرف فاخرة لهن في الفنادق الإيطالية ودفع مبلغ ألف يورو لكل مرة تقوم فيها الفتيات بقضاء ليلة حميمة مع برلسكوني البالغ من العمر 74 عاما. وقالت الصحيفة إن الادعاءات أفادت بأن تارانتينيى، رجل الأعمال المشهور، الذي كان يسعى لكسب ثقة رئيس الوزراء الإيطالي قام بتنظيم 25 حفل عشاء خاصا لبرلسكوني في الفترة من يوليو 2008 وحتى مايو 2009. وأضافت الصحيفة أن قائمة برلسكوني كانت تضم أكثر الفتيات جاذبية سواء من إيطاليا أو من أي مكان آخر ومن بينهن عارضة الأزياء تيرى دى نيكولو وفتاتا الاستعراض باربارا جويرا وباربارا مونتريال، والموديل المتألقة التي يفضلها برلسكوني جرازيا كابون.) أو كالرئيس الفرنسي السابق الذي يطير بالطائرة الرئاسية إلى جزيرة نائية يقضي فيها الليالي الحمراء و قد تسلل احد الصحفيين إلى إحدي شققه فوجدها مليئة بالصور العارية و قد أوردت صحيفة الأهرام تحت عنوان ( 2010 .... عام الفضائح السياسية ) ان إحدى فتيات الليل كشفت، خلال تحقيق مع عصابة تتاجر في الكوكايين، أن طائرة بيرلسكوني الخاصة كانت تستخدم في نقل مخدر الحشيش إلى فيلته بمنطقة "ساردينيا"، وزعمت أنه تم تقديم الحشيش لحوالى 25 شابة تمت دعوتهن إلى فيلا سردينيا، حيث كان بيرلسكونى يرفه عن تونى بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، وفلاديمير بوتين رئيس وزراء روسيا. أو يكون كالرئيس الامريكي الاسبق الذي كان يدير اكبر بلاد العالم وهو في أحضان غانية ربما دفعتها إليه حكومات الظل و القوى الباطنية التي تدير بلاده و ما أكثر فضائح السياسيين الجنسية حتي بت مقتنعاً بأن شبكات الفساد والجرائم الدولية كتجارة المخدرات و تحريك الأموال و غسيلها وتجارة الجنس و السلاح و الإدارات السياسية للدول و اجهزة الإستخبارات كلها شبكة واحدة و أن العالم يديره المجرمون قرات كتابين قيمين للمفكر الإسلامي الإيراني الدكتور علي شريعتي يتكلمان عن الظاهرة أحدهما هو ( العودة إلى الذات ) و الآخر هو ( بناء الذات الثورية ) و قد تكلم عن الثقافة الافيونية و الفنون الافيونية و الرياضة الأفيونية و الدين عندما يتخذه البعض افيوناً الرياضة قد تكون لبناء الأجسام وللترويح وأهداف إجتماعية أخرى و قد تكون ( بيزنيس ) و قد تكون رياضة أفيونية يقصد بها إلهاء الشعب و الشباب خاصة عن التفكير في الهم الوطني و هي ما ابتدعتها الدول الإستراكية في أوربا الشرقية و الإتحاد السوفيتي السابق و الصين الشعبية و صدرتها إلى العالم الإسلامي أيام أحزاب الإتحاد الإشتراكي واستحلتها كل الانظمة الديكتاتورية و بدلاً من أن يكون الشباب هو هدف التنمية أصبح الشباب بل الشعب كله أدوات في مشروع الحاكم السياسي بل ويصبحون قطعاً أحياناً يزين بها الحاكم خلفيات إحتفالاته ثورته الوطنية عندنا هنا في السودان عندما تقوم المعارك دفاعاً عن الوطن يقنع الإعلام الرياضي الافيوني اللاعبين و المشجعين انهم ايضاً موجودون في ( الميدان يشاهدون القذائف و الصواريخ و الإنتصارات على العدو ) وكتب الأستاذ عمر العمر في صحيفة البيان (الكرة أفيون الشعوب»، فهي وحدها دون غيرها من الألعاب تدغدغ مشاعر الجماهير وتلهبها على نحو يذوِّب التضاريس الثقافية والاقتصادية والإثنية، ويقفز فوق الثارات التاريخية. هي أفيون ينسينا همومنا اليومية، ويمنحنا النشوة الجماعية بالفوز والنصر، أو يغمرنا ببرد الخيبة والاكتئاب. تحت هذا الشعور الطاغي نصبح قبائل كروية، تجرفنا جاهلية إلى جوادين في إنجلترا وتورين في إسبانيا ونردين في إيطاليا. من فائض مشاعرنا الهائجة بفعل الأفيون نتعاطف مع فرنسا، متجاهلين ضحايانا المتناثرين عبر التاريخ من وهران إلى تمبكتو. بالإحساس نفسه نتحمس للإنجليز، قافزين فوق حدودنا المرسومة بأمرهم. وقضيتنا المركزية المخبوزة بأيديهم) ان التدين احياناً يمكن ان يكون ظاهرة افيونية عندما يتخذه المرء وسيلة للإغتراب و الغيبوبة لا الذكر و أداة للهروب من الحياة و مخالطة الناس و عندما يرهن إرادته لشيخ باسم الدين أو يعطل عقله إعتماداً على كسب السلف الصالح واجتهادهم أو يكتفي بالتسلى بأمجادهم و تبرتر أخطائهم الإجتهادية و أقوالهم الغريبة في وجه تيارات الحداثة و العولمة الجارفة أو عندما يتعمد بالتربية الموروثة عن البوذية أن يدمر عقله و سمعه و بصره وكل ما يعينه على التعامل مع العالم من حوله بدعوى طلب السمو الروحي إذا لم يكفه الإنقطاع عن الناس فيلبس غير لباسهم و يتكلم بغير لغتهم و أصدقكم القول أن تدين الكنيسة الذي واجهه كارل ماركس كان أفيوناً للشعوب وقد بعث الله محمد (ص) ليصحح ذلك وقال القرآن ما لم يقله ماركس عن الأحبار و الرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل و يكنزون الذهب و الفضة ولا ينفقونها في سبيل الله و يقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا و يحرفون الكلم عن مواضعه و يقولون ليس علينا في الأميين سبيل ولكن الخطأ الذي وقع فيه ماركس وشيوعيونا هو تعميم المقولة على كل دين و ليس على كسب البشر من الدين و استغلالهم له ولو عاش ماركس حتى عصرنا الحالى ورأي ما فعله لينين واستالين وزعماء الدول الشيوعية و الدغدغة التي مارستها الاحزاب الشيوعية على اهواء الشسعوب و احلامها و عصبياتها القومية و الوطنية و العنصرية لقال : الشيوعية أفيون الشعوب و نبت طفيلي عاش على آمالها الشباب الذي نبني عليه آمالنا في المستقبل أصبح يتعاطى المخدرات ليمارس الهروب من الواقع الاليم الذي عليه تغييره و يفني جهده ووقته سعياً وراء نجوم الفن و الغناءو الرياضة و يضع ( سماعات المحمول التي تقطعه عما حوله و تربطه بعالمه المصنوع و هو يمشي في الطرقات او يستخدم المركبات العامة و بعضهم يقضي الساعات الطوال أمام شاشات الحاسوب يجوب العالم الإفتراضي الذي صنعه تجار الإتصالات يبيع و يشتري و يمتلك العقارات و المزارع و يقيم سرادق العزاء و مهرجانات الفرح و يحب و يتزوج و يحارب عدوه الافتراضي و ينتصر عليه كتب احد المفكرين عما أسماه مخدرات الساسة و افيون المثقفين في علاقة المثقف بالسياسي قائلاً: (الأزمة منهجية أساسها النظرة العقلانية الناجمة من إختلاف زاوية الرؤية للأحداث الواقعة: فالفعل السياسي يبنى على نظرة من زاوية آنية جزئية تناقش الحدث كما هو عليه في الواقع ومن زاوية المحركات والأبعاد السياسية القائمة على “علاقات الأطراف ( المصالح البينوية – قوة التأثير السياسي – صناعة القرار السياسي – وواقع تطبيق القرار السياسي) وهذا ما لا يعترف به المثقف الذي ينظر دائما للأحداث من وجهة نظر شمولية كلية ويوجد المجال واسعا لطرح كل الحقائق والأبعاد المتعلقة بالحدث سواء كان مغزاها (تاريخيا – سياسيا – إقتصاديا – ثقافيا – إجتماعيا – فكريا) وهو يحاكم دائما منظومة الوعي المتمخضة من إطار تلك الأبعاد وعليه فإن الإقصاء لأهل السياسة من جانب أهل الفكر والثقافة لهو إقصاء متولد من كونهم ينكرون النظرة الجزئية للأحداث والظواهر والمشكلات ولكن رغم هذا وذلك أننا أختلقنا المشكلة في سياق عدم التوفيق في النظرتين التي لا أنكر شخصيا “كونهما متكاملتين" فزاوية النظر السياسية التي تتعامل مع الآني والجزئي تشكل وترسم ملامح فعل سياسي مؤقت لا تضمن ولا يمكن استشراف نتائجه وآثاره على المدى البعيد في ظل وجود متغييرات في سياق منظومة عالمية قانونها “التغير الدائم!" وكذا زاوية النظر الفكري الثقافي حتى وإن درست البناء الكلي للمجتمع ومؤثرات الحدث الكلية بنوع من التجريد والتنميط فإن مقياس النظرة إلى الوقائع الجزئية مقياسا ضروريا فالحياة الإجتماعية وملامحها تصنعا دوما تلك التفاعلات الجزئية البسيطة التي قد تشكل قوى تغيير كلي تساهم في إفراز الحدث أو تناميه.. وعليه فإن التوفيق لابد أن يكون في صورة أن الثقافة تعطي للسياسة فرصة معرفة نتائج عملها ووضعها في صورة شاملة وكاملة باتجاه تحقيق السياسة لأهدافها في تحقيق منفعة الناس بالطرق والآليات التي تراها مناسبة وموائمة... في حين أن الإنعكاسات التي ولدت زاوية النظر على شخصية المثقف سوسيولوجيا وسايكولوجيا أفرزت جنوحا صفويا لبعض المثقفين وتوهمهم بكونهم يمتازون بالإستقلالية بل وطار بعضهم إلى النرجسية وأبراجها العاجية فأصبحوا يعتنون كثيراً باستشراف المستقبل وتقدير المآلات دون تدقيق في الواقع أو إلتماس لفك شفرات الخلل فيه أو تمعن في جزئيات الحدث الدائر عليه؛ ولذا فقد كانت أغلب أطروحاتهم تصب في إطار المبادرات الإصلاحية الكبرى والهتافات الحضارية الرنانة ينشغلون بالمبادرات الإصلاحية، وتقديم المقترحات والانتقادات على أداء الساسة. ويرمق المثقف السياسيَ بعين ملؤها التوجس والخوف من بطشه وإرهابه، أو بعين أخرى مترعة بالطمع في خزائنه ومناصبه، وثمة من ينظر للساسة وقد أغمض عينيه الاثنتين إلا عما يؤمن به ويقدر فيه المصلحة لأمته وبلاده؛ أو يغمضهما إغماض إعراض وصدود وابتعداد طلباً للسلامة. نواصل إن شاء الله الكل يتعاطون الأفيون و مصابون بالهستيريا ( 3 من 3 ) أظن ان الإعلام و الإعلان التجاري الذي يصنع الاساطير و يستخف بعقول الناس برسائله الافيونية له دور كبير في صناعة الهستيريا فالإعلام نجح في إقناعنا بان الديمقراطية فاضت في قطر ودول الخليج حتى بدأت تصدرها إلى سوريا و ليبيا و مصر وان هناك دولة و سلطة فلسطينية يعترف بها المجتمع الدولي و أصبحت عضواً مراقباً في الأممالمتحدة و الغريب أنها لا تتحكم في أنبوب الماء و الغاز و مفتاح الكهرباء في اراضيها ولا العوائد و الضرائب التي يدفعها الشعب الفلسطيني و هذه الدولة لها مجلس تشريعي ووزراء و إنتخابات تتصارع بل و تقتتل حولها حماس و فتح و اقنعنا الإعلام أن هناك شيئ إسمه تنظيم القاعدة يديره بن لادن و الظواهري من كهوف طورا بورا و ينفذ عمليات معقدة في الولاياتالمتحدةالامريكية و أوربا و آسيا و إفريقيا و تعبث قنوات الإعلان التجاري بعقول أطفالنا و تبيعهم السموم ( التي يشتريها لهم الآباء ) و تجعلنا نشتري و نشرب الكولا التي لا نعرف مم تتكون و لكى نفهم هذا الدور الذي يؤديه الإعلام فلنقرأ هذه الفقرات من مقال للدكتور المرحوم عبد الوهاب المسيري عن الفيديو كليب : ( الفيديو كليب يؤكد جانبًا واحدًا من الأغاني وهو الجانب الجنسي. فالراقصات لا يتركن أى مجال لخيال المشاهد، والصورة عادة أقوى من الكلمة، فالكلمة (المجردة) توجد مسافة بينها وبين المتلقي، الأمر الذي يسمح له أن يتأمل في معناها ويتمعن في مغزاها، أما الصورة خاصة إذا كانت صورة حسناء نصف أو ربع عارية تقفز وتحرك كل ما يمكن تحريكه في جسدها بصورة غير موضوعية أو محايدة..... بعد دراسة متأنية للفيديو ، اكتشفت أنه مما يساعد الفيديو كليب على اقتحامنا ما أسميه "الرقص الأفقي"؛ فكلنا يعرف الرقص الرأسي، وألفناه، فقد شاهدناه في الأفلام وفى الفنادق الخمس نجوم والكباريهات التي بلا نجوم، ولكنه كان رقصا رأسيا دائمًا، أما الرقص الأفقي فهو مختلف تماما إذ تنام الراقصة/ المغنية على الأرض وهى نصف أو ربع عارية ثم تحرك ما يمكن تحريكه في جسدها بصورة غير موضوعية أو محايدة لأسباب لا تغيب عن بال أي مشاهد. هذا الرقص أكثر وقعا وتأثيرًا، وهو يدهشنا تماما، مما يجعلنا نستسلم لإغواء الصورة ونرفع الرايات البيضاء والخضراء والحمراء وكل الألوان الأخرى، الرقص البلدي يهدف للإثارة الجنسية بشكل واضح وصريح، ولكننا كنا لا نراه إلا في الأفلام وفى الأفراح والليالي الملاح، فهو جزء من عالم "العوالم"، أي أننا كنا نعرفه بوصفه جزءًا من عالم مستقل عن عالمنا، قد نتمتع به وقد نرفضه، ولكن في كلتا الحالتين هو ليس جزءًا من عالمنا وما تفعله الفيديو كليبات هو عكس ذلك تماما، وتحاول إنجازه من خلال عشرات الراقصات (الروسيات والمصريات والهنديات...إلخ( المتحركات! ولكن الأهم من كل هذا هو ما أسميه عملية تطبيع الرقص والإثارة؛ فالرقص يقدم في الفيديو كليب على أنه جزء من صميم حياتنا العادية اليومية. وبدل أن تذهب إلى الكباريهات جاءت هي إلينا. وهنا قد يطرح على قارئ ماكر سؤالاً ، ألا "تتمتع" برؤية الفيديو كليبس؟ والرد هو نعم أتمتع به، ولعل القارئ قد لاحظ أن وصفى للراقصات لم يكن محايدًا أو موضوعياً، فقد أشرت بأنهن حسناوات يتحركن رأسياً وأفقياً بشكل مستمر يثير الدهشة ويدير الرأس (بما في ذلك رأسي بطبيعة الحال .....ولكن هل القضية هي مدى ما يقدمه الفيديو كليب من متعة؟ ألا يتضمن السؤال تحيزًا واضحًا للمتعة الفردية وكأنها الهدف الوحيد من الحياة، وكأن حياة الإنسان لا يوجد فيها أبعاد أخرى، وكأن الفرد (ومقدار ما يحصل عليه من لذة من خلال المشاهدة) هو المرجعية الوحيدة والمطلقة. ولكن ماذا عن المجتمع والأسرة، أليس من المفروض أن تكون الوحدة التحليلية هي المجتمع وتوجهه ومصلحته، والأسرة وتماسكها، وليس الفرد ولذته ومتعته؟ وأليس من حقنا كبشر أن نطرح أسئلة أخرى تتناول جوانب أخرى من حياة البشر؟ وقد لاحظت أن كل من تناول ظاهرة الفيديو كليب قد ركز على ظاهرة العرى وأنا بطبيعة الحال أتفق معهم في الرأي بخصوص العرى والإباحية،. ولكنني أرى أن هذا يمثل جانبًا واحدًا من القضية، إذ يمكننا أن نسأل عن أثر الفيديو كليب على نسيج المجتمع وعلى بناء الأسرة؛ فالفيديو كليب لا يقدم مجرد أنثى تغنى وترقص وتتعرى وتتلوى بل إنه يعبر عن رؤية كاملة للحياة، نقطة انطلاقها -كما أسلفنا- هو الفرد الذي يبحث عن متعته مهما كان الثمن. والمتعة في حالة الفيديو كليب متعة أساسا جنسية ولذا فهي متعة بسيطة أحادية تستبعد عالم الموسيقى والطرب وجمال الطبيعة وكل العلاقات الإنسانية الأخرى. والفيديو كليب بتركيزه على هذا الجانب وحده يسهم في تصعيد السعار الجنسي (في مجتمع فيه أزمة زواج. ولكن من المعروف أن تصعيد السعار الجنسي مرتبط تماما بتصعيد الشهوات الاستهلاكية، وهذا ما أدركته تماما صناعة الإعلانات التليفزيونية، فمعظم الإعلانات تلجأ إلى الجنس لبيع السلع، فالسعار الجنسي يفصل الفرد عن مجتمعه وأسرته، وعن أي منظومة قيمية اجتماعية، فيحاول تحقيق ذاته من خلال منظومة المتعة الفردية والمنفعة الشخصية، والتي تترجم نفسها عادة إلى استهلاك السلع والمزيد من السلع في مجتمع تعيش غالبيته إما تحت خط الفقر أو فوقه ببضعة سنتيمترات وجنيهات خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار. .......ز إن الفيديو كليب يختزل الأنثى والإنسان ككل إلى بعد واحد هو جسده، فيصبح الجسد هو المصدر الوحيد لهويته، وهى هوية ذات بعد واحد لا أبعاد لها ولا تنوع فيها والإنسان الجسماني الاستهلاكي المنشغل بتحقيق متعته الشخصية يدور في دائرة ضيقة للغاية خارج أي منظومات قيمية اجتماعية أو أخلاقية، ولذا نجد أن ولاءاته للمجتمع وللأسرة تتآكل بالتدريج، كما أن انتماء مثل هذا الشخص لوطنه ضعيف للغاية إن لم يكن منعدمًا. والآن انظر لخلفية الفيديو كليب ستجد أنها لا أرض لها ولا وطن، فأحيانًا الخلفية هندية، وأحيانًا أخرى أمريكية، وثالثة أوربية، والبنات فى معظم الأحيان شقراوات، وحتى لو كن من بنات البلد فما يرتدينه (أو لا يرتدينه) من ملابس لا علاقة له بما نعرفه في حياتنا. كما أن أبطال الفيديو كليب عادة يركبون سيارات فارهة وأحيانا يظهرون في قصور، وكل هذا بطبيعة الحال يصعد الشهوة الاستهلاكية ويضعف الانتماء. بعد كل هذه المقدمات يمكننا أن نضع الفيديو كليب في سياق أوسع، وهو سياق العولمة. فجوهر العولمة هو عملية تنميط العالم بحيث يصبح العالم بأسره وحدات متشابهة، هي في جوهرها وحدات اقتصادية تم ترشيدها، أي إخضاعها لقوانين مادية عامة؛ مثل قوانين العرض والطلب، والإنسان الذي يتحرك في هذه الوحدات هو إنسان اقتصادي جسماني لا يتسم بأي خصوصية، ليس له انتماء واضح، ذاكرته التاريخية قد تم محوها، وإلا لما أمكن فتح الحدود بحيث تتحرك السلع ورأس المال بلا حدود أو سدود أو قيود. فالخصوصيات الثقافية والأخلاقية تعوق مثل هذا الانفتاح العالمي. وفى غياب الانتماء والهوية والمنظومات القيمية والمرجعيات الأخلاقية والدينية تتساوى الأمور، ويصبح من الصعب التمييز بين الجميل والقبيح، وبين الخير والشر، وبين العدل والظلم وتسود النسبية المطلقة. وأهم تعبير أيديولوجي عن العولمة هو فلسفة ما بعد الحداثة التي يطلق عليها أيضا anti-foundationalism والتي والتي يمكن ترجمتها بتصرف "رفض المرجعيات"، مما يعنى السقوط في اللاعقلانية الكاملة. وقد وصف رورتي ما بعد الحداثة أنها تعنى أن الإنسان لن يقدس شيئًا حتى ولا نفسه، فهي ليست معادية للدين والأخلاق وحسب، بل معادية للإنسان ذاته. وقد يضيق القارئ بهذا "الكلام الكبير" وقد يتساءل: هل يمكن ربط جسد راقصات الفيديو كليبس بالنظام العالمي الجديد؟ والرد هو بالإيجاب، فكل الأمور مترابطة ليس بشكل مباشر وليس بشكل عضوي، ولكنها مترابطة...... . بل إن بعض دعاة ما بعد الحداثة ورفض المرجعيات يرون أن جسد المرأة، هو مرجعية ذاته، ولذا فهو تحد للعالم الثابت الذي له مركز ويمكن إدراكه عقليا. ولتلاحظ ما يحدث لعقلك وفهمك حينما تشاهد رقصة من النوع الأفقي، وهذا الجسد لا علاقة له بأي خصوصية تاريخية أو ثقافية أو اجتماعية، ولذا فهو يقوض الذاكرة الاجتماعية والتاريخية، وهذا هو جوهر ما بعد الحداثة أي أن كل إنسان يعيش داخل ما يسمونه قصته الصغرى أي رؤيته للعالم، أما القصة الكبرى الاجتماعية التاريخية التي تنضوي تحتها كل القصص الصغرى فلا وجود لها، فتتساقط القيم والمرجعيات وتظهر الراقصة الرأسية والأفقية، والشركات عابرة القارات التي تود أن يكون الإنسان حزمة نمطية من الرغبات الاقتصادية والجسمانية التي يمكن التنبؤ بسلوكها، حتى يمكن التحكم في صاحبها وتوظيفه داخل منظومة السوق ..... إن القنوات الفضائية التي تذيع الفيديو كليبات تصل إلى منازلنا وأحلامنا وتعيد صياغة رؤانا وصورتنا للآخرين ولأنفسنا، ودافعها الوحيد هو الربح المادي، وليس الاستنارة أو تعميق إدراك الناس لما حولهم، فهي مشاريع رأسمالية طفيلية يبحث عن الربح الذي أدى إلى التنافس بين المخرجين والمغنين والممولين والذي لم تكن نتيجته الارتقاء بالمستوى الفني والجمالي، وإنما المزيد من الإسفاف والاغتراب والعرى الذي سيتزايد حتما مع الأيام، و بالله التوفيق سليمان صديق علي suliman sidig ali mohammed [[email protected]]