تميزت منظمات المجتمع المدني في السودان بتاريخ حافل بالأصالة والنقاء والمبادرات الشخصية التي كان أدائها أولاً وأخيراً لوجه الله ،ن وقد نالت المراءة النصيب المناسب عبر الحركة الوطنية النضالية والاجتماعية والثقافية وكافة أوجه نشاط منظمات المجتمع المدني ، وقد يصعب رصد هذه الإشراقات ولو في مجلد كامل ، فهي صاحبة الصوت العالي في ساحات البطولة عبر سنوات الانعتاق من الاستعمار وهي الرائدة في مجالات الطب والهندسة والتعليم على أصوله وهي الأم والزوجة الحنون ووالدة الأجيال المتعاقبة والصابرة على شظف الحياة والملاذ لأسرتها من معاناة الغلاء والصحة والتعليم ، وهي السيدة التي تستحق أن تُتوج بتكريم خاص من أهل السودان بعد أن كرمها الله كأم وزوجة . يدفعني الحديث وانا أرى أمامي هذه الأيام شخصية متفردة ينحني لها الرأس تقديراً لها حيث كان قدرها أن تنبري للعمل الاجتماعي والسياسي حاملة هموم شعبها بصدق ووفاء وكان قدرها أن يكون هدفها المساهمة في نشر أعظم الرسالات الانسانية بالدين الحنيف وبالتنزيل الحكيم وسنة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام ، والناظر إلى تاريخها الناصع يرى بالعين المجردة كل معاني التجرد إلا حب السودان وأهل السودان ، بل أمتد عطاؤها إلى أمة المسلمين في بقاع الأرض ، أجل هي أم الجميع والشخصية الفرد التي تمثل أمة بأكملها بشموخ المراءة السودانية وحيائها وقوة شخصيتها هي الدكتورة سعاد الفاتح أطال الله عمرها وهي تتقلد عضوية البرلمان السوداني والبرلمان الأفريقي . لقد تفرقت بنا السبل فأصبحنا شتاتاً متفرقين باسم الفكر والحزبية والهوية وغيرها من المسميات التي فرقت بين الناس واستطاعت الانقاذ أن تعمق هذا الجانب وكان ذلك بالنسبة لهم كلعب في أيدي الأطفال ووصلنا إلى وصلنا إليه الآن ولو وجد الناس ضالتهم في القيادة الرشيدة لما اختار البعض التفرق التشرذم حتى داخل تنظيمها السياسي لو كانت هي صاحبة القرار لكان الحال غير ما هو عليه الآن . الدكتورة سعاد الفاتح بهذا الشموخ تقضي الآن فترة فاقت الشهرين مرافقة لأبنها حسن أحمد ابراهيم في مؤسسة حمد الطبية، وهو من المؤسسين للقناتين العربية والانجليزية في شبكة الجزيرة الاعلامية ومن الاعلاميين المميزين شفاه الله نعم هي الوالدة الصابرة التي تصر على مرافقته في المستشفى على الرغم من رجاء الكثيرين لها لتخلد للراحة فكل ديار السودانيين فيقطر هي دارها وربما يشعر الكثيرون بالحرج أمام اصرارها على قضاء هذه الفترة ولفترات أخري ربما تمتد للعلاج خارج قطر ولكن هذه هي الأم المثالية التي تركت كل شيء إلا مرافقة ورعاية أبنها هو موقف لا بد أن نسجله لها وهو في نظري يفوق اختراع مستحدث أو انجاز عسكري أو اقتصادي أو سياسي فهي الأم والأمة التي تعطينا دروساً في الانسانية وأطال الله عمرها وأولاها وابنها بالصحة والعافية. Ismail Shams Aldeen [[email protected]]