قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(بٍت دَعَتوره) العشق الأبدي لجامع على التوم .. بقلم: محمد الطيب موسى (حنفى)
نشر في سودانيل يوم 17 - 02 - 2013

فى صيف العام 1983 ضرب الجفاف معظم ديار الكبابيش مما إضطرهم للتوجه جنوباّ بحثا عن المرعى . كنت يومها طالباً بأم درمان ( فى ام المُدن بَتْدَرَّس) على رأى الحاج سعد الله عرقوب وهو ابلغ من صوَّر حالة الفِصام التى تُصيب أبناء البادية الذين بلغوا مراحل متقدمة من التعليم خاصةً الجامعيين منهم ، فقد قال حياه الله معبراً عن تنازع المدينه والباديه عليه ( تارةً بجامعة الخرطوم وأخرى بشق العيقرابة يسكن شجرة مَعَرابْ) وليعذرنا على التغول والتصرف :
يوم تلقانى أقروب تابِع الخَبَّابه
يوم تلقانى عامِل (تايْتى) فى مَعَرابه
يوم تلقانى راصد لى جَدى الهَوّابه
يوم تلقانى لابس رسمى ود جلابه
يوم تلقانى تابِعها أم عجيلاً ترََّسْ
ويوم تلقانى سارح بى الهبابْ ما عَرَّسْ
يوماّ لى سفيهاً لى الصُفاق بتْكرَّسْ
ويوم تلقانى فى أم المُدن بتْدَرٍََّسْ
ولأنى مصاب بهذا الفصام و تلك الإزدواجية فقد وجدنى ذلك الصيف المشؤوم بندراوياً صرفاً لاعلاقة له بالبداوة وما يجرى فيها (يعنى مركب مكنة أولاد أم درمان) .
لم أتبين خطورة الأمر وما حل بأهلى إلا حينما أتانا ( الصيّاح محمد فضل السيد ) وهو من أبناء قبيلة الميدوب وحفيد الملك الصيّاح وإبن عمدتهم الذى ترعرع فى بيت الشيخ محمد على التوم ( المر) كبادرة حسن نية بين الكبابيش والميدوب بعد إتفاقية صلح مليط وحتى الآن يعاملة أبناء (المُر) معاملة الشقيق ، وحين استعيد ذكرى الصياّاح الآن يستوقفنى تأثير ثقافة البادبة عموماً أو الكبابيش تحديداً على الآخرين .
فعلى الرغم من أن صديقى وزميل دراستى بحمرة الوز الصيّاح قد تعلم الرطانة على كبر أى بعد أن عاد لاهله الميدوب بالجبل إلا اننى ما زلت اذكر و أثمن فصاحته وذائقته الشعرية تلك حين اسمعنى لأول مره مسدار قاله استاذنا على الشيخ (ودالمر) كان غايةً فى الروعة والصدق يحاور فيه (قمريّة ) تركت الديارلترافق الأبّاله فى موسم الهجرة الى الجنوب ، وكانت بعض الحكامات قد سبقنَه لهذا المعنى وتأثر على الشيخ تحديدا بأشعار الحَكامة (أُم ضعينه بت دياب ) وجارى معانيها بالدوبيت، و قد تأثرتُ أيضاً بذلك المسدار وحفظته عن ظهر قلب وذهبت أبعد من ذلك بمجاراته بمسدار شبيه صُنِّفتُ بعده من شعراء الدوبيت وأضاف لى الشبخ جامع على التوم لقباً جديدا هو (الحردلّو) بالإضافة للقبٍ قديم أضاع إسمى الأصلى محمد الذى لاوجود له إلا فى الاوراق الرسمية .
سأعود لهذا المسدار والى على الشبخ كرائد لمدرسة الحداثة فى الدوبيت بالمنطقة فى مقال آخر لأنى هنا بصدد مسدار ( بت دعتوره ) للعم جامع والذى قاله فى حادثة مشابهة بعد ذلك بعدة سنوات وبنظرى أنه متفرد فى لغته وتشبيهاتة وصدقه لمعايشته للحدث شخصياً (ولا يعانى إزدواجيه) و كما قالت نجلاء عثمان التوم ( ألوانَك واضحه ومختصره).
فقد ارتحل شاعرنا ذات جفاف جنوبا برفقة ناقته بت دعتوره رغم مرضه ليتحفنا بهذه الروائع .
يذكرنى مسدار القمرية بموقف طريف فقد جمعتنى سفْره على ظهر( لورى ) مع الشاعر محمد ود عبيدالله ( صاحب دردوق ) وأذكر أنه سألنى عن شباب كانوا يطالبوننى بالنزول من على ظهر اللورى وتعديل قرار سفرى قبل تحركه من حمرة الشيخ وأظنه لاحظ وجاهتهم و نظافتهم وأشكالم المميزه ليسألنى :
(الأولاد ديل أهلْهُن ياتن) ؟
وسؤاله كان مشروعاً فقد كانوا طلاب قادمون من جامعة الخرطوم وبذاك العنفوان (والعرضه) و كان جوابى أن أحدهم من قبيلة الشناقيط وهو ( الأمين الطالب) والذى هاتفنى وانا اكتب هذه السطور من الجابون ليقول لى تذكرتك هذا الصباح حين مررت بأحد ( التشاديين ) * وهو يستمع الى اغنية سودانية ( يمه انا زولى ماجا بشكه انا حالى راجا)وقال أنه ( أخد ليه نقزه مانعة) وقد سألنى تحديدا عن زميله الأخر فى سؤال ود عبيد الله .
فقد كانت تكملة جوابى لود عبيد الله : الآخر هو عمى إبن الشيخ موسى أبو المرضية وأعنى صديق الشيخ فأردف سؤاله بآخر:
إنت من ناس أبو المرضية الفى أم سنطه ؟
نعم
فى واحد من أولادكم إسمة ...... بتعرفه ؟
نعم
الزول دى وين ؟
_ المعاك فى الZY دى .
ليعيد السلام على مرة أخرى ( كبف حالك نعلك طيب جيد بى الشوفة جيد بى الملاقاه وبقية السلام الجميل)
فقد سلم الرجل على بحفاوة أدهشتنى ليتبرع أحد الركاب من البدو ليعرفنى به قائلاً :
_ سمعت بى محمد ود عبيد الله الغنًاى؟
- بلحيل
فقال هذا هو ودعبيدالله لابدأ أنا آيضاً بإعادة السلام مره أخرى (كيف حالك نعلك طيب و....و ...) .
قا ل لى ود عبيد الله : (عندكم قمرية وديتوها الصعيد وجبتوها راجعة نحنَ عندنا قمرية طارت بلا عدل ساكت وأخذ يحدثنى عنها .
كانت أشعاره غاية فى الروعة والصدق اضاف عليها بعد أن أليَل الليل واللورى يجتار الرمال مايميزه عن بقية الشعراء.
أضاف الغناء فالرجل يمتلك جنجرة اقل ما يقال عنها أنها ذهبية ، وكان كلما توقف استزيده حتى أسمعنى :
حفير دفع الله برداهو الهَنِى وعَجَكاوى
بِرداهو المخَسَل والضمبر فَهَداوى
بترداهْ واحده كيف ود ألبِل الشرقاوى
شوفَة عينها ساكتْ للمريض بتداوى
لم تبدأ تلك الرحلة بالنسبة لى إلا حبنما قال لمساعد اللورى ( دق التنده للسوّاق أنى وصلتْ) ليودعنى بالقرب من ام خروع ذاك المساء وتبدأ وعثاءُ السفر وأرهاقه.
نعود للشيخ جامع وعشقه الابدى بت دعتوره الذى كثيرا ما استوقفتنى مقدرته على التصوير والتعبير عن مشاعر عميقة بلغة سهلة وبسيطه لكنها قوية وراسخة فى آن. واليك ما قاله مع بداية الرحله حين مر فى طريقه الى الجنوب مع ناقته بقطيع الابقار خاصته فى محاولة منه لإنقاذه بالتوجه به جنوباً صحبة إبلة ليجد أن الهزال والضعف قد بلغ به أشُدَِه وان الأيقار مصابه بما يسمى (الرِزِّيز) وغالبا ما يكون فى نهاية الصيف وبداية الرشاش، وحين تكون البقره مِرَزَِزه تنهك الرعاة أيما إنهاك فهى تحتاح لمن يساعدها حتى على الوقوف على ارجلها حين تبرك فيقومون برفعها بواسطة عمود لتقف على أرجلها الخلفية ( هذا الوضع يسمى المَقوقَسه) ثم بنفس العمود تُرفع لتقف على أرجلها الامامية ، هذا العملية اسالونى عنها بقرة واحدة (تطلع زيتك) دعك من قطيع ولما وجد شيخ جامع هذا الوضع وأن رعاة ابقاره (منمرسين جميع فى التايه*) اى نائمين من شدة الإرهاق اكتفى الشاعر بالسخرية منهم ومن ابقارهم و تركهم يواجحون مصيرهم لنستمتع نحن بقوله :
أما حكاية ... تبقى حكاية
بعد شيبتا اسرح تانى بى (ام قوقاية)؟
حمره الكبّى تُب والله ماها سعاية
كان جاها الجفاف بصبّح مراحها فضاية
مابتقدر تجاوز بيهن المحلايه
بتلقى اسيادها منرمسين جميع فى التاية*
من رفع المِرززه راقده فى الصلأّية
من جاها الجفاف مدَّاغة الهدًام
وقعت فرق بعيد من أم عريساّ زام
ناس قوقسوها وارفع تانى من قدام
تقول محَكوم عليهن جملة بى الإعدام
*(التاية) هى مكان النوم والأكل قد تكون شجره أوخيمه أو ضراء. والصلاّيه هى الشمس الحارقه .
وهذا ما احتجت خمسة اسطر لشرحة وشتان ما بين الناقه (أم عريسا زام وهو الفحل ) والبقره التى لاتفلح إلا فى مضغ الملابس مضرهً .
وليتك تتأمل معى تصويره لحالة إنقيبه (ود اللبيب) حينما وجدوا (البييض ) وهو نوع من الاعشاب المرغوبة للإبل. وإطمأن على ناقته من الجوع والضياع والهزال فقرر الإستماع بلعبة شدّت
صباح (ود اللبيب ) اليوم نعيم وسروره
هو ودعتوره نازلين الوطا الممطوره
نهر سربيبها بى البييضه والخافوره
وعقَد الفرده يلعب شد مع البازوره
يا للجمال ، هذا الصبى الإنقيب ترَك السربيب وهو صغار الإبل ( الحشَاو) من لم تبلغ سن الطاعة للركوب والعقال بعد يستفيد من هامش حريتة هذا ليرعى ليلاً بجوار أمهاته المعقولات ويرتاح هو أيضاً من شقاء أيام المحل ليعقد ثوبه الصغير ( الفرده) ليلعب مع أقرانه الاطفال ( الباذوره ) الشد لأن بت دعتوره ايضاً قد إرتاحت على مراعى البييض ولاداعى لفك عقالها فجراً لترعى .
يوم الليله قول ود اللبيبْ أرتاح
من طلقة مرابيعو المعا البوَّاح
لقَتْ دعتوره بييضها التقول تفاح
وجمعَت ريشها عقبان لا أنقطع لا راح
. واليك المسدار
بت دعتوره
من( أٌم سنطه ) بى الإتنين بدينا الرِحله
عماها الجفاف صِبحَتْ صحارِى ومَحْلَه
تعود ليها الأيام ياربْ تكونْ مِنمهله
نَجى ونلقاها زى سُكِّر كنانه وأحْلى
الليله الصعيدْ بتشالعَن يرّاقه
وبت دعتورها وقفَت طولها عملَت قاقه
ناس ودجوده جاهزين لى مشاكل الناقه
شدّوا الكوعو فاج مِنَِو ومدردم ساقه
ممّا شافت البرق الشلََع لافوقْ
بت دعتوره حلفِت قالتْ آ بتروق
ها الساعه الكجيك تَقََّّلْها ضرَبْ القوقْ
ولاّ لى هسّاع بلاقط فيها غادى ويسوق؟
يا لعمق السؤال فهل عبدالله الكجيك أجبر إبله على المشى متثاقلة ( تقّلها) ليضرب القوق أى الغناء أم تراه ما زال يخد معها فى السير بحثاً عن مرعى ؟
ومن ما شافَتْ البّرّاق شلَع فى صدورها
الشرّامه دارت النجعى بى بَذورها
بت دعتوره تانى القرعه ما بتدورها
خلّت عيقرابْة (ام حايمى ) لى بَقّورها*
*الإشاره هنا لأهل الأبقار الذين إكتفوا ببقايا قش العيقراب بمنطقة ام حايمع غرب ام سنطه ؟
وبت دعتوره من ما تْنَوِّى
بتلقى اسيادها مندرجين وواقفين قَوِّى
ناس ود جوده جاهزين لى مشاكل الحَوّى
شدو الفوق غدارفو الصوف تحت متلوّى
بعد ماكنتى تترعّى وتقيل لى مشيكى
الليله اصبحت مفدور ما رضع حاشيكى
الليل والنهار شايلاه فوق كرعيكى
مايتعاينى لى المرضان ومغروم بيكى؟
بعد ماكنتى تترعّى ورحيلك حلّو
وسيدك ديرتو من بدرى ومكَجّر ضُلّو
بت دعتوره حتى حوارها ما بتطلو
الليله إنقيبها من نوم النهار بتغّلو
قامت ناشه من( تّنه ) البقت متروده *
بت دعتوره جات عاقبه الطليح بى حوده
مابدّرلهن أحمد جنى ود جوده
فوق واحداً بقاوى القوز غصب بى زنوده
تَنَّه بفتح التاء وليس بكسرها وبكسرها تعنى منطقة جوار المزروب .
عقبن (فادو) كركور الحبل نَطنّه
وبت دعتوره خطت بالها فى ناس بنّه
دليلهن لفه دار بييضهن البرعنه
فوق حيماوى شنحيباً طويل ومَحَنّى
الساريه البولول برقها اللمّيع
اصبح ماها راقد فى الرمال والقيع
دليل الهبرب السنتينى ما بتطيع
أصبح سرجو فوق واحداّ هميم وسريع
السارية البولول برقها الماكود
اصبح ماها راقد فى الرمال والفود*
من واوى الكجيك لى امات عيونا سود
دليلهن صبح السرج فوق ( كلال) مشدود
أن يصبح الماء على الرمال أسوةً بالفوده وهى الارض الطينية هذا دليل على غزارة الامطار الليلية ( الساريه) .
والليلى الصعيد براقو كتّر هَرجو*
كبّا الصافى وأصبح من تحت بى خرجو*
الحدب اللهلهن فى الصبان بندرجو
دليلهن صبّح ( الزرزور) مكرب سرجو
*هرَجت البروق اى تكلمت بصوت عالى معلنة عن نفسها وبشائرها بصافى المياه لتخرج الارض بذورها ( من تحت بى خرجو) مما حدا بدليل الإبل ( الحًدُبْ) بتكريب سرجه على أسرع جماله ( الزرزور) ليأتى بخبر هذا الهرج المسائى .
* كلال والزرزور اسماء جِمال
عند الديره عبدالله الكجك نطاها
وخطّا التايه لى دعتوره فى مُشهاها
عصراَ بدرى باطيتْ السفاف خطاها*
وبقَت السرحه لى ود اللبيب ما حلاها
*الباطيه هى حوض خشبى يوضع فيه الملح ( السُفاف) لتسفه الإبل سفاً والإبل تحب الملح محبة عظيمه فى شرابها او كسفاف إن كان ملح طعامنا العادى ( الزقومى ) او ملح القاعة ( الضريرى) او ملح العطرون ( القعَب) ويسمونه ملح البدوانى وهو المفضل لديها ويقدم لها عند رحلة الشمال لقربه من مرعى الجزو .
ويوم الليله قول (ود اللبيب) أرتاح
من طلقة مرابيعو المعا البوّاح
لقَت دعتوره بييضاّ تقول تُفّاح
وجمعت ريشها عقبان لا أنقطع لاراح
صباح (ود اللبيب ) اليوم نعيم وسروره
هو ودعتوره نازلين الوطا الممطوره
نهر سربيبها بى البييضه والخافوره
عقد الفرده يلعب شد مع البازوره
لله درك من شاعر لن أتمكن من شرح فرحة ( الإنقيب) هذه وهو ود اللبيب حين تذكر طفولته بلعب شد مع الباذوره اى الأطفال و الإنقيب هو اشقى رعاة الإبل على الإطلاق إذ يقوم بالحلب والصر والسروح والواواى أيضاً وغالباً ما يكون طفلأ بعمر الدراسه .
ومن جاتهن هِبَيْب السافل المنقده
جنى ود جوده عايط ( للقبيلى) وشده
بت دعتوره ما بترضى الوسخ والرده
بتدور تانى بى ود اللبيب الصَده
( القبيلى): هو عبدالرحمن احمد جوده أبن الدليل احمد جوده وبالإضافه الى انه راعى مع شيخ جامع إلا انه صديق مقرّب جدا للشاعر وقد اكتشفت ذلك بطريقتى وهذا لا يوجد الا لدى أفذاذ الشعراء وهو أحد معايير إدريس جماع التى وضعها للمستشفين من كل شىء جمالا اى الشعراء.
المعيار الثانى والذى أعمل به لتمييز الشعراء منذ أن التقيت (ود قدّال) هو :
هيّن تستخفه بسمة الطفل قوىّ يصارع الأجيالا
فشتّان مابين ود قدال الخبير قاهر الصحراء وودقدّال خادم القوم الذى تتجرأ على عشاءه اصغر الأرانب فى مدينة الكفره الليبية. لنا عود ه ايضاّ ان شاء الله الى (على ود قدّال) ونواصل مع بت دعتوره فى رحلة العوده الى الشمال
دليلهن شده فوق غزلانى
وعلّق فوقو جيمو وضَبية الجَبخانى
بت دعتوره دارت ملحة البَدوانى
ودارت الرجعه بى ود اللبيب عقبانى
وما استوقفنى أيضاً ماقاله الشاعر فى رحلة العوده حينما تجاوزت إبله (وادى المَلوّى ) فى طريقها للجزو اى السافل وكيف ان الإناث قد (ربّن) فى الفحل ود العنافيف (رين دى عايز لى دفره ياصديق فى شرحها مع انى عارف المعنى) هل هى عشقن ، أم إشتهن ، أم إجتمعن على ، أم ماذا؟
قعطن بدرى بى وادى المَلوّى وخبّن
وبنات دعتوره فوق ود العنانيف ربَّن
قش السافل أسّاع يا ام عراقيب لبَّن*
وليهو ليالى من يوم الاشابيب صبّن
* لبَن مأخوذ ه من العيش ( شراء ولبن ) أى قارب مرحلة النضج .
احمد جوده ماهو العوره
فوق قوز الخشين نزّل بنات دعتوره
أبعد غادى من دار الزريع والبوره
ركب لفالها عيل هو وضبيتو وجيم فوره*
الضَبيه هى مصنوع جلدى أاشبه بسعن الماء لكنه صنع خصيصاُ لحمل الذخيره .
وددت التعليق فى هذا التداعى على حادثة الأمين الطالب بالجابون بغرب أفريقيا مع ذلك التشادى وتلك الأغنية ، ولم أستغرب إستجابته التلقائية للأغنية السودانية (رغم هبوطها) فالشعوب لا تنسجم إلا مع تراثها كما يقول القذافى .ما استغربه حقاً موقفنا نحن السودانين من أهلنا الأفارقه واصرارنا على أن نكون (طيش) الشعوب العربية بدلاً من (برنجى) الأفريقية بلغة الامام الصادق المهدى ولماذا نتجاهل محبي فنوننا من الأفارقه ونزعل من تجاهل العرب لها ؟
وجدت الإجابه عند هرمنا النوبى الكبير محمد وردى حين قال لماذا الإصرار على العرب والمصريين ومعجبينا من اثيوبيا وأريتريا والصومال ونيجيريا وتشاد اكثر ؟
أنتهى كلام وردى او هذا ما فهمته فى رده على تهمه عدم انتشار الاغنية السودانيه عربياَ.
قلت ( 100 مليون اثيوبى = عرب افريقييا بما فيهم 70 مليون مصرى ) (100 مليون نيجيرى = بقية العرب فى ) الباقى أديهو ندى القلعه و صاحبة (أنا زولى ماجاء / بشكا أنا حالى راجيا )
صراحه لحنها حلو جدا اطربنى جداً بام بادر حين غنتها (سعيده ماشيقه)
قاتل الله السياسه وقصر النظر الثقافى والسياسى هذا التشادى الذى نحاربه بإعلامنا ومدافعنا يرقص معه صديقنا الأمين الطالب بالغابون ويصَدَِر ثقافتنا للآخرين .
والله حاجة تسد النفس من الكتابه .
حنفى مارس 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.