الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حق المَرأة في الزواج :قِرَاءَة فِي قَانُون الأحْوَالِ الشَخصِيَة لِلمُسْلِمِين لِسَنَة 1991م. بقلم: لؤي عبد الغفور تاج الختم
نشر في سودانيل يوم 05 - 04 - 2013

أقلام كثيرة تناولت هذا القانون بالنقد وفي نقاطٍ شتي وكلٌ أدلي بدلوه, إلا الواجب يبقي مزيداً من الطَرق والطَرق المتواصل, حتي نتوافق جميعاً حول قانون يلبي التطلعات ويحفظ للمرأة حقوقها نصاً وفعلا. ويُعتبر هذا القانون هو أول قانون يُنَظِم المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية للمسلمين, فقبل ذلك عملت المحاكم وفقاً للمنشورات الشرعية والمذكرات القضائية والتعليمات, التي كانت تصدر من حينٍ لأخر إضافةً لما نصت عليه المادة 16 من الجدول الثالث من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م وبعد صدور القانون الحالي وسريانه تم إلغاء ما ذُكر وفقاً للمادة الثالثة من القانون.
نصت المادة 15 من الدستور الإنتقالي لسنة 2005م علي الأتي (1)الأسرة هي الوحدة الطبيعية والأساسية للمجتمع ولها الحق في حماية القانون ويجب الإعتراف بحق الرجل والمرأة في الزواج وتأسيس الأسرة وفقاً لقوانين الأحوال الشخصية الخاصة بهما ولا يتم أي زواج إلا بقبول طوعي وكامل من طرفيه. (2)تضطلع الدولة بحماية الأمومة ووقاية المرأة من الظلم وتعزيز المساواة بين الجنسين .
ونصت المادة 27/3 منه علي "تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الإتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزء لا يتجزأ من هذه الوثيقة".
وقد جاء في المادة (1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الأتي "يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق..." ونصت المادة (2) من الإعلان علي تمتع كل إنسان بكافة الحقوق والحريات الواردة في الإعلان دون أي تمييز ودون أية تفرقة بين الرجال والنساء كما نصت المادة 16 منه علي "للرجل والمرأة متي بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد...".
علي الرغم من إعتراف الدستور الإنتقالي بالحق الطبيعي للرجل والمرأة في الزواج وتأسيس الأسرة إلا أنه ربط ذلك وفقاً لما جاء في قوانين الأحوال الشخصية وبالنظر إلي ما تضمنه قانون الأحوال الشخصية للمسلمين نجد قيوداً تكَبِل هذا الحق بل وللأسف الشديد جردته من معانيه الإنسانية, هذا غير أن هذا القانون لا يتماشي والإتفاقيات والمواثيق الدولية, التي صادق عليها السودان والتي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الدستور الإنتقالي لسنة2005م وفقاً للمادة 27/3, ما يعني أن هذا القانون لا يتوافق والقانون الأعلي للبلاد رغم علاته.
لتسليط الضوء علي ذلك سأتناول بعضاً من القيود المُكَبلة التي يزخر بها قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991م والتي تُشكل عقبة كَؤود في طريق النهوض بالمساواة, فبدلاً من فرض حماية قانونية لحقوق المرأة علي قَدَم المُساواة مع الرجل يتضمن القانون نصوص تشكل تمييزاً ضد المرأة, وهو ما يُعد إنتهاكاً واضحاً لمبدأ المساواة وإحترام كرامة الإنسان.
عرفت المادة 11 من القانون الزواج بأنه عقد بين رجل وإمرأة علي نية التأييد يحل إستمتاع كلٍ منهما بالأخر علي الوجه المشروع وحددت المادة12 منه ركنا العقد وهما 1- الزوجان 2- الإيجاب والقبول وفقاً لشروط كل ركنٍ علي حدا ومن هذه الشروط شرط الكفاءة.
 الكفاءة في الزواج :
الكفاءة تعني المُساواة وقد إعتبر بعض الفقهاء الكفاءة شرط لزوم. وبذلك يصحُ الزواج بفقدها ورآها البعض شرط لصحة الزواج, بينما ذهب البعض إلي عدم إعتبارها شرطاً أصلاً, أما هذا القانون فقد إعتبرها شرط من شروط صحة الركن (الزوجان) كركن من أركان العقد وهي مُعتَبرة من جانب الزوج فقط, وعند نشوء العقد وفقاً للمادة 20 مايعني أن لاعِبرةَ بالكفاءة بعد الزواج -مع أن العِبرة في الكفاءة بالدين والخُلق (المادة21)- وبالتالي ليس للزوجة الحق في تقرير مصيرها إن جاز التعبير في الإستمرار من عدمه مع زوج أصبح غير كفء لها بعد الزواج ولو صار فاجراً فلا يُفسَخ عقد الزواج!. قد يقول قائل بأن القانون في هذه الحالة قد كَفل للزوجة حقها إستناداً لنص المادة 162(الطلاق للضرر) وبالتالي فالباب مُشرع من هذا الإتجاه لرد حقٍ قد تم سلبُه إلا أنه ليس في ذلك مايدعو لذلك القول لأننا نتحدث هنا عن حق الفسخ وليس (طلب) الطلاق, هذا غير أن الإجراءات المتبعة (المواد المتعلقة بالتحكيم في الطلاق للضرر) إن حققت للزوجة طلبها فتُطلق بمال تدفعه للزوج يقَدِرُه الحكمان إن كانت الإساءة كلها أو أكثرها من الزوجة وتُطَلَق بلا مال إن كانت الإساءة كُلَها أو أكثرها من الزوج!.
الكفاءة حق لكل ولي من الأولياء فإن إستوي أولياء الزوجة في الدرجة فإن كانوا أبناءاً مثلاً فعندها يكون رضا أحدهم كرضاء جميعهم (المادة22) ويثبت الحق للولي الأقرب إن إختلفوا في الدرجة (المادة 23) فمثلاً في حالة الإبن والأب فإن كان الإبن عاقلاً بالغاً يثبت له حق الكفاءة, وعندها هو الذي يري ويقرر لأمه إن أرادت الزواج إن كان الزوج كفء أم غير كفء!! ولك أن تتخيل معي فقد يكون مصير هذه الأم التي تنتوي الزواج معلقاً (بحق)كفله هذا القانون لإبن عمره 18 عام إن كان هو وليها والمنفق عليها! وبالرغم من أن المادة 37 من القانون أعطت للقاضي سُلطة تولي التزويج في حالة إمتناع وليها دون مسوغ شرعي, إلا أنه في رأيي ليس في ذلك مايدعوني للقول بأن حقاً قد كُفِل.
للولي أيضاً الحق في طلب فَسخ عقد الزواج, إذا تزوجت البالغة العاقلة بغير رضائه هو, من غير كفء. إلا أن هذا الحق يسقُط في حالة الإنجاب أو ظهور الحمل, ومع أن الأثر المترتب هنا أقل وطأةً مما قد يَنجِم عنه جراء تدخل الولي وفقاً للمادة 32(4) التي سنتناولها لاحقاً إلا إنه إن إرتأت وإرتضت البالغة العاقلة بالزواج من غير كفء, فما يَضِير الولي في ذلك؟! هذا إضافةً إلي أن الزوج قد يكون كفء في نَظَر الزوجة وغير كفء في نَظَر الولي, وأيضاً العكس, فلماذا إذن يُعطي الولي هذا الحق ويؤخذ بما يراه هو دون ما تراه هي؟! هذا مع أن بعضاً من الفقهاء (الحنابلة ورأي للحنفية) ذهبوا إلي القول "في حالة إختلاف المرأة ووليها في الإختيار بأن دعت هي أنه كفء وإدعي وليها كفء غيره هنا يلزم الولي إجابتها إلي كفئها إعفافاً لها وإلا إعتبر عاضلاً إذا منعها".
 شروط صحة العقد :
وضعت المادة 25 من القانون ثلاثة شروط لصحة عقد الزواج وهي(1) إشهاد شاهدين قد يكونا رجلين أو رجلٌ وإمرأتين بشرط إسلامهما إلا أنه رغم ذلك لاتصح شهادة النساء لوحدهن وهذا حديث أخر لايسعنا المجال هُنا لتناوله. (2)عدم إسقاط المهر. (3)الولي بشروطه وفقاً لأحكام القانون. قبل أن نَعرِج علي شرط الولاية في الزواج بشيءٍ من التفصيل, فهو ما إرتأيت التركيز عليه في هذا المقال, لنا تعليق علي ماتضمنته المادة 29 بفقراتها الخمس والتي وضعت أحكاماً عامة بشأن المَهر, فقد جاء في الفقرة الخامسة منها علي أنه في حال إختلاف الزوجان في مِقدار المَهر, فالبينة علي الزوجة, فإن عجزت عن ذلك فالقول للزوج بيمينه -البينة علي من إدعي واليمين علي من أنكر قاعدة عامة- إلا أن الأوفق كان في رأيي هو النص علي أن يُكلف الزوج بالبينة في حال عجزت الزوجة عن ذلك, وإن عجز كلاهما عن ذلك كان القول للزوجة بيمينها. لأن إختلافهما في مِقدار المهر يعني أن كلاهُما يدعيان وينكر كلٍ منهما ما يدعيه الأخر, كما أن البعض أصبح لايتورع في حلف اليمين خاصةً وأن الفقرة تضمنت في حال حلف الزوج وإدعائه ما لايَصح مَهراً لمثلها حسب العرف, فيُحكَم للزوجة بمَهر مثيلاتها مايعني عدم أخذ المحكمة باليمين وطرحها جانباً.
 الولاية في الزواج :
الولاية في الزواج هي القدرة علي إنشاء العقد نافذاً غير موقوف علي إجازة أحد. وقد إختلف الفقهاء في الولاية في الزواج بين من إعتبرها ركناً من أركان الزواج, وبين من إعتبرها شرطاً لصحة الزواج, وهؤلاء إتفقوا علي عدم إشتراط الولاية لزواج الرجل مادام عاقلاً بالغاً, وإختلفوا في المرأة البالغة العاقلة بكراً كانت أم ثيبا, هل يُمكِنُها تزويج نفسها أم يشترط حضور وليها علي قولين: الأول أن المرأة لا تزوج نفسها ولا غيرها ولهم حُجَجهُم في ذلك, أما أصحاب القول الثاني فهم يُجَوِزا مُباشرة المرأة لعقد زواجها, أو زواج غيرها, ولهم أيضاً حُجَجهَم في ما ذهبوا إليه. ولايَسِعَنا المجال هُنا لذكر تلك الحُجَج. أما هذا القانون فقد إعتبر الولي شرط من شروط صِحة عقد الزواج (المادة 25) وبحسب قراءة نصوص المواد فالواضح أن الشرط مُتعلق بالمرأة دون الرجل.
عرف القانون في المادة 32(1) الولي بأنه العاصب بنفسه علي ترتيب الإرث وقد وضحت المادة 379 من القانون ترتيب العصبة بالنفس وهم :
1- البنوة وتشمل الأبناء وأبناء الإبن وإن نزلوا .
2- الأبوة وتشمل الأب لوحده .
3- الجدود والأخوة وتشمل أب الأب وإن علا والأخ الشقيق والاخ لأب .
4- بنو الأخوة وتشمل أبناء الأخوة الأشقاء أو لأب وإن نزلوا .
5- العمومة وتشمل العم الشقيق والعم لأب وأبناءهم وإن نزلوا .
بالتالي وحسب القانون الولاية في الزواج تكون بالترتيب أعلاه وحسب المادة 32(3) من القانون إذا تولي العقد الولي الأبعد مع وجود الولي الأقرب, فينعقد موقوفاً علي إجازة الأقرب, ولنضرب مَثلاً علي ذلك فإذا قام الأب بتزويج إبنته التي لديها إبن (ذكر , عاقل , بالغ , مسلم حسب شروط الولي) من زوج سابق يصبح عقد زواجها هذا موقوف النفاذ لمصلحة من يملك إجازته وهو هنا الإبن, فإن أجازه الإبن أصبح زواجاً صحيحاً نافذاً من وقت إبرام العقد وإن لم يَجِزه فله فسخُه, هذا مع الأخذ في الإعتبار أن ذلك يتم حتي إذا كان عقد الزواج قد تم بموافقة الزوجة ورضاها! ويمكن تطبيق الأمثلة حسب ترتيب العصبة بالنفس أعلاه.
المُدهش والمؤسف أن فسخ العقد من قبل الولي الأقرب يتم ولو كانت هذه المرأة تمتهن القضاء! فبالرغم من أن القاضي ولي من لا ولي له (المادة38) من القانون, إلا أنها هُنا لا تستطيع مُباشرة عقد زواجها بنفسها, فإن زوجها الولي الأبعد مع وجود الأقرب, كان لهذا الأخير الحق في فسخه!. ويجب الإشارة هنا إلي أن الإمام مالك ذهب إلي القول في حالة تزويج الذكر فإن الإنثي الوصية عليه تَلِي تزويجه لأن الولي المُعتبر في صحة النكاح إنما هو الموَلي من قِبَل المرأة, فعند مالك الوصية بالنكاح تصح مع أن الولي أولي بذلك. الزواج إن تم فسخُه هنا فيأخذ حكم الزواج الفاسد, ويرتب أثاره التي نصت عليها المادة 64 من القانون وذلك في حالة تم الدخول بالزوجة قبل إجازة العقد.
ذهب القانون أبعد من ذلك, عندما نص في المادة 32(4) منه علي الأتي (يصح العقد بإجازة الولي الخاص إذا تزوجت إمراة بالولاية العامة مع وجوده في مكان العقد أو في مكان قريب يمكن أخذ رأيه فيه فإن لم يجز فيكون له الحق في طلب الفسخ مالم تمض سنة من تاريخ الدخول). فالمرأة هنا التي تتزوج بالولاية العامة مع وجود وليها الخاص, يصبح عقدها أيضاً موقوفاً علي إجازة الولي الخاص, بل لوليها هذا (الحق) في طلب فسخ عقد الزواج, بشرط أن لا يكون قد مَضَي عام علي الدخول, والذي به يسقُط هذا (الحق)! ولكم أن تتخيلوا ما يُمكن أن ينتج جراء هذا التدخل الذكوري, خاصةً أن الولي يملك هذا الحق حتي بعد الدخول بالزوجة إلي ما قبل عام علي ذلك وهو ما يعني إمتلاكه لذلك (الحق) حتي وإن حبلت الزوجة!! فالقانون هنا لم يُقَيِد (حق) الولي الخاص بالإنجاب أو بظهور الحمل, حسب ما جاء بالمادة 24 التي تناولناها سابقاً, بل قَيَد ذلك بعام كامل, غض النظر إذا نتج عن هذا الدخول مَولُودٌ أو حَملٌ حتي! -هذا مع العِلم أن القانون رتب آثار لذلك وفقاً للمادة 64 منه وذلك بعد أن يقوم الولي الخاص بفسخ عقد الزواج وهي أن المهر الواجب للزوجة هُنا يكون أقل من المَهر المُسَمي ومن مهر المِثل أيضاً! ويثبت النسب وتحرم المصاهرة مع وجوب العدة - والسؤال المطروح والذي لا أملك الإجابة عليه هو لماذا يُعطي هذا الولي الخاص هذا الحق؟ولكل هذه المُدة رغم أنه موجود في مكان العقد أو في مكان قريب يُمكِن أخذ رأيه فيه؟! هذا مع أنه في نظري من الإستحالة بمَكان أن تقوم المرأة بالزواج بالولاية العامة مع وجود وليها الخاص, إن لم يَكُن هنالك عائق ما بسبب هذا الولي أو غيره, أو هناك عادات وتقاليد أكل عليها الدهر وشرب تقف حائلاً أمام تمتُعِها وممارستها لحقوقها, ثم لماذا بعد كل ذلك يكون مَهر الزوجة الواجب هُنا أقل من المَهر المُسَمي (أي المَهر المُتَفق عليه)؟ بل وأقل من مَهر المِثل أيضاً (أي مهر مثيلاتها ممن تتساوي مَعهُن حَسَباً ونَسَباً)؟! وهي هُنا البالغة العاقلة المُختارة كاملة الأهلية! أليس في كل ذلك مايَحطُ من كرامة المرأة؟ كما أن فيه تمسُكاً بموروثات ومفاهيم سائدة ناتجة عن تفسيرات عقدية جامدة لا تتماشي والحداثة.
 زواج المُمَيَزة :
نصت المادة 40/2 من القانون علي أن التمييز يكون ببلوغ سن العاشرة ونصت الفقرة الثالثة منها علي أن لولي المميزة عقد زواجها إن أذن القاضي بذلك لمصلحة راجحة بشرط كفاءة الزوج ومهر المثل! هذه الفقرة تتضمن إنتهاك واضح لحق المرأة ولحق الطفولة إن كنا أكثر دقة ,كما أنه ليس فيما تنص عليه الفقرة من إذنٍ وشروطٍ مُوجبة, ما يقوم سبباً للقول بأن في ذلك ضمان وحماية لحقوق هذه الطفلة(الزوجة), فأي مصلحة راجحة تلك التي تعود بالزواج من طفلة قاصر؟! هذا إلا إذا كانت المصلحة عائدة لوليها, فكيف تحمي الدولة حقوق الطفل كما وردت في الإتفاقيات الدولية والإقليمية التي صادق عليها السودان (المادة32/5) من الدستور الإنتقالي والقانون يتضمن مثل ذلك النص؟! أليس في ذلك إنتهاكاً صريحاً لحقوق الطفل, ومُخالفة للمواثيق والمعاهدات الدولية المُصادق عليها خاصة إتفاقية الطفل, إضافةً للمبادئ العامة التي تضمنتها المادة الخامسة من قانون الطفل لسنة2010م.
ويبقي السؤال كيف تكفل الدولة للرجال والنساء الحق المتساوي في التمتع بكل الحقوق المدنية والسياسية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية وكيف تعمل علي محاربة العادات والتقاليد الضارة التي تقلل من كرامة المرأة ووضعيتها والقانون يتضمن مثل تلك النصوص وغيرها ومُعبِراً عن سُلطة أبوية لمجتمع ذكوري؟! الإجابة ليست تكمُن فقط في توافقنا علي دستور مدني ديمقراطي يكفل الحقوق المدنية والسياسية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية للمرأة, وفي صياغة قانون جديد ذي طابع مدني يكفل الحقوق ويحترمها, بل أيضاً في إنعكاس النصوص علي أرض الواقع, فلابد من أن يري المواطنين بأعينهم تلك النصوص, التي تكفل الحقوق والحريات مُترجمة عملياً من خلال مُعايشتها والإحساس بها وإلا فما جدوها, كما يجب ألا تُقيَد نصوص الدستور بعبارات من شاكلة وفقاً للقانون وغيرها من العبارات والكلمات, التي بموجبها يصبح القانون فوق الدستور وبذلك تُقَيَد الحقوق والحريات بموجب ذلك القانون.
إن إضطلاع الدولة بحماية المرأة, ووقايتها من الظلم وتعزيز المساواة بين الجنسين, يتم من خلال إبطال النصوص والقوانين التي تشكل تمييزاً ضد المرأة, وبسن تشريعات وقوانين جديدة تكفل الحقوق والحريات, وبالعمل علي مُحاربة الجهل والحد من الممارسات و(الثقافات) والأعراف المتجذرة التي تكرس للظلم والقهر والنظرة الدونية للمرأة, وهذا مايتطلب نشراً للوعي من خلال إهتمام الدولة بالتعليم وإعمال ثقافة الحوار, وإتاحة الحُرية لوسائل الإعلام المختلفة للقيام بدورها المنُوط بها في التثقيف ونشر ثقافة حقوق الإنسان وأيضاً من خلال الدعم لمؤسسات ومُنظمات المجتمع المدني التي تلعب دوراً في ذلك, فكل ذلك وغيره يُساهم في رفع الوعي ونُشدان التغيير الإجتماعي.
في الخِتام تبقي هذه مُحاولة, ليس الهدف منها صياغة أجوبة لأسئلة وإشكالات وحسب بل أيضاً الحث علي طرح أسئلة وإشكالات أخري تستدعي حِراكاً قانونياً في شتي المواضيع والقضايا.
(المقال سَبقَ وأن نُشِر ببعض الصُحف, وأعِيد نَشرُه هُنا إعتقاداً مني بأهمية الموضوع)
loai abdo [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.