الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    "ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    بورتسودان وأهلها والمطار بخير    المريخ في لقاء الثأر أمام إنتر نواكشوط    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    مليشيا الدعم السريع هي مليشيا إرهابية من أعلى قيادتها حتى آخر جندي    ضربات جوية ليلية مباغتة على مطار نيالا وأهداف أخرى داخل المدينة    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطر الاخلاقي: الحلقة الثانية من سلسلة إبليس في القصر .. بقلم: عارف الصاوي
نشر في سودانيل يوم 10 - 04 - 2013

وددنا وتمنينا ان لو كانت لدينا مؤسسة واحدة في السودان مؤهلة الان لتتحلي بالمسؤولية التاريخية وتقول ما يحدث في البلد وما يجب ان يحدث .وتمنينا لو كانت لدينا نخبة سياسية تعرف جيدا مدي اهمية هذه اللحظة التاريخية المهمة في حياتنا ،وتمنينا لو كانت لدينا مؤسسات اعلامية وصحفية لها قدر كافي من المسؤولية الوطنية لتقول للاستهبال السياسي ان يصمت دون ان ترعبها دعاية "الاجندة السياسية ". صراحة القول هو ان هذه اللحظة التي نعيشها الان تتوجب لاي سوداني ان ينخرط في واجب الاجندة السياسية .
امنياتنا تلك يا سادة مهمة لاننا نستحي حقاً ان ندخل في نقاش سخيف حول خياراتنا المحدودة وخيالنا المسرف في الكسل وتصوراتنا المتعجلة للمستقبل .دعونا لا ننسي ابداً ان جزء اصيل من مسؤولية الحالة الراهنة كانت بسبب منا جميعا حينما تقاعسنا ان ناخذ الامور بجدية وان نتجاوز بنظرنا المصالح الضيقة المرتبطة بوضعنا الحالي .
القصة كلها الان –اي قصة المسؤولية السايبة خلال ربع القرن الماضي تُعاد في شكل حلقة واحدة مرتبطة بالنقاش المتواضع حول "ازمة بديل الرئيس " او عثرات الحوار الوطني او ان شئت سمها القرار الصحيح الذي يجب ان نتخذه الان ،هل نسير في طريق الحوار الوطني مذللين كافة الصعاب له لنرفع ونُعلي شأن الحوار حول الوطن الذي نريد ان نتعاقد حوله ،ام ننشد طريق العبث والاستهتار والتامر والتكتيكات السياسية المضرة ،وفي الحالتين كلنا نعلم طبيعة النتائج التي سننتهي اليها .
في مقال سابق قلنا ان فكرة الالتفاف حول ان الانقاذ الان وصلت الي "الميس "و ليس لديها شئ تضيفه وان استمرار حكمها ونهجها ببساطة يعني "طق راسنا في الجدار بغباء " وقلنا ان الرئيس هو الان حالة رمزية انتهت اليها تجربة الاخوان المسلمين في الحكم والسياسة ،فمن قبل 1989 نحن لم نعرف الرئيس البشير وحسب ما عرفنا انه كان ضابطاً في القوات المسلحة "بتاعتنا "وحسب المحبوب عبدالسلام في كتابه عن عشرية الانقاذ الاولي "لم يكن الرئيس البشير معروفا حتي للشيخ الترابي نفسه " بالتالي هو حتي بالنسبة للاسلاميين لم يكن قدرهم حتي العام 1999 حسب قطبي المهدي في حواره مع محمد عبدالعزيز في السوداني 31 مارس 2013 . والنهاية التي وصل بها البشير ليكون ممثلا لرمزية الاسلاميين في الحكم هي حالة لم يصنعها البشير "وفي هذا اتفق مع صديقي علاء بشير "بان الرئيس "ابلسه الاسلاميون "ثم انتهت بهم الحالة الي كونه صار نتيجة حكمهم وليس قائد حكمهم .المعني الابعد من ذلك هو ان الرئيس البشير شخصيا توافرت فيه شروط ما انتهت اليه التجربة ،اولا: بكونه شخصية من القوات المسلحة تواضع امكانياتها وضعفها احيانا ،هي السبب الرئيسي لبقائه في الحكم كل هذا الوقت ،وبعكس ما يتصور اخرين انه شخصية تتمتع بمواهب استثنائية او قدرات نادرة ،فالشخص الذي كان يتمتع بكارزما كبيرة وسط الاسلاميين هو الدكتور الترابي وماحدث في رمضان 99 وانقسام عليه ،حدث لانه شخص مؤثر اما بقاء الرئيس فهو لعوامل انه مثل توازنا مطلوبا بين عناصر القوة داخل التيار العام الحاكم "الجيش ومركزية الوسط في النخبة الحاكمة " هذه المعادلة حفظها الرئيس البشير ليس بقدراته وانما بتوازن القوة الذي حدث صدفة بذلك .
المهم لا نريد ان نسهب في نظرية ضعف الرئيس البشير في وضعيته الحالية والسبب في ذلك لان الحوار والنقاش الذي تفجر بعد اعلان الرئيس نيته التخلي عن الحكم لم يتوقف خلال الاسبوعين الماضيين ،وهذا وقت طويل منذ كتبنا مقالنا قبل اسبوع بعنوان "ابليس في القصر " فبعد نشر المقال نحي الحوار والنقاش منحي بعيدا موغلا في تفاصيل امكانية تجديد ولاية الرئيس ،ولان ولاية الرئيس صارت بصورة ما مرتبطة بالحوار الوطني حول الدستور والترتيبات السياسية لايقاف الحرب ،يصبح امامنا المشهد في غاية الوضوح نحن نعرف ما يريده الحزب الحاكم وهو لا يعرف ولا يبدو انه مهتم ليعرف ما يريده الوطن .
سمعنا وشاهدنا وقرأنا "المؤتمر الصحفي" للنائب الاول للرئيس والذي علق فيه علي موضوع بديل الرئيس ،ورغم ان اجابة النائب الاول كان سمتها تحاشي الحديث عن الموضوع باعتبار انه واحد من المرشحين لخلافة الرئيس وبالتالي اراد ان لا يصدر اي تصريح يفهم منه اي شئ .لكن اجابة النائب الاول كانت "حجوة قديمة تتعلق بسؤال راهن "يقول النائب الاول انه يعلم ان الرئيس صادق –مع ان هذا ليس الموضوع –ويقول ان الحزب ومؤسساته هي المعنيه باتخاذ قرار بديلها –وهذا صحيح ولا يستدعي الامر حشر انوفنا فيه-لكن يقول النائب الاول بعد هذا حديثا طويلا عن هذا الموضوع كل ما قاله يستدعي حشر انوفنا وابصارنا وبصيرتنا فيه .يقول طبيعي ان يقول الرئيس ان لديه متبقيات من برنامجه الانتخابي لم تكتمل ويحتاج ان تمتد ولايته ليكملها!! وهذا ان حسبناه حديثا سياسيا فهو مردود علي النائب الاول جملة وتفصيلا .مردود لانه لا يقوم علي اساس منطقي لو اردنا فقط ان نتعاون مع الاسلاميين في تجاوز مطب الوطن المحاصر في "النادي الكاثوليكي " الورطة التي لم نجلبها نحن في الحديث ،بل رمي بها واحد من الانقاذيين المخضرمين والمؤثرين هو الدكتور غازي صلاح الدين حينما قال ان ترشيح الرئيس محسوم دستوريا ولا يمكن الحديث عنه بدون الرجوع الي تعديل الدستور او انشاء دستور جديد ،وبما ان الدكتور غازي هو الرجل الوحيد من الحزب الحاكم الذي اعمل التفكير وخرج بان "القعدة كلها"تتعلق بالدستور ،يجوز لنا نحن الذين عايشنا هذه اللغة منذ تسعينات القرن الماضي ان نهتم بالموضوع في اطاره الاجرائي المتعلق بان الرئيس موضوعيا ليست لديه احقية الترشح مرة اخري ما لم يتم تعديل الدستور .نقطة غازي هذه جاء الرد عليها في سياق خطاب الرئيس امام البرلمان لكن تم الاسهاب فيه بحديث طويل خارج الموضوع اثناء المؤتمر الصحفي للنائب الاول في 26 مارس الماضي .
لماذا عقد النائب الاول مؤتمر صحفي ؟:
ما فهمته انا من جدوي المؤتمر الصحفي للنائب الاول اساسا ،يتلخص في انه كان يريد ان يختبر ما لدي الناس من اسئلة وطبيعتها ،وبما ان البلاد كلها تستهدي في التخطيط علي "طق الحنك " والمناسبات الاجتماعية اراد النائب الاول ان يستكشف ما لدي الراي العام من اسئلة ؟ مفهوم طبعا ان الدولة نفسها حينما تسد نوافذ تدفق الراي العام تحتاج الي مثل هذه المناسبات كدعوة رؤساء التحرير والاعلاميين الي مؤتمر صحفي دون ان يكون لديك ما تقوله .في حالة ضبابية كحالة السودان الطبيعي ان يبحث الصحفيون عن الاخبار والمعلومات وليس التطمينات ،فمن غير المنطقي ان تبدو وكانك في سوق عكاظ تتباري في اللغة والفصاحة وتسوق الاسئلة علي شاكلة "السيد النائب الناس عايزة تطمئن وزي هناك ضبابية فهلا طمأنتها " ثم يروح النائب الاول باثا تطميناته ودعواته لنا ان نتوقف عن القلق وان كل شئ يسير كما هو مقدر له والحمد لله !!!! كان علينا ان نخرج بشئين من ذاك اللقاء وهو ان النائب الاول حدد شروط الحوار السياسي والياته وحتي تواقيته الزمنية .اما المسالة الثانية فهي ان النائب الاول خرج من اللقاء مطمئنا ان "قادة الراي العام "سيبصمون علي اي شئ يريده المؤتمر الوطني ،وبما اننا خرجنا بواحدة وخرج بواحدة نصبح متعادلين في فهم مصير البلاد .هو يعرف انه يفعل ما يريد، ونحن نعرف تماما اكثر من اي وقت مضي، ان محنتنا لن نتجاوزها تحت ادارة المؤتمر الوطني .
في المسالة الاولي هو حر ان كان يريد ان يصدق ان التواضع الذي اظهره له قادة الصحف يومذاك يمثل حقيقة الراي العام ،او حتي ينتبه ان حالة الرقابة المفروضة منذ وقت طويل علي الصحف خلقت له هذا المستوي من السؤال .لكن في الجانب الاخر يلزم الناس ان يقولوا قولهم بالمختصر المفيد .قال النائب الاول " ان هناك حوار يمكن ان يجري مع الحركة الشعبية شمال فيما يتعلق بالمنطقتين علي اساس نيفاشا ،وباعتبار ان المنطقتين من القضايا العالقة لاتفاقية نيفاشا جري تكليف الوساطة الافريقية للتوسط بين الطرفين \يفترض الجنوب \الشمال بعد ماكان الحركة والمؤتمر الوطني .يضيف طه "في هذه الحالة وباعتبار ان القرار 2046 الصادر من مجلس الامن يلزم التفاوض مع الحلو وعقار فيما يخص وضعية المنطقتين علي اساس نيفاشا " يضيف طه "في نفس الوقت يجوز للحلو وعقار ان يجلسا مع كافة السودانيين لمناقشة الترتيبات الدستورية الجديدة للبلاد " يقول النائب الاول هذا الحديث ليغلق الباب نهائيا حول التفاوض مع الحركة الشعبية شمال حول ترتيبات انتقالية للبلاد كلها ،ذاكرا وجهة نظر منطقية ان "الحلو \عقار "ليسا مفوضين من الشعب والقوي السياسية ليقرر معهم المؤتمر الوطني حال البلاد كلها " هذا صحيح ولن يجري الاتفاق عليهما طالما هذا حال الواقع السياسي ،غير ان النقطة المهمة هي ان الحركة الشعبية \شمال تعلم جيدا ان اي اتفاقية لن تصمد اذا لم تنشأ بيئة يتوافر فيها حراسة الحق المكتسب منها مدنيا ،وبالتالي يتعذر لها ان تقبل في هذه الاتفاقية المفترض ان تتولد من المفاوضات تحت وساطة الالية الافريقية ، باي حال من الاحوال تسريح جيشها والتحول الي حزب سياسي معصوم العينين ومقطوع اللسان ! ولئن اثارت الحركة الشعبية في اي تفاوض معها مسالة ابقاء قواتها في حالها الي حين اجراء الترتيبات الدستورية ستكون حجتها منطقية بمثل منطقية حجة النائب الاول "بعدم تفويض عقار والحلو ليناقشا موضوع السودان " اشار النائب الاول الي ان لعقار والحلو الحق الكامل في مناقشة قضية الدستور مع القوي السياسية الاخري في منبر اخر لم يحدد زمانه ولامكانه ولا الياته .هذا مربط الفرس كما يقولون ،اذ تري العادة هنا ان نقول قولنا المالوف حينما يتعلق الامر بالثقة .فالمؤتمر الوطني اثبت خلال 25 عاما انه حزب لا يمكن ان تثق فيه لانه يقوم علي منطق "البزنس وليس السياسة "وفي البزنس تتاسس الثقة ايضا علي قول لاهلنا في سنار كانوا يقولونه في وقت مضي "كلمتو كاش " للاسف لم يبني المؤتمر الوطني ثقة مع اعضائه ناهيك مع الشعب ، وقد ظلت القوي السياسية في حالة عجزها التاريخي خلال العشرين عاما الماضية تسأل عن شئ لم يحدث في دنيا السياسة ابدا وهي الضمانات والضمانات دائما هي الاتفاقات وليس شئيا سواها .عليه فان عدم ثقة الناس في المؤتمر الوطني تجعل من المستحيل للحركة الشعبية ان تدخل في ترتيبات من ضمنها حل جيشها وانتظار يوم ان يقرر الحزب الحاكم وقت واجندة الحوار الوطني ويستحيل ايضا ان تقبل القوي السياسية الدخول في نقاش حول الدستور والبلد مكبلة بقوانين الطوارئ والقوانين المانعة للنشاط العام .هذا من ناحية اجرائية لكن من ناحية اخري هناك مؤشرات كثيرة تقول ان المؤتمر الوطني الان في اضعف حالاته الاخلاقية لتولي مبادرة الحوار الوطني ،هو في حالة بالكاد مرحب به في طاولة الحوار الوطني وليس قيادته .صحيح نحن هنا لا نتجاوز حالته الراهنة في ضعفها وقوتها معا ،والتناقض هذا ينشأ حينما فقط نعلم ان المؤتمر الوطني بصفته المعتبرة حاليا كحزب حاكم ويسيطر علي البلاد وهو في حالة ضعفه الموضوعية نتيجة تعدد مراكز القوي داخله وتهيأتها للصراع في ظرف يغير قوانين اللعبة ،والمؤتمر الوطني طالما انه سيواجه ازمة باختيار بديل للرئيس البشير من المؤكد انه سيواجه ازمة كبيرة في حال لم يفز الرئيس البشير وفي احسن الاحوال لم يفز "بديل الرئيس البشير .حزب بهذا التعقيد وبهذه التناقضات لا يمكن ان يؤتمن علي الحوار الوطني .النقطة الاهم هي ان عقبة المنطقتين واجب تجاوزها وفقا للقرار 2046 ووفقا لضرورة العلاقة مع الجنوب التي لن تهدأ ما لم تُحل قضية المنطقتين حتي لو اهدت الحكومة السودانية ابيي للجنوب فانه لن يغامر بفتح جبهات قد تصل للعداء مع المنطقتين ،ونقول العداء لان السبيل الوحيد لتنفيذ الاتفاق مع الجنوب والمنطقتين معلقتين هو ان يقاتل الجنوب الحركة الشعبية شمال ليفك الارتباط بها ويثبت حسن نيته للمؤتمر الوطني . وان كان ذلك ممكنا حينها يمكن ان نعرف الفرق بين طق الحنك والمؤتمرات الصحافية !!!
سادتي ؛ ان حال البلاد الان ليس هزلاً ولا تطلب منا هذا الضعف الذي نظهر به حينما يضعنا التاريخ في منصة "القادة " ،ساحكي لكم قصة اوردها الصحفي بول مايسون في كتابه "انهيار الاقتصاد العالمي ..نهاية عصر الجشع \الطبعة العربية –شركة المطبوعات للنشر \بييروت 2011 " القصة تحكي ان الموظفين في بنك ليمان حينما هددتهم عاصفة الازمة المالية العالمية في 2008 وعلموا ان الامور ستسوء وان البنك سيستغني عن عدد كبير من موظفيه بسبب الافلاس حزموا حقائبهم وبعضا منهم اشتري كتاب كان مشهورا بعنوان "ما يجب فعله حينما تسوء الامور " يقول الكاتب بول مايسون "ان ذلك المشهد الذي شاهده لموظفين يوضبون اغراضهم ويلوحون بالكتاب قائلين "الان يجب ان ننظر في الخيارات الاخري " ،جعله ذلك يكتشف ان هناك دائما فرصة واحدة لتختبر انك تعيش بخيارات كثيرة .بالنظر الي هذه القصة والعودة الي قصة المؤتمر الوطني معا نخلص الي البساطة نفسها وهي ان امامنا خيارات فليرينا المؤتمر الوطني خياراته .
والي ان يحين وقت عرض الخيارات نحاول ان نضع النقاط مع المؤتمر الوطني في امرين لا ثالث لهما
اولا مسالة بديل الرئيس ويبدو ان الحزب الحاكم اوجز فيها القول علي لسان النائب الاول في المؤتمر الصحفي 26 مارس 2013 ثم علي لسان "ود شاب "يعتبر الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني يعرف بياسر يوسف وكليهما قال "ان امر بديل الرئيس متروك الي مؤسسات الحزب " وبهذا القول نقول ان مرشحكم انتم احرار فيه ،هو شأن يخصكم ولا دخلنا لنا به ،وان لم يخرج علينا بعض قادتكم ليقول لنا "ان الحزب يواجه ازمة تتعلق ببديل الرئيس "لما اعرنا الامر اهتمامنا ،ومبلغ اهتمامنا لاننا نتصور ونفهم ونقرأ ونعرف النتائج بمقدماتها ،وبالتالي سهُل بالنسبة لنا ان نتصور مدي الازمة التي ستدخل فيها البلاد نتيجة انفجارات ازماتكم الداخلية ،ومن هذا المدخل فقط حشرنا انوفنا معكم في ازمتكم لانها لا يبدو انها ازمة عادية .وبما انكم الان اعدتم الينا الكرة مرة اخري قائلين ان حزبكم الحاكم سيحسم هذا الامر في الوقت الذي يريد خرجت احداث تحكي ان طبيعة ورطتكم في الامر تعنينا جميعا وللاسباب الاتية :
اولا :
بعد ان ترك النائب الاول الباب مفتوح لاحتمالات ترشح الرئيس لولاية جديدة ،ياتي دورنا في الاسئلة ونقول مدخلا ان مسالة ترشح الرئيس الان تهمنا لانها تدخل في لب الحديث السياسي العام المتعلق بالدستور ووضعية جبهات الحرب المعروفة .فاذا قال السيد النائب الاول انه مستعد للجلوس مع الحركة الشعبية شمال لمعالجة اوضاع المنطقتين علي ضوء نيفاشا ؟ فاننا بالتالي نقر بحيوية نيفاشا كواقع ودستور وترتيبات .هذا الدستور المتبقي من تركة نيفاشا بعد انفصال الجنوب هو كما يقول الدكتور غازي في تصريحات - فرغها من محتواها بكثرة الشرح – ان مسالة بديل الرئيس محسوم بقواعد المادة 57 في الدستور والتي تقرأ علي اساس "يكون اجل ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات تبدا من يوم توليه لمنصبه ويجوز اعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب ." يقول غازي "ان اي حديث عن اعادة ترشيح الرئيس لابد ان يسبقه تعديل للدستور الحالي او اصدار دستوري جديد يسمح بتجديد غير مقيد الي الابد " هذه الاضافة التي اضافها الدكتور غازي في معرض الجدل هي مدخلنا الي اعتبار ان مسألة مجرد مناقشة احتمال اعادة ترشيح الرئيس يعتبر حديثا في الشأن العام ولن يكون معنيا به فقط حزب المؤتمر الوطني .اخمن ان غازي صلاح الدين يعني ان سياسيين اخرين في الحزب يعرفون ويقدرون حجم المشكلة ،وهي تتلخص في قول بسيط "ان هناك عنقالة في المؤتمر الوطني لا يأبهون لا بالدستور وبالاحزاب ولا بالناس " هؤلاء وباختصار ايضا هم الان الذين سيشكلون القرار السياسي في المستقبل .فالتيار الذي ينظر الي اغلبية الحشد الذي معهم ينظرون علي سرعة استجابتهم للرئيس في استعراض جماهيري ليبصموا علي الهتاف كانه حل .هذا المأزق بالتاكيد يواجهه المثقفين في الحزب الحاكم كالدكتور غازي وغيره كونهم لا يستطيعون الدفاع عن همجية "الجماعة "حتي ولو علي حساب الدستور والوفاق الوطني .علي كل حال لنري ما الحوار الذي افرزته نقطة الدكتور غازي قبل ان نوضح لماذا حشرنا انوفنا في هذا الشأن
الامر
الدستور :
سنعتبر المؤتمر الصحفي للنائب الاول علي عثمان هو المدخل الرئيسي لتحليل ازمة البلاد والحزب الحاكم ،فهو علي غير عادة المؤتمرات الصحفية حتي تلك الروتينية التي تعرف بالايجاز الراتب للناطقين الرسميين يكون لديها اجندة وموضوعات محددة ومن ثم يتم استقبال اسئلة الصحفيين في اي موضوع .الذي حدث في 26 مارس ان سبب ما دفع النائب الاول لعقد مؤتمر صحفي بمجلس الوزراء ،وبالطبع كما قال عبدالحميد رئيس تحرير الاهرام اليوم ان النائب الاولي كان في فترة نقاهة او مراجعة طبية في المانيا ،وخلال الفترة الماضية صعدت بعض الموضوعات تتطلب ان تتحدث فيها الرئاسة علي مستوي عالي ،كنا نتوقع ان ياتي النائب الاول للحديث حول اجندة معينة يطرح فيها الراي الرسمي ومن ثم يستقبل الاسئلة حولها او اي موضوعات اخري .لم يفعل النائب الاول ذلك في تقديرنا لانه اراد ان يصور ان هذه الموضوعات تشغل الراي العام وبالتالي هو يجيب عليها علي اساس انها موضوعات لا تتطلب القلق .لا تتطلب القلق هذه لتوحي للمجتمع الدولي ان هناك تماسك وطني وقبول لقيادة المؤتمر الوطني للهبوط بالبلاد في امان وسلام .
ارسل النائب الاول الاشارات علي النحو الاتي ؛اولاً هو استقبل اسئلة ما يفترض انهم قادة الراي في البلاد ،هم الذين يشكلون الراي العام ويعسكون وجهات نظره –قادة الصحف والاعلام – ماقاله هؤلاء علي وداعته جاء في سياق "نحن ننقل لك نبض الشارع سيدي النائب الاول والرجاء ارسال تطمينات الي الراي العام "الخطوة التي تلي تطمينات النائب الاول هي عكس ذلك في مقالات الراي علي نحو "وقد طمان النائب الاول المواطنين ان السودان في مرحلة جيدة تعصمه من كل اذي "ومن علامات الرضا والاعجاب وتبادل قوافي الشعر والفصاحة مع النائب الاول لم يتحرج اطلاقا عندما سئل عن اسباب عدم حدوث "ثورة في السودان "؟ان يقول ( للبشير مقولة رغم سخرية الناس بها لكنها صحيحة حينما قال ان الربيع العربي في السودان حدث في 1989 ،عليه صدق او لا تصدق ان النائب الاول ابتسم ابتسامة باينة وقال هذا صحيح فالسودان بلد متقدم في مجال الحريات وليس كحال البلدان العربية قبل الثورة ،مع ان مصر حينما قامت ثورة 25 يناير كانت فيها 30 قناة فضائية خاصة وانتاج ضخم من القطاع الخاص للسينما والفنون و واعداد مهولة من مراكز البحث المستقلة وهئيات الفكر والادب والراي ،ولم يكن بها رقابة فعهلية مباشرة من الامن علي الصحف "اللهم الا صحف الحكومة وهم مخيرين فيها " ولو ذكره احد "قادة الراي"في تلك الجلسة بذات التهذيب والهدؤ الذي بدو به بان حديثك غير صحيح سيدي النائب وباستثناء نظام القذافي لم تكن هناك دولة اسوأ منا في مجال الحريات السياسية والمدنية .بل الامر الاسوأ هو انه رغم اتفاقية نيفاشا والدستور الانتقالي فان التاريخ يقول انه لا توجد حكومة علي وجه الارض استهترت واهانة وخرقت دستورها في التعدي علي الحريات كما فعلت حكومة الانقاذ "ياخ ذكروا بالرقابة طيب "
علي كل حال كان هذا واحد من موضوعات النائب الاول بالاضافة الي موضوع بديل الرئيس الذي ترك لنا فيه النائب الاول الباب مفتوح لاحتمالات حتي ترشيحه "ان هو رغب في اكمال برنامجه الوطني " بدورنا نسأل :ما هو برنامج السيد الرئيس بالضبط ؟لا صراحة رغم انني عملت اكثر من عشر سنوات كصحفي متفرغ للشأن السياسي السوداني وقبلها جايلت 25 وعشرين عاما من عمري تحت ادارة وسلطة الرئيس البشير ،من حقي الان ان اجد اجابة لسؤال البسيط "هو الريس عايز ايه بالضبط ؟" وبما انني استنادا الي المتابعة التي ادعيها هنا اقول "لا اعلم اي شئ عن البرنامج الوطني للرئيس ولست مستعدا ان استغرق ساعة واحدة من عمري المتبقي افكر فيما لو كان للرئيس برنامج وطني يتطلب منه الوجود في القصر .انتهي هذا الحديث او يفترض انه انتهي هنا ،فان انتم جددتم للرئيس ولاية سادسة في الحقيقة ليحكمنا بها اكثر من ثلاثين سنة تجاوزتم بها الانانية الي الصلف .
Arif Elsawi [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.