توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    تحالف "صمود": استمرار الحرب أدى إلى كارثة حقيقية    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    "صمود" يدعو لتصنيف حزب المؤتمر الوطني "المحلول"، والحركة الإسلامية وواجهاتهما ك "منظومة إرهابية"    شاهد بالفيديو.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تدعم الفنان عثمان بشة بالترويج لأغنيته الجديدة بفاصل من الرقص المثير    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    صحة الخرطوم تبحث خطة لإعادة إعمار المرافق الصحية بالتعاون مع الهيئة الشبابية    كمين في جنوب السودان    كوليبَالِي.. "شَدولو وركب"!!    دبابيس ودالشريف    إتحاد الكرة يكمل التحضيرات لمهرجان ختام الموسم الرياضي بالقضارف    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    ارتفاع احتياطيات نيجيريا من النقد الأجنبي بأكثر من ملياري دولار في يوليو    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    شهادة من أهل الصندوق الأسود عن كيكل    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    اكتمال عملية التسليم والتسلم بين رئيس مجلس الإدارة السابق والمدير العام للنادي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    «ملكة القطن» للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني يشارك في مهرجان فينيسيا    وزارة المالية توقع عقد خدمة إلكترونية مع بنك النيل الأزرق المشرق    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(بٍت دَعَتوره) العشق الأبدي لجامع على التوم .. بقلم: محمد الطيب موسى (حنفى)
نشر في سودانيل يوم 17 - 02 - 2013

فى صيف العام 1983 ضرب الجفاف معظم ديار الكبابيش مما إضطرهم للتوجه جنوباّ بحثا عن المرعى . كنت يومها طالباً بأم درمان ( فى ام المُدن بَتْدَرَّس) على رأى الحاج سعد الله عرقوب وهو ابلغ من صوَّر حالة الفِصام التى تُصيب أبناء البادية الذين بلغوا مراحل متقدمة من التعليم خاصةً الجامعيين منهم ، فقد قال حياه الله معبراً عن تنازع المدينه والباديه عليه ( تارةً بجامعة الخرطوم وأخرى بشق العيقرابة يسكن شجرة مَعَرابْ) وليعذرنا على التغول والتصرف :
يوم تلقانى أقروب تابِع الخَبَّابه
يوم تلقانى عامِل (تايْتى) فى مَعَرابه
يوم تلقانى راصد لى جَدى الهَوّابه
يوم تلقانى لابس رسمى ود جلابه
يوم تلقانى تابِعها أم عجيلاً ترََّسْ
ويوم تلقانى سارح بى الهبابْ ما عَرَّسْ
يوماّ لى سفيهاً لى الصُفاق بتْكرَّسْ
ويوم تلقانى فى أم المُدن بتْدَرٍََّسْ
ولأنى مصاب بهذا الفصام و تلك الإزدواجية فقد وجدنى ذلك الصيف المشؤوم بندراوياً صرفاً لاعلاقة له بالبداوة وما يجرى فيها (يعنى مركب مكنة أولاد أم درمان) .
لم أتبين خطورة الأمر وما حل بأهلى إلا حينما أتانا ( الصيّاح محمد فضل السيد ) وهو من أبناء قبيلة الميدوب وحفيد الملك الصيّاح وإبن عمدتهم الذى ترعرع فى بيت الشيخ محمد على التوم ( المر) كبادرة حسن نية بين الكبابيش والميدوب بعد إتفاقية صلح مليط وحتى الآن يعاملة أبناء (المُر) معاملة الشقيق ، وحين استعيد ذكرى الصياّاح الآن يستوقفنى تأثير ثقافة البادبة عموماً أو الكبابيش تحديداً على الآخرين .
فعلى الرغم من أن صديقى وزميل دراستى بحمرة الوز الصيّاح قد تعلم الرطانة على كبر أى بعد أن عاد لاهله الميدوب بالجبل إلا اننى ما زلت اذكر و أثمن فصاحته وذائقته الشعرية تلك حين اسمعنى لأول مره مسدار قاله استاذنا على الشيخ (ودالمر) كان غايةً فى الروعة والصدق يحاور فيه (قمريّة ) تركت الديارلترافق الأبّاله فى موسم الهجرة الى الجنوب ، وكانت بعض الحكامات قد سبقنَه لهذا المعنى وتأثر على الشيخ تحديدا بأشعار الحَكامة (أُم ضعينه بت دياب ) وجارى معانيها بالدوبيت، و قد تأثرتُ أيضاً بذلك المسدار وحفظته عن ظهر قلب وذهبت أبعد من ذلك بمجاراته بمسدار شبيه صُنِّفتُ بعده من شعراء الدوبيت وأضاف لى الشبخ جامع على التوم لقباً جديدا هو (الحردلّو) بالإضافة للقبٍ قديم أضاع إسمى الأصلى محمد الذى لاوجود له إلا فى الاوراق الرسمية .
سأعود لهذا المسدار والى على الشبخ كرائد لمدرسة الحداثة فى الدوبيت بالمنطقة فى مقال آخر لأنى هنا بصدد مسدار ( بت دعتوره ) للعم جامع والذى قاله فى حادثة مشابهة بعد ذلك بعدة سنوات وبنظرى أنه متفرد فى لغته وتشبيهاتة وصدقه لمعايشته للحدث شخصياً (ولا يعانى إزدواجيه) و كما قالت نجلاء عثمان التوم ( ألوانَك واضحه ومختصره).
فقد ارتحل شاعرنا ذات جفاف جنوبا برفقة ناقته بت دعتوره رغم مرضه ليتحفنا بهذه الروائع .
يذكرنى مسدار القمرية بموقف طريف فقد جمعتنى سفْره على ظهر( لورى ) مع الشاعر محمد ود عبيدالله ( صاحب دردوق ) وأذكر أنه سألنى عن شباب كانوا يطالبوننى بالنزول من على ظهر اللورى وتعديل قرار سفرى قبل تحركه من حمرة الشيخ وأظنه لاحظ وجاهتهم و نظافتهم وأشكالم المميزه ليسألنى :
(الأولاد ديل أهلْهُن ياتن) ؟
وسؤاله كان مشروعاً فقد كانوا طلاب قادمون من جامعة الخرطوم وبذاك العنفوان (والعرضه) و كان جوابى أن أحدهم من قبيلة الشناقيط وهو ( الأمين الطالب) والذى هاتفنى وانا اكتب هذه السطور من الجابون ليقول لى تذكرتك هذا الصباح حين مررت بأحد ( التشاديين ) * وهو يستمع الى اغنية سودانية ( يمه انا زولى ماجا بشكه انا حالى راجا)وقال أنه ( أخد ليه نقزه مانعة) وقد سألنى تحديدا عن زميله الأخر فى سؤال ود عبيد الله .
فقد كانت تكملة جوابى لود عبيد الله : الآخر هو عمى إبن الشيخ موسى أبو المرضية وأعنى صديق الشيخ فأردف سؤاله بآخر:
إنت من ناس أبو المرضية الفى أم سنطه ؟
نعم
فى واحد من أولادكم إسمة ...... بتعرفه ؟
نعم
الزول دى وين ؟
_ المعاك فى الZY دى .
ليعيد السلام على مرة أخرى ( كبف حالك نعلك طيب جيد بى الشوفة جيد بى الملاقاه وبقية السلام الجميل)
فقد سلم الرجل على بحفاوة أدهشتنى ليتبرع أحد الركاب من البدو ليعرفنى به قائلاً :
_ سمعت بى محمد ود عبيد الله الغنًاى؟
- بلحيل
فقال هذا هو ودعبيدالله لابدأ أنا آيضاً بإعادة السلام مره أخرى (كيف حالك نعلك طيب و....و ...) .
قا ل لى ود عبيد الله : (عندكم قمرية وديتوها الصعيد وجبتوها راجعة نحنَ عندنا قمرية طارت بلا عدل ساكت وأخذ يحدثنى عنها .
كانت أشعاره غاية فى الروعة والصدق اضاف عليها بعد أن أليَل الليل واللورى يجتار الرمال مايميزه عن بقية الشعراء.
أضاف الغناء فالرجل يمتلك جنجرة اقل ما يقال عنها أنها ذهبية ، وكان كلما توقف استزيده حتى أسمعنى :
حفير دفع الله برداهو الهَنِى وعَجَكاوى
بِرداهو المخَسَل والضمبر فَهَداوى
بترداهْ واحده كيف ود ألبِل الشرقاوى
شوفَة عينها ساكتْ للمريض بتداوى
لم تبدأ تلك الرحلة بالنسبة لى إلا حبنما قال لمساعد اللورى ( دق التنده للسوّاق أنى وصلتْ) ليودعنى بالقرب من ام خروع ذاك المساء وتبدأ وعثاءُ السفر وأرهاقه.
نعود للشيخ جامع وعشقه الابدى بت دعتوره الذى كثيرا ما استوقفتنى مقدرته على التصوير والتعبير عن مشاعر عميقة بلغة سهلة وبسيطه لكنها قوية وراسخة فى آن. واليك ما قاله مع بداية الرحله حين مر فى طريقه الى الجنوب مع ناقته بقطيع الابقار خاصته فى محاولة منه لإنقاذه بالتوجه به جنوباً صحبة إبلة ليجد أن الهزال والضعف قد بلغ به أشُدَِه وان الأيقار مصابه بما يسمى (الرِزِّيز) وغالبا ما يكون فى نهاية الصيف وبداية الرشاش، وحين تكون البقره مِرَزَِزه تنهك الرعاة أيما إنهاك فهى تحتاح لمن يساعدها حتى على الوقوف على ارجلها حين تبرك فيقومون برفعها بواسطة عمود لتقف على أرجلها الخلفية ( هذا الوضع يسمى المَقوقَسه) ثم بنفس العمود تُرفع لتقف على أرجلها الامامية ، هذا العملية اسالونى عنها بقرة واحدة (تطلع زيتك) دعك من قطيع ولما وجد شيخ جامع هذا الوضع وأن رعاة ابقاره (منمرسين جميع فى التايه*) اى نائمين من شدة الإرهاق اكتفى الشاعر بالسخرية منهم ومن ابقارهم و تركهم يواجحون مصيرهم لنستمتع نحن بقوله :
أما حكاية ... تبقى حكاية
بعد شيبتا اسرح تانى بى (ام قوقاية)؟
حمره الكبّى تُب والله ماها سعاية
كان جاها الجفاف بصبّح مراحها فضاية
مابتقدر تجاوز بيهن المحلايه
بتلقى اسيادها منرمسين جميع فى التاية*
من رفع المِرززه راقده فى الصلأّية
من جاها الجفاف مدَّاغة الهدًام
وقعت فرق بعيد من أم عريساّ زام
ناس قوقسوها وارفع تانى من قدام
تقول محَكوم عليهن جملة بى الإعدام
*(التاية) هى مكان النوم والأكل قد تكون شجره أوخيمه أو ضراء. والصلاّيه هى الشمس الحارقه .
وهذا ما احتجت خمسة اسطر لشرحة وشتان ما بين الناقه (أم عريسا زام وهو الفحل ) والبقره التى لاتفلح إلا فى مضغ الملابس مضرهً .
وليتك تتأمل معى تصويره لحالة إنقيبه (ود اللبيب) حينما وجدوا (البييض ) وهو نوع من الاعشاب المرغوبة للإبل. وإطمأن على ناقته من الجوع والضياع والهزال فقرر الإستماع بلعبة شدّت
صباح (ود اللبيب ) اليوم نعيم وسروره
هو ودعتوره نازلين الوطا الممطوره
نهر سربيبها بى البييضه والخافوره
وعقَد الفرده يلعب شد مع البازوره
يا للجمال ، هذا الصبى الإنقيب ترَك السربيب وهو صغار الإبل ( الحشَاو) من لم تبلغ سن الطاعة للركوب والعقال بعد يستفيد من هامش حريتة هذا ليرعى ليلاً بجوار أمهاته المعقولات ويرتاح هو أيضاً من شقاء أيام المحل ليعقد ثوبه الصغير ( الفرده) ليلعب مع أقرانه الاطفال ( الباذوره ) الشد لأن بت دعتوره ايضاً قد إرتاحت على مراعى البييض ولاداعى لفك عقالها فجراً لترعى .
يوم الليله قول ود اللبيبْ أرتاح
من طلقة مرابيعو المعا البوَّاح
لقَتْ دعتوره بييضها التقول تفاح
وجمعَت ريشها عقبان لا أنقطع لا راح
. واليك المسدار
بت دعتوره
من( أٌم سنطه ) بى الإتنين بدينا الرِحله
عماها الجفاف صِبحَتْ صحارِى ومَحْلَه
تعود ليها الأيام ياربْ تكونْ مِنمهله
نَجى ونلقاها زى سُكِّر كنانه وأحْلى
الليله الصعيدْ بتشالعَن يرّاقه
وبت دعتورها وقفَت طولها عملَت قاقه
ناس ودجوده جاهزين لى مشاكل الناقه
شدّوا الكوعو فاج مِنَِو ومدردم ساقه
ممّا شافت البرق الشلََع لافوقْ
بت دعتوره حلفِت قالتْ آ بتروق
ها الساعه الكجيك تَقََّّلْها ضرَبْ القوقْ
ولاّ لى هسّاع بلاقط فيها غادى ويسوق؟
يا لعمق السؤال فهل عبدالله الكجيك أجبر إبله على المشى متثاقلة ( تقّلها) ليضرب القوق أى الغناء أم تراه ما زال يخد معها فى السير بحثاً عن مرعى ؟
ومن ما شافَتْ البّرّاق شلَع فى صدورها
الشرّامه دارت النجعى بى بَذورها
بت دعتوره تانى القرعه ما بتدورها
خلّت عيقرابْة (ام حايمى ) لى بَقّورها*
*الإشاره هنا لأهل الأبقار الذين إكتفوا ببقايا قش العيقراب بمنطقة ام حايمع غرب ام سنطه ؟
وبت دعتوره من ما تْنَوِّى
بتلقى اسيادها مندرجين وواقفين قَوِّى
ناس ود جوده جاهزين لى مشاكل الحَوّى
شدو الفوق غدارفو الصوف تحت متلوّى
بعد ماكنتى تترعّى وتقيل لى مشيكى
الليله اصبحت مفدور ما رضع حاشيكى
الليل والنهار شايلاه فوق كرعيكى
مايتعاينى لى المرضان ومغروم بيكى؟
بعد ماكنتى تترعّى ورحيلك حلّو
وسيدك ديرتو من بدرى ومكَجّر ضُلّو
بت دعتوره حتى حوارها ما بتطلو
الليله إنقيبها من نوم النهار بتغّلو
قامت ناشه من( تّنه ) البقت متروده *
بت دعتوره جات عاقبه الطليح بى حوده
مابدّرلهن أحمد جنى ود جوده
فوق واحداً بقاوى القوز غصب بى زنوده
تَنَّه بفتح التاء وليس بكسرها وبكسرها تعنى منطقة جوار المزروب .
عقبن (فادو) كركور الحبل نَطنّه
وبت دعتوره خطت بالها فى ناس بنّه
دليلهن لفه دار بييضهن البرعنه
فوق حيماوى شنحيباً طويل ومَحَنّى
الساريه البولول برقها اللمّيع
اصبح ماها راقد فى الرمال والقيع
دليل الهبرب السنتينى ما بتطيع
أصبح سرجو فوق واحداّ هميم وسريع
السارية البولول برقها الماكود
اصبح ماها راقد فى الرمال والفود*
من واوى الكجيك لى امات عيونا سود
دليلهن صبح السرج فوق ( كلال) مشدود
أن يصبح الماء على الرمال أسوةً بالفوده وهى الارض الطينية هذا دليل على غزارة الامطار الليلية ( الساريه) .
والليلى الصعيد براقو كتّر هَرجو*
كبّا الصافى وأصبح من تحت بى خرجو*
الحدب اللهلهن فى الصبان بندرجو
دليلهن صبّح ( الزرزور) مكرب سرجو
*هرَجت البروق اى تكلمت بصوت عالى معلنة عن نفسها وبشائرها بصافى المياه لتخرج الارض بذورها ( من تحت بى خرجو) مما حدا بدليل الإبل ( الحًدُبْ) بتكريب سرجه على أسرع جماله ( الزرزور) ليأتى بخبر هذا الهرج المسائى .
* كلال والزرزور اسماء جِمال
عند الديره عبدالله الكجك نطاها
وخطّا التايه لى دعتوره فى مُشهاها
عصراَ بدرى باطيتْ السفاف خطاها*
وبقَت السرحه لى ود اللبيب ما حلاها
*الباطيه هى حوض خشبى يوضع فيه الملح ( السُفاف) لتسفه الإبل سفاً والإبل تحب الملح محبة عظيمه فى شرابها او كسفاف إن كان ملح طعامنا العادى ( الزقومى ) او ملح القاعة ( الضريرى) او ملح العطرون ( القعَب) ويسمونه ملح البدوانى وهو المفضل لديها ويقدم لها عند رحلة الشمال لقربه من مرعى الجزو .
ويوم الليله قول (ود اللبيب) أرتاح
من طلقة مرابيعو المعا البوّاح
لقَت دعتوره بييضاّ تقول تُفّاح
وجمعت ريشها عقبان لا أنقطع لاراح
صباح (ود اللبيب ) اليوم نعيم وسروره
هو ودعتوره نازلين الوطا الممطوره
نهر سربيبها بى البييضه والخافوره
عقد الفرده يلعب شد مع البازوره
لله درك من شاعر لن أتمكن من شرح فرحة ( الإنقيب) هذه وهو ود اللبيب حين تذكر طفولته بلعب شد مع الباذوره اى الأطفال و الإنقيب هو اشقى رعاة الإبل على الإطلاق إذ يقوم بالحلب والصر والسروح والواواى أيضاً وغالباً ما يكون طفلأ بعمر الدراسه .
ومن جاتهن هِبَيْب السافل المنقده
جنى ود جوده عايط ( للقبيلى) وشده
بت دعتوره ما بترضى الوسخ والرده
بتدور تانى بى ود اللبيب الصَده
( القبيلى): هو عبدالرحمن احمد جوده أبن الدليل احمد جوده وبالإضافه الى انه راعى مع شيخ جامع إلا انه صديق مقرّب جدا للشاعر وقد اكتشفت ذلك بطريقتى وهذا لا يوجد الا لدى أفذاذ الشعراء وهو أحد معايير إدريس جماع التى وضعها للمستشفين من كل شىء جمالا اى الشعراء.
المعيار الثانى والذى أعمل به لتمييز الشعراء منذ أن التقيت (ود قدّال) هو :
هيّن تستخفه بسمة الطفل قوىّ يصارع الأجيالا
فشتّان مابين ود قدال الخبير قاهر الصحراء وودقدّال خادم القوم الذى تتجرأ على عشاءه اصغر الأرانب فى مدينة الكفره الليبية. لنا عود ه ايضاّ ان شاء الله الى (على ود قدّال) ونواصل مع بت دعتوره فى رحلة العوده الى الشمال
دليلهن شده فوق غزلانى
وعلّق فوقو جيمو وضَبية الجَبخانى
بت دعتوره دارت ملحة البَدوانى
ودارت الرجعه بى ود اللبيب عقبانى
وما استوقفنى أيضاً ماقاله الشاعر فى رحلة العوده حينما تجاوزت إبله (وادى المَلوّى ) فى طريقها للجزو اى السافل وكيف ان الإناث قد (ربّن) فى الفحل ود العنافيف (رين دى عايز لى دفره ياصديق فى شرحها مع انى عارف المعنى) هل هى عشقن ، أم إشتهن ، أم إجتمعن على ، أم ماذا؟
قعطن بدرى بى وادى المَلوّى وخبّن
وبنات دعتوره فوق ود العنانيف ربَّن
قش السافل أسّاع يا ام عراقيب لبَّن*
وليهو ليالى من يوم الاشابيب صبّن
* لبَن مأخوذ ه من العيش ( شراء ولبن ) أى قارب مرحلة النضج .
احمد جوده ماهو العوره
فوق قوز الخشين نزّل بنات دعتوره
أبعد غادى من دار الزريع والبوره
ركب لفالها عيل هو وضبيتو وجيم فوره*
الضَبيه هى مصنوع جلدى أاشبه بسعن الماء لكنه صنع خصيصاُ لحمل الذخيره .
وددت التعليق فى هذا التداعى على حادثة الأمين الطالب بالجابون بغرب أفريقيا مع ذلك التشادى وتلك الأغنية ، ولم أستغرب إستجابته التلقائية للأغنية السودانية (رغم هبوطها) فالشعوب لا تنسجم إلا مع تراثها كما يقول القذافى .ما استغربه حقاً موقفنا نحن السودانين من أهلنا الأفارقه واصرارنا على أن نكون (طيش) الشعوب العربية بدلاً من (برنجى) الأفريقية بلغة الامام الصادق المهدى ولماذا نتجاهل محبي فنوننا من الأفارقه ونزعل من تجاهل العرب لها ؟
وجدت الإجابه عند هرمنا النوبى الكبير محمد وردى حين قال لماذا الإصرار على العرب والمصريين ومعجبينا من اثيوبيا وأريتريا والصومال ونيجيريا وتشاد اكثر ؟
أنتهى كلام وردى او هذا ما فهمته فى رده على تهمه عدم انتشار الاغنية السودانيه عربياَ.
قلت ( 100 مليون اثيوبى = عرب افريقييا بما فيهم 70 مليون مصرى ) (100 مليون نيجيرى = بقية العرب فى ) الباقى أديهو ندى القلعه و صاحبة (أنا زولى ماجاء / بشكا أنا حالى راجيا )
صراحه لحنها حلو جدا اطربنى جداً بام بادر حين غنتها (سعيده ماشيقه)
قاتل الله السياسه وقصر النظر الثقافى والسياسى هذا التشادى الذى نحاربه بإعلامنا ومدافعنا يرقص معه صديقنا الأمين الطالب بالغابون ويصَدَِر ثقافتنا للآخرين .
والله حاجة تسد النفس من الكتابه .
حنفى مارس 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.