السودان الوطن الشقى ببعض ابنائه .. اكثر دول العالم تشريعا وفى نفس الوقت اقل دول العالم تطبيقا للتشريعات .. وليس غيابها القاعدة السابقة يمكن اسقاطها على مختلف القضايا..و محاربة الفساد ليست استثناءا..اذ يتوفر العديد من التشريعات المهمة ومنها اقرار الذمة المالية و قانون الثراء الحرام..لكن العيب كان دائما فى التطبيق و الالتفاف على القانون .. وتعدد المكاييل فما يحدث فى السودان يجرى فى بعض دول العالم المتخلفة فقط..اذ كشفت بيانات جديدة للبنك الدولى ان 78/من البلدان المشمولة فى قاعدة البيانات لديها أنظمة للإفصاح المالى .. فى حين ان 16/ من البلدان فقط تتم فيها مراجعة الإقرارات المالية المفصح عنها لرصد أية مخالفات .. والسودان من ضمن الدول التي لا تراجع البيانات بهدف رصد الزيادات الطارئة على ثروات وممتلكات المسئولين بعد تسلمهم للموقع العام و ذلك رغم ان الشواهد كثيرة على مظاهر الاثراء التى ظهرت عليهم فجأة و مع كل تشكيل وزارى جديد.. او تعديل وزارى ..او انتخاب برلمان جديد.. او مغادرة البعض لمواقعهم لافساح المجال لمن وقعت معهم اتفاقية سلام ووصلت معهم الحكومة الى تسوية سياسية تولوا بها مواقع..الا اننا لم نرى من يبادر الى ابراء ذمته لبيان ما كان و ما هو كائن الان.. و السؤال كم مرة تمت مراجعة هذه البيانات و استخدامها للتحقق من مصادر اموال المسئولين التى ظهرت بعد تولى المنصب..و كما هو معلوم للجميع فانه فى بداية الانقاذ تمت تعبئة اقرارات الذمة المالية للوزراء و كبار المسئولين و تم التباهى بها من قبيل اظهار طهارة اليد و العفة لكن هل تمت المراجعة بعد مغادرة المسؤل للمنصب؟؟الاجابة ببساطة انه لم تسجل سابقة بهذا الخصوص لتؤكد ان ليست ثمة نفعا من اعادة قانون ابراء الذمة مادام ان القانون كان موجودا اصلا ولم يطبق ولا غاية يمكن ان تتحقق من اى قانون اخر ما دام الغاية لن تتحقق منه وهى محاسبة المتطاولين على المال العام من المسؤلين و هو قانون عمل به امير المؤمنين عمر بن الخطاب ..فقد كان عمر رضى الله عنه و ارضاه اذابعث عاملا كتب ماله حتى يحاسبه اذا ما استعفاه او عزله عن ثروته و امواله فقد كان عمر بن الخطاب دائم الرقابة فى نفسه وفى عماله حتى اذا وجد اية زيادة غير مشروعة فى اموالهم جعلتهم تحت طائلة الحساب وفق قاعدة من اين لك هذا؟ التى يبدو ان عمر اول واضع لها.. انه ليشعر بوطأة المسؤلية حتى تجاه البهائم العجماء او ليس هو القائل( و الله لو ان بغلة عثرت على شاطئ الفرات لخشيت ان يسألني الله عنها لم لم تعبد لها الطريق يا عمر) لله درك يا عمر نحن لا نتحدث عن بغال لكن عن بشر يتغاضى راتبا شهريا لا يكفى لمد يومين و أولياء امورنا يرفلون فى النعيم هم و ابناءهم ..اين انت يا عمر يا بن الخطاب؟؟ فما يحدث ليس مفاجئا فالغاية هى ذر للرماد فى العيون .. و التباهى و التغنى بها و محاولة اقناع الناس باننا مثل الصحابة عمليا تشريعات المحاسبة و ديوان المراجع العام بها ما بها مايكشف كل فساد و اختلاس لكن هل يوجد التزام بالتشريعات و ما فائدة قوانين الفساد و تشريعاته ما دام هنالك فقه يقنن و يستر الفساد و يسمى بفقه السترة..و كلمة فقه منه براء؟؟ ضعف المساءلة يرتبط بعوامل اخرى بعدم توفير المعلومات للمواطن..مما يحد من الرقابة الشعبية على موظفى القطاع العام و يوفر بيئة خصبة لاطلاق الاشاعات على المسؤلين يسيب اجواء عدم الثقة السائدة فى مؤسسات الدولة و التى تدعو للتشكيك بكل ما هو موجود من قوانين..ففى معظم دول العالم راتب الوزير مثلا ينشر فى الجريدة الرسمية و امتيازاته ما عدا السودان؟؟ بل الويل لك ان علمت براتب المسئول فأنت مواجه بالسؤال من اين لك بهذه المعلومة السرية جدا؟؟ بل وسيتم سجنك كما حدث مع ذلك الصحى الجرئ الذى كذب حديث وزير المالية بشان راتب رئيس هيئة الاوراق المالية فتم سجنه لمعرفتة احد الاسرار؟ الناس اليوم لاتطالب باقرارات ذمة جديدة كما يفعل وزير العدل بل المطلوب ان تستجيب الحكومة لمطالب الناس بتفعيل ما هو موجود من من اقرارات..ووضع منظومة اجرائية لا يقفز عنها كما حدث فى الماضى بحيث تضمن الالتزام بالقانون نصا و روحا ..وبدون اى تمييز بين الشرائح..هذا من الحزب الحاكم .. وذاك من المعارضين للحزب الحاكم من المغضوب عليهم ليس من الصعب استرداد ما نهب من المال العام فى الماضى.. فمهماكان الفاسدين غاية فى الزكاء و استخدموا ما يتضحه القانون من منافذ لقوننة فسادهم..فانه للا بد من ملاحقتهم و استرداد ما نهب من مال فلا حق يسقط بالتقادم و فتح كل الملفات التى تم تسويتها زورا و بهتانا عن طريق المقايضة و المساومة باسترداد بعض المال و اغلاق الملف مما ساهم فى ازدياد الفساد .. ومن ثم العمل على تجريم الفاسد مجتمعيا بعزله..حتى لا يصير التطاول على اموال الدولة سهلا و باشكال متعددة فانون من اين لك هذا ؟؟ صار مطلبا شعبيا..بيد ان تطبيقه دون توفر ارادة قوية لن يضبف اى جديد لملف الفساد و محاربته النجاح لن يكتب لاى قوانين للثراء الحرام ما لم يكن هنالك دعم و ارادة سياسية جدية للتطبيق..و لا بد ان تكون جهود مكافحة الفساد بعيدة عن التسيس..هذا من الحزب الحاكم تتم لفلفة الموضوع..و هذا معارض للنظام يتم التشهير به و الانتقام من الذين خلفوه .. (الاحكام التى صدرت فى محاولة الانقلاب الاخيرة والاحكام التى صدرت بحق شهداء رمضان ال 28 تبين كيفية تسيس العدالة فالجرم واحد فى الحالتين -لكن الميزان مختل هنا ..ما لكم كيف تحكمون) كل المظاهرات تحدثت عن الفساد المواطن هو حجر الزاوية فى نجاح خطط و قوانين مكافحة الفساد فلا بد من تثقيفه لادراك التداعيات و الانهيارات الكبيرة و الخطيرة المترتبة على نهب المال العام..و تعارض الفساد مع كل الاخلاق و الفضائل و القيم والمبادئ و الانسانية..وما يترتب من ايجابيات ناتجة عن النزاهة .. و على عدم المساهمة فى الفساد..ففى المملكة العربية السعودية توجد هيئة النزاهة تشجع المواطن و باسلوب سهل و ميسر .و متحضر و بمجرد وجود شبهة فساد يتم الذهاب الى مكاتب الهيئة و بمنتهى السرية يتم تمرير المعلومة والله يعطيك العافية تقال للمواطن و يذهب فى سبيل حاله..و بدورها تبدا الهيئة بمتابعة الخيط بما لها من اجهزة و مخبرين الخ..اما التعجيز بهات دليل فهذه مهمة اجهزة الهيئة فليس هنالك لص يترك دليل يدينه بهذه السهولة العبرة ليست فى كثرة التشريعات بل فى الالتزام بها.. و احياء الايمان بكل القيم الاخلاقية التى تقف سدا منبعا فى وجه الفساد و اعادة الهيبة لدولة القانون و المؤسسات التى لن تتوفر الا فى دولة تومن بالديمقراطية..تومن بضرورة توسيع المشاركة الشعبية فى صنع القرار..دولة لا تحاب المواطن هذا مننا .. و ذلك معارض و دوننا قول الحبيب (ص): ( والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها) صدقت يا رسوا الله..فنظام الانقاذ ليس اطهر من دولة المدينة التى اقامها المصطفى (ص) و مع ذلك كان فيها المفسدين..فماذا نسمى ذلك الذى جاء الى الرسول قال له هذا لكم و هذا اهدى لى.. اوليس بفاسد ..فماذا فعل الرسول ص)..هل استعمل النبى فقه السترة بتاع احمد الطاهر؟؟.. هل قام الصحابة بلفلفة الموضوغ؟؟ لا وانما بمنتهى الشفافية) نودى للصلاة فى غير وقتها فعلم الراى العام ان هنالك امر جلل سيعقد له مؤتمرا صحفيا لتسليط الضوءعليه..وعلى الجميع حضوره..فتحدث المصطفى (ص )عن حالة فساد حدثت من احد عماله..و عن عاقبة تلك الحالة فى الدار الاخرة و كيف سياتى و هو يحمل مال الحرام ان كان جملا سياتى حاملا له و الجمل يرغى و البقرة تخور..فان كان هذا مجتمع المدينة و به اشرف خلق الله..فما بال القوم عندنا يقولون انه لا يوجد لدينا فساد ..و لا يوجد بيننا فاسدون ..و اننا نختار الاتقياء الامناء..و تقارير المراجع العام..و ديوان المحاسبة..بهما مايشيب له الولدان..بل ان للفساد فى السودان لسان طوبل يخرجه لنا يوميا كيدا ينا؟؟ حفظ الله الوطن من الفاسدين..و انتقم الله منهم ومن ابنائهم ان علموا ان ما بهم ليس لهم..ولله در تلك المراة التى كان توصى زوجها و هو خارج للعمل بقولها: اتق الله فينا فاننا نصبر على الجوع ولكن لا نصبر على نار الاخرة..يوم لا ينفع مال ولا بنون..الا من اتى الله بقلب سليم معافى من مال اليتامى و الفقراء و المساكين الذين يدعون عليك الله كل لحظة وعين الله لا تنام