حرية الصحافة هل هي محددة بمعنى أنها لها خطوط خضراء أو حمراء تحدها من تلك الجهة والجهات الأخرى أم هي مسألة (نسبية) تتفاوت من بلد لآخر، وهل هي مسألة مطلقة لا حدود ولا (قيود) لها؟؟؟؟. دعنا نوسع دائرتها ونقول حرية (التعبير) لتشمل وسائل الاعلام كافة، صحافة، اذاعة وتلفزيون. ورغم ما نشعر به في السودان من (تقلص) هامش تلك الحرية الا أن السودان يعتبر من أكثر الدول العربية التي يوجد فيها مثل هذا الهامش. والغريب في الأمر أن هناك بعض الصحفيين العرب الذين أطلقوا (كلابهم) عفوا اقصد (اقلامهم) تنبح في وتنهش في لحم (السودان)، تاركة لهم دولهم الحبل على الغارب، وهي تفرش لهم الطريق بالورود والرياحين و (تمكن) لهم و (تؤازرهم) وتساندهم وقد استمرأوا سياسة (السكوت) و (الطيبة) التي يمارسها السودانيون رغم علمهم بأن مايكتبه هؤلاء الكتاب هو عار عن الصحة ولا أساس له وافتراء. الا أنه ذات مرة علمت أن أحد أبناء السودان الغيورين قد ألجم هؤلاء بمقال رائع، حيث بين لهم أن في السودان حرية صحافة وتعبير أكبر مما في بلدانهم وكان من باب أولى أن يعالج أؤلئك الكتاب ما يدور في بلدانهم ويكتبوا عن شعويهم المغلوبة على امرها وعليهم أن (يطعنوا) الفيل نفسه وليس (ظله)، وأن الحريات المسموح لهم بها هي لا تتعدى الحديث عن مواضيع معلومة أطلقت عليها من عندي صحافة (البجم) أتدرون ما هي؟؟؟؟؟؟ هي اختصار لكلمات بصل/جرجير/ملوخية وقد يندهش القارئ العزيز بعلاقة تلك الكلمات بالصحافة، ولهم أوضح تلك العلاقة (الحميمة) ففي صحافة تلك الدول غير مسموح للصحفيين الا بالحديث عن البصل والجرجير والملوخية، أي بمعنى آخر ان تبتعد اقلامهم عن تناول أي مسائل عدا تلك التي تتعلق بذلك الثالوث، وأن لا تقترب أقلامهم من تناول مواضيع تتعلق بما أسميه صحافة (الجسر) وهي اختصار للكلمات:جدل/سياسة/رأي، فصاحفتنا تندرج تحت مسمى ونطاق صحافة الجسر التي تتناول السياسة والرأي والجدل وهي مسائل (محرمة) في بلدان أولئك الكتاب الذين (طالت) ألسنتهم بالحديث (الكذب) عن أهل السودان وأحوالهم فهم ممن تنطبق عليهم المقولة (يرون القذي في أعين غيرهم و لايرون العود في اعينهم). كفوا اقلامكم عن السودان فأهله قادرون وليسوا عجزة أو كسالى كما تدعون. وبهذه المناسبة عملت في صحيفة (البيان) التي كانت تصدر في مالطا نهاية السبعينيات، وكانت ليبية الهوية، في وظيفة مدير تحرير، وكانت الصحيفة متعاقدة مع وكالة صحفية تسمى القدس، وكانت كثيرا ما تتعدى على السودان {الذي كان حينها تحت نظام مايو} بمقالات مدججة بالمعلومات المفبركة والحاقدة على السودانيين والسودان، وكانت المقالات تمر على لاجازتها وتمريرها لرئيس التحرير، وكانت دائما استقالتي مصاحبة لتلك المقالات الجائرة، وكان رئيس التحرير (الليبي) يمزق تلك المقالات ويرمي بها في سلة المهملات، اقتناعا منه بسلامة رأيي، فهي كانت تمس الوطن قبل أن تمس النظام القائم آنذاك، فالوطن فوق الجميع وهو باق والنظام بائد والحكم الى زوال مهما طال بقاؤه أو استبداده. alrasheed ali [[email protected]]